في الأسابيع الماضية، سنحت لي الفرصة للاختلاط بعدد من النساء في مناسبات اجتماعية متعددة. الحديث في هذه اللقاءات لا بد أن يتطرق إلى موضوع صعوبة تربية الأبناء في هذا العصر، والمشكلات الكثيرة التي تواجهها الأسر في التعامل مع هذا الجيل، وعلى الرغم من أن بعض هذه الشكاوى مسوغة، نظرًا لأن الأسرة تبذل قصارى جهدها في تنشئة أبنائها على القيم والمبادئ الإسلامية، والعادات الأصيلة لهذا المجتمع، إلا أن هناك فئة أخرى لا تمنح أبناءها الرعاية الكافية بسبب انشغال الوالدين بوظائفهم من جهة، وشبكات التواصل الاجتماعي من جهة أخرى، التي تستنزف جُلَّ وقتهم وطاقتهم، فلا يبقى لهم ما يعطونه لأبنائهم، فينشأ هؤلاء الأبناء منفصلين عن مجتمعهم وقيمه.
هذا الوضع يتناقض مع أهم حقوق الأبناء على آبائهم في الإسلام، الذي يُشدد على دور الآباء في رعاية أبنائهم وحسن معاملتهم قبل طلب البرّ منهم. ففي الحديث الشريف: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته». فنحن بصفتنا آباء مؤتمنون على تربية أبنائنا تربية سليمة قائمة على القيم الإسلامية، والعادات والتقاليد العمانية الأصيلة. كما يجب أن نكون قدوة حسنة لهم في القول والعمل، وأن نعطف عليهم ونتعامل معهم بمودة ورحمة. فالطفل الذي ينشأ في بيئة مليئة بالحب والاهتمام يصبح شخصًا قويًا، واثقًا في نفسه، وقادرًا على مواجهة تحديات الحياة.
ومن أهم متطلبات برّ الآباء بأبنائهم يبدأ الأمر باختيار الأم الصالحة قبل الزواج، كما ورد في الحديث الشريف: «فاظفر بذات الدين تربت يداك»؛ فالأم شريكة في التربية، ولها دور كبير في بناء شخصية الأبناء وبالتالي بناء المجتمعات. إلا أن جيل اليوم -للأسف- لا يولي هذا الاختيار الأهمية الكافية عند الإقدام على الزواج، بل يركز غالبًا على مواصفات مستوحاة مما تسوقه شبكات التواصل الاجتماعي، التي تركز في الغالب على المظهر الخارجي والوضع المادي.
إضافةً إلى ذلك، فإن الإنفاق على الأبناء واجب على الآباء، سواء كان ذلك في توفير الطعام والملبس أو التعليم والرعاية الصحية. ولكن البرّ بالآباء لا يجب أن يقتصر على الأمور المادية فقط، بل يشمل الجوانب الروحية والنفسية، التي تُنتج أبناءً أسوياء، قادرين على البرّ والعطاء في المستقبل لأبنائهم وآبائهم على حد سواء، ففاقد الشيء لا يعطيه ببساطة.
حمدة الشامسية - كاتبة عُمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الدكتور سلامة داود: اللغة العربية في قلب اهتمام شيخ الأزهر الشريف
أكد الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن اللغة العربية تقع في قلب اهتمام مؤسسة الأزهر الشريف جامعًا وجامعةً برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف؛ لأنها هويتنا ولغة القرآن الكريم ووعائه، وهي لسان الداعية والدعوة إلى الله -تعالى- على بصيرة.
المؤتمر الدولي العاشر لكلية التربية جامعة الأزهر يوجه الشكر للإمام الأكبر جامعة الأزهر: مؤتمر الذكاء الاصطناعي يهدف إلى دعم رؤية مصر 2030جاء ذلك خلال كلمته في الاحتفالية التي تنظمها كلية الدعوة الإسلامية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية تحت عنوان: (الثقافة اللغوية للداعية في عالم متجدد) بحضور الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد رمضان أبو بكر، وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، والدكتور صلاح الباجوري، وكيل الكلية للدراسات العليا والبحوث، ولفيف من عمداء ووكلاء الكلية السابقين، وأعضاء هيئة التدريس والطلاب وفريق (طلاب من أجل مصر).
وأكد رئيس الجامعة خلال كلمته التي جاءت بعنوان: (قبس من أسرار اللغة العربية الشريفة) أن المولى -عز وجل- شرفنا بأن جعلنا من الأمة التي أنزل القرآن العظيم بلسانها العربي المبين، وشرَّف ألسنتنا بأن تنطق بالحروف التي اختارها واصطفاها للغة كتابه الكريم، وله الحمد والثناء الحسن أن جعل الأزهر الشريف جامعًا وجامعة من خدام هذه اللغة الشريفة المتعبدين في محرابها، المتقربين إلى الله -جل وعلا- بالبحث في أسرارها.
وأوضح رئيس الجامعة أن هذه اللغةَ الشريفةَ علينا جميعا الجد والاجتهاد في الحفاظ عليها؛ لأنها وعاء القرآن الكريم وحي السماء.
من ناحية أخرى كرم الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة، الطالب صالح محمد موسى التهامي، الطالب بكلية الدعوة الإسلامية الفائز بالمركز الأول في الفرع الخامس (ذوي الهمم) في المسابقة العالمية الحادية والثلاثين التي تنظمها وزارة الأوقاف برعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، موجها أبنائه الطلاب إلى الحرص على الاشتراك في الأنشطة الطلابية التي تنظمها الإدارة العامة لرعاية الطلاب بالجامعة، ومنها: مسابقة القرآن الكريم، ومسابقة القراءة الحرة، مشيرًا إلى أنه قرر رفع قيمة الجائزة إلى 100 ألف جنيهٍ
للفائز بالمركز الأول.
كما كرم رئيس الجامعة اسم المرحوم الدكتور أحمد عبد القادر، ابن الكلية؛ لإخلاصه وعطائه في خدمة العلم والأزهر الشريف.
وحثَّ الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الباحثين وطلاب العلم على الجد والاجتهاد في تعلم اللغة العربية؛ لغة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، واللغة وسيلة الدعوة ولا بد أن تكون مشتركة ومعلومة بين الداعية والمدعوين وهي (اللغة العربية) فالغرض من الوحي هو الفهم، وهذا لا يتحقق إلا من خلال وحدة اللغة بين الداعية والمدعوين، كما نصح فضيلته أئمة المساجد بالحرص على القراءة؛ فهي غذاء للعقول واستنارة للأرواح.
وفي ختام اللقاء حرص الطلاب على التقاط الصور التذكارية مع رئيس الجامعة وقيادات الكلية.