الرأي: صلاح جلال

(١)

بالأمس أُسدل الستار على حكم أسرة الأسد في مسيرة من القرداحة إلى دمشق بعد ٥٢ عاماً من السيطرة على قصر الرئاسة ٢٩ عاماً لحافظ الأسد الأب ٢٤ عاماً لبشار الابن حتى صباح الأمس حيث تشير الأخبار إلى مغادرته دمشق إلى قاعدة روسية في الساحل الشمالي، بدأ حكم آل الأسد باسم التيار القومي (حزب البعث) ولكن سرعان ما تحول لحكم سلطوي شمولي قاهر بقبضة كاملة للتيار العلوي الذي تنتمي إليه أسرة الأسد.

بالأمس تمت السيطرة على عاصمة الأمويين التاريخية بقيادة الفصائل السورية المعارضة، مذكرةً بسقوط عاصمة العباسيين بغداد في العام ٢٠٠٣ بعد اجتياح القوات الأمريكية لها وإنهاء حكم الرئيس العراقي صدام حسين، احتفل السوريون مستبشرين بالحرية في ساحة المسجد الأموي بالهتاف وإطلاق زخات الرصاص في الهواء لبداية عهد جديد في سوريا بعد نصف قرن من حكم البعث.

(٢)

لماذا سقط الأسد الابن بهذه السهولة؟؟ لقد تآكلت شرعية النظام السوري منذ اندلاع المواجهات المسلحة في العام ٢٠١١م هذه المواجهات التي صمد فيها الجيش مدافعاً عن نظام الأسد بمساعدة ثلاثة عوامل أساسية حزب الله في لبنان والفيلق الشعبي بقيادة رجل إيران القوي في العراق وسوريا قاسم السليماني

والعامل الأهم التدخل المباشر الروسي لحماية نظام الأسد، تحركت فصائل المعارضة السورية بعد فترة جمود خلال الثلاثة أسابيع الماضية خاصة بعد الضربات التي وجهتها إسرائيل إلى حزب الله في لبنان والضربات الأمريكية التي وجهتها لمساندي إيران في كل من سوريا واليمن والعراق، وكذلك لاستنزاف الجيش الروسي في الحرب الأوكرانية، بالتأكيد أن ما حدث في دمشق جزء من ترتيبات دولية لعبت فيها تركيا دوراً رئيسياً لتيسير الخلاص من نظام بشار الأسد مستغلين انشغال حلفائه الرئيسيين بأزماتهم الداخلية [إيران + روسيا]، من أكبر الأخطاء التي ارتكبها بشار الأسد رفضه للدخول في عملية سياسية بعد تقدمه في الحرب الأهلية، لإجراء إصلاح أمني وسياسي شامل يكون البعث جزءاً من العملية السياسية، لكنه العناد والطمع، وأقدار التاريخ ومكره أهدر بشار الأسد فرصته الأخيرة، وتوسد مزبلة التاريخ.

(٣)

بسقوط بشار الأسد، وفي المجتمع الدولي بالتزام مؤجل بعد اجتياح بغداد في ٢٠٠٣م لدول الهلال السني على رأسها المملكة العربية السعودية وتركيا بضرورة تأسيس حكم طبيعي في العراق بأغلبية شيعية، وفي سوريا بأغلبية سنية.

لقد عطلت التقاطعات الدولية هذا الاستحقاق المتفق عليه دولياً بعد سقوط صدام حسين كجزء من معادلة ترتيب.

الشام الكبير وبسقوط بشار الأسد اليوم [الحكم العلوي] الذي أسسته عائلة الأسد بأقلية شيعية، هل يعود بعض الإستقرار لمنطقة الشام، وتحكم الأغلبية الطبيعية في سوريا في إطار ديمقراطي يحترم حقوق الأقليات المسيحية والشيعية والدرزية.

(٤)

خاسر المولد الحالي الفريق البرهان وحلفائه:

من الإسلاميين الذين راهنوا على استنساخ تجربة مقاومة بشار الأسد ومواجهة الحرب الأهلية بالتحالف مع روسيا وإيران، ولكن اتضح الآن أن الفريق البرهان وحلفائه من الكيزان قد نسجوا التحالف الصحيح في الزمن الخطأ حيث تعاني إيران وروسيا ظروف داخلية ضاغطة لا تتيح لهم فرصة مساندة أي حليف والفريق البرهان لن يكون أقرب وأنفع إليهم من بشار الأسد الذي عجزوا عن إنقاذه، واتخذ طريقه للسقوط سربا، بسقوط نظام الأسد انهد آخر ركن في محاور جبهة الممانعة العربية التي فقدت الجيش العراقي، ومن بعده الجيش اليمنى، ومن بعده الجيش الليبي وبالأمس لحق بموكب الشهداء الجيش العربي السوري في عصر سقوط الجيوش وسيادة حكم المليشيات في إقليم الشرق الأوسط أتوقع أن يعقب سقوط بشار الأسد عملية إعادة ترتيب شاملة في منطقة الشرق الأوسط، تنتهي بموجبها حرب غزة واليمن، ويتم تفكيك أو احتواء جماعة حماس وجماعة الحوثي في اليمن.

وتفكيك الخلايا الإرهابية في منطقة القرن الأفريقي (جماعة الشباب) ومواجهة حاسمة مع جماعة بوكو حرام في الساحل والصحراء وإعادة ترتيب النفوذ الدولي.

بتحجيم روسيا من التمدد في غرب أفريقيا وإعادة تموضع جديدة للقوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في تلك المنطقة.

(٥)

ختامة

بسقوط الأسد اتضح ضعف روسيا وإيران وانشغالهم واستنزافهم بالنزاعات الداخلية والإقليمية؛ وبالتالي تفكيك المحور الذي دعموه في المنطقة.

الفريق البرهان والكيزان نسجوا التحالف الصحيح في الوقت الخطأ، وقبضوا الريح باعتمادهم على تحالف روسي إيراني يعيد إليهم التوازن الذي فقدوه في الحرب الأهلية الراهنة، أعتقد البرهان بعد سقوط بشار الأسد سيسعى لتوقيع اتفاق سلام لوقف الحرب في السودان بأعجل ما تيسر قبل فوات الأوان حتى لا يقع في خطأ حسابات بشار الأسد التي كلفته كرسي الرئاسة وحضن القصر الجمهوري إلى برودة المنفى الذي ينتظره.

الوسومصلاح جلال

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صلاح جلال سقوط بشار الأسد فی سوریا

إقرأ أيضاً:

نائب وزير الخارجية الروسي: نقلنا بشار الأسد لأراضينا بأكثر الطرق أمانا

ذكر نائب وزير الخارجية الروسي لشبكة “إن بي سي”، أن روسيا نقلت بشار الأسد إلى أراضيها بأكثر الطرق أمانا وهو بضيافة موسكو، وفق ما ذكرت وسائل إعلام متفرقة.

قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف اليوم، الثلاثاء، إن الرئيس السوري بشار الأسد بضيافة روسيا، في أول تأكيد حكومي روسي لذلك.

ولفت “ريابكوف”، خلال مقابلة أجرتها معه شبكة “إن بي سي”، إلى أن روسيا نقلت الأسد إلى أراضيها “بأكثر الطرق أمانا”؛ مع انهيار حكومته في مواجهة فصائل المعارضة المسلّحة.

مقالات مشابهة

  • نائب وزير الخارجية الروسي: نقلنا بشار الأسد لأراضينا بأكثر الطرق أمانا
  • سوريا وسقوط الأيديولوجيا العمياء (1-2)
  • سوريا وسقوط الأيدولوجيا العمياء (1-2)
  • كيهان الايرانية تكشف عن التحالف الذي أسقط الأسد تكفيريون قدموا من تركيا بدعم أمريكي
  • سوريا لحظة بلحظة .. الجيش الإسرائيلي يدمر سفنا على ساحل اللاذقية | شاهد
  • الكرملين: الجيش الروسي في سوريا يقوم بكل ما هو ضروري لضمان أمن القواعد العسكرية
  • صراع النفوذ الروسي-التركي وأثره على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا
  • إخوان الأردن يباركون انتصار ثورة الشعب السوري وسقوط نظام الأسد
  • وزير الخارجية الإيراني عن لقائه الأخير بالأسد: بشار فوجئ بسلوك الجيش السوري
  • سقط نظام بشار الأسد.. فما الذي ينتظر سوريا بعد ذلك؟