خبراء: تاريخ التنظيمات المسلحة يضع المنطقة أمام حلقات عنف داخلية وخارجية
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
13 عاماً من الصراع انتهت بتغيير جذرى للنظام الحاكم فى سوريا، الذى تربع على كرسى السلطة لعدة عقود، إذ بدأت فصائل مسلحة من المعارضة السورية، من ضمنها «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى حليفة لها، هجوماً واسعاً فى شمال البلاد قبل أقل من أسبوعين، انتهى بإعلان الفصائل المسلحة دخول دمشق فجر أمس الأحد، فى الوقت الذى يبدو فيه الداخل السورى ممزقاً بين التنظيمات والتيارات المختلفة، حيث تسيطر الجماعات المسلحة على حمص وتتقدم باتجاه حماة وحلب، فيما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية، بقيادة الأكراد، من السيطرة على مناطق واسعة فى شمال سوريا، واضطرت السلطات الأردنية إلى إغلاق معبر «نصيب» الحدودى، كما تم إغلاق المعابر الحدودية بين سوريا والعراق.
وعن السيناريوهات المتوقعة للأزمة الراهنة فى سوريا، قال سامح عيد، خبير الجماعات الإرهابية، إن سوريا شهدت تداعيات خطيرة بعد سقوط دمشق، حيث أصبحت البلاد مرتعاً للصراعات الداخلية، مع تدخلات من دول متعددة، إذ تسيطر التنظيمات المسلحة على مناطق معينة، مثل دير الزور، بينما تسعى إسرائيل إلى توسيع نفوذها على الحدود السورية اللبنانية.
وأضاف فى تصريحاته لـ«الوطن» أن تاريخ التنظيمات المسلحة يضع المنطقة أمام حلقات عنف داخلية وخارجية بين التنظيمات فى سوريا، إذ تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، مع عدم وجود ضمانات لاستقرار طويل الأمد، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية التوافق بين هذه الجماعات، وهل يمكن لهذه الجماعات تحقيق الاستقرار والتوافق فى ظل الظروف الحالية؟.
بداية الصراع فى سوريا تعود إلى بداية عام 2011، عندما اندلعت احتجاجات سلمية فى مدينة درعا، تطالب بالإصلاحات السياسية والإفراج عن المعتقلين، وفى أبريل من نفس العام، تصاعدت الاحتجاجات فى مختلف المدن السورية، وبدأت مشاهد العنف تغطى الشارع السورى، حتى تدهورت الأوضاع إلى حد كبير، وفى يوليو 2012 بدأت تتشكل مجموعات مسلحة مناهضة للنظام بعد تزايد الانشقاقات فى صفوف الجيش السورى، وفى أغسطس فقدت القوات الحكومية السيطرة على بعض المناطق، وبدأت العمليات العسكرية تأخذ بعداً أكثر اتساعاً فى مختلف المناطق السورية.
«إسماعيل»: مسألة «التقسيم» تفرض نفسها بقوة.. ومخاوف من تكرار التجربة الليبيةوفى تحليل للوضع الراهن فى سوريا، أكد محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية، أن جميع السيناريوهات تبقى مفتوحة فيما يتعلق بالأزمة السورية، وقال إن النظام السورى، الذى يعانى من انقسامات عميقة بين الطوائف المختلفة، ما زال يعانى من تأثيرات الصراع المستمر منذ عام 2011.
وأضاف فى تصريحاته لـ«الوطن» أن المجتمع السورى مقسم بين الشيعة والسنة والأكراد، مما يجعل مسألة التقسيم قائمة بقوة حتى الآن، ومع ذلك، شهدت البلاد ظهور بعض الجماعات المسلحة، ومنها «داعش» و«جبهة النصرة»، التى تحولت فيما بعد إلى «هيئة تحرير الشام».
وفى 2014، كان الظهور الأول لتنظيم «داعش سوريا»، إذ سيطر على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق، وفى سبتمبر بدأت الولايات المتحدة حملة عسكرية ضد «داعش»، وبحلول سبتمبر 2015 كان التدخل الروسى لدعم النظام، مما أدى إلى تغيير موازين القوى فى الصراع، وبحلول ديسمبر 2016 استعاد النظام السيطرة على حلب، فيما شهد عام 2017 ضربات عسكرية أمريكية على قاعدة «الشعيرات»، ليتصاعد القتال فى 2018 بهجوم على «الغوطة الشرقية»، الأمر الذى تسبب فى أزمة إنسانية انتهت بانسحاب القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، ليستمر الصراع حتى نوفمبر الماضى، إذ تصاعدت الأحداث بشن الفصائل المسلحة العديد من الهجمات، حتى إعلان التليفزيون الرسمى فى سوريا، صباح أمس الأحد، سيطرة الفصائل المسلحة على دمشق بعد انسحاب عناصر الجيش والشرطة والحرس الوطنى من مواقعها.
وأوضح «إسماعيل» أن السيناريوهات المحتملة تشمل «مرحلة انتقالية»، إلا أنه حذر من أن هذه المرحلة قد تشهد حالة من الفوضى السياسية بسبب الخلافات بين القوى والجماعات المتعددة، وأضاف أن السيناريو الثانى هو سيناريو التقسيم، ووصفه بأنه «الأكثر سوءاً»، إلا أنه استبعد حدوثه فى الوقت الحالى، مع إمكانية ظهوره فى المستقبل، واعتبر أن السيناريو الأفضل هو الانتقال السلمى للسلطة بشكل سلس ومن خلال انتخابات، ولكن هناك مخاوف من تكرار تجربة ليبيا، حيث استمرت الاختلافات السياسية لمدة 13 عاماً، مما أدى إلى فراغ المنصب الرئاسى طوال هذه الفترة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سوريا الأزمة السورية بشار الأسد الفصائل السورية المعارضة السورية الأحداث في سوريا فى سوریا
إقرأ أيضاً:
هذا هو أول مكان تتوعد الجماعات المسلحة بمهاجمته بعد سيطرتها على سوريا.. مؤشرات
في تصريح لافت، يعد الأول من نوعه، أعلن مسلحون ينتمون لجبهة النصرة “هيئة تحرير الشام” أنهم سيتحركون باتجاه بلد عربي جديد في الجزيرة العربية، بعد أن تمكنوا من السيطرة على سوريا، وإسقاط نظام بشار الأسد. ومن أمام الجامع الأموي في دمشق، ظهرت جماعة من المسلحين، وهم يعلنون أنهم سيتوجهون لتحرير مكة، من حكم آل سعود. الفيديو الذي تم تداوله على نطاق واسع يحمل في طياته الكثير من المؤشرات، عن نوعية التوجهات التي تحملها “جبهة النصرة” حيث تحاول قيادة الجبهة إرسال تطمينات للسوريين والمجتمع الدولي، بأنها جماعة “معارضة” سياسية، تحمل مشروع إقامة دولة، يلتزم بالقوانين والمواثيق الإنسانية الدولية، وأنها لا تحمل أي أجندات عدائية تجاه دول المحيط السوري بما فيها السعودية. لم يسبق للجماعات المسلحة في سوريا أن أطلقت أي تصريحات تجاه أي دولة، ورغم أن الاحتلال الإسرائيلي قام بتوغلات جديدة في الأراضي السورية تم خلالها احتلال مناطق استراتيجية حاكمة في جبل الشيخ والقنيطرة جنوب سوريا، بالتزامن مع دخول الجماعات المسلحة إلى دمشق وفرار الرئيس السابق بشار الأسد، إلا أن جبهة النصرة لم تصدر أي موقف تجاه الاحتلال الإسرائيلي. وبما يجعل الفيديو المتداول حول ما وصفه المسلحون “تحرير مكة” يبدو من وجهة نظر مراقبين، فعلا مدروسا، وليس فعلا فرديا، خارج رضى قيادة “جبهة النصرة”. بينما يسود اعتقاد على نطاق واسع، أن الجماعات المسلحة في سوريا، تتحرك وفق دعم وتنسيق إسرائيلي، يلبي تطلعات الأخيرة في السيطرة على الشرق الأوسط، حيث أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لمرتفعات الجولان، أمس الأحد، أن “إسرائيل ساهمت بإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا”.
وفي حين يجد البعض أن هجمات إسرائيل على مخازن السلاح ومراكز التطوير الحربي السوري، دليلا على العداء الذي تكنه “إسرائيل” للجماعات المسلحة التي باتت تحكم سوريا، يرى أخرون، أن القصف الإسرائيلي لمخازن السلاح السوري، ليس أكثر من مجرد احتياطات وتعبير عن حالة انعدام ثقة “إسرائيل” بما تعتبره جماعات مسلحة يصعب السيطرة عليها، دون أن يكون لدى تل أبيب أي موانع لمواصلة التعاون مع تلك الجماعات وتحريكها حسب رغبات “إسرائيل” لزرع القلاقل والصراعات في المنطقة. على أن هناك من يعتقد، أن الدول الراعية للجماعات المسلحة في سوريا لن تتردد في استخدام تلك الجماعات في ابتزاز دول النفط الغنية، في المنطقة خلال المرحلة المقبلة.