منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، وتحولت البلاد إلى ساحة معركة مفتوحة بين أطراف متعددة، سورية وإقليمية، كان النفط واحدًا من أبرز الأهداف الاستراتيجية التي تسعى القوى المتنافسة للسيطرة عليه.

وتعتبر سوريا واحدة من الدول التي تمتلك احتياطيات نفطية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، رغم أنها لا تصنف بين أكبر المنتجين في المنطقة ومع ذلك، يمثل النفط السوري عنصرًا حيويًا في تمويل الحروب الداخلية وإعادة الإعمار، وهو عامل مؤثر في التوازنات السياسية والاقتصادية في المنطقة.



وفي السنوات الأخيرة، أصبحت حقول النفط التي تمتد في شمال شرق البلاد وفي المناطق الشرقية، مثل دير الزور والحسكة، مناطق ذات أهمية استراتيجية كبرى، ولم تعد السيطرة على حقول النفط مجرد مسألة اقتصادية فحسب، بل أصبحت أحد محاور الصراع بين مختلف القوى المحلية والدولية.

وتعود أهمية تلك الحقول إلى اعتبارها بمثابة شريان حياة للفصائل المسلحة في المنطقة، حيث تساهم في تمويل العمليات العسكرية وتدعم الاقتصاد المحلي، كما أن النفط يعد عنصرًا أساسيًا في أي مفاوضات سياسية قادمة، سواء على مستوى القوى المحلية أو بين القوى الإقليمية والدولية المتورطة في الأزمة السورية.


مواقع النفط السوري
كانت معظم حقول النفط في سوريا تقع في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية، وخاصة في محافظتي دير الزور والحسكة، وهذه المناطق تحتوي على أكبر الحقول النفطية في البلاد، مثل حقول الزملة والتنك، والتي كانت تُعد مصدرًا رئيسيًا للإيرادات، وكانت الحقول النفطية تحت سيطرة قوات النظام وميليشياته المدعومة من إيران وحزب الله في بعض الأحيان.

خريطة النفط قبل سقوط الأسد
في عام 2010، كان إنتاج النفط السوري يتراوح حوالي 400,000 برميل يوميًا، وكان يشكل حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ومعظم إنتاج النفط كان يتم تصديره إلى الأسواق العالمية، مما يعزز من وضع سوريا كمصدر رئيسي للطاقة في المنطقة.

ورغم محدودية قدرتها التصديرية مقارنة بالدول الأخرى في الشرق الأوسط، وكانت شركة النفط السورية تدير معظم الحقول النفطية في المناطق الشرقية والجنوبية، في حين كانت حقول النفط في منطقة الرقة والحسكة هي الأبرز من حيث الإنتاجية.

تغيير دراماتيكي
لكن مع بداية الحرب السورية في عام 2011، بدأت خريطة السيطرة على حقول النفط في سوريا تتغير بشكل دراماتيكي، ففي السنوات الأولى من الحرب، اندلعت معارك عنيفة للسيطرة على هذه الحقول الحيوية، والتي كانت تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

وتمكنت جماعات معارضة مختلفة، من بينها داعش والجيش الحر، من السيطرة على العديد من هذه الحقول النفطية، بينما فقد النظام السيطرة على مناطق واسعة من الشرق والشمال الشرقي.

ومع تقدم الصراع، كانت القوات الحكومية تسعى لاستعادة السيطرة على هذه الحقول الهامة، ظهرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والتي سيطرت على معظم حقول النفط في المنطقة الشمالية الشرقية، خاصة بعد تراجع تنظيم داعش عن السيطرة على الحقول التي اكتسبها من نظام الأسد لتسيطر عليها قوات قسد.

خريطة خطوط الغاز والبترول والابار ف سوريا pic.twitter.com/Ac6oXxEx1O — . (@Exmligy) December 7, 2024


سيطرة قسد
تمكنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تضم بشكل رئيسي الأكراد السوريين إلى جانب فصائل عربية، من السيطرة على معظم حقول النفط الرئيسية في شمال وشرق سوريا، وذلك بالتوازي مع استمرار وجود النظام السوري في مناطق أخرى من البلاد.

وبعد انسحاب القوات الحكومية من العديد من المناطق الشرقية خلال السنوات الأولى من النزاع، تمكنت قسد، من السيطرة على حقول النفط في دير الزور والحسكة والرقة، وهي الحقول التي كانت تُعد المصدر الرئيسي للإنتاج النفطي في سوريا.

على الرغم من سيطرة النظام السوري على بعض الحقول في مناطق معينة، إلا أن قسد استطاعت أن تفرض سيطرتها على الحقول الرئيسية في شمال شرق سوريا بفضل الدعم العسكري واللوجستي الذي تلقته من الولايات المتحدة، وأصبحت القوة العسكرية الرئيسية المسيطرة على النفط السوري في تلك المناطق، وفي الوقت نفسه، كانت القوات التركية تحاول فرض سيطرتها على بعض الحقول في المناطق الحدودية مع تركيا.

تقرير مهم لـ دير الزور ٢٤عن أهم حقول النفط في سوريا؛ يتواجد معظمها في محافظة دير الزور.
هذه الحقول التي تحدث ترامب عن بقاء الأمريكيين شرق الفرات لحمايتها، وتوكيل "الأكراد" مسؤوليتها، على الرغم من أنها تقع في مناطق سكانها عرب بالكامل!!

pic.twitter.com/BQoixEJ5AH — وائل عبد العزيز | Wael Abdulaziz (@waelwanne) October 24, 2019
التدخل الروسي
مع تدخل روسيا في الحرب السورية عام 2015، بدأت موسكو في تأمين حصة كبيرة من قطاع النفط السوري، وكانت تتطلع إلى تأمين مصالحها الاقتصادية في المنطقة، بما في ذلك حقول النفط في حمص، بينما كان هناك أيضًا وجود روسي متزايد في الحقول في شمال شرق البلاد.

كانت الشركة الروسية "ستروي ترانس غاز" واحدة من أبرز الشركات التي حصلت على عقود للاستثمار في حقول النفط السورية، خاصة في المناطق التي أعاد النظام السيطرة عليها.


المعارضة وحقول النفط الصغيرة
بجانب "قسد"، تسيطر فصائل المعارضة السورية على بعض الحقول النفطية الصغيرة في شمال غرب البلاد، خصوصًا في المناطق المحاذية لتركيا. ورغم أن هذه الفصائل لا تملك السيطرة على حقول كبيرة مثل تلك التي تقع في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية، إلا أنها تعتبر فاعلًا مؤثرًا في الاقتصاد النفطي السوري.

هذه الفصائل تعتمد بشكل كبير على الآليات البدائية لاستخراج النفط، بما في ذلك عمليات الحفر اليدوي، وهو ما يحد من قدرتها على الإنتاج بفعالية مقارنة بـ "قسد" أو النظام السوري في السابق.

على الرغم من هذه القيود، لا تزال هذه الفصائل تستخدم النفط بشكل أساسي في تمويل العمليات العسكرية وتوفير احتياجات المناطق الخاضعة لسيطرتها.

التغيرات بعد سقوط النظام السوري
مع سقوط النظام السوري في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وتوجه القوى المختلفة للاستفادة من هذا التحول، ستكون حقول النفط واحدة من القضايا المركزية التي سيتعين على الفصائل المختلفة التعامل معها، فيما يلي بعض السيناريوهات المتوقعة فيما يتعلق بالسيطرة على حقول النفط بعد سقوط النظام

خريطة تقريبية لتوزع السيطرة في سوريا.#إدارة_العمليات_العسكرية#سوريا_الجديدة pic.twitter.com/bUd7twOzQh — احمد (@mhb7730) December 8, 2024
دور (قسد) في السيطرة
التوسع الأمريكي في الشرق السوري: بعد سقوط النظام السوري، يُتوقع أن تزداد قوة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على معظم حقول النفط هذه القوات المدعومة من الولايات المتحدة هي أكبر فصيل كردي في المنطقة، وهي تسيطر على حوالي 80% من الحقول النفطية في سوريا.

نفوذ الولايات المتحدة: في ظل الدعم الأمريكي لقوات قسد، ستكون هناك محاولات لاستمرار السيطرة على هذه الحقول، ومن المتوقع أن تظل الولايات المتحدة تحافظ على وجودها العسكري في تلك المناطق لضمان استمرار تدفق النفط واستخدامه في دعم "قسد" اقتصاديًا، ولتوفير الموارد اللازمة لتوسيع نفوذها.


التوقعات بشأن تركيا
بعد سقوط النظام، قد يسعى النظام التركي إلى استغلال الوضع الجديد للسيطرة على حقول النفط في الشمال السوري. تركيا تدعم فصائل المعارضة المسلحة، والتي قد تستفيد من هذه الحقول بشكل مباشر.

كما أن تركيا قد تسعى إلى عقد صفقات مع الفصائل المعارضة التي تسيطر على بعض المناطق الغنية بالنفط، مثل المنطقة الشرقية ومنطقة عفرين. كما قد يكون للوجود العسكري التركي في الشمال دور في تعزيز النفوذ التركي على بعض الحقول النفطية، وخاصة مع سيطرة المعارضة على حماة وادلب ما يقربها من الحقول الرئيسة الواقع تحت سيطرة قوات (قسد)

الصراع بين روسيا والولايات المتحدة
سقوط النظام، سيزداد التنافس بين روسيا والولايات المتحدة على السيطرة على حقول النفط. في حين أن روسيا كانت قد استفادت من وجودها في المنطقة الساحلية ومحافظة حمص، فإن القتال للسيطرة على حقول النفط في دير الزور والحسكة قد يصبح أكثر تعقيدًا، ويرى مراقبون أنه من المحتمل أن نشهد فترات من التعاون بين القوى الأجنبية لتقاسم السيطرة على بعض الحقول، ولكن قد يزداد التوتر مع مرور الوقت، خاصة إذا قررت روسيا استعادة السيطرة على حقول النفط التي كانت قد خسرتها لصالح "قسد".

الاستثمار والعقوبات الدولية

من المتوقع أن تصبح شركات النفط العالمية في موقف يمكنها من الدخول إلى سوق النفط السوري، خاصة إذا بدأت حكومة جديدة تتشكل، في حين سيكون هناك اهتمام أوروبي وأمريكي للاستثمار في النفط السوري، ولكن سيكون من الصعب أن يكون هذا الاستثمار مستقراً بسبب تعقيدات الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد.

ستظل العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، بما في ذلك على قطاع النفط، هي أحد المعوقات الرئيسية أمام أي استثمار في هذا القطاع، ولكن مع سقوط النظام وتغير السلطة، قد يكون هناك ضغط دولي على الدول الغربية لتخفيف هذه العقوبات لضمان إعادة إعمار البلاد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سوريا النفط تركيا روسيا المعارضة سوريا بشار تركيا النفط روسيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المناطق الشرقیة على حقول النفط فی الولایات المتحدة بعد سقوط النظام الحقول النفطیة على بعض الحقول النظام السوری النفط السوری فی المنطقة هذه الحقول التی کانت السوری فی فی شمال

إقرأ أيضاً:

تفاصيل الحالة الصحية لـ محافظ الغربية وقيادات حزبية بعد سقوط أسانسير .. شاهد

كشفت مصادر داخل محافظة الغربية كواليس سقوط أسانسير بـ اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية وعدد من القيادات السياسية داخل مستشفي كفر الزيات أثناء افتتاح حضانات بالمستشفى وتبين عدم وجود إصابات. 

وتابعت المصادر أن محافظ الغربية اللواء أشرف الجندي عقب سقوط الاسانسير توجه للمشاركة فى احتفالية زواج العرائس بكفر الزيات . 

وكشفت المصادر  أن سبب سقوط الاسانسير بالمحافظ والقيادات السياسية جاء جراء نزول الاسانسير إلي الطابق الأول علوي بعمق 20 سم بسبب الحمولة الزائدة وهو ما تسبب في إغلاق بابه لمده 5دقائق علي الأكثر .

وشهدت محافظة الغربية ردود أفعال واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي فس بوك حول واقعة سقوط الاسانسير وتعطله بمحافظ الغربية اللواء أشرف الجندي وقيادات حزب مستقبل وطن أثناء جولة لافتتاح قسم الحضانات للاطفال  بمستشفي كفر الزيات العام ضمن فعاليات المشاركة الاجتماعية لدعم الأسر والعائلات الاكثر احتياجا.

وكان اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية يرافقه  النائب حسام الخولي، نائب رئيس حزب مستقبل وطن ورئيس الهيئة البرلمانية بمجلس الشيوخ، النائب محمد عريبي الأمين العام للحزب بالغربية وقيادات حزب مستقبل وطن  شهدوا حضور ،الاحتفالية الكبرى التى نظمها الحزب ضمن مبادرة “كتف في كتف ”، والتي تضمنت توزيع 70 جهاز عرائس لمساعدة الفتيات المقبلات على الزواج، وتقديم 7 رحلات عمرة للفائزين، بالإضافة إلى منح جوائز مالية لـ 33 من حفظة القرآن الكريم، وذلك تقديرًا لجهودهم في حفظ كتاب الله وتشجيعهم على مواصلة التفوق، أقيمت الاحتفالية بحضور الدكتور محمود عيسى نائب المحافظ واللواء أحمد انور السكرتير العام للمحافظة، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، والفنانين والمشاهير إلى جانب القيادات التنفيذية والشعبية بمحافظة الغربية، وقد شهد الحفل تفاعلاً كبيرًا من الحاضرين الذين أشادوا بالدور المجتمعي الذي يقوم به الحزب لدعم الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز قيم التكافل بين أفراد المجتمع.

وخلال كلمته، أكد اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، أن مثل هذه المبادرات تعكس الدور الإيجابي للأحزاب السياسية في تقديم الدعم الحقيقي للمواطنين، مشيرًا إلى أن “كتف بكتف” تعد نموذجًا للتعاون الفعّال بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني لتحقيق التنمية المستدامة، وقال المحافظ:ما نشهده اليوم هو مثال حي على التعاون المثمر بين الجهات التنفيذية والمجتمعية، حيث يساهم في تخفيف الأعباء عن الأسر، ويقدم الدعم للفتيات المقبلات على الزواج، كما يشجع الشباب على التمسك بالقيم الدينية من خلال تكريم حفظة القرآن الكريم. نشكر حزب مستقبل وطن على هذه الجهود التي تدعم الاستقرار الاجتماعي وتحقق التكافل بين أبناء الوطن.”

من جانبها، أكدت قيادات حزب مستقبل وطن أن الحزب يعمل بشكل مستمر على تقديم المبادرات التنموية والخدمية التي تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين، مشيرين إلى أن هذه الاحتفالية تأتي في إطار المسؤولية المجتمعية للحزب، وحرصه على مساندة الفئات المستحقة في مختلف المجالات.

وقال النائب حسام الخولي، نائب رئيس الحزب ورئيس الهيئة البرلمانية بمجلس الشيوخ،نحرص دائمًا على تقديم الدعم للفئات الأكثر احتياجًا، سواء من خلال تجهيز العرائس، أو تنظيم رحلات العمرة، أو دعم حفظة القرآن الكريم الذين يمثلون نموذجًا مشرفًا للشباب المصري.”

وعبّر المستفيدون من المبادرة عن سعادتهم البالغة بهذا الدعم الذي حصلوا عليه، موجهين الشكر لمحافظ الغربية وقيادات حزب مستقبل وطن على هذه المبادرات التي تخفف الأعباء عن كاهل الأسر وتوفر فرصًا جديدة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي.

وفي ختام الحفل، تم توزيع أجهزة العرائس والجوائز المالية ورحلات العمرة على المستحقين وسط أجواء من الفرحة والبهجة، حيث أكد الحضور أهمية استمرار مثل هذه الفعاليات التي تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية وتعزز روح التعاون بين جميع فئات المجتمع.

مقالات مشابهة

  • 100 ألف سوري يعودون من تركيا منذ سقوط النظام السابق
  • حساب منسوب لنجل الأسد يروي اللحظات الأخيرة قبيل سقوط النظام
  • الشرع: الآلاف من أبناء الوطن ينضمون للجيش السوري الجديد
  • تفاصيل انفجار خزان نفط في كوريا الجنوبية.. السيطرة على الحريق خلال 3 ساعات
  • النفط تكشف عن برنامج مشترك مع بريتش بتروليوم البريطانية لتطوير حقول كركوك
  • قمة عربية طارئة في مصر التحديات التي تواجه مستقبل الفلسطينيين في غزة بسبب خطة ترامب
  • كيف تبدو أسعار العقارات في سوريا بعد سقوط نظام الأسد؟
  • أول رد من النائب حسام الخولي بعد سقوط المصعد بالغربية: ربنا ستر
  • الحمولة الزائدة وراء سقوط أسانسير مستشفى كفر الزيات بمحافظ الغربية
  • تفاصيل الحالة الصحية لـ محافظ الغربية وقيادات حزبية بعد سقوط أسانسير .. شاهد