توحد دماء الأُمَّــة العربية والإسلامية قيادةً وأفرادًا في الذود عن غزة وإسناد معركة (طُوفَان الأقصى)، والحالة التي وصل إليها الكيان الصهيوني المهدّدة لوجوده، وتقليم النفوذ الأمريكي والغربي بشكل العام، والهزيمة المدوية لتحالف الازدهار والقوات البحرية أمام القوات المسلحة اليمنية، المساندة لغزة، دفع الصهيونية العالمية ومراكز نفوذها، إلى البحث عن حلول جديدة تعيد اللعبة على بداياتها، وسلب الأُمَّــة مجدّدًا عوامل القوة، وما وصلت إليه من انسجام في المواقف التي نسفت الخطابات الطائفية والمذهبية وحاصرتها، كما ضيقت الخناق على الأنظمة والحكومات المطبعة والمتصهينة أمام شعوبها.

هذه المرتبة التي وصلت إليها أمتنا شكلت خطر على مراكز القوى في العالم، وأسست لإمْكَانية القضاء على الهيمنة الأمريكية والقطب الواحد، وأحيت روح الآمل في ولادة مجد مشرق للأُمَّـة العربية والإسلامية وشعوبها المقهورة، فأضطر أعداء أمتنا إلى إعادة إنتاج هذا السيناريو مجدّدًا، وفي أضعف خاصرة للأُمَّـة.

ومن هذا المنطلق نقول إن الأحداث الساخنة في سوريا، لن تمر دون ارتدادات على العديد من الساحات في المنطقة بشكل عام ومحور المقامة بشكل خاص، ومنه اليمن ذات الموقع الجيوسياسي الهام، وتأثيراته على الأطماع التوسعية الصهيونية ونفوذ الهيمنة الأمريكية، وأدواتها وتنظيماتها العميلة، وتحريكها في إعادة رسم توازنات القوى.

كما نؤكّـد بأن الدور التركي في سوريا اليوم، يضعنا أمام ضوابط جديدة، في المنطقة، تشير إلى إعادة الروح إلى مشروع الربيع العربي ونفخه مجدّدًا، كقوة يمكن للإدارة الأمريكية الجديدة الاعتماد عليه، كقوة شعبوية سياسية عقائدية بنكهة تعيد للكيان الصهيوني استخدام سلاح الفتن الطائفية، لإشغال شعوب الأُمَّــة ببعضها، وإعادة توجيه بوصلة العداء التي وحدتها غزة ضد العدوّ الحقيقي للأُمَّـة، باتّجاه آخر تكون مواجهة اليهود وأئمة الكفر في ذيل قائمة اهتماماته.

اتّجاه الأحداث لن تنحصر في سوريا فحسب بل ستتجه نحو العراق ولبنبان، واليمن وإيران، وغيرها من الأقطار، لإعادة فرض صراع فتنوي داخلي، وحروب وصراعات ممولة من دول النفوذ والهيمنة والتطبيع، خدمة لماسونية العالمية ومشاريعها المدمّـرة للمجتمع البشري، واستمرار بقاء الأنظمة الصناعية منذ عقود على هرم الأُمَّــة ومقدراتها وشعوبها.

اليمن حلقة من هذه الحلقات، إلى أن العدوّ حال بدأ التحَرّك فيها، فلن يكون الوضع مماثل لمخطّطاته، وذلك يعود للكثير من الاعتبارات المركزية والأَسَاسية التي لم يسبق الشعب اليمني وقيادته وشعبة إليها أي قوة من قوى محور المقاومة ولا أي دولة في هذا العالم، ما هي؟ وكيف ستثبت أمام هذا المخطّط الكبير، وكيف ستفشله نجيب على ذلك.

أولًا: الحكومة اليمنية في صنعاء وصلت إلى ما هي عليه اليوم من قوة شعبوية وعسكرية وسياسية وثقافية وفكرية بأسباب مرتبطة بسر الرسالة السماوية وتطبيق المشروع الرسالي القرآني الذي بعث به محمد رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، بنقائه وطهره وصفائه من الخطاب الطائفي المذهبي، ونظرته الواسعة للعالم والمجتمع البشري ككل، من حوله، مستشعرًا مسؤوليته الكبرى في إعادة تقديم الفكر القرآني والخطاب السماوي كرحمة للعالمين، كما هو في ملازم الشهيد القائد المؤسّس حسين بدرالدين الحوثي “رضوان الله عليه، وكما هي مسيرة قائد الثورة والمسيرة القرآنية الممتدة بقيادة أخوه السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي “يحفظه الله”.

ثانيا: حقّق هذا المسار الكثير من المكاسب، التي يشهدها ويعيش لحظاتها الشعب اليمني بمختلف مكوناته السياسية والمذهبية، التي انظمت لهذا المشروع ووجدت فيه الطاولة الفسيحة والصدر الرحب المحتوي للجميع، والأخذ بهم نحو المصالح العامة، والقضايا الكبرى التي تهم الأُمَّــة برمتها، رغم الصراعات والحروب والعدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن، وتغذيته للعديد من التشكيلات والأدوات المتصدية للإرادَة الشعبيّة اليمنية ومشروعها القرآني.

ثالثًا: كيفية التعامل مع هذا السيناريو، خطاب السيد القائد كان واضحًا وحث الشعب اليمني على المزيد من استشعار المسؤولية، ورفد معسكرات التدريب بقوافل الرجال، ودخول الدورات العسكرية المختلفة، والاستمرار في دعم وإسناد غزة وقضايا الأُمَّــة الجامعة في مختلف الظروف، إضافة إلى التحَرّك العملي بوتيرة عالية، في مسارات عسكرية وأمنية وسياسية وإعلامية، وإصلاحية للأخطاء والتجاوزات إن وجدت وتوطيد العلاقة بين مختلف أبناء الشعب وكل ما نت شأنه تقوية صمود وثبات وتماسك الجبهة الداخلية.

رابعًا: استطاع اليمن تحقيق السبق في استشعار المسؤولية تجاه قضايا الأُمَّــة الكبرى وأولوياتها، فكان الموقف اليمني المشرف تجاه غزة، والمُستمرّ إلى اليوم، شاهد واحد، أجتاح الحدود الجغرافية واذاب المسافات، وخلق الطمأنينة والأعجاب لدى كُـلّ الأصدقاء، وأثار دهشة الأعداء.

خامسًا: مجمل تحَرّكات الأعداء ومخطّطاتهم التآمرية معروفة مسبقًا وهي تحت الرصد من منطلقات ودراية إيمانية قرآنية تتكشف أمامها مختلف المكائد والدسائس والأحقاد وتتبخر أثارها عند أول ردة فعل لإزهاقها، وبيننا الأيّام والأحداث القادمة.

وأخيرًا: نجزم بأن ارتداد السيناريو على اليمن محدود الأثر، ما لم تقلب الطاولة، وتمكّن صنعاء من تقديم نموذج مغاير مقتدر على إفشال مساعي الأعداء ومخطّطاتهم، ويقدم للأُمَّـة برمتها النموذج السليم لإفشال المخطّط الصهيوني المستهدف لوعي الأُمَّــة وفكرها قبل شعوبها ومقدراتها.

 

صحيفة المسيرة

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

إقرأ أيضاً:

مصر تدشن إعادة إعمار غزة.. المعدات الثقيلة تعبر الحدود لرفع الركام

بدأت السلطات المصرية، أمس، إدخال المعدات الثقيلة إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، وذلك بعد عدة أيام من تواجدها أمام الباحة الرئيسية لمعبر رفح البري في شمال سيناء.  

بدء عمليات إعادة الإعمار

ويأتي إدخال هذه المعدات يأتي في إطار الجهود المصرية الرامية إلى إزالة الأنقاض ورفع الركام الناتج عن العمليات العسكرية، مما يمهد لبدء عمليات إعادة الإعمار داخل القطاع دون تهجير للفلسطينيين.  

وأكد اللواء د. خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، أن هذه المعدات ستسهم في فتح الطرق وإزالة الركام، ما يسهل حركة المواطنين الفلسطينيين داخل القطاع، ويضمن وصول شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية والوقود إلى مختلف المناطق المتضررة.  

وأشار المحافظ إلى أن إدخال المعدات الثقيلة إلى غزة يعد انتصارًا جديدًا للجهود الدبلوماسية المصرية، بعد تمكنها من الضغط على السلطات الإسرائيلية التي كانت تعارض هذا الإجراء. كما شدد على أن نجاح المفاوض المصري يتجلى يومًا بعد يوم من خلال استمرار الجهود المصرية في تحقيق التهدئة، ووقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.  

وخلال دخول المعدات، عبّر السائقون عن سعادتهم ببدء تنفيذ هذه المرحلة المهمة، خاصة بعد الانتظار لعدة أيام أمام معبر رفح البري. وأكدوا أن مشاركتهم في إعادة إعمار غزة وتمهيد الطرق واجب إنساني تجاه الأشقاء الفلسطينيين.  

ورافق دخول المعدات أجواء احتفالية، حيث أطلق السائقون أبواق المركبات تعبيرًا عن فرحتهم، فيما رُفعت أعلام مصر على المعدات الثقيلة أثناء الاصطفاف والدخول إلى غزة، في مشهد يعكس التضامن والدعم المصري المستمر للشعب الفلسطيني.  

وتمثل هذه الخطوة بداية فعلية لعملية إعادة إعمار غزة، والتي تأتي في إطار الدور المحوري الذي تلعبه مصر لدعم الفلسطينيين، ليس فقط عبر المساعدات الإنسانية، ولكن أيضًا من خلال جهودها الدبلوماسية المستمرة لضمان استقرار الأوضاع في القطاع.

من جانبه، أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القدس، والقيادي الفلسطيني بحركة فتح، الدكتور أيمن الرقب، أن المساعدات المصرية المقدمة لسكان قطاع غزة، وخاصة مساكن الإيواء المتنقلة، تلعب دورًا حيويًا في تعزيز صمود الفلسطينيين أمام محاولات التهجير القسري.  

وأضاف الرقب، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن دخول تلك المساعدات للقطاع يسهم في توفير مقومات الحياة والمعيشة، مما يساعد في تخفيف المعاناة الإنسانية لسكان غزة، إضافة إلى إجهاض سيناريو التهجير الذي تسعى بعض الأطراف إلى فرضه.  

وأشار إلى أن مخطط التهجير سيتوقف أمام تماسُك الموقف العربي الرافض له، مؤكدًا أن مصر، وبتنسيق عربي، وضعت خططًا لإعادة إعمار غزة في وجود الفلسطينيين، وتسعى إلى تنفيذها بالتعاون مع الدول العربية.

مقالات مشابهة

  • رغوة غامضة تثير الرعب بشوارع مدينة جزائرية ما قصتها وكيف علّق مغردون؟
  • مصر تدشن إعادة إعمار غزة.. المعدات الثقيلة تعبر الحدود لرفع الركام
  • ارتدادات الحمى القلاعية.. الديوانية تمنع دخول المواشي وتنتظر التعليمات
  • مشاهد من الجلسة الحوارية مع اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري التي جرت اليوم بمدينة إدلب
  • ضمن مبادرة حماة تنبض من جديد.. إزالة الحواجز الإسمنتية التي وضعها النظام البائد أمام مبنى الأمن العسكري سابقاً على طريق حمص حماة
  • في المنتدى السعودي للإعلام.. ملف كأس العالم 2034 وثيقة الحلم التي يراها العالم لأول مرة
  • غروندبرغ: اليمن يواجه تحديات هائلة بينها حملة الاعتقالات التي تشنها جماعة الحوثي
  • كم هي كلفة الحرب وكيف تؤثر على اقتصاد الاحتلال؟.. 88 مليون دولار يوميا
  • ما هي كلفة الحرب وكيف تؤثر على اقتصاد الاحتلال؟.. 88 مليون دولار يوميا
  • أمام الكنيست.. عائلات الرهائن تطالب بعدم استئناف الحرب