في تطور غير مسبوق، شهدت سوريا سقوط نظام الرئيس بشار الأسد بعد أكثر من عقد من الصراع الدامي الذي بدأ في عام 2011، ومع هذا الحدث التاريخي، يبرز سؤال محوري يشغل الأوساط السياسية والشعبية ما هو مصير سوريا بعد انهيار النظام؟

تعددت الآراء حول مستقبل البلاد في ظل التحديات الهائلة التي تواجهها، بدءًا من حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي، مرورًا بالتدخلات الخارجية، وصولًا إلى خطر تصاعد نفوذ الجماعات المسلحة المتطرفة، هذا التقرير يعرض أبرز الآراء والتحليلات التي قدمها الخبراء حول المشهد السوري الراهن ومستقبله.

 


نهاية المعاناة

وصفت فرح الأتاسي، المتحدثة السابقة باسم قوى الثورة والمعارضة السورية، سقوط نظام بشار الأسد بأنه "نقطة تحول تاريخية ونهاية لمعاناة الشعب السوري، مشيرة إلى أن هذا الحدث يمثل استعادة القرار الوطني المستقل لسوريا.

وأكدت الأتاسي أن انهيار النظام يعني طي صفحة ولاية الفقيه في سوريا، وتراجع نفوذ الميليشيات الموالية لإيران التي كانت أحد أبرز داعمي الأسد خلال سنوات الصراع.

وأوضحت أن المرحلة المقبلة تتطلب توحيد الجهود الوطنية والدولية لإعادة بناء سوريا على أسس جديدة، قائلة: "يجب أن يرتكز المشروع الوطني القادم على إعادة الإعمار، وتحقيق المصالحة الوطنية، وإرساء دعائم الاستقرار السياسي والاجتماعي لضمان مستقبل أفضل للسوريين".

وأضافت الأتاسي أن الشعب السوري، بعد سنوات من المعاناة، أمام فرصة حقيقية لطي صفحة الماضي وبناء دولة مستقلة، متماسكة، وخالية من التدخلات الخارجية.


من جانبه قال طلعت طه، المتخصص في الشؤون الدولية، إن سوريا مقبلة على مرحلة غير مسبوقة من الوحدة والتنوع مشيرًا إلى أن سوريا الجديدة ستكون وطنًا يتسع للجميع، دون أي انتماءات سياسية أو حزبية أو طائفية، والهدف الأساسي الآن هو بناء دولة ديمقراطية شاملة تحت راية وطنية واحدة.

أضاف طه في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أنه في ظل هذه التحولات الكبرى، يبدو أن سوريا تسير نحو مستقبل جديد يتطلب جهودًا جماعية لإعادة بناء الدولة وتحقيق المصالحة الوطنية.

أكمل أن تشكيل الحكومة الانتقالية، يظل الشعب السوري هو العامل الحاسم في صياغة مستقبل البلاد.


مستقبل سوريا غامض

من جهة أخرى يري عمرو حسين، الباحث في العلاقات الدولية، أن سوريا تشهد مرحلة بالغة الخطورة والحساسية بعد سقوط نظام بشار الأسد والانسحاب المفاجئ للجيش السوري من مدن رئيسية مثل حلب، وحماة، وحمص، ودخول الميليشيات المسلحة إلى العاصمة دمشق.


أضاف حسين في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن سوريا تمر بمنعطف خطير يتطلب تضافر الجهود الدولية لضمان وحدة الأراضي السورية وسلامتها، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار الأمني التي تعيشها سوريا منذ عام 2011 بسبب هجمات الميليشيات الإرهابية مثل "داعش" و"القاعدة" و"النصرة".

وأشار حسين إلى أن المرحلة الانتقالية في سوريا يجب أن تُدار وفق خارطة طريق واضحة، لتجنب تكرار سيناريوهات الفوضى التي شهدتها ليبيا واليمن، وضمان عدم انقسام الميليشيات إلى فصائل متناحرة قد تدفع البلاد إلى مزيد من الاضطرابات.

أكمل أن جبهة تحرير الشام، على وجه الخصوص، تمتلك توجهات أصولية متشددة، مما يزيد من خطورة الوضع، خاصة أن هذه الجماعات المسلحة تضم مقاتلين أجانب قد يعمقون الأزمة ويدفعون سوريا نحو حرب أهلية.

وأكد الباحث أن المسؤولية الدولية تحتم على المجتمع الدولي التدخل لضمان وحدة سوريا وحماية المدنيين من أي اعتداءات محتملة. وأوضح أن نجاح المرحلة الانتقالية يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف الدولية والمحلية على تحقيق توافق سياسي يمنع تصاعد التوترات ويحافظ على استقرار البلاد.


سوريا.. أفغانستان جديدة 


كما أكد منير أديب، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، أن مستقبل سوريا يبدو غامضًا في ظل سيطرة عدد كبير من التنظيمات الاسلاموية على الأرض، خاصة تلك التي قادت العمليات العسكرية وسيطرت على معظم المحافظات السورية، موضحًا أن هذه التنظيمات أصبحت تدير العمليات في الداخل السوري، مما يعكس مشهدًا سوداويا قد يُهدد أمن سوريا والمنطقة العربية.

أضاف أديب في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن العديد من هذه التنظيمات كانت ترتبط في السابق بتنظيمي "داعش" و"القاعدة"، على الرغم من إعلان بعضها فك ارتباطها رسميًا، إلا أنها ما زالت تتبنى أفكارًا متطرفة تتقاطع مع تلك الجماعات، لافتًا إلى أن هيئة تحرير الشام، التي تُعد من أبرز الفصائل المسلحة، قد تتحول إلى نموذج مشابه لحركة طالبان في أفغانستان، مما يجعل سوريا خزانًا جديدًا لجماعات العنف والتطرف.

وأكمل أن الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى بعض الدول الإقليمية، استفادت من هذا الوضع، حيث عمدت إلى "أفغنة" الواقع السوري وإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بما يتناسب مع مصالحها.

واعتبر أديب أن الوضع الحالي لا يشكل خطرًا على أمن سوريا فحسب، بل يمتد ليهدد استقرار المنطقة العربية بأكملها، مشددًا على أن ما يحدث في الداخل السوري يُستخدم كورقة لتحقيق أجندات دولية وإقليمية.

وختم الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، بالتحذير من أن غياب رؤية واضحة لمعالجة هذه التحديات قد يؤدي إلى ترسيخ سوريا كمنطلق لجماعات العنف، مما يعزز حالة عدم الاستقرار في المنطقة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: سوريا سوريا بشار الأسد بشار الأسد سقوط نظام الأسد مصير سوريا سوريا الجديدة افغانستان داعش اسرائيل سقوط نظام أن سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء الأردني: الأردن سيكون الجار الداعم لاستقرار سوريا

أكد رئيس الوزراء الأردني، الدكتور جعفر حسان، أن بلاده ستظل داعمة لسوريا في مساعيها لتحقيق الاستقرار، متمنيًا لها التقدم والازدهار. 

 

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن حسان قوله، خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت اليوم الثلاثاء، إن الأردن سيبقى الجار الذي يدعم استقرار سوريا ويأمل في عودة الأمن إليها. 

 

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الأردن يتطلع إلى تهيئة الظروف المناسبة التي تضمن عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بشكل طوعي وآمن، بما يحقق مصالحهم ويضمن لهم حياة كريمة في بلادهم. 

 

ويأتي هذا التصريح في ظل الجهود الإقليمية الرامية لتعزيز الاستقرار في سوريا، حيث تؤكد عمان باستمرار دعمها للحلول السياسية التي تسهم في إنهاء الأزمة السورية وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها.

 

مبعوث روسيا الخاص يؤكد دعم موسكو للرفع الفوري للعقوبات عن سوريا

 

أكد ميخائيل بوغدانوف، مبعوث رئيس روسيا الاتحادية الخاص للشرق الأوسط ودول إفريقيا، أن موسكو تؤيد الرفع الفوري لجميع العقوبات المفروضة على سوريا، جاء ذلك في تصريح له عقب زيارة وفد روسي مشترك بين الوزارات إلى دمشق، حيث تناول التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها سوريا جراء هذه العقوبات.

 

وقال بوغدانوف في رد على سؤال للصحافة حول تأثير العقوبات الغربية أحادية الجانب على الوضع في سوريا: "موقفنا من مسألة العقوبات الأحادية معروف جيدًا، نحن نعارض هذه الآلية غير القانونية التي تُستخدم كأداة للضغط على الدول ذات السيادة، خاصة تلك التي لا تتماشى سياساتها مع الدول الغربية"، وأضاف أن هذه العقوبات تُعتبر شكلًا من العقاب الجماعي للشعب السوري، ولا تمتلك أي أساس قانوني دولي.

 

وأشار بوغدانوف إلى أن القيود المفروضة على سوريا لم تتم الموافقة عليها من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو ما يجعلها غير قانونية من الناحية الدولية، كما لفت إلى أن روسيا، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، عارضت دائمًا العقوبات ضد سوريا وعرقلت مشاريع القرارات التي كانت تهدف إلى فرضها.

 

وأوضح بوغدانوف أن العقوبات، التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وبعض حلفائهم، قد أدت إلى أزمة اجتماعية واقتصادية مدمرة في سوريا، مما أعاق تعافيها الكامل بعد سنوات من الصراع، وقال: "النظام الصحي في سوريا تعرض للتدمير بالكامل، وتم تضرر العديد من الصناعات مثل الصناعات الدوائية وقطاعات الوقود والطاقة والنقل والزراعة"، وأضاف أن العقوبات تسببت في تدهور الوضع الاقتصادي، حيث انخفضت قيمة العملة الوطنية وارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير.

 

كما أكد بوغدانوف أن بعض الدول قد اتخذت خطوات لتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، معتبرًا أن ذلك خطوة إيجابية نحو التخفيف من الأثر السلبي لهذه الإجراءات، ومع ذلك، شدد على أن استمرار العقوبات على سوريا في ظل التغيرات الجذرية التي شهدتها البلاد لا يعد منطقيًا.

 

وفي ختام تصريحاته، دعا بوغدانوف إلى التخلي عن المقاربات المسيسة التي تعوق الأزمة السورية، مؤكدًا ضرورة توحيد الجهود الدولية لمساعدة الشعب السوري في إعادة إعمار بلاده، وأشار إلى أن روسيا تؤيد الرفع الفوري لجميع العقوبات الأحادية المفروضة على سوريا، كونها تعيق تنفيذ هذه المهمة الإنسانية ذات الأولوية.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الأردني: الأردن سيكون الجار الداعم لاستقرار سوريا
  • 34,690 سوريا غادروا الأردن منذ سقوط نظام الأسد
  • إلغاء مسيرة قافلة عسكرية روسية في سوريا بعد تدخل وزارة الدفاع
  • من ضمنها لبنان.. إليكم عدد النازحين العائدين إلى سوريا بعد سقوط الأسد
  • كشف عدد السوريين العائدين لبلادهم بعد سقوط نظام الأسد
  • الشرع: آلاف المتطوعين ينضمون إلى الجيش السوري الجديد بعد الإطاحة بـ"نظام الأسد"
  • مدبّر مجزرة التضامن.. "صقر" نظام الأسد يثير الغضب في سوريا
  • كيف تبدو أسعار العقارات في سوريا بعد سقوط نظام الأسد؟
  • خبير سياسي روسي لـ"البوابة نيوز": الحرب الطائفية قادمة في سوريا والنزاع سيستمر بسبب الجماعات الإرهابية
  • الشرع يلتقي وزير الخارجية الجزائري في دمشق