حرب غزة حوّلت السوق الإسرائيلية إلى جنّة للمضاربين بسبب حالة عدم اليقين
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
تتزايد التقارير الإسرائيلية المتذمرة من تحوّل اقتصاد دولة الاحتلال في العام والنصف الماضيين من قوة اقتصادية جاذبة للاستثمارات طويلة الأمد، إلى مقصد للمضاربين الباحثين عن أرباح سريعة بسبب الاضطرابات السريعة، بدءًا بالانقلاب القانوني، وانتهاءً بالحرب على غزة، حيث استغلت أكبر البنوك في العالم مشاعر اليأس في "إسرائيل" للمراهنة على سوق رأس المال فيها، وجني الأرباح منها.
عيران هيلدسهايم المراسل الاقتصادي لموقع "زمن إسرائيل"، أكد أنه "بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، فإنه ينظر الإسرائيلي العادي إلى شاشات بورصة تل أبيب، ويبقى في حيرة من أمره، لأن هذا النوع من الاتفاقات كان متوقعاً أن يعيد ثقة المستثمرين في السوق الإسرائيلية، لكنه أدى في الواقع إلى انخفاض المؤشرات بأكثر من 2% في اليومين التاليين لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الشيكل، الذي كان يتوقع بطبيعة الحال أن يرتفع فإنه ضعف بالضبط في اليوم الذي دخل فيه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ويعود هذا الانخفاض، من بين أمور أخرى، لسياسة الاستثمار المعروفة للمضاربين المحترفين، القائمة على قاعدة الشراء المستند على شائعات وأخبار غير يقينية. وبينما يتبع المستثمرون المحترفون هذه الاستراتيجية، يميل المتداولون غير المحترفين للتركيز على الأخبار كما هي، ويتكهنون بأن سوق الأسهم سيرتفع بعد الأحداث "الإيجابية" مثل وقف إطلاق النار".
وأشار إلى أنه "لذلك، عندما يتفاعل السوق بالانخفاض بدلاً من الارتفاع، فإن النتيجة تفاجئهم في بعض الأحيان، وبالمقارنة مع المتداولين الأقل خبرة، فإن المضاربين المعروفين باسم "أسماك القرش" في السوق الإسرائيلية، يتخصصون في تحديد الاتجاهات والتوقعات في وقت مبكر، ويعملون بطريقة محسوبة، حيث يشترون الأصول المالية بالفعل في مرحلة الإشاعة، عندما لا تزال الأسعار منخفضة نسبيًا، ويسارعون لبيعها بأرباح قياسية بمجرد أن تصبح الإشاعة خبرًا رسميًا".
وأوضح أن "هذا مجرد مثال واحد على كيفية قيام المضاربين في السوق الإسرائيلية، فقد استفادوا من التقلبات العاطفية التي شهدتها الدولة في 2023-2024، لجمع ثروة ضخمة، ويتوقع أن تسجل أكبر البنوك في العالم أعلى إيراداتها في السنوات الخمس الأخيرة من التداول في السندات والشيكل الإسرائيلي، بفضل التقلبات الكبيرة التي سببتها الحرب على غزة ولبنان، حيث ستجني البنوك ما يصل إلى 475 مليون دولار من تداول العملات والسندات والسلع المرتبطة بإسرائيل خلال عام 2024، بزيادة تزيد على الـ10% مقارنة بالعام 2023".
وأكد أنه "من المتوقع أن يكسب البنك الأمريكي الرائد، جيه بي مورغان، 70 مليون دولار من هذه المعاملات، ما يجعله أكبر رابح بين البنوك العالمية العشرة، ويشير النمو الرقمي إلى نشاط غير عادي وإيجابي في الأصول الإسرائيلية، وبالتحديد في عام يتسم بنشاط تداول ضعيف نسبيًا، ومن المتوقع أن يسجل بنك غولدمان ساكس وسيتي غروب أرباحًا كبيرة نتيجة لذلك، لأن الحرب المستمرة في غزة ولبنان، بجانب الاضطرابات الاجتماعية داخل إسرائيل".
وشرح قائلا إن "كل هذه التطورات أنشأت أرضاً خصبة للانتهازية المالية، والتقلبات الحادة في أسعار المنتجات المالية والعملات مثل الشيكل، وتغير سندات الدولة بشكل شبه يومي، وفقاً للتطورات والتوقعات المتقلبة، وبالنسبة لعامة الإسرائيليين يعتبر هذا نموذجاً لعدم الاستقرار الاقتصادي؛ أما للبنوك والمضاربين فتعدّ فرصة ذهبية لتحقيق الربح، من خلال إجراء رهانات دقيقة على اتجاهات الأسعار، وإجراءات الشراء أو البيع في الوقت المناسب".
وأشار إلى أنه "بعكس المقامرة في الكازينو، يعتمد المضاربون الإسرائيليون على الأدوات المالية المتقدمة والمعرفة المتعمقة لاستغلال تقلبات السوق لصالحهم، مع أن هذه المعرفة ليست في متناول الإسرائيلي العادي، الذي غالبا ما يجد صعوبة في فهم سبب انخفاض السوق عندما يبدو أنه يجب أن يرتفع، أو العكس عندما لا يحتاج المضاربون لسوق مستقر، على العكس من ذلك، فكلما كان الوضع أقل استقرارا، زادت إمكانية ربحهم".
وأكد أنه "إذا تم استخدام الشيكل في الماضي كرمز للقوة والاستقرار، فقد أصبح خلال الحرب الجارية متقلبًا بشكل غير عادي، في بداية الحرب، ضعف بشكل حاد، وسرعان ما تجاوزت قيمته عتبة الأربعة شيكل لكل دولار، لكنه في هذا الشهر كانون الأول/ ديسمبر 2024 عقب التوصل لاتفاق مع لبنان، ارتفع سعره بنحو 3% مقابل الدولار في يومين فقط، وكان تقلّبه منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 مرتفعا للغاية لدرجة أنه تجاوز تقلّب اليورو طوال العام".
وأوضح أن "كل تقلّب من هذا القبيل يمثل فرصة للمضاربين لجني أرباح كبيرة وسريعة من فجوات البيع والشراء التي تحدث في فترات زمنية قصيرة، ولذلك لعبت الحرب، والانقسامات السياسية العميقة في الدولة، والمخاوف بشأن عدم استقرارها المؤسسي، والانقلاب القانوني المثير للجدل، دورا مركزيا في زيادة التقلبات الاقتصادية".
وختم بالقول إن "هذا التدهور الاقتصادي يسلّط الضوء على حقيقة كارثية مفادها أن سياسات الحكومة الحالية لم تخلق انقساما وصدعا داخل الدولة فحسب، بل غيّرت أيضًا وضعها الاقتصادي من قوة تجتذب العديد من الاستثمارات، إلى ملعب مالي للمضاربين من جميع أنحاء العالم، ممن يستغلون عدم الاستقرار والاضطرابات التي تمر على الدولة لجني الأرباح".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي اقتصاد الاحتلال غزة الحرب اقتصاد غزة الاحتلال حرب المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السوق الإسرائیلیة وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
تحقيق جديد لواشنطن بوست ينسف الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مسعفي رفح
تناولت صحف ومواقع عالمية العديد من القضايا أبرزها، مأساة المسعفين الذين اغتالهم الجيش الإسرائيلي في رفح جنوبي قطاع غزة، والموقف الفرنسي من مسألة الدولة الفلسطينية، والملف النووي الإيراني.
فقد عادت صحيفة "واشنطن بوست" إلى مأساة المسعفين الفلسطينيين الذين اغتالهم الجيش الإسرائيلي في رفح جنوبي قطاع غزة، وقالت إنها "أجرت تحقيقا معمقا شمل الاستماع إلى شهود عيان وخبراء، وتحليل بيانات أقمار صناعية وصور ولقطات فيديو، نسفت كلُّها الرواية الإسرائيلية على نحو لا لبس فيه".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2السلطة تدعو واشنطن للتحقق من إلغاء نظام دفع مستحقات السجناء الفلسطينيينlist 2 of 2خبير أميركي: لهذا سوريا التحدي الأصعب لترامب في الشرق الأوسطend of listوكشف التحقيق كثيرا من مغالطات الجيش الإسرائيلي، ومنها على سبيل المثال أنه أطلق النار على سيارات الإسعاف من بعيد، بينما كانت المسافة عشرات الأمتار، وأحيانا أقل من 20 مترا.
وفي موضوع آخر، أوردت صحيفة "لوموند" في افتتاحيتها أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اضطُر إلى إعادة طرح موضوع الدولة الفلسطينية بسبب خطورة التطورات الناجمة عن التجاوزات الإسرائيلية في الحرب على غزة.
وقالت لوموند إن "الاعتراف بفلسطين يعني الحفاظ على إمكانية قيام دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه الائتلاف الحاكم في إسرائيل رفضا قاطعا"، مشيرة إلى أن "موضوع الدولة الفلسطينية يتطلب قول الحقائق لهذا الائتلاف، الذي يستقبَل أعضاؤه في باريس وكأنَّ ما يحدث في غزة والضفة الغربية أمر طبيعي".
إعلان الاختبار الأكبرومن جهة أخرى، جاء في مقال نشرته "وول ستريت جورنال" أن "إنهاء البرنامج النووي الإيراني قد يبدو ظاهريا أهم أهداف الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشرق الأوسط، لكنّ الاختبار الأكبر سيكون في سوريا".
وأوضح المقال أن "مقاربة ترامب القائمة على تفضيل الاقتصاد على القوة العسكرية، والاعتماد أكثر على الحلفاء تبدو مقنعة، لكنّ أقوى حليفين لواشنطن في المنطقة هما إسرائيل وتركيا، وهنا تكمن المشكلة، فهما يتصارعان وكلاهما يمقُت الآخر".
أما "واشنطن تايمز" فأشادت في افتتاحيتها بسياسة الرئيس ترامب المتعلقة بالهجرة، وقالت إن المهاجرين غير النظاميين يغادرون الآن طواعية لتجنب عواقب وخيمة، منها غرامات مالية تناهز الألف دولار على كل يوم يبقى فيه المهاجر بعد صدور أمرِ ترحيله.
وأضافت أن هذه الطريقة تجرّد الحقوقيين والمحامين من أيّ هامش للمناورة، فبعد أن يغادر المهاجر الأرض الأميركية لن يستطيعوا فعل شيء، كما كتبت الصحيفة.