كيف يؤثر سقوط الأسد على حزب الله ولبنان؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
بيروت- أصبحت التطورات السياسية والأمنية المتسارعة في سوريا وصولا إلى سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة المعارضة المسلحة على دمشق، قضية ملحة على جدول اهتمامات المسؤولين اللبنانيين والقوى السياسية بمختلف توجهاتهم.
يأتي ذلك في ظل ترقب واسع لما قد تحمله هذه التحولات من تداعيات على لبنان، خصوصا في المناطق الشمالية وعلى امتداد الحدود البقاعية، خاصة في ظل الحضور العسكري والسياسي لحزب الله في بعض المناطق السورية، مثل العاصمة دمشق وضواحي مدينة حمص ومنطقة القصير.
وتشير المعلومات الأخيرة إلى انسحاب حزب الله من مدينة القصير الواقعة على الحدود اللبنانية، قبل أن تسيطر عليها الفصائل المسلحة، وكشف مصدران أمنيان لبنانيان لوكالة رويترز، اليوم الأحد، أن "جماعة حزب الله قامت بسحب جميع قواتها من سوريا يوم السبت الماضي، بالتزامن مع اقتراب قوات المعارضة السورية المسلحة من العاصمة دمشق".
وقبل أيام من هذه التطورات، أكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم خلال كلمة ألقاها موقف الحزب الثابت والداعم لسوريا في مواجهة ما وصفه بـ"العدوان الذي يهدف إلى زعزعة استقرارها"، وأوضح قاسم أن "الحزب سيعمل على إحباط أهداف هذا الهجوم بما نتمكن منه"، موجها أصابع الاتهام للولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء ما يحدث.
إعلانوعلى صعيد متصل، شدد الجيش اللبناني إجراءاته الأمنية الاحترازية على طول الحدود وعزز انتشاره، تنفيذا لقرارات حكومة تصريف الأعمال.
أسئلة صعبةالمحلل السياسي جورج علم، يرى أن هذه التطورات تمثل بداية فصل جديد في تاريخ سوريا، وسيكون لها تداعيات كبيرة على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، خصوصا على لبنان والعراق، إضافة إلى تأثيرات محتملة على إيران.
وأشار علم، في تصريحات للجزيرة نت، إلى أن مستقبل العلاقة بين طهران ودمشق سيكون مرتبطا بقدرة المعارضة السورية على توحيد صفوفها واستلام مقاليد الحكم، وإذا نجحت المعارضة في ذلك فسيؤثر هذا التحول بشكل كبير على دور حزب الله في لبنان.
وأوضح أن الوضع السياسي لحزب الله في لبنان يتداخل بشكل وثيق مع التحولات الإقليمية الراهنة، خاصة مع الأوضاع المتقلبة في سوريا والعراق.
وطرح العلم 3 أسئلة محورية تشكل مفتاحا لفهم تطورات الوضع في المنطقة وهي:
وحدة المعارضة السورية: هل ستظل المعارضة السورية موحدة أم ستعود إلى الصراعات الداخلية والتصفيات؟ معتبرا أن هذا السؤال يبقى دون إجابة حتى الآن. المستقبل السياسي لسوريا: هل سيكون هناك تشكيل لحكومة ثلاثية تضم كلا من المعارضة، والأمم المتحدة، والنظام السابق الذي لا يزال يتمتع ببعض الشعبية؟ مضيفا أن هذه القضية أيضا لا يزال مصيرها غير محسوم، "لكن ما هو مؤكد أن مستقبل سوريا بات في يد القوى الدولية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران والدول العربية، خاصة الخليجية" حسب تعبيره. دور حزب الله في لبنان: هل سيستمر حزب الله في حمل السلاح، أم سيتجه لتسليمه للجيش اللبناني؟ معتبرا أن هذا السؤال لا يزال مفتوحا، وهو ما يثير تساؤلات حول الدور المقبل للحزب.وعن رأيه بمحور الممانعة والضغط عليه قال علم، إن المحور "تلقى ضربات مؤلمة من غزة إلى لبنان، وصولًا إلى سوريا، وربما يتوسع التأثير ليشمل العراق في المستقبل"، ورجح المحلل السياسي أن حزب الله سيتجه في النهاية نحو ممارسة دور سياسي أكثر من كونه قوة عسكرية.
إعلان تداعيات سورياانهيار النظام السوري سيكون له تأثير حتمي على حزب الله، بحسب رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد الركن هشام جابر، الذي يؤكد أن خروج إيران من سوريا بشكل دراماتيكي سيؤثر بشكل كبير على الحزب "إذ تعتبر سوريا الرئة التي يتنفس منها حزب الله، كونها تمثل القناة الأساسية التي يصل من خلالها الدعم الإيراني إليه".
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن أي تغيير جذري في الوضع السوري سينعكس حتما على الحزب، لا سيما على المدى البعيد، سواء من حيث تأمين العتاد العسكري أو على مستوى تأثيره السياسي داخل لبنان.
ويتوقع العميد جابر أن يستمر حزب الله بالاحتفاظ بسلاحه كجزء أساسي من إستراتيجيته الدفاعية، مستبعدا أن يسلم سلاحه في الوقت الحالي، وأضاف أن "الحزب سيعمل على تعزيز حضوره السياسي في لبنان بالتوازي مع الاحتفاظ بخط عسكري قوي، حيث سيظل السلاح أداة للحفاظ على نفوذه في القرارات المصيرية".
وحول التصورات المستقبلية للإستراتيجية الدفاعية، أوضح جابر أنه قد يتم تنظيم السلاح الثقيل في مواقع محددة تحت إشراف الجيش اللبناني أو المجلس الأعلى للدفاع، بينما يبقى السلاح الخفيف مع الأفراد لممارسة حياتهم المدنية، وعند الحاجة للدفاع عن البلاد، يتدخل الجيش بمساندة القوى الأخرى، وليس حزب الله وحده.
وأكد العميد جابر أن هناك مقترحات لتدريب مختلف الفئات اللبنانية ضمن قوات شبه عسكرية، على غرار الحرس الوطني الأميركي أو الجيش السويسري، لضمان جاهزية الجميع للدفاع عن الوطن، وشدد على ضرورة أن يكون قرار السلم والحرب حصرا بيد الدولة اللبنانية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المعارضة السوریة حزب الله فی فی لبنان
إقرأ أيضاً:
تنزانيا تُقصي حزب المعارضة الرئيسي من الانتخابات وسط انتقادات واسعة
في تطور مثير للقلق في المشهد السياسي التنزاني، استُبعد حزب المعارضة الرئيسي "تشاديما" من خوض الانتخابات المحلية المقررة في يونيو/حزيران 2025، ما أثار موجة غضب واستنكار في الأوساط السياسية والحقوقية داخل البلاد وخارجها.
وأعلنت اللجنة الوطنية للانتخابات، أول أمس الجمعة 11 أبريل/نيسان، رفض ترشيحات معظم مرشحي "تشاديما"، مبررة ذلك بعدم تقديمهم ملفات الترشح في الوقت المحدد.
وشمل القرار 58 مرشحا من أصل 61 تابعين للحزب، وفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية.
وأكدت اللجنة أن المهلة القانونية قد انتهت، بينما أصرّ الحزب على أن ترشيحاته قُدمت ضمن الفترة الرسمية، متهما السلطات المحلية بمنع مرشحيه عمدا من الوصول إلى مكاتب التقديم.
اتهامات بالتضييق السياسيلم يتأخر الحزب المعارض في الرد، إذ وصف زعيمه فريمان مبوي القرار بأنه "انقلاب على الديمقراطية"، معتبرا إياه استمرارا لمسلسل الإقصاء السياسي الذي تمارسه السلطات ضد الأحزاب المعارضة.
وقال مبوي في تصريحات إعلامية "ما يجري الآن هو منع واضح وغير قانوني لحقنا في الترشح. الديمقراطية التنزانية في خطر، وندعو المجتمع الدولي إلى التدخل".
وقد عبّر عدد من أنصار الحزب عن غضبهم من القرار، وشهدت بعض المناطق احتجاجات سلمية تندد بـ"التلاعب" في سير العملية الانتخابية.
إعلانوأكدت قيادة "تشاديما" أنها تعتزم الطعن في القرار قضائيا، رغم ما وصفته بـ"هيمنة الحزب الحاكم على المؤسسات الدستورية"، في إشارة إلى حزب الثورة الحاكم الذي يتولى السلطة منذ الاستقلال.
لا يُعد هذا التطور معزولا عن سياق أوسع من التوتر بين الحزب الحاكم والمعارضة.
فقد سبق لـ"تشاديما" أن قاطع انتخابات 2020 بسبب ما اعتبره "تزويرا وانحيازا مؤسسيا"، ما أتاح للحزب الحاكم الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على البرلمان والمجالس المحلية.
ورغم أن الرئيسة سامية حسن تبنّت خطابا أكثر انفتاحا منذ توليها السلطة عام 2021، مقارنة بسلفها جون ماغوفولي، فإن المعارضة ترى أن هذا الانفتاح كان شكليا ولم يُترجم إلى إصلاحات سياسية ملموسة.
قلق دولي متصاعدوقد أثار القرار أيضا قلق عدد من المنظمات الحقوقية الدولية التي دعت الحكومة التنزانية إلى احترام مبادئ التعددية السياسية وضمان نزاهة العملية الانتخابية.
كما عبّر مراقبون عن خشيتهم من أن يؤدي إقصاء "تشاديما" إلى تحويل الانتخابات المقبلة إلى "استفتاء فارغ"، في ظل غياب أي منافس فعلي للحزب الحاكم.
يُذكر أن تنزانيا، التي تُعد من أكثر الدول استقرارا سياسيا في شرق أفريقيا، تواجه تحديات متزايدة تتعلق بالحريات السياسية وحقوق الإنسان، ما قد يؤثر سلبا على صورتها الدولية ويقوض ثقة المواطنين في مسار التحول الديمقراطي.