الدوحة- عبّر عدد من المسؤولين والخبراء المشاركين في منتدى الدوحة عن تفاؤلهم إزاء مستقبل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، خاصة مع الإشارات الإيجابية التي تأتي من واشنطن بشأن الرغبة في حل مشاكل المنطقة حتى قبل الوصول إلى الحكم.

وخلال جلسة بشأن مستقبل الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط بعد انتخابات 2024، على هامش منتدى الدوحة الذي اختتم اليوم الأحد، طالب المشاركون إدارة الرئيس الأميركي ترامب بالعمل على حل المشكلات الرئيسية في المنطقة، والتعامل بإيجابية مع الملفات الحساسة والسيطرة على حالة التوتر السائدة خلال الفترة الماضية.

وقال مستشار رئيس مجلس الوزراء المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية الدكتور ماجد الأنصاري إن منطقة الشرق الأوسط تعتمد بشكل أساسي على علاقاتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، وإن قطر تعد واحدة من أبرز حلفاء واشنطن في المنطقة، وتتمتع بعلاقات إستراتيجية ومهمة معها.

وأوضح الأنصاري أنه خلال فترة الربيع العربي، تعاملت قطر مع إدارة الرئيس باراك أوباما، وتابعت العمل مع إدارة ترامب في العديد من الملفات، كما تعاونت قطر في شأن الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع إدارة الرئيس جو بايدن في العديد من المجالات، وفي مقدمتها ملف الوساطة.

إعلان

وشدد على أن إحلال السلام والاستقرار في المنطقة يعتمد على مشاركة الولايات المتحدة وانخراطها بشكل إيجابي، مع التأكيد على أهمية وجود تعاون مشترك يقوم على الحوار، بهدف تحقيق الأفضل للمنطقة برمتها.

وأشار إلى أن الحاجة الأساسية لتحقيق ذلك تكمن في ضرورة الإصغاء لبعضنا البعض، وتجاوز المصالح الضيقة لدول المنطقة، والتركيز على مصلحة المنطقة ككل، وصولا لتحقيق السلام والازدهار العالمي.

جانب من المشاركين في الجلسة (الجزيرة) سجل حافل

ولفت المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية إلى أنه في حال وقوع أي مشكلة في واشنطن سيتأثر الجميع في الشرق الأوسط منها، لذلك نسعى أن تكون المشكلات والاضطرابات في الولايات المتحدة بأقل قدر ممكن، مؤكدا تطلع دولة قطر لمواصلة العمل مع إدارة ترامب، حيث إن قطر لديها سجل حافل من العمل مع ترامب، ونأمل في متابعة العمل في العديد من الملفات مستقبلا".

وقال إن ما ينقص نجاح المفاوضات لوقف الحرب في غزة هو الإرادة السياسية، لافتا إلى أنه -على سبيل المثال- كانت هناك صيغة للاتفاق بين الطرفين وكانت مقبولة، ولكن "كان هناك استغلال سياسي لهذا الأمر، لذلك قررنا التوقف عن دورنا كجهة وسيطة، لأننا لا نريد أن نستخدم كأداة في هذا النزاع".

وأشار إلى أن هناك نوعا من التفاؤل بالمرحلة المقبلة، خاصة أن الرئيس الأميركي المنتخب يريد حلولا لمشاكل المنطقة حتى قبل الوصول للحكم، وهذا أمر مبشر ولا نطلب أن يتم الضغط على طرف واحد، ولكن لا بد أن يكون على الطرفين، مؤكدا أنه حان الوقت الآن لإنهاء النزاع وإعادة بناء المنطقة.

وأضاف أن قطر بذلت كل جهودها وإمكانياتها "ولكن قدرتنا محدودة كوسيط، وعندما أردنا استخدام إمكاناتنا قمنا بتجميد هذه الوساطة حتى تكون الظروف مواتية لذلك، وقلنا إننا نعيد تقييم دورنا ونستخدم كل إمكاناتنا ولكن دون الضغط على طرف دون آخر".

المشاركون يستكشفون تصرفات ترامب في قضايا الشرق الأوسط (الجزيرة) حقبة مختلفة

وبدوره، قال مؤسس ورئيس "مركز الخليج للأبحاث" في المملكة العربية السعودية الدكتور عبدالعزيز صقر إن الفترة الرئاسية الجديدة لترامب تختلف عن فترته الرئاسية الأولى، ونتطلع لاستكشاف كيف سيتصرف الرئيس الأميركي في الكثير من القضايا بالشرق الأوسط.

إعلان

وأضاف "أعتقد أن لدينا مسائل جوهرية أكثر، ننتظر لنرى ما ستكون عليه سياسة ترامب، مع الأخذ بعين الاعتبار مَن الأشخاص الذين اختارهم في المناصب المختلفة؟ وما خلفياتهم؟ ولكن على الرغم من كل ذلك فإنه لديه علاقات قوية مع دول المنطقة".

وقال يجب أن نقلق بشأن القرارات التي ستصدر عن واشنطن لأنه في كل مرة نتذكر فيها "الاثنين الأسود" في بورصة نيويورك، نتذكر أن ما يحدث هناك يصل إلى المنطقة بشكل مباشر ونحن لا نريد ذلك.

ولفت إلى أن ترامب إذا تقرب كثيرا من إيران "فنحن لا نريد أن يكون ذلك على حساب المنطقة التي لا نريد أن تكون معرضة للخطر، كما أنه إذا وضع يده بأيدي إسرائيل ضد إيران أيضا ستعاني المنطقة، وبالتالي يجب أن نرى توازنا معينا واستقرارا معينا للمنطقة".

وأوضح أن دول المنطقة لا تدعم أي انقسام داخل إيران، "لكننا نريدها أن تغير من سلوكها، وأن تراعي المسائل التي تسبب قلقا لدول الخليج مثل أمن الطاقة، والبرنامج النووي، والأمن البحري، ودعم المليشيات المختلفة في المنطقة".

وأضاف "نحن في السعودية لا نريد حربا أو هجوما على إيران لأنه ستكون هناك عواقب على المنطقة، لكن نريد حوارا سياسيا أكبر، والعمل على تحفيز إيران لتغيير سلوكها في المنطقة"، مطالبا الولايات المتحدة أيضا بأن تمارس المزيد من الضغوط على إسرائيل لتغيير سلوكها بالمنطقة ودعم الفلسطينيين لتقرير مصيرهم.

#قنا_فيديو |
وزير الدولة للشؤون الخارجية السويدي لـ #قنا: #منتدى_الدوحة أصبح ملتقى هام جدا لنقاشات رفيعة المستوى ونقطة التقاء سنوية لتعزيز التعاون متعدد الأطراف#قطر #السويد pic.twitter.com/yXeDyYrBRf

— وكالة الأنباء القطرية (@QatarNewsAgency) December 8, 2024

تقدير الدور القطري

وأعرب مبعوث البيت الأبيض السابق للشرق الأوسط في عهد إدارة ترامب الأولى جيسون غرينبلات عن تقديره البالغ للجهود القطرية التي بذلت في ملفات الوساطة وتسوية النزاعات وفض الصراعات في المنطقة والعالم، بجانب دورها المهم في إعادة الرهائن والأسرى إلى أوطانهم.

إعلان

واستعرض تصاعد الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما ما تشهده الأوضاع في المنطقة العربية، داعيا الولايات المتحدة للضغط نحو إحلال السلام وعودة الأمن والاستقرار في المنطقة.

وبيّن غرينبلات أن الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والأزمة الإنسانية التي نتجت عن ذلك، تعود في الأصل إلى استمرار التوترات المتزايدة التي شهدتها المنطقة، معربا عن مخاوفه من تأثير الجهات الفاعلة غير الحكومية عليها، عبر تحدي نهج إدارة الرئيس ترامب في التعامل مع الأزمات الإقليمية التي تشهدها المنطقة.

ومن جانبها، دعت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن "تشاتام هاوس"، الولايات المتحدة لتبني أهداف أكثر وضوحا لسياستها المقبلة في منطقة الشرق الأوسط، والعمل على زيادة العلاقات والتحالفات بين دول المنطقة، بهدف تدشين مرحلة جديدة أكثر سلاما، وبما يسهم في مواجهة التحديات المتزايدة التي يعيشها العالم اليوم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة منتدى الدوحة الشرق الأوسط إدارة الرئیس فی المنطقة مع إدارة لا نرید إلى أن

إقرأ أيضاً:

ترامب جاد في تغيير الشرق الأوسط

تناول جوناثان بانيكوف، مدير مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، اقتراح الرئيس دونالد ترامب المثير للجدل بشأن "الاستيلاء" على قطاع غزة وإعادة توطين ما يقرب من مليوني فلسطيني يعيشون هناك.

يظل الاقتراح تذكيراً بتصميم ترامب على اتباع سياسات غير تقليدية

وقال الكاتب، وهو ضابط استخبارات سابق، عمل نائباً لضابط الاستخبارات الوطنية للشرق الأدنى في مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي في مقاله بموقع "المجلس الأطلسي" البحثي الأمريكي إن خطة ترامب، على الرغم من استحالة تنفيذها، تعكس طموحه الأوسع لإعادة تشكيل الدور الأمريكي في الشرق الأوسط وتحديد المعايير العالمية. أهداف ترامب الاستراتيجية

وأضاف الكاتب: أثار إعلان ترامب، الذي فاجأ العديد من الأمريكيين والحلفاء الدوليين، تساؤلات حول أهدافه الاستراتيجية، مشيراً إلى أن الخطة ليست جزءاً من استراتيجية مدروسة لتحقيق صفقة أفضل لإسرائيل أو للضغط على شركاء إقليميين مثل مصر والأردن، وإنما تتماشى مع هدف ترامب طويل الأمد المتمثل في تقليل الالتزامات المالية والأمنية الأمريكية في الشرق الأوسط. 

Trump is serious about shaking up the Middle East, even if his Gaza plan isn’t. https://t.co/vKTwkohyL9

— Massoud Maalouf (@Massoudmaalouf) February 6, 2025 

وتابع الكاتب: يسعى ترامب، من خلال اقتراح "تفريغ غزة وإعادة بنائها من الصفر"، إلى التخلص من التكاليف طويلة الأجل المرتبطة بحماية إسرائيل ودعم الحلفاء الإقليميين.

على سبيل المثال، تنفق الولايات المتحدة مبالغ طائلة على نظام "القبة الحديدية" الإسرائيلي وتقدم مليارات الدولارات كمساعدات سنوية للأردن ومصر. وتصور ترامب لغزة كمنطقة مزدهرة ومستقرة - أطلق عليها اسم "ريفييرا الشرق الأوسط" - يعكس اعتقاده بأن تقليل عدم الاستقرار سيعود في النهاية بالفائدة على الولايات المتحدة اقتصادياً واستراتيجياً.

خطة مليئة بالثغرات

ومع ذلك، أكد الكاتب أن خطة ترامب مليئة بالثغرات، ويرجع ذلك أساساً إلى افتقاره لفهم تعقيدات المنطقة.

وأوضح أن هذا الاقتراح يتجاهل الروابط التاريخية والعاطفية للفلسطينيين بأرضهم، وتعقيدات العلاقات الداخلية الفلسطينية، والعواقب المحتملة على الحلفاء الأمريكيين، بينما يعرض ترامب خطته على أنها خطة إنسانية لإعادة توطين سكان غزة في دول ثالثة بما يؤدي إلى تحسن ظروف معيشتهم، يشير بانيكوف إلى أن مثل هذا النزوح القسري سينتهك القانون الدولي ويفاقم التوترات الإقليمية. 

Trump is advancing ever-more brazen ideas about redrawing the map of the world in the tradition of 19th-century imperialism. And now he envisions taking over a devastated war zone in the Middle East that no other American president would wanthttps://t.co/vzVdDjIGG9 via @NYTimes

— Martin Plaut (@martinplaut) February 5, 2025

 وسلط كاتب المقال الضوء على ردود الفعل السلبية من القادة الإقليميين الرئيسيين. على سبيل المثال، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حذراً في التعامل مع اقتراح ترامب دون تأييده، مدركاً على الأرجح التأثيرات المزعزعة للاستقرار التي قد تنجم عن الخطة على إسرائيل والمنطقة ككل.

تهديد وجودي

أما بالنسبة للأردن ومصر، يقول الكاتب، إن الخطة تمثل تهديداً وجودياً للبلدين، وسط مخاوف من  أن يؤدي استقبال النازحين من غزة - بما في ذلك أعضاء محتملين في حماس أو جماعات مسلحة أخرى - إلى زيادة الإرهاب والاضطرابات الداخلية.

وبالنسبة للأردن، على وجه الخصوص، يشكل الفلسطينيون أكثر من نصف السكان، ويُنظر إلى الاقتراح على أنه تحدٍ لهوية البلاد واستقرارها.

إعادة تشكيل دور أمريكا 

على الرغم من عدم واقعية الخطة، يحذر الكاتب من اعتبار اقتراح ترامب مجرد خطاب سياسي، إذ يعكس تصميم ترامب على تحدي السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية وإعادة تشكيل دور أمريكا في الشرق الأوسط والعالم.

وبينما قد لا تتحقق خطة غزة، فإنها تشير إلى استعداد ترامب لاتباع نهج جذري لتغيير الوضع القائم، بغض النظر عن العواقب على استقرار المنطقة أو المعايير الدولية.
ورأى الكاتب أن خطة ترامب لغزة، على الرغم من استحالة تنفيذها، تعكس أجندة أوسع لتقليل الدور الأمريكي في الشرق الأوسط وإعادة تعريف المعايير العالمية. وتكمن عيوب الاقتراح في تجاهله لتعقيدات المنطقة والعواقب السلبية على الحلفاء الأمريكيين.
ومع ذلك، يظل الاقتراح تذكيراً بتصميم ترامب على اتباع سياسات غير تقليدية، حتى لو كانت تعرض استقرار منطقة مضطربة بالفعل لمزيد من المخاطر.

 

مقالات مشابهة

  • الأحد.. عُمان تستضيف النسخة الثانية من "منتدى الشرق الأوسط للمنح الدراسية"
  • لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.. رسالة قوية من الرئيس السيسي وملك الأردن لترامب
  • سلطنة عمان تستضيف منتدى ICEF الشرق الأوسط للمنح الدراسية
  • اعتماد المدينة كأول مدينة صديقة للتوحد في الشرق الأوسط
  • البنك الدولى: استمرار النمو بوتيرة متفاوتة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
  • 65 % من مؤسسات المنطقة تخطط لزيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي
  • نتنياهو: من يرفع سيفه في وجهنا سوف نسحقه ونحن نغير الشرق الأوسط
  • باناسونيك الشرق الأوسط وأفريقيا تختتم فعالية "الابتكار في العمل" في الدوحة
  • ترامب يعبث بحقبة تاريخية عمرها 500 عام.. ماذا نعرف عن خليج المكسيك؟
  • ترامب جاد في تغيير الشرق الأوسط