تواصل الحرب الروسية الأوكرانية تصاعدها بشكل ملحوظ، مع اقتراب نهاية عام 2024، حيث لا تزال القوات الروسية تُحقق تقدمًا في بعض المناطق الاستراتيجية.

ويأتي هذا التقدم بتكلفة بشرية هائلة، حيث تشير التقارير إلى أن روسيا خسرت أكثر من 45 ألف جندي في تشرين الثاني/ نوفمبر فقط، وهو أعلى معدل خسائر منذ بداية الحرب في شباط/ فبراير 2022.



وتواصل روسيا تعزيز مكاسبها على الأرض في المناطق الشرقية لأوكرانيا، بالإضافة إلى بعض الأراضي في منطقة كورسك الروسية، لكن الخسائر الفادحة في الأرواح تظل تؤرق القيادة الروسية، التي تواجه تحديات جسيمة من الداخل والخارج.


خسائر بشرية ضخمة
وبحسب وزارة الدفاع البريطانية، فقد بلغت الخسائر الروسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 ما يقارب الـ45 ألف جندي بين قتيل وجريح، وهو ما يُعدّ أعلى رقم للخسائر البشرية منذ بداية الغزو.

وتشير التقديرات إلى أن روسيا فقدت في المتوسط حوالي 1523 جنديًا يوميًا طوال هذا الشهر، الأمر الذي يعكس حجم التضحيات الكبيرة التي يُقدّمها الجيش الروسي لتحقيق أهدافه العسكرية، وقد سجلت القوات الروسية أكثر من 2000 قتيل في يوم واحد في 28 نوفمبر، ما يُعدّ مؤشرًا على تصاعد وتيرة المعارك في الجبهات الرئيسية.

ورغم تقدم القوات الروسية في بعض المناطق، إلا أن تكتيك "مفرمة اللحم" الذي تعتمد عليه موسكو لا يزال يُكلّفها ثمناً باهظاً. وتُظهر التقارير العسكرية أن روسيا تخسر أكثر من 50 جنديًا مقابل كل كيلومتر مربع من الأراضي التي تسيطر عليها، ما يسلط الضوء على الخسائر البشرية الفادحة التي تصاحب كل مكسب على الأرض.


تحديات ضخمة
وعلى الجانب الأوكراني، لا تقتصر التحديات على الجيش الروسي فقط، بل إنها تمتد لتشمل القوات الأوكرانية التي لا تُعلن عن حجم خسائرها العسكرية بشكل رسمي.

ورغم ذلك، فإن تقديرات مختلفة تشير إلى أن أوكرانيا فقدت نحو 70 ألف جندي منذ بداية الحرب، إضافة إلى اختفاء 35 ألف جندي آخرين. ورغم هذه الخسائر، فإن أوكرانيا تواصل صمودها، في حين يصرّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن الأرقام حول القتلى الأوكرانيين أقل بكثير من التقارير الإعلامية التي تشير إلى نحو 80 ألف قتيل.

ومع تزايد الضغوط العسكرية، فإن أوكرانيا تواجه صعوبة في استقطاب المزيد من المتطوعين، خاصة بعد رفض الحكومة الأوكرانية تقليص سن التجنيد إلى أقل من 25 عامًا، وحرم هذا القرار البلاد من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا، إلا أن الحكومة تتوجه بشكل رئيسي إلى المتطوعين لتعويض هذا النقص.

تغييرات في التكتيك العسكري
ولقد شهدت المعركة تحولًا في التكتيك العسكري خلال الأشهر الماضية، حيث لم يعد السلاح المدفعي هو العامل الحاسم في المعركة. وفي حين كانت روسيا تتمكن من إطلاق حوالي 13 قذيفة مقابل كل قذيفة تُطلقها أوكرانيا في بداية الحرب، فقد تغيرت هذه النسبة بشكل كبير.

وأصبحت حوالي 1.5 إلى 1، وذلك نتيجة لزيادة الإنتاج المحلي للذخيرة في روسيا، بالإضافة إلى الضغوط الناتجة عن الهجمات الأوكرانية على مستودعات الذخيرة الروسية.

وفي خطوة جديدة لتكثيف الهجمات على الأرض، زادت روسيا من استخدام القنابل الانزلاقية بشكل كبير، حيث تضاعف استخدامها بمقدار عشرة أضعاف منذ العام الماضي. هذه القنابل، التي تُطلق من الطائرات النفاثة، تُشكل تهديدًا حقيقيًا لقوات أوكرانيا، ما يجعل التصدي لها تحديًا إضافيًا على الخطوط الأمامية. هذه الأسلحة الجديدة، إلى جانب الطائرات بدون طيار، قد غيّرت بشكل كبير مجريات القتال، حيث أصبح المشاة أكثر عرضة للهجمات من هذه الأسلحة المتطورة.


أزمة اقتصادية
على الصعيد الداخلي، يواجه الاقتصاد الروسي تحديات هائلة بسبب تأثيرات الحرب المستمرة. التضخم المرتفع، والمستشفيات المكتظة بالجرحى، وأزمة التعويضات لأسر الجنود القتلى، كلها عوامل تزيد من الضغوط الداخلية على الحكومة الروسية.

علاوة على ذلك، فقد ارتفعت المكافآت المالية التي تُقدّم للمتطوعين الروس الذين يذهبون إلى أوكرانيا، حيث وصل بعضها إلى ثلاثة ملايين روبل (حوالي 30 ألف دولار).

وبالرغم من هذه الضغوط الاقتصادية، فلا تزال روسيا قادرة على تعويض بعض خسائرها البشرية، رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرفض إعلان تعبئة جديدة. من ناحية أخرى، تتزايد الضغوط الداخلية في روسيا، ما يجعل من الصعب الحفاظ على استقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي على المدى الطويل.

سوريا على الطاولة
مع تطور الوضع في سوريا بسرعة، فإن روسيا تواجه معضلة كبيرة في كيفية تخصيص مواردها بين دعم نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا والقتال في أوكرانيا. ومن غير الواضح حتى الآن كيف سيؤثر التطور السريع للأحداث في سوريا على سير المعركة في أوكرانيا، إلا أن المسؤولين الغربيين يعتبرون أن هذه المعادلة قد تفرض على موسكو اتخاذ قرارات صعبة بشأن أولوياتها العسكرية.

ويجعل التصعيد المستمر في النزاع الأوكراني من المستحيل التنبؤ بكيفية تطور الأمور في الأشهر القادمة. على الرغم من الخسائر البشرية والاقتصادية الفادحة التي يتكبدها الجانبان، تواصل روسيا محاولاتها للتقدم العسكري على الأرض، بينما تظل أوكرانيا مصممة على التصدي لأعنف الهجمات. ما يبدو واضحًا الآن هو أن الحرب قد تدخل مرحلة أكثر صعوبة في ظل تزايد الضغوط على روسيا من الداخل وتزايد التحديات الأوكرانية على الجبهة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية القوات الروسية التكتيك العسكري القوات الروسية الحرب الروسية الاوكرانية التكتيك العسكري وزارة الدفاع البريطانية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على الأرض ألف جندی التی ت

إقرأ أيضاً:

نهاية الأسد تغير قواعد اللعبة.. السقوط المفاجئ ماذا يعني للحليف الروسي؟

على مدى سنوات طويلة، لعبت روسيا دورًا رئيسيًا في دعم نظام بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية، حيث برز تدخلها العسكري كخطوة حاسمة أعادت الأسد من حافة الانهيار.

اعلان

وهذا التدخل، الذي شمل شن هجمات جوية مكثفة وتقديم دعم عسكري، عزز صورة موسكو كقوة عالمية مؤثرة في الشرق الأوسط، وحقق مكاسب استراتيجية مثل توسيع قواعدها العسكرية على الساحل السوري.

بوتين أثناء تواجده في سوريا عام 2017Mikhail Klimentyev/Sputnik

لكن هذه المكاسب بدأت تتلاشى مع الأحداث الأخيرة. خلال الأسبوع الماضي، فرّ الأسد إلى موسكو مع انهيار نظامه أمام هجوم سريع للمعارضة المسلحة، مدعومًا من تركيا. وفشلت روسيا وإيران، حليفاه الرئيسيان، في وقف هذا الانهيار الذي كشف عن هشاشة النظام السوري وغياب أي حلول سياسية مستدامة. وتمثّل هذه التطورات نقطة تحول جديدة قد تُعيد تشكيل خريطة النفوذ في سوريا والشرق الأوسط.

الثوار في سوريا يجوبون الشوارع احتفالاً بسقوط نظام الأسدOmar Sanadiki

ولم تُترجم المكاسب إلى استقرار طويل الأمد. وبدلًا من ذلك، رفض الأسد التنازلات السياسية، مما أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية في سوريا. ووسط انشغال موسكو بحربها في أوكرانيا، انهار جيش الأسد أمام المعارضة التي تدعمها تركيا، وهو ما تسبب في زعزعة استقرار النظام بسرعة غير متوقعة.

من داخل القصر الرئاسي السوري بعد أن دخله الثوار وأثاروا فيه الشغبOmar Sanadiki

ومع سيطرة المعارضة على دمشق، تسعى روسيا للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في سوريا، مثل قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس. ورغم رفع علم المعارضة فوق السفارة السورية في موسكو، فإن السلطات الجديدة أظهرت استعدادها للحوار مع روسيا، مما قد يساعد في تأمين هذه المصالح، وإن كانت تبقى عرضة للتحديات المتزايدة.

Related" نزحنا لكن لا أحد يسأل عنا".. آلاف العائلات تنزح إلى مدينة الطبقة بمحافظة الرقة في سورياأردوغان: تركيا تتمنى لسوريا الهدوء والسلام بعد سنوات من الصراع ولا أطماع لنا في أراضي أي دولةمناورات روسية مكثّفة في المتوسط: إطلاق صواريخ فرط صوتية واستعراض للقوة على وقع المعارك في سوريا

وعلى الصعيد الدولي، يمثل انهيار الأسد صدمة دبلوماسية لموسكو، حيث يأتي في وقت تعاني فيه روسيا من عزلة دولية بسبب حربها في أوكرانيا. ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخسارة على قدرة بوتين على المناورة في المفاوضات القادمة، سواء في سوريا أو أوكرانيا، حيث يُنظر إلى هذه الهزيمة كضربة لهيبته الدولية. ومع ذلك، يرى مراقبون أن روسيا قد تعتمد على تكتيكات أكثر تشددًا لتعويض خسائرها في الشرق الأوسط، مما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوتر.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "سنعيد بناء بلدنا".. ردود فعل الجالية السورية في أوروبا بعد سقوط بشار الأسد من قصر مهيب إلى غنائم وأطلال.. الفصل الأخير من حقبة الأسد يوم بعد سقوط الأسد: رفع علم الجمهورية السورية الأولى "علم المعارضة" على مبنى السفارة في موسكو سوريافلاديمير بوتينبشار الأسدروسيااعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. ماذا بعد الأسد.. إسرائيل تتوسع ومجلس الأمن يعقد اجتماعًا طارئًا وعلم الثورة يُرفع في موسكو يعرض الآن Next زيلينسكي: "نهاية الحرب مطلب لنا أكثر من غيرنا".. ولكن ما الثمن؟ يعرض الآن Next تحت أرض سوريا.. سوريا أخرى: المعارضة تحرر عشرات النساء من سجن صيدنايا وقصص مروّعة عن عذاب وألم يعرض الآن Next مقتل 3 جنود إسرائيليين من لواء جفعاتي بشمال غزة .. حيث الحصار والدمار والمجازر والجثث العالقة يعرض الآن Next "سنعيد بناء بلدنا".. ردود فعل الجالية السورية في أوروبا بعد سقوط بشار الأسد اعلانالاكثر قراءة سوريا على مفترق طرق.. أي مصير ينتظر البلاد ومن الرابح والخاسر بعد سقوط الأسد؟ إما فرحة أو اعتذار أو دعوات لوحدة الصفّ.. هكذا تفاعل نجوم سوريا مع سقوط الأسد من هي الجماعات المسلحة التي أطاحت بحكم بشار الأسد وهل ينفرط العقد بينها بعد سقوط النظام؟ مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز الأسد في روسيا ويمنح وعائلته حق اللجوء والمعارضة المسلحة بقلب دمشق ونتنياهو يوم تاريخي بالشرق الأوسط اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومبشار الأسدسوريامعارضةإسرائيلالحرب في سوريادمشقروسياالحرب في أوكرانيا بنيامين نتنياهوغزةفولوديمير زيلينسكيدونالد ترامبالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية استخدمت 6 صواريخ «أتاكمز» لضرب مطار تاغانروغ العسكري
  • كاتب صحفي من فرنسا: ترامب سيعول على باريس لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية
  • مدمرات وسفن إمداد .. الحوثي يكبد الجيش الأمريكي خسائر فادحة
  • المقاومة الفلسطينية تكبد الاحتلال خسائر فادحة على مختلف محاور القتال في غزة 
  • ‏الاستخبارات الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية على حافة الانهيار
  • الاستخبارات الروسية: القوات الأوكرانية على "حافة الانهيار"
  • نهاية الأسد تغير قواعد اللعبة.. السقوط المفاجئ ماذا يعني للحليف الروسي؟
  • الخارجية الروسية: منفتحون على الحوار بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية على عكس كييف
  • الحرب الروسية الأوكرانية.. تصعيد عسكري وتحركات دبلوماسية
  • روسيا: خسائر أوكرانيا بلغت أكثر من 555 عسكرياً في 24 ساعة