بشار الأسد آخر رئيس يسقط في دول "الربيع العربي"
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
قاوم الرئيس السوري بشار الأسد أكثر من أي من نظرائه رياح « الربيع العربي » التي أطاحت قادة تونس وليبيا ومصر واليمن والسودان.
وبعد نحو 25 عاما في السلطة، بينها 13 عاما تجاهل خلالها مطالبات السوريين بالحرية، سقط بشار الأسد بعد 11 يوما فقط من هجوم مباغت للفصائل المعارضة المسلحة قادته هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة).
وغادر الأسد العاصمة السورية الى وجهة لا تزال غير معروفة، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، فيما كانت الفصائل المعارضة تعلن نهاية حكمه.
لدى وصوله الى السلطة العام 2000 وكان في عامه الرابع والثلاثين، بعد ثلاثين عاما من حكم والده حافظ الأسد بقبضة من حديد، أحيا الرئيس الجديد أملا بالانفتاح. وتحدث المراقبون حينها عن « ربيع دمشق »، لكن هذا التفاؤل لم يستمر طويلا.
فحين اندلعت ثورة شعبية محدودة العام 2011 في غمرة « الربيع العربي »، تم قمعها بشدة وسرعان ما تحولت نزاعا داميا وحربا أهلية. ويدين النظام السوري ببقائه الى مساعدة حليفيه الروسي والإيراني وحزب الله اللبناني.
وأرست هدنة 2020 هدوءا نسبيا، واتاحت لسوريا العودة إلى الحاضنة العربية بعدما استبعدت منها لأعوام طويلة.
غير أن النظام تجاهل الدعوات الى إيجاد حل سياسي مع معارضيه ولم يقدم أي تنازلات.
أول من أسقطه « الربيع العربي » كان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. وكان أحيا بدوره الآمال حين وعد بإرساء الديموقراطية في البلاد، بعدما أعلن أن الرئيس المسن الحبيب بورقيبة لم يعد أهلا لممارسة مهامه في السابع من نوفمبر 1987.
مرت الأعوام ولم يقدم أي تنازل. بل إن عائلة الرئيس استولت على قطاعات اقتصادية بكاملها، الأمر الذي اعتبرته الدبلوماسية الاميركية « نظاما مافيويا »، بحسب برقية كشفها موقع ويكيليكس.
ومع نهاية 2010، اندلعت احتجاجات في إحدى مناطق تونس المهمشة قبل أن تمتد الى المدن الكبرى في شرقها.
وإثر تظاهرة ضخمة في العاصمة التونسية في 14 يناير 2011، غادر بن علي تونس مع أمل بالعودة للإمساك مجددا بزمام الامور. لكن ذلك كان مجرد أمنية، وتوفي الرئيس التونسي الأسبق في منفاه بالسعودية في سبتمبر 2019.
أمضى الزعيم معمر القذافي، « مرشد ثورة » الفاتح من سبتمبر 1969، 42 عاما في السلطة مدافعا عن فكرة الوحدة العربية ومستغلا الموارد النفطية الهائلة لبلاده في دعم أنظمة صديقة وحركات سياسية في أنحاء مختلفة من العالم، في مقدمها « الجيش الجمهوري الايرلندي ».
وداخل ليبيا، رو ج لنظام سياسي فريد سماه « الجماهيرية » يقوم على حكم الشعب لنفسه عبر ديموقراطية مباشرة. لكنه واظب خلال حكمه الطويل على ارتكاب انتهاكات بحق مواطنيه ومعارضيه.
ويتهم نظام القذافي بالضلوع في اعتداءي لوكربي في ديسمبر 1988 و »يوتا دي سي 10″ (سبتمبر 1989) اللذين خلفا مئات القتلى. وفي ضوء ذلك، فرض حظر دولي على ليبيا واضطرت السلطات الى دفع تعويضات لعائلات ضحايا الهجومين.
وحين ثار الليبيون على القذافي، تدخل حلف شمال الأطلسي. وقتل الزعيم الذي عمد الى الفرار في 20 أكتوبر 2011 بأيدي الثوار في ظروف لا تزال ملتبسة.
تولى نائب الرئيس المصري حسني مبارك الحكم في 1981 بعد اغتيال سلفه أنور السادات، وظل على رأس مصر طوال ثلاثين عاما.
واجه المقاطعة العربية بسبب اتفاق السلام الذي وقعته مصر واسرائيل العام 1979، فضلا عن صعوبات اقتصادية وعنف التنظيمات الاسلامية المتطرفة.
اندلعت انتفاضة شعبية ضد مبارك في يناير 2011 على خلفية شكوك في نيته توريث نجله جمال، على غرار ما حصل في سوريا. ولم يتردد الجيش المصري في التخلي عنه رغم أنه كان ضابطا رفيعا في صفوفه، مما اضطره الى التنحي في فبراير 2011.
وحوكم بعدها لمسؤوليته عن مقتل متظاهرين وبتهم فساد. لكنه برئ العام 2017 بعد سجنه، وتوفي في فبراير 2020.
كان الرئيس علي عبدالله صالح يردد على الدوام أن حكم اليمن يشبه « الرقص على رؤوس الثعابين ». فهذا البلد الفقير يشكل فسيفساء معقدة من القبائل المتناحرة.
نجح في رهانه طوال 33 عاما مواجها العديد من ثورات الحوثيين الشيعة، فضلا عن حرب أهلية أعقبت محاولة فاشلة لتوحيد شمال اليمن وجنوبه.
اندلعت تظاهرات مناهضة له العام 2011 فأجبر على تسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي. لكنه لم ييأس، وتوسل كل ما لديه من حنكة سياسية للعودة، وصولا الى التحالف مع الحوثيين، أعدائه السابقين. غير أن هؤلاء انقلبوا عليه مجددا واغتالوه في ديسمبر 2017.
استولى عمر البشير على الحكم في السودان عبر انقلاب عسكري في 1989. والمفارقة أن الجيش عاد وانقلب عليه في 2019 بعد تظاهرات شعبية حاشدة.
ظل في الحكم ثلاثين عاما أمضاها متحالفا أو مخاصما الاسلاميين بزعامة حسن الترابي. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية العام 2010 مذكرة توقيف بحقه بتهمة ارتكاب إبادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب إبان النزاع في إقليم دارفور بغرب السودان.
كذلك، حاكمه القضاء السوداني بتهمة الفساد وانتهى به الأمر خلف القضبان. وفي 2023، انزلق السودان إلى حرب أهلية نتجت من تنازع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
كلمات دلالية الاسد بشار ثورة سورياالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: الاسد بشار ثورة سوريا الربیع العربی
إقرأ أيضاً:
ميديا بارت: أقصى اليمين الفرنسي ونظام الأسد.. 15 عاما من التقارب
قال موقع "ميديا بارت" إن قادة حزب التجمع الوطني الفرنسي وبعض المقربين من زعيمته مارين لوبان زادوا من زيارات المجاملة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد منذ بداية الثورة السورية، بعد أن رأوا فيه حصنا ضد الإسلاميين والهجرة، دون أي اعتبار لمصير الشعب السوري.
وأشار الموقع -في تقرير بقلم يومي كزوف ولوسي ديلابورت- أن مارين لوبان لم ترد بعد على سقوط بشار الأسد لا بصوت ولا بصورة، وأن حزبها حافظ على علاقات ودية مع "جزار دمشق" لسنوات، لسبب وجيه وهو أنه حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي ينظر إليه حزب التجمع الوطني على أنه حصن ضد "الإسلام المتطرف".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيوزويك: هكذا ستبدو الحرب العالمية الثالثةlist 2 of 2رئيس جنوب السودان يجري تغييرات في قيادة مؤسسات رئيسيةend of listومثل زعيمته، لم يكن لدى رئيس الحزب جوردان بارديلا أي كلمات موجهة للمدنيين السوريين المحررين من نير الأسد، واكتفى بالأسف على "سقوط نظام بشار الأسد الذي تخلى عنه داعموه الداخليون والخارجيون، وتسليم البلاد للمليشيات الإسلامية".
وكان بارديلا نفسه قد قال عام 2021، إن "بشار الأسد ليس فتى المذبح" مع الإصرار على أن فرنسا "كان لديها عدو مشترك مع بشار الأسد هو تنظيم الدولة الإسلامية، وأن الدولتين كانت لديهما مصلحة في السيطرة على طرق الهجرة".
وقالت مارين لوبان عام 2015 من لبنان إن الدكتاتور السوري، المنخرط في قمع دموي ضد شعبه المنتفض، كان زعيما "مستبدا ولكنه ليس بربريا، والدولة التي يسيطر عليها تحمي من همجية تنظيم الدولة الإسلامية"، وأضافت بعد ذلك عام 2015 أنه "يجب علينا تشكيل تحالف مع بشار الأسد".
إعلان زيارات وعلاقات وديةوبعد ذلك بعامين، اعتبرت المرأة التي كانت رئيسة الجبهة الوطنية آنذاك أن "إبقاء الأسد على رأس سوريا يبث الطمأنينة أكثر بكثير من تنظيم الدولة الإسلامية"، موضحة عندما استقبلها بوتين، وترحيبها بسياسة القصف الروسي في سوريا، "إن معسكر الشر هو تنظيم الدولة"، متسائلة "هل يرسل بشار جنودا ليقتلوا أطفالنا في شوارعنا؟".
وأشار الموقع إلى تكثيف الحزب اليميني الفرنسي الذي أقام علاقات ودية مع نظام دمشق، زيارات أعضائه ومنتخبيه لسوريا الأسد، مشيرا إلى أن ذلك من إرث فرانسوا دوبرات، المؤسس المشارك ومنظر الجبهة الوطنية الذي قدم على مر السنين، دعما لا يتزعزع لبشار الأسد رغم المجازر التي ارتكبها.
وذكّر الموقع بالعديد من قادة الحزب الذين زاروا سوريا للقاء بشار الأسد في ذروة القمع الدموي، مخصصة كريستيان بوشيه، مرشح الجبهة الوطنية السابق الذي ترك الحزب الآن، بعد أن كان مدافعا سيئ السمعة عن الإيرانيين وبشار الأسد.
ومثله كان تييري مارياني قد سافر إلى سوريا عام 2015، وواصل بعد انتقاله إلى حزب الجبهة الوطنية عمله المتمثل في تطبيع العلاقات مع بشار الأسد، رغم نبذه دوليا، وقد ذكر أنه وجد بمطعم في صيدنايا، حيث نصب النظام أسوأ سجونه، ورغم العقوبات الدولية التي ضربت دمشق.
مارياني (وسط -يسار) ووفد من حزب التجمع الوطني يلتقي الأسد بدمشق في أغسطس/آب 2019 (الفرنسية) العلاقات الدولية ليست ديزني لاندوفي عام 2021، ذهب وفد جديد من الجبهة الوطنية إلى دمشق للقاء بشار الأسد، ضم إلى جانب تييري مارياني، هيرفي جوفين عضو البرلمان الأوروبي وقتها، يرافقه مساعده البرلماني أندريا كوتاراك، المستشار الإقليمي لحزب الجبهة الوطنية، وهو الآن متعاون وثيق مع مارين لوبان، وقد قال في صحيفة لوبنيون "أفكارنا تتجه نحو القتلى الأبرياء، لكن العلاقات الدولية لم تكن قط مثل ديزني لاند. أشعر بأنني أقرب إلى بشار الأسد من لوران فابيوس".
إعلانوقام أندريا كوتاراك بأول رحلة إلى سوريا، برفقة تييري مارياني في ديسمبر/كانون الأول 2018، برفقة زعيم منظمة "إس أو إس كريتيان دوريان" وهي منظمة غير حكومية فرنسية قريبة من السلطة البعثية، شكّلت بوابة لدخول عدد من الشخصيات اليمينية ومن أقصى اليمين إلى سوريا باسم الدفاع "الحضاري" عن "مسيحيي الشرق" باعتبارهم أقلية دينية في الشرق الأوسط.
تبرعات لنظام الأسدوقد شارك الناشط داميان ريو في تنظيم العملية الأولى لهذه المنظمة في سوريا، عام 2013، وأدرجت الصحفية شارلوت دورنيلاس التي تعمل اليوم في جورنال دو ديمانش وفي شبكة سي نيوز كعضوة في مجلس إدارة الجمعية، وقد جمعت تبرعات بآلاف اليوروهات لتنفيذ عمليات "إنسانية" في سوريا بمساعدة قوات الدفاع الوطني التي يرأسها نظام الأسد.
وقد أصبحت هذه الجمعية هدفا لتحقيق تجريه النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب ومكتب التواطؤ في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بسبب قربها من رجال المليشيات المسيحية الموالية للأسد المتهمين بارتكاب جرائم حرب، مثل سيمون الوكيل ونبيل العبد الله.
وختم الموقع بأن هذه المنظمة دفعت بين عامي 2017 و2019 أكثر من 470 ألف يورو إلى الأمانة السورية للتنمية التي أسستها وتديرها السيدة الأولى السابقة أسماء الأسد المتهمة بتحويل غالبية المساعدات الإنسانية إلى النظام.