خاص|نهلة أحمد حسن:"الصقر" فيلم يخلد بطولات والدي الشهيد ويحكي قصة إنسانية ملهمة
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
لم يكن فيلم "الصقر" الوثائقي مجرد مشروع سينمائي، بل كان حلمًا لابنة الشهيد أحمد حسن، نهلة أحمد حسن، التي قررت أن تخلد ذكرى والدها وتوثق بطولاته في حرب أكتوبر، هذا الحلم أصبح واقعًا بفضل المخرج أحمد عبد العليم قاسم، الذي تعاون معها لتقديم قصة استثنائية عن بطل سطر اسمه بحروف من ذهب في تاريخ مصر العسكري.
"الصقر" ليس فقط فيلمًا يتحدث عن الحرب، بل هو قصة إنسانية تروي رحلة تضحية وشجاعة، وكيف أن البطولات تبقى حية في ذاكرة الأجيال، وفي حوار خاص تقدمه "بوابة الوفد الإلكترونية" وعلى هامش مهرجان القاهرة للسينما الفرنكوفونية، تفتح نهلة قلبها وتكشف عن كواليس الفيلم، التحديات التي واجهتها، والأثر الذي تركه الفيلم في حياتها وحياة عائلتها.
قالت نهلة: "في البداية كان الفيلم حلمًا بالنسبة لي، كنت عايزة أعمل حاجة تخلد قصة والدي وتبقى قدوة وانتماء لأولادي ولعائلتي، وكلما تحدثت مع أحد من أصدقاء والدي، كنت أكتشف كم هو شخص مميز وغير عادي، وهذا جعلني أؤمن أن قصته يجب أن تخرج للنور وتنتقل من جيل لآخر".
وتابعت: "بدأت أفكر في الفيلم بشدة، وكان تفكيري منصبًا على العائلة وكيفية تقديم هذه القصة للأجيال القادمة، ثم قابلت الأستاذ المخرج أحمد عبد العليم قاسم، وأخبرته برغبتي في عمل فيلم تسجيلي عن والدي".
وأضافت نهله: "في البداية كان مستغربًا، لكنه بعد أن استمع إلى الفكرة أعجب بها بشدة، وبدأنا التفاوض حول تفاصيل القصة والفكرة التي نريد إبرازها في الفيلم".
موضحة: "قلت له إنني أرغب في مقابلة الأشخاص الذين كان لهم ذكريات مع والدي ليحكوا عن شخصيته منذ طفولته حتى استشهاده، وأردت أن يكون الفيلم توثيقًا حقيقيًا من خلال شهادات حيّة تبرز إنسانية والدي وبطولاته في حرب أكتوبر".
تحديات واجهت ابنة الشهيد في كواليس "الصقر"
وتحدثت نهلة عن المعوقات التي واجهتها خلال تصوير الفيلم، مشيرة إلى أن بعض أصدقاء والدها الذين كان من المفترض أن يشاركوا في الفيلم دخلوا المستشفى أو سافروا، مما جعلها تشعر بالحزن الشديد، وقالت: "كنت في حالة انهيار عاطفي، لدرجة أنني كنت أعيط يوميًا، لكن أحمد قاسم كان دائمًا يشجعني ويقول لي: مفيش مشكلة، طالما في ناس تانية هتسجل، والباقي انتي اتكلمي مكانهم، وفعلًا بدأت أتحدث مع هؤلاء الأشخاص، وأخذت منهم القصص، وسردتها في الفيلم".
وعن التحديات في مرحلة التسجيل، أوضحت أن التسجيل استغرق 8 ساعات، لكن المخرج أحمد قاسم قرر أن يُذيع فقط 8 دقائق و36 ثانية من تلك التسجيلات، وقالت: "كنت في حالة من الغضب، لأن هناك العديد من القصص الرائعة التي كان يجب أن تظهر، لكن قاسم كان مقتنعًا أن الفيلم يجب أن يكون قصيرًا ليتناسب مع متطلبات العرض ويجذب المشاهد".
وعبرت نهلة عن دهشتها من النجاح الكبير الذي حققه الفيلم بعد عرضه في العديد من المهرجانات الدولية، فقالت: "لم أتوقع هذا النجاح، وفوجئت بأن الفيلم دخل مهرجان البوابة الرقمية في مدينة عنابة بالجزائر، وحصل على جائزة، ثم توالت الجوائز، ومنها جائزة مهرجان مزدة في ليبيا، وجائزة من المركز الثقافي الروسي، بالإضافة إلى مشاركته في مهرجان السينما العربية الأمريكية في نيويورك حيث تم اختياره من بين 1450 فيلمًا، كما حصل الفيلم على جائزة من قصر السينما في مصر، وأخيرًا تم عرضه في مهرجان السينما الفرنكوفونية في القاهرة".
وأضافت: "كنت في غاية الدهشة، ولم أصدق أن الفيلم الذي كان في البداية حلمًا قد تحقق بهذا النجاح الكبير.. الفيلم خرج من القلب بمشاعر صادقة، وكان له تأثير كبير في جميع الأماكن التي عُرض فيها".
واختتمت نهلة حديثها بتوجيه الشكر للمخرج أحمد عبد العليم قاسم على جهوده الكبيرة، مؤكدة أن الفيلم يمثل رسالة حب وتقدير لوالدها الشهيد ولكل الأبطال الذين ضحوا من أجل الوطن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصقر حرب اكتوبر أفلام حرب أكتوبر فی الفیلم أن الفیلم أحمد حسن فیلم ا
إقرأ أيضاً:
إجراءات ما بعد الوفاة.. هل من نظام وطني يُراعي إنسانية الموقف؟
شذا بنت سالم المسكرية
فقدان الأحبة من أصعب التجارب التي يمر بها الإنسان، لحظة يتوقف فيها الزمن للحظة، ثم يستمر دون أن ينتظر أحدًا. في تلك اللحظات المؤلمة، تواجه العائلات تحديات مُعقَّدة؛ حيث تتداخل مشاعر الحزن مع الأعباء الإدارية والتعقيدات التنظيمية، بين أوراق، وتصاريح، وزيارات متكررة للمؤسسات المختلفة. وفي خضم كل ذلك؛ قد تضيع إنسانية الموقف وسط روتين الإجراءات التي لا تعطي للحزن حقه، ما يدفعنا للتأكيد على أنه لا ينبغي الاستهانة بتبعات هذه المواقف، فهي ليست مرهقةً فحسب، بل قد تؤدي إلى أخطاء أو حتى حالات تزوير!
لكن، ماذا لو تمكَّنَّا من تخفيف هذا العبء؟ ماذا لو استخدمنا التكنولوجيا لإعادة لمسة الإنسانية إلى هذه اللحظات الصعبة؟ في هذه المقالة نطرح بكل تجرُّد رؤية تهدف إلى إنشاء نظام وطني متكامل يربط بين المؤسسات المختلفة ويُسهّل إجراءات ما بعد الوفاة؛ مما يجعل الأمر أقل تعقيدًا، بل تجربة تحفظ كرامتهم، وتمنحنا المساحة للحزن والتذكر، دون أن نشعر وكأننا نسارع لطي صفحة من حياتنا بالقوة، وسط طوفان من الإجراءات التي تزيد من وطأة الفقد.
نتخيل نظامًا رقميًا موحدًا يربط بين المستشفيات، وشرطة عُمان السلطانية، والبنوك، وصناديق التقاعد، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ووزارة الإسكان والتخطيط العُمراني، عبر منصة رقمية واحدة. هذا النظام لا يقتصر على تسهيل الإجراءات وحسب، بل يضمن الشفافية والكفاءة وحفظ الحقوق.
وبتفعيل هذا النظام يتم إلغاء الوثائق الرسمية مثل بطاقة الهوية، وجواز السفر، ورخصة القيادة بمجرد تسجيل وفاة الشخص، بجانب تجميد الحسابات البنكية والأصول المالية تلقائيًا، وفق منظومة الرقم الوطني الموحَّد لكل مواطن (الرقم المدني نموذجًا)؛ لضمان حفظ الحقوق وتفادي أي استخدام غير قانوني لها. وإخطار الجهات المعنية مثل البنوك، وشركات التأمين، وصناديق التقاعد، والجهات الحكومية المختلفة للتعامل الفوري مع المستحقات. ويُنسق النظام مع البنك المركزي العُماني لضمان تنفيذ عمليات التجميد وإدارة الأصول بدقة وسرعة. وكل هذه العمليات تتم رقميًا، بما يحفظ حقوق الورثة ويجنب التعقيدات القانونية. وهذا التكامل بين المؤسسات يُسهم في تقديم تجربة أكثر إنسانية، ويُخفِّف من الأعباء الإدارية عن كاهل العائلات في هذه الظروف الصعبة.
ربط الأصول تلقائيًا: الشفافية أولًا
نقترح أن يشمل النظام حصرًا شاملًا لجميع الممتلكات من أسهم، وعقارات، وقروض، وأموال نقدية، ويتم تحديث السجلات بشكل فوري لتجنب التأخير أو التضارب، كما يضمن ربط الأصول بطريقة رقمية تمنع أي تلاعب أو تزوير.
التعامل مع الجوانب الثقافية والمناطق البعيدة
يأخذ النظام في الاعتبار الخصوصية الثقافية المحلية، من خلال فرق متخصصة وخطوط ساخنة لتقديم الدعم، كما يتيح الوصول إلى الخدمات عبر الهواتف المحمولة، حتى في المناطق ذات الاتصال المحدود، لضمان شمولية الخدمة لجميع الأسر.
ولا شك أن تبنِّي أفضل الممارسات التقنية المُطبَّقة في الدول المتقدمة يفتح آفاقًا واسعة لتحسين النظام الوطني لإدارة ما بعد الوفاة بشكل شامل وفعّال؛ مما يسهم في تحقيق كفاءة أعلى، وتقليل التعقيدات، وتقديم تجربة أكثر إنسانية للأسر في أصعب أوقات حياتهم. وفي هذا الإطار، يمكن تنفيذ عدد من الحلول التقنية المبتكرة، والتي تشمل ما يلي:
شهادات الوفاة الرقمية: إصدار شهادات الوفاة بشكل إلكتروني يتيح إبلاغ الجهات المعنية فورًا، مما يعزز الكفاءة ويسرّع في إنجاز الإجراءات المرتبطة بها. المنصات الرقمية المترابطة والإشعارات المركزية: تحديث البيانات تلقائيًا بين مختلف الجهات الحكومية؛ بمجرد تسجيل الوفاة في خطوة واحدة، مما يساعد على توفير الوقت والجهد. نقل الأصول تلقائيًا: تطوير أنظمة متكاملة تتيح نقل الأصول بشكل تلقائي عند تسجيل الوفاة، بما في ذلك الحسابات البنكية وملكية العقارات، لتسريع الإجراءات وتقليل التدخل اليدوي. تقنية سلاسل الكُتل "البلوك تشين" في الميراث: لإنشاء سجلات آمنة وغير قابلة للتلاعب في ملكية الأصول. تحديث النظام القانوني: إجراء تحديث شامل للأنظمة القانونية للاعتراف بالوصايا الرقمية، مما يتيح إمكانية إنشاء هذه الوثائق وتخزينها وتنفيذها إلكترونيًا. بطاقة رقمية: تُمنح للورثة المعتمدين؛ مما يضمن الاعتراف الرسمي بحقوقهم، مع إصدار بطاقة تفويض/ توكيل للأوصياء أو حاملي الوكالات القانونية، وذلك يُمكِّنهم من إدارة شؤون الميراث نيابة عن الورثة، ويجب أن تظل هذه البطاقة سارية المفعول حتى يتم الانتهاء من جميع الإجراءات المتعلقة بالميراث.وتطبيق هذا النظام من شأنه أن يعزز الشفافية، ويحدّ من التعقيدات الإدارية، ويوفر آلية واضحة ومعتمدة لتنظيم أمور الورثة والممثلين القانونيين. كما أن توظيف هذه الحلول سيُحدث نقلة نوعية في إدارة ما بعد الوفاة؛ مما يضمن الكفاءة والشفافية مع تخفيف العبء الإداري عن العائلات في أصعب لحظات حياتها.
رؤية للمستقبل: نحو نظام إنساني فعّال
مقترح النظام الوطني لإدارة ما بعد الوفاة، ليس مجرد مشروع تنظيمي، بل بادرة تحمل في طيَّاتها بُعدًا إنسانيًا عميقًا. هو التزام مجتمعي بأن نقف بجانب بعضنا في أصعب الأوقات. أن نحفظ كرامة الفقد، ونمنح العائلات وقتًا للحزن بدلًا من الغرق في فوضى الإجراءات، هذا النظام يهدف إلى تبسيط الإجراءات، وضمان الحقوق، إنه وعد بأننا -كمجتمع- قادرون على تقديم العون، حيث يكون العجز والضعف في أشد حالاته.
فهل سنشهد هذا التغيير قريبًا؟ لقد حان الوقت لنرتقي بتجربتنا الإنسانية، ونقول وداعًا للتعقيدات التي تُثقل القلوب، ونُرحب بنظامٍ يحترم ضعف اللحظة ويُسهِّل رحلة الوداع.