قال الدكتور أحمد الشحات، خبير شؤون الأمن الإقليمي والدولي، إن الأوضاع السورية حاليا تشهد تغيرات عدة على المستوى الداخلي في ظل تزايد حدة الصراع، ومن المتوقع أن تشهد الساحة السورية اتجاها نحو الانتخابات كمحاولة للسيطرة على الأوضاع.

وأوضح «الشحات» في حوار لـ«الوطن»، أن الموقف المصري تجاه الأزمة السورية وغيرها هو الحفاظ على الدولة الوطنية وحماية سيادة الدول ودعم استقرار مؤسساتها.

- حدثنا عن رؤيتك لتحركات هيئة تحرير الشام في الأراضي السورية

التحركات التي قادتها هيئة تحرير الشام ليست عشوائية، بل هي تحركات ممنهجة تم الإعداد لها على مدى أشهر طويلة تجاوزت ستة أشهر، والهيئة استغلت الظروف الزمنية المناسبة، مستفيدة من انشغال إيران بدعم النظام السوري وتركيزها على جبهة حزب الله، في الوقت نفسه، وقد شهد حزب الله تراجعًا كبيرًا في قدراته العسكرية وأولوياته الميدانية، نتيجة الضغوط الإسرائيلية التي قطعت كافة الروابط بين سوريا ولبنان باتجاه حزب الله.       

- بما تفسر تصاعد وتيرة الأحداث في سوريا في هذا التوقيت؟  

هناك رغبة من القوى الكبرى والإقليمية في رسم معالم مرحلة ما بعد بشار الأسد، وأحد العوامل الأساسية التي ساهمت في تصاعد وتيرة هذه التحركات هو انسحاب الجيش السوري من مواقع استراتيجية بطريقة عشوائية وغير منظمة، وهو قرار استراتيجي خاطئ على المستوى العسكري، في المقابل، استغلت العناصر المهاجمة هذه السيولة والانسحابات لتوسيع نفوذها على الأرض جغرافيًا وديموغرافيًا، وخلال الأسبوع الماضي، شهدنا تحركًا سريعًا أشبه بانتشار النار في الهشيم، حيث امتدت السيطرة من منطقة جغرافية إلى أخرى وصولًا إلى الهدف الأساسي، وعناصر الهيئة استغلت الفراغ الأمني في الجنوب، حيث سيطرت على مناطق مثل السويداء ودرعا، وفي الشرق حيث انسحب الجيش السوري وتركز الوجود العسكري لقوات سوريا الديمقراطية، وفي الغرب تم التخلي عن مواقع عسكرية بكامل تجهيزاتها من تسليح وعتاد ودبابات، ما أسهم في تعقيد الوضع.

 

- ما موقف الدولة المصرية تجاه الأحداث في سوريا؟

من الواضح أن القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في الملف السوري لديها رغبة واضحة في صياغة مستقبل جديد لسوريا بعد بشار الأسد، وموقف الدولة المصرية داعم لأي سلطة تعبر عن إرادة الشعب السوري بطوائفه كافة، بما يضمن تحقيق توافق وطني يجمع شمل السوريين ويمهد الطريق لسوريا جديدة.

- ما تحليلك للأوضاع الداخلية في سوريا؟

المرحلة المقبلة تنطوي على مجموعة من التحديات الكبيرة التي يجب التعامل معها بحذر ودقة، حيث ستكون هناك محاولات حثيثة لمنع حدوث أي انفلات أمني، خاصة مع فتح السجون، وقد يؤدي ذلك إلى إطلاق سراح عناصر يمكن أن تسبب ارتباكًا كبيرًا في المشهد الأمني، وهذه الحالة تتطلب تدخلاً سريعًا ومنظمًا من القوى المسؤولة لضبط الأوضاع ومنع تفاقم الفوضى.

والسيطرة على مفاصل الدولة السورية مثل التلفزيون الرسمي، القصر الرئاسي، والمطار، تحمل رمزية عسكرية وسياسية واضحة، وفقًا للمعايير العسكرية، فإن السيطرة على هذه المواقع تعد دليلاً على فرض النفوذ الكامل وإحكام القبضة على الدولة، وهو ما يعكس تحولاً حاسمًا في مسار السلطة داخل سوريا.

- إلى أين ستتجه سوريا بعد بشار الأسد من وجهة نظرك؟

الأوضاع في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد متغيرة، ومن المتوقع أن يتم إجراء انتخابات قريبة تعيد تشكيل النظام السياسي في سوريا، ما يدفع البلاد نحو مسار تنموي جديد يتسم بالاستقرار ويجمع كل المكونات الوطنية، وسيكون من المهم دمج قوات سوريا الديمقراطية في المشهد الجديد، سواء سياسيًا أو عسكريًا ما سيتيح خلق بيئة مناسبة لعودة اللاجئين إلى ديارهم وتحركهم ضمن إطار وطني جامع.

- هل ترى أن الجامعة العربية ستكون طرفا في المناقشات خلال المرحلة المقبلة؟

على المستوى العربي سيبرز دور الجامعة العربية كعامل محوري في رسم ملامح المرحلة المقبلة لسوريا، والسؤال المطروح هنا هو ما إذا كان التدخل العربي سيحظى بالقبول، وهل سيكون فعالًا في توجيه سوريا نحو مستقبل مستقر لا يهدد أمن المنطقة، والمرحلة المقبلة في سوريا تبدو مليئة بالتحديات، ولكنها تحمل في طياتها فرصة لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة، تحقق الاستقرار والتنمية، وتعيد اللحمة الوطنية للسوريين في ظل توافق سياسي جامع.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سوريا جامعة الدول أحمد الشحات الوضع في سوريا مصر الدولة المصرية بعد بشار الأسد فی سوریا

إقرأ أيضاً:

لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟

 

وقال كبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية تيم ليندركينغ إن "هناك عقوبات فرضناها على سوريا وقيادتها، وهذه العقوبات لن ترفع بين عشية وضحاها، لن نتعجل كما فعلت بعض البلدان".

وفي حديثه لحلقة (2025/5/1) من برنامج "من واشنطن"، أضاف ليندركينغ "نرى لدى بعض شركائنا تعطشا لإعادة فتح السفارات ورفع الأعلام، لكننا ببساطة لم نصل بعد إلى تلك المرحلة، ونتبع نهجا حذرا في التعامل".

وعلى النقيض من الموقف الأميركي، أعلنت بريطانيا مؤخرا إزالة 12 كيانا سوريا إضافيا من قائمة العقوبات، شملت مؤسسات سيادية مهمة، مثل وزارتي الداخلية والدفاع، وعدة أجهزة أمنية واستخباراتية كانت تعتبر سيئة السمعة خلال حكم عائلة الأسد.

ولم يكن هذا الإجراء البريطاني الأول من نوعه، إذ سبقه إعلان في مارس/آذار الماضي برفع العقوبات عن 24 كيانا سوريا آخر، تمثل قطاعات حيوية كالنقل والطاقة والتعامل المالي، وعلى رأسها المصرف المركزي السوري.

تباين مواقف

وبشأن هذا التباين في المواقف، أوضح مراسل الجزيرة في لندن محمد المدهون، أن وزراء الحكومة البريطانية عبروا بوضوح عن قناعتهم بأن استقرار سوريا يمثل مصلحة بريطانية مباشرة، وأن رفع الكيانات السورية من قائمة العقوبات يستهدف تحقيق هذا الاستقرار الإقليمي وتعزيز الأمن القومي البريطاني.

إعلان

وفي تحليلها للموقف الأميركي، كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية السابقة لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، وجود انقسام حاد في الرؤى داخل الإدارة الحالية بشأن التعامل مع سوريا.

وأكدت ليف -في حديثها لـ"من واشنطن"- أن "لأميركا مصلحة في استقرار سوريا"، موضحة أن الخلاف داخل الإدارة الأميركية يدور بين تيارين:

التيار الأول يرى الرئيس أحمد الشرع "إرهابيا" جاء مع "مجموعة إرهابيين"، وأنه لم ولن يتغير. التيار الثاني يدعو إلى اختبار هذه الفرضية والانفتاح على التعامل مع الوضع الجديد.

رؤية الجالية السورية

بدوره، قدم رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأميركي، محمد غانم، رؤية من داخل الجالية السورية الأميركية، مشيرا إلى أن الحكومة السورية حققت تقدما ملموسا في تلبية الشروط الأميركية.

وأقر غانم بأن الجانب الأميركي لا يزال ينظر بريبة وشك كبيرين تجاه بعض الشخصيات في النظام الجديد، "لا بسبب سلوكه، لكن بسبب الماضي".

وكشف عن تطور إيجابي في المفاوضات، إذ أشار إلى أن المسؤولين الأميركيين الذي يتولون الملف السوري يدركون أهمية دمشق الإقليمية، وأن المقترح الحالي على طاولة المفاوضات يتمحور حول "تعليق للعقوبات لفترة طويلة" بدلا من النهج السابق القائم على "مقاربة الخطوة بخطوة".

وتصدر مطلب الكشف عن مصير مواطنين أميركيين اختفوا في سوريا قائمة الأولويات في الشروط الأميركية لرفع العقوبات، خصوصا الصحفي أوستن تايس الذي اختفى عام 2012 في أثناء تغطيته للأحداث هناك.

وفي هذا السياق، استضافت الحلقة ديبرا (والدة تايس) التي عبرت عن ثقتها "الكاملة والقوية" بإدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرة إلى أنها تعتقد أن الرئيس ترامب يشعر بأن إعادة أوستن إلى الوطن أمر مهم.

الصادق البديري1/5/2025

مقالات مشابهة

  • عقد دولي لإدارة ميناء اللاذقية.. أول اتفاق استثماري في سوريا بعد سقوط الأسد
  • قيادي بالحرية المصري: تنمية الصعيد ليست خيارًا تنمويًا فحسب بل مسؤولية وطنية
  • لماذا تتردد واشنطن في رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط الأسد؟
  • وثائق تكشف الحلم الإيراني في سوريا: خططٌ سقطت مع رحيل الأسد
  • الوزير الشيباني: نحن نؤمن أن الطريق إلى الاستقرار يمر عبر الحوار، والتشارك الفعلي بين جميع مكونات الشعب السوري بعيداً عن الإملاءات، وتحت سقف السيادة السورية الكاملة، لأن لا أحد أحرص على سوريا من أبنائها، ولا يمكن لأي قوة خارجية أن تبني دولة قوية دون إرادة
  • الإمارات تعتقل قياديا بارزا في وزارة الدفاع السورية.. قائد جيش الإسلام
  • كيف تفاعل السوريون مع نبش قبر حافظ الأسد؟
  • نبش قبر الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بعد شهور على إحراقه (شاهد)
  • سوريا.. مجهولون ينبشون قبر حافظ الأسد ويسرقون رفاته
  • مفاجآت من دمشق.. ستاتزمان يكشف أسرار لقاءه مع الشرع وفرص التحول في سوريا