خبراء يرسمون خارطة طريق لتنمية الغطاء النباتي
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
أقيمت اليوم خمس جلسات حوارية ضمن اليوم الختامي للمنتدى الدولي لتقنيات التشجير 2024، الذي يُقام بالتزامن مع مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (COP16) في الرياض.
وشهدت جلسات اليوم حوارات مكثفة تناولت قضايا متنوعة مرتبطة بتنمية الغطاء النباتي، الإدارة المستدامة، مكافحة التصحر، والتشجير الحضري، بمشاركة واسعة من الخبراء الدوليين والمحليين.
وبدأت الجلسات بمناقشة موضوع “تطوير وإدارة الغطاء النباتي المستدام”، حيث أكّد المتحدثون على أهمية مشاريع التشجير الكبرى مثل “السعودية الخضراء” و”الرياض الخضراء”، والتي تهدف إلى زراعة مليارات الأشجار، ما يعزز التنوع البيئي ويحسن جودة الحياة.
وأشار الخبراء إلى أن التشجير المستدام ليس فقط حلًا بيئيًا بل يمثل فرصة اقتصادية مهمة من خلال الاستفادة من المنتجات الثانوية مثل الأخشاب وتربية النحل، كما شددوا على ضرورة إدارة هذه المشاريع بما يحقق الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، مع تعزيز دور القطاع الخاص في دعم المبادرات البيئية.
وانتقل النقاش بعد ذلك إلى “رصد وإدارة الغطاء النباتي”، حيث استعرضت الجلسة التقنيات الحديثة مثل الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة التي تتيح جمع بيانات دقيقة تسهم في تحسين الرصد البيئي واتخاذ قرارات فعالة،
وبينت الجلسة أن التشريعات البيئية في المملكة تشكل خطوة محورية لدعم الاستثمارات الخضراء.
وتناولت الحوارات التحديات الناجمة عن التغير المناخي وزيادة حرائق الغابات، وأهمية استخدام التقنيات المتقدمة للاستجابة السريعة لهذه الكوارث.
وفي جلسة “التشجير الحضري والتنوع البيولوجي”، أشار الخبراء إلى أن التنسيق بين الأشجار والنباتات في المدن يسهم في تخفيف تأثير التغير المناخي وتحسين جودة الحياة، متناولين أهمية اختيار النباتات المحلية الملائمة للمناخ والتربة في المملكة، ودور التنوع النباتي في تقليل الانبعاثات الكربونية وخلق بيئة صحية أكثر.
واستعرضت الجلسة التأثير الإيجابي للفراغات النباتية في المدن على الصحة النفسية وجودة الحياة، داعيةً إلى تعزيز مشاريع التشجير الحضري.
وشهدت جلسة “تشجير الأحزمة الخضراء والطرق والسكك الحديدية” مناقشة دور التشجير في الحد من زحف الرمال وتحسين جودة الهواء، وأشار إلى أهمية بناء الأحزمة الخضراء بصفته حلًا مستدامًا لمواجهة تحديات الرمال الزاحفة، بينما تناولت فوائد زيادة الرقعة الخضراء في تقليل المخاطر المناخية وتعزيز وعي المجتمع بأهمية البيئة.
واختُتمت الجلسات بجلسة ختامية أعلن خلالها رئيس اللجنة العلمية للمنتدى الدكتور أحمد الفرحان، نجاح مؤتمر (COP16) والمعرض المصاحب، مما يعكس جهود المملكة في تعزيز التعاون الدولي لتحقيق الاستدامة البيئية.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الغطاء النباتی
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى رفع الغطاء السياسي عن التطبيع
الثورة /تقرير /
قبل 7 أكتوبر 2023م، كان رئيس وزراء الكيان نتنياهو قد أعلن عن قرب إبرام ما وصفه “اتفاقا تاريخيا” للتطبيع مع الرياض. وكان الكيان الصهيوني يعيش على وقع نشوة سياسية إزاء “فتوحات سياسية” حققها وتوسيع لعلاقات تطبيع عبر اتفاقات أبراهام وقعت نهاية عام 2020م مع عدد من الدول كالمغرب والإمارات، بينما كان التمهيد لذلك يجري في الأثناء مع السعودية والسودان، إضافة إلى ما كشف عنه من اتصالات مع ليبيا، بعد قصة لقاء وزيرة الخارجية الليبية السابقة نجلاء المنقوش مع مسؤول صهيوني في روما في أوت 2023م، ما أدى إلى إقالتها من منصبها، لكن طوفان الأقصى أعطب مسار التطبيع ورفع الغطاء السياسي عن أي مبررات تستند إليها دول “اتفاق أبراهام”.
في فبراير 2024م، بعد أكثر من 4 أشهر من إطلاق المقاومة طوفان الأقصى، اعترف زير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن هجوم المقاومة في السابع أكتوبر 2023م عطّل فرصة تطبيع ثمينة كانت بصدد إتمامها بين الكيان الصهيوني والسعودية، وهو اتفاق لو تم في تلك الظروف التي كانت فيها القضية الفلسطينية في الأدراج وفي آخر سلم الاهتمامات السياسية الإقليمية والدولية، لكان سيغير كثيرا من موازين القوى لصالح الكيان ويمكن أن يدخل القضية الفلسطينية في مسار تصفية حقيقية.
يؤكد بلينكن أن طوفان الأقصى سبق زيارته إلى الرياض لإنهاء صفقة التطبيع بثلاثة أيام فقط، حيث قال إنه كان مقررا أن يزور في 10 أكتوبر 2023م كلا من الرياض والكيان الصهيوني لمناقشة خطوات التطبيع. وتعطي مثل هذه التصريحات صدقية كبيرة للتقديرات السياسية التي اعتبرت أن اختيار المقاومة تاريخ 7 أكتوبر لبدء المواجهة لم يكن من قبيل الصدفة، لكنه اختيار كان يرتبط أساسا بمثل هذه الحسابات ذات الصلة بنسف خطوات كان مقرر القيام بها في سياق تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية، كما أدى طوفان الأقصى إلى إلغاء محطات كانت مقررة في نفس سياق التطبيع، على غرار لقاء كان مقررا في الرباط في مارس 2024م، ما يعرف “باجتماع النقب”.
يعني ذلك أن طوفان الأقصى، وإن لم يلغ مسار التطبيع بالكامل، كون بعض الدول العربية التي وقعت على ما يعرف باتفاقات أبراهام ليس واردا أن تراجع علاقاتها مع تل أبيب، على غرار المغرب خاصة، بالنظر إلى تجاوز هذه الدول الاعتبارات السياسية والأخلاقية في العلاقة مع الكيان والمضي في علاقة استراتيجية مع تل أبيب، فإنه نجح في المقابل في تجميد مؤقت لهذا المسار والحد من الاتصالات بين الكيان ودول عربية، وهو ما يؤكد تضرر مسار التطبيع بشكل بالغ منذ إطلاق مواجهة طوفان الأقصى بين المقاومة والاحتلال وتوقف الحديث عن اقتراب السعودية من تطبيع العلاقات مع إسرائيل، أو عزز دفع على الأقل الرياض إلى التأكيد على أن هذه الخطوة مرهونة بتطبيق حل الدولتين وبتسوية عادلة لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
إضافة إلى تضرر مسار التطبيع، فإن تطورات المواجهة بين المقاومة والكيان كشفت مسألتين على قدر كبير من الأهمية السياسية، الأولى كون هذه المواجهة رفعت الغطاء السياسي عن مبررات التطبيع التي تسوقها في الغالب دول التطبيع، على غرار الرباط وأبوظبي والرياض وغيرها، حيث كانت هذه الدول تزعم أن التطبيع مع الكيان الصهيوني، سيسمح لها بتحقيق السلام والحصول على حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية، وهي مزاعم ظهر أنها بلا معنى على الصعيد السياسي، حيث ظهرت هذه الدول خارج الأحداث تماما وغير قادرة على التعبير عن مواقف حازمة إزاء الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين، وليس لها حق الموقف إزاء الكيان فما بالك بأن تحصل للفلسطينيين عن حقوق من الكيان. بينما تتعلق المسألة الثانية بأن طوفان الأقصى كشف أن التطبيع لا يحقق السلام في المنطقة ولا يجلب الأمن للكيان الغاصب، لكونه مبنيا أساسا على قاعدة تصفية القضية الفلسطينية وإنجاز تسوية لصالح الكيان على حساب الحقوق الفلسطينية، وهو ما أثبتته الوقائع السياسية بشكل واضح منذ 7 أكتوبر 2023م، حيث لم تستطع أي من دول التطبيع لعب دور لصالح الدفاع عن الشعب الفلسطيني.
بعد عام من السابع أكتوبر، وبعكس الاتجاه الذي كان يريده الكيان الصهيوني وحلفاؤه، فإن النتائج اتخذت مسارا معاكسا من حيث عودة الحديث بقوة في الأوساط السياسية والشعبية والفضاءات الإقليمية المستقلة عن مبادرات قانونية لتجريم التطبيع وسن وتفعيل قوانين تمنع إقامة علاقات سياسية وأي نوع من الاتصال مع الكيان، إذ كانت كتلة من نواب البرلمان التونسي قد طرحت في نوفمبر 2023م مشروع قانون “منع الاعتراف والتعامل مع الكيان الصهيوني”، وقعه 97 نائبا، وفي الكويت سعت الأغلبية النيابية إلى طرح مشروع قانون يستهدف تغليظ تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وفي ليبيا سارع نواب في مجلس النواب إلى تقديم مقترح نص قانون يجرم كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.