صدفة غريبة قادتني لكتابة هذا المقال، فقد كنت أبحث فى مكتبتي عن كتاب أقرأه خلال الأيام القادمة، فوجدت كتابًا بعنوان "أغاني الحنة السويسي" صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة الدراسات الشعبية، كنت قد اقتنيته من معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الأخيرة فى يناير الماضي.
بعدها بأيام وجدت خبرًا منشورًا فى كافة الصحف، والمواقع الاليكترونية حول إعلان منظمة اليونسكو، عن تسجيل "الحناء.
ترتبط "الحناء" فى مجتمعنا بمظاهر الفرح، وهناك تقاليد مازال أهل الريف والصعيد يحتفظون بها حتى يومنا هذا، تتجسد فى ليلة "الحنة" التى تسبق يوم الفرح الأساسي، حيث يرتبط هذا اليوم بكثير من الطقوس، ومنها مزج الحنة، ووضعها فى صينية كبيرة ثم تزيينها ووضع الشمع عليها، وتوزيع جزء منها على الجيران والأقارب، ثم حملها فى المساء والرقص بها، قبل استخدامها فى تحنية أهل الفرح، ووضعها على شعر بعض النساء كبار السن من الأمهات، وهو المشهد الذى رأيته فى حفل عرس حضرته بإحدى محافظات الصعيد.
أغاني الحنة السويسي، كما يقول حسن الإمام مؤلف الكتاب، ليست قاصرة على ليلة الحنة، ولكنها تمتد لتشمل كل نواحي الحياة المختلفة، سواء فى العمل بين الصيادين، أو فى الميناء بين البحارة والبمبوطية أو فى سهرات الأصدقاء، فالسمسمية مفردة مهمة فى حياة أبناء السويس، حيث يعتزون بمدينتهم ويفخرون بها، ويعبرون عن ذلك فى أغنياتهم مثل أغنية "يا سويس يا بلدنا يا حلوه، يا عروسة البحر الغالي، شمسك يا بلدنا اهى طالعة، والنور حواليكي بيلالي، بلد العمال، فيكي الغريب، بلد الأمل بلد العمل، حارسه القنال الغالي".
ومن بين الأغاني الوطنية يتغني أهل السويس بكلمات الشاعر كامل عيد رمضان.. يا ريس البحرية يا مصري، يابو العرق مصري يابو الكفاح مصري، هات الدراع هات، ده بحرنا وابن السويس صياد، ايد للبنا وإيد ع الزناد صياد، ده العسكري مصري.. ومدفعه مصري".
الحناء إذن مرتبطة بتاريخ طويل فى الوجدان الشعبي وبتاريخ وأحداث ومناسبات وطنية، وينتهز أهل الفرح المناسبة للتعبير عن حبهم وانتمائهم وتخليد بطولاتهم عبر التاريخ، ولذلك أكدت اليونسكو أن إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي لأنها ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته، وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسة من حياته، وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية مثل الأغنيات، والحكايات.
بهذا الإعلان من اليونسكو تكون الحناء قد انضمت لقائمة عناصر التراث الثقافى غير المادى بمصر، وذلك بجانب السيرة الهلالية والتحطيب و الأراجوز والنخلة والنسيج اليدوى، والخط العربى والفنون والمهارات المرتبطة بالنقش على المعادن بالإضافة إلى احتفالات رحلة العائلة المقدسة، حيث نجحت مصر فى تسجيل هذه العناصر على قوائم التراث الثقافى غير المادى لليونسكو خلال السنوات العشر الأخيرة، وذلك يعكس قيمة، وثراء الموروث الثقافي الذى يميز مجتمعنا الزاخر دومًا بكل ما يستحق صونه، والحفاظ عليه.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
عبد العاطي يلتقى خالد العناني المرشح المصري لمنصب مدير عام اليونسكو
استقبل الدكتور بدر عبد العاطى وزير الخارجية والهجرة الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق والمرشح المصري لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو وبحضور الوزير المفوض وائل عبد الوهاب مدير حملة الترشيح، وذلك في إطار اللقاءات الدورية التي يجريها وزير الخارجية لمتابعة ملف الترشيح المصري.
وقد تم استعراض خلال اللقاء تطورات حملة الترشح والدعم الأفريقي والعربي الذى يحظى به المرشح المصرى، بالإضافة إلى التأييد العلني للعديد من الدول، كما تناول اللقاء خطة التحرك المستقبلية لحملة الترشيح والرؤية الانتخابية المزمع تقديمها لمنظمة اليونسكو الشهر الجاري، تمهيداً للانتخابات التي سوف تجرى في شهر أكتوبر ٢٠٢٥.
وأكد الوزير عبد العاطى خلال اللقاء ان وزارة الخارجية ستواصل حشد الدعم الاقليمى والدولى للمرشح المصرى خلال الفترة المقبلة، مؤكداً على أحقية مصر فى الحصول على هذا المنصب الدولي الرفيع اخذا فى الاعتبار دورها الريادي التاريخي على الأصعدة التعليمية والثقافية والعلمية، فضلاً عن مكانتها الإقليمية والدولية.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية الأمريكي: استعداد واشنطن للعودة إلى الحوار مع الجانب الأوكراني
وزير الخارجية: المفاوضات مع أثيوبيا وصلت إلى طريق مسدود
وزير الخارجية: التزام أوروبي بدعم أمن مصر المائي