يمانيون:
2025-01-16@08:55:19 GMT

مفارقاتٌ غريبة ومعاييرُ مزدوجة

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

مفارقاتٌ غريبة ومعاييرُ مزدوجة

أسماء الجرادي

مع استمرار الهجمة الصهيونية الشرسة على الأُمَّــة الإسلامية، نجد أن هناك مفارقات غريبة تتعلق بكيفية تعامل قوى العالم مع الجماعات المسلحة؛ فقد أصبح من الواضح وجود ازدواجية ملحوظة في المعايير المستخدمة لتصنيف المقاومة والإرهاب في حين واحد؛ ففي الوقت الذي تدعم فيه أمريكا جماعات مسلحة في دول مثل أفغانستان والعراق وسوريا واليمن تحت مزاعم متعددة، نجدها تصف من يدافع عن أرضه ووطنه بالإرهاب، يستدعي منا هذا الوضع وقفة للتفكير في عواقب هذه السياسات وضرورة إعادة النظر في فهمنا للمقاومة؛ فلنتفكر ولنعيد تقييم الأوضاع بالشكل الصحيح، لعلنا نستعيد حريتنا وأوطاننا المسلوبة.

ها هو الوضع في سوريا يبرز كيف يتم دعم مجموعات مسلحة متعددة الجنسيات والاتّجاهات بالعتاد والأسلحة المتطورة والطائرات المسيّرة لمواجهة الحكومة السورية الشرعية والمعترف بها دوليًّا، وفي الوقت نفسه، يتم تشكيل تحالف دولي للاعتداء على اليمن، ودعم مسلحين فيه بحجّـة استعادة الشرعية لرئيس منتهية ولايته هارب مع حكومته المفككة خارج البلاد، وهكذا، يرتبط الأمر بمرتزِقة اليمن الذين يدعمون اليوم المسلحين في سوريا لمواجهة النظام السوري الشرعي والثابت على أرضه وعاصمته، وفي اليمن، يتحدثون عن شرعية أفراد عملاء باعوا وطنهم وتشردوا في البلدان، وهكذا هي وسائل الإعلام التي تتجاهل إنجازات المقاومة الفلسطينية أمام العدوّ الصهيوني، بل وتصفها بالإرهاب، في حين تقوم اليوم بتسليط الضوء على الجماعات المسلحة في سوريا وتعتبر أفعالهم الإجرامية إنجازات كبيرة، رغم أن الدم هنا هو دم مسلم.

في فلسطين، هناك اعتداء من الصهاينة على المسلمين، والأرض تُحتل وتُسفك الدماء، ونجد وسائل الإعلام والسياسيين يحذرون من مواجهة الصهاينة والدفاع عن النفس، بينما يحرصون على الفتنة والتحريض على القتل في الدول العربية والإسلامية.

لقد أصبحت سياسة الدول ووسائل الإعلام تتماشى مع مصالح الغرب لضرب وتفكيك الدول الإسلامية، حَيثُ يتم توجيه الاتّهامات بالإرهاب لمن يكافح الاحتلال، بينما تُبنى التحالفات مع الجماعات المسلحة التي تمارس أنشطة إرهابية.

في ضوء هذه المفارقات، تطرح التساؤلات حول كيفية استيعاب العقل البشري لهذه السياسات المتناقضة؛ فيتساءل المرء: كيف يمكن لمجموعة من الدول أن تدعم الجماعات المسلحة في وقت تدين فيه إرادَة الشعوب في الدفاع عن أنفسهم؟ وما هي المعايير التي تحدّد من يُعتبر إرهابيًّا ومن يُعتبر مقاومًا؟

وهنا، نستنتج من هذا أن هناك مؤامرة كبيرة تستهدف الإسلام والمسلمين الحقيقيين، ليفسحوا المجال لليهود ليحتلوا الوطن العربي بلا مقاومة من أية جهة؛ فقد فرَّقوا الأُمَّــة إلى دويلات، وقسّموا الدين إلى مذاهب متعددة، وحرضوا بينهم، واليوم، يقسمون الدول والجماعات إلى فرق صغيرة، ويزرعون العداء ليقتتلوا فيما بينهم، مما يجنب اليهود الحرب المباشرة مع المؤمنين، بينما يتيح لهم الفرصة لتوسيع الأراضي المحتلّة والاستمتاع بالدماء المسلمة التي تسفك.

هذه هي الثورات التي يقودها الأعداء في أوطاننا اليوم؛ في سوريا، نعلم أن المسلحين تحَرّكهم دول أُخرى، فتتوقف الحرب وتشتعل حسب مصالح تلك الدول، وهؤلاء هم معسكرات لدول متعددة دفعوا بهم إلى سوريا لعدة أهداف، منها قطع إمدَادات السلاح إلى المقاومة الإسلامية، إذلال الرئيس السوري الذي وقف شامخًا رافضًا التصالح مع تركيا حتى تنسحب من الأراضي السورية، ومنها أَيْـضًا قطع يد روسيا من المنطقة، وبالتأكيد، فالأهم هو توسيع الأراضي التابعة للعدو الصهيوني واستنزاف مقاتلي المقاومة، وإشغالهم بجبهات أُخرى لتجنب مواجهتهم بشكل مباشر.

إن هذه السياسات تتبنى مفهوم التحالفات غير المتوازنة التي تتحكم فيها المصالح السياسية والاقتصادية، وبذلك تتضح الصورة أمامنا: حرب تُشعل بلا رحمة بينما تُصنف الأعمال البطولية لمن يدافعون عن أوطانهم وأعراضهم بالإرهاب، في حين تُعتبر الأعمال التي تخدم مصالح القوى الكبرى تدبيرًا سياسيًّا.

هنا يبقى التساؤل قائمًا: كيف يمكن للدول والشعوب أن تتكاتف لتغيير هذا الواقع المرير؟ نحتاج إلى وحدة الصف بين أبناء الأُمَّــة، وإعادة تعريف ما يتعين علينا اعتباره إرهابًا أَو مقاومة مشروعة؛ فنحن في أمس الحاجة إلى بناء أفكار واقعية تتجاوز الخطاب الإعلامي المضلل، لتصل إلى جوهر القضايا التي تمس الوجود الإسلامي.

في الختام، علينا أن نكون حذرين وواعين لخطط الأعداء، ونعلم أن تحالف القوى الكبرى لا يعني إلا مزيدًا من السيطرة والاستغلال في وطننا العربي، وأن تعاضدنا كأمة واحدة يكون بداية الطريق نحو التحرّر واستعادة الهوية، حَيثُ تكون حرية الأرض والإنسان ممارسة حقيقية وليست مُجَـرّد شعارات ترفع؛ فالإسلام كفيل بأن يجمعنا كأفراد وشعوب تحت مظلة واحدة لمواجهة خطر التفرق.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الجماعات المسلحة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

مفارقات الاستشارات.. تقاطع المعارضة وباسيل يرد الصاع صاعين!

لم تكن الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة مطابقة لتوقعات الكثير من المتابعين، إذ إنّ كلّ المؤشّرات التي سبقتها على مدى الأيام القليلة الماضية كانت تعطي انطباعًا بتجديد تلقائي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليستكمل ما بدأه على امتداد الأشهر الماضية، وخصوصًا في مرحلة الشغور الرئاسي، خصوصًا بعد انقسام قوى المعارضة بين مرشحَين لم يبدوا "جدّيين"، هما النائبان فؤاد مخزومي وإبراهيم منيمنة.
 
لكنّ شيئًا ما حصل في ربع الساعة الأخير، لتتغيّر الصورة والوقائع تدريجيًا، لتتقاطع هذه القوى على اسم القاضي نواف سلام، الذي لم يكن مطروحًا بجدّية في الأيام الأخيرة، كما كان مطروحًا مثلاً في استحقاقات سابقة، فكان النائب منيمنة أول المبادرين للانسحاب لمصلحته، علمًا أنّ ترشيحه بدا بنظر كثيرين مجرّد "تسجيل موقف"، قبل أن يلتحق به مخزومي صباح يوم الاستشارات، بعدما اقتصر دعمه على النواب الذين أعلنوا ترشيحه.
 
وبالتوازي مع "التقاطع النادر" لنواب المعارضة، الذي لم يسجَّل مثيلٌ له في معظم الاستحقاقات منذ الانتخابات النيابية، بما في ذلك استحقاق الرئاسة الذي لم ينجح في جمعهم بالكامل، اتّجهت الأنظار إلى موقف رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، الذي يقول كثيرون إنّه أراد أن "يأخذ بالثأر" بعد الضربة القاسية التي تلقّاها في انتخاب الرئاسة، ولا سيما بعدما لاحت له فرصة "استثنائية" للعب دورٍ أراده في الرئاسة، وهو "بيضة القبان"..
 
"تكتيك" المعارضة
 
على امتداد الأيام الماضية، كان الانطباع السائد في الأوساط السياسية هو أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "راجع"، وهو انطباع أتى نتيجة مجموعة من المعطيات الملموسة، بينها الدعم الذي يحظى به محليًا وعربيًا ودوليًا، والاندفاعة التي بدأ بها العهد، خصوصًا بعد اللقاء الذي بدا "واعدًا" بينه وبين الرئيس جوزاف عون يوم الجمعة الماضي، والذي استُتبِع سريعًا بزيارة "مثمرة" قام بها ميقاتي إلى سوريا، حيث التقى قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع.
 
لكنّ العارفين يشدّدون على أنّ السبب الأساسيّ لهذا الانطباع، تمثّل في موقف قوى المعارضة التي انقسمت على نفسها مرّة أخرى، ما أوحى بتشتّتٍ محتمل في أصواتها، بين مرشحَيها المعلنَين، فؤاد مخزومي الذي حظي بدعمٍ "غير كافٍ" من قبل أحزاب المعارضة الأساسيّة، في ظلّ استبعاد تبنّيه من قبل قوى أخرى، وإبراهيم منيمنة، الذي لم يكن من المتوقع أن يزيد عدد داعميه عن بعض المستقلّين والتغييريّين، وليس جميعهم حتى.
 
إلا أنّ "تكتيك" المعارضة بتحويل الانقسام إلى "التفاف" حول القاضي نواف سلام، أعاد شيئًا من "المنافسة" إلى الاستحقاق وفق ما يقول العارفون، ولا سيما أنّ سلام كان في الأساس، وفي استحقاقات سابقة، مرشحًا فعليًا لقوى المعارضة، ولقوى من خارج دائرتها أيضًا، ما يعني أنّ طرح اسمه اليوم، وفي ظلّ المتغيّرات التي فرضتها الظروف، قد يكون "ورقة رابحة"، خصوصًا إذا نجح في اجتذاب بعض الأصوات من الكتل الأخرى.
 
جنبلاط وباسيل
 
على أهميته، لم يكن مثل هذا "التكتيك" قادرًا على إيصال القاضي نواف سلام إلى السراي الحكومي، لو لم يكن "عابرًا" لقوى المعارضة، وهو ما يفسّر الاهتمام بموقف كلّ من كتلة "اللقاء الديمقراطي" وتكتّل "لبنان القوي"، اللذين اعتمدا مبدأ "التشويق" أيضًا، فلم يفصحا عن موقفهما حتى اللحظة الأخيرة، أو ربما كما يقول البعض، تركا هامش المفاوضات، وربما المقايضة، مفتوحًا حتى موعد اللقاء المحدّد بينها وبين رئيس الجمهورية.
 
وإذا كان صحيحًا أنّ الكتلتين المذكورتين سبق أن سمّتا القاضي نواف سلام في استشارات سابقة، ما يدحض وفق المقرّبين منهما مفهوم "الانقلاب" الذي تحدّث عنه البعض، وقال إنّه حصل بدفعٍ خارجيّ، فإنّ ثمّة من يتحدث عن تفاوت في الاعتبارات والدوافع بالنسبة لكلّ منهما، فضلاً عن اختلاف في الظروف بين الأمس واليوم، ولو كانت الكتلتان أرادتا في مكانٍ ما تكريس "حيثية ما"، في ظلّ ما يشبه التنافس بينهما على "بيضة القبان".
 
إلا أنّ الأمر يكتسب "رمزية" مختلفة مع باسيل تحديدًا، وفق ما يقول العارفون، وهو الذي "لم يتجاوز بعد" استحقاق الرئاسة، حين قرّر "الثنائي" أن يلتحق بركب "التسوية" على قائد الجيش، ويتجاوز اعتراض "التيار الوطني الحر" عليه، وبالتالي فهو أراد أن يردّ له الصاع صاعين، عبر تصويته لمرشح يقول "الثنائي" إنه لا يرتاح له، خلافًا للمبدأ الذي سار عليه في الرئاسة، حين كان يرفض "تحدّي" الثنائي، وتبنّي أيّ مرشح لا يطمئنّ إليه.
 
الآن وقد تمّت تسمية القاضي نواف سلام رئيسًا مكلفًا بتشكيل الحكومة، لم يعد مهمًّا الحديث عن "كواليس" التكليف، وسط كمّ هائل من التسريبات، بينها ما يتحدّث عن "انقلاب" حصل، وبينها ما يشير إلى "مغريات" قُدّمت لهذا الفريق أو ذاك. الأهمّ الآن، الانصراف إلى العمل "الجدّي" من أجل تأليف حكومة متناغمة ومتجانسة، وقبل كلّ شيء ميثاقية، وهي مهمّة قد تبدو أكثر تعقيدًا من أيّ وقت مضى، وهنا الامتحان الكبير! المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بغزة.. حماس تشكر الجزائر
  • أردوغان: على جميع الدول "رفع أياديها" عن سوريا
  • "التقية السياسية" والسيناريوهات المحتملة في سوريا
  • القوات المسلحة تدين التجاوزات الفردية التي جرت مؤخراً ببعض المناطق بولاية الجزيرة عقب تطهير مدينة ود مدني
  • مفارقات الاستشارات.. تقاطع المعارضة وباسيل يرد الصاع صاعين!
  • القبض على متهمين اثنين بالإرهاب وضبط مخلفات حربية في محيط العاصمة بغداد
  • ما تاريخ صفقات التبادل التي أجرتها إسرائيل مع دول عربية وفصائل المقاومة؟
  • ما تاريخ صفقات التبادل التي أجربتها إسرائيل مع دول عربية وفصائل المقاومة؟
  • تفاصيل مثيرة للكمائن التي نصبتها المقاومة للاحتلال ببيت حانون.. كل الأزقة مفخخة
  • الشرع: لا يمكننا بناء سوريا بالفصائل المسلحة