هل يتوصل ترامب إلى اتفاق نهائي مع إيران؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
في ولايته الرئاسية الأولى، تجاوز نهج دونالد ترامب تجاه إيران كل الخطوط الحمراء التي يمكن تخيلها تقريبا.
في مايو 2018، وبرغم مناشدات حلفائه اليائسة، سحب ترامب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي صفقة عهد أوباما الفارقة التي استهدفت الحد من برنامج الجمهورية الإسلامية النووي.
واليوم، تشير جميع الدلائل لدينا إلى أن الولاية الثانية للرئيس ترامب ستكون أقل تحفظا من ذي قبل، على الجبهتين المحلية والدولية. فقد وصف مرشحه لمنصب وزير الدفاع، بيت هيجسيث، إيران بأنها «نظام شرير»، وحث ترامب على قصف مواقع اقتصادية وثقافية فيها. أما مرشحه المفترض لمنصب وزير الخارجية، ماركو روبيو، فتبنّى لهجة أكثر اعتدالا بعض الشيء، ولكنها غير معتدلة كثيرا. وقد اشتكى روبيو من تعامل إدارة بايدن مع المسؤولين الإيرانيين وكأنهم «دبلوماسيين بلجيكيون في الأمم المتحدة»، وذهب أخيرا إلى أن الطريقة «الوحيدة» للتعامل مع طهران هي «تهديد بقاء النظام».
الحق أنه يصعب أن شيئا أكبر من ذلك -عدا الحرب الشاملة- يمكن أن تفعله الولايات المتحدة بإيران. فضلا عن أن صديق ترامب المقرب، أي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يبدو عازما على تصعيد الصراع مع العدو اللدود للدولة اليهودية. والآن ثمة قلق حقيقي لدى بعض مراقبي الشرق الأوسط المخضرمين من احتمال خروج الأحداث في المنطقة عن نطاق السيطرة في ظل ترامب بما قد يؤدي إلى الحرب. وكما قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق ووزير الدفاع ليون بانيتا أخيرا: «أعتقد أنه سيعطي لنتنياهو شيكا على بياض».
عن نفسي، لست على يقين من أن هذه هي الوجهة التي نمضي إليها. ولكن ما أعتقده هو أن السنوات الأربع المقبلة قد تشهد الدراما النفسية السامة اللانهائية فيما يبدو بين الولايات المتحدة وإيران -وهي الآن في عقدها الخامس- فصلها الأخير. قد يعني ذلك الحرب، لكن ما من سبب يحتم وقوعها. فبالنسبة للرئيس ترامب، الذي يرى نفسه صانع الصفقات النهائية المولع بالاستعراض على نحو لا يمكن التنبؤ به، قد يسهل أن تتخذ النهاية شكل مصالحة تاريخية. فقد يكون الرئيس ترامب، في ظل ظروف مناسبة، هو الرئيس الأمريكي الذي يضع الحد أخيرا للمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران بعد أن زعزعت استقرار الشرق الأوسط وكانت بمقام شوكة ثابتة في جانب الرؤساء الأمريكيين منذ عام 1979.
لقد اتبعت إدارة ترامب الأولى سياسة الحرب الاقتصادية ضد إيران، معتقدة أن الجمهورية الإسلامية محض بيت من ورق مشارف على الانهيار بسبب عدم شعبيتها. ولم يحدث ذلك. وفي حال اختيار الرئيس ترامب ومستشاريه الاستمرار في هذا النهج في ولايته الثانية، فثمة حدود للمدى الذي يمكنهم المضي إليه في ذلك. ابتداء، لم يتبق الكثير في إيران يحتمل فرض عقوبات عليه: فقد تعرضت البنوك وأساطيل الشحن وصناعة النفط والجيش وكثير غير ذلك بالفعل لعقوبات أمريكية ودولية ساحقة. ومع ذلك لا يزال قادة إيران قادرين على إيجاد سبل للبقاء على قيد الحياة. وثبت مرارا خطأ فكرة أن الضغوط الاقتصادية متزايدة الشدة ستؤدي في النهاية إلى كسر هذا النظام.
يترك هذا لإدارة ترامب القادمة ثلاثة خيارات: إما تجاهل إيران، أو الدخول معها في حرب، أو تجربة الدبلوماسية.
لم يفلح قط تجاهل إيران. فقد درج قادة طهران الثوريون المناهضون للولايات المتحدة على عادة سيئة، هي أنهم يظهرون في أكثر اللحظات غير الملائمة للرؤساء الأمريكيين ويجعلون ظهورهم محسوسا، وكثيرا ما يتسببون في الفوضى في ثنايا ذلك. وأشهر هذه الأمثلة ما حدث في عام 1979 عندما أدى اندلاع الثورة الإيرانية إلى تشتيت انتباه جيمي كارتر عن محادثات السلام في كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر، ثم جاءت أزمة الرهائن بعد ذلك فكلفت الرئيس كارتر إعادة انتخابه. وفي السنوات التالية لعام 2003، حولت الميليشيات المدعومة من إيران حفل انتصار جورج دبليو بوش في العراق إلى كابوس للقوات الأمريكية. وأحدث من ذلك، في عام 2021، حاول الرئيس بايدن تهميش طهران بعد فشل محاولاته الأولية لإحياء المحادثات النووية، ففوجئ بالمصالحة السعودية الإيرانية التي توسطت فيها الصين وأضعفت بشكل كبير من مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
واحتمال نجاح المعاملة الصامتة الآن أبعد فمن الواضح أن نتنياهو عازم على إعادة تشكيل الشرق الأوسط بطريقة تضعف الجمهورية الإسلامية بشكل أساسي، أو تنهيها. لكنه قد يجد ترامب شريكا مترددا في أي صراع مباشر مع طهران. ويخطئ من يتصور غير أنه من المؤكد تقريبا أن الرئيس ترامب ومرشحيه للوزارات ومستشاريه في الشرق الأوسط سيقدمون دعما كاملا لإسرائيل في معركتها ضد حماس وحزب الله. ولكن الانضمام إلى قتال ضد إيران أمر بعيد المنال. فالرئيس ترامب انعزالي حتى النخاع وقد راهن بالكثير من سمعته على إنهاء الحروب في الشرق الأوسط. ومن الصعب أن نتخيله منجذبا إلى حد أن يوافق على وضع قوات أمريكية على الأرض.
فلا يبقى غير الدبلوماسية، وهي الخيار الأفضل لترامب. سيكون مسار العمل الأكثر إغراء له هو إيجاد طريقة ما لإنهاء حرب إسرائيل مع حماس، ونسب الفضل إلى نفسه، ثم التركيز على صفقة تاريخية مع إيران ليتمكن من الزعم بجلبه سلاما أمريكيا شاملا إلى الشرق الأوسط. أما مسألة نجاحه في ذلك من عدمه فأمر آخر. ولكن إذا ما نجح، فسيظل ترامب قادرا إلى الأبد على التباهي بأنه حقق نتيجة لم يتمكن سلفه جو بايدن من تحقيقها قط.
وبالطبع لن يكون التواصل الأمريكي مع إيران ممكنا دونما وجود محاور راغب في ذلك على الجانب الآخر، والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي يبلغ من العمر خمسة وثمانين عاما يزداد ارتيابا في الحديث مع أمريكا من عام إلى عام. لكن خامنئي ليس في أفضل صحة، وهناك احتمال حقيقي في أنه قد يخرج من المشهد في وقت ما من ولاية ترامب الثانية.
تستكشف إيران بهدوء منذ أشهر قليلة مبادرات جديدة تجاه الولايات المتحدة، ويبدو أن رئيسها الإصلاحي مسعود بيزشكيان حريص على التفاوض على اتفاق نووي جديد. ومن الممكن طبعا أن يكون خليفة خامنئي أكثر تشددا وعداء لأمريكا. ولكن مرة أخرى، هذا بالضبط هو نوع الخصوم الذي يحب ترامب التعامل معه. ما من سبب يدعونا إلى السذاجة بشأن ترامب أو غرائز المحيطين به. ولو أن هناك دولة واحدة يمكن للولايات المتحدة أن تنجرف بسهولة إلى الحرب معها خلال السنوات الأربع المقبلة، فهي إيران. وقائمة الأسباب الداعية إلى الخوف من الحرب في مثل طول قائمة الأسباب الداعية إلى عدم الخوف منها.
لكن يجدر بنا أن نتذكر أن هذا هو الرئيس الذي انتقد ذات مرة مستشاره للأمن القومي جون بولتون -عميد صقور واشنطن بشأن إيران- إذ وصفه بأنه من «دعاة حرب». وهو، تاريخيا، كان يفضل استعراض القوة ومن بعدها يأتي بعمل رحيم مفاجئ. ولقد لمسنا ذلك الشهر الماضي، عندما قال ترامب للصحفيين، برغم قوله سابقا إن إسرائيل يجب أن «تضرب» المنشآت النووية الإيرانية، إنه لا «يتطلع إلى إلحاق الضرر بإيران» مضيفا قوله: «أريدهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية».
يبدو من المستبعد أن نتصور أن يستضيف دونالد ترامب قمة سلام مع إيران في فترة ولايته الثانية وأبعد من ذلك منالا أن تلقى هذه الخطوة قبولا لدى الجمهورية الإسلامية. ولكن الأصعب هو أن نتخيل عالما يمكن فيه تجنب هذه المحادثة لفترة أطول. وفي ضوء محدودية خياراته -وبرغم أنها قد تبدو غير بديهية- فقد تبلغ الدراما الأمريكية الإيرانية نهايتها في ظل هذه الرئاسة الجديدة.
جون جازفينيان المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط بجامعة بنسلفانيا ومؤلف كتاب «تاريخ أمريكا وإيران منذ 1720 حتى الآن». ويعمل حاليا على كتاب عن تاريخ البرنامج النووي الإيراني.
خدمة نيويورك تايمز
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الجمهوریة الإسلامیة الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط الرئیس ترامب مع إیران
إقرأ أيضاً:
لقاء إسرائيلي إماراتي يناقش التغيرات في الشرق الأوسط.. ماذا عن إيران؟
قال يائير جولان، رئيس حزب العمل الإسرائيلي، وعضو الكنيست السابق عن حزب ميريتس ونائب قائد الجيش الإسرائيلي إنه زار الإمارات بشكل سريع والتقى بوزير الخارجية عبد الله بن زايد بن سلطان أول نهيان.
وقال جولان في منشور على منصة إكس، "كان هناك حوار رائع حول الاستراتيجية الإقليمية ونهاية الحرب وبالطبع أهمية عودة جميع المختطفين"، مبينا أن "الشرق الأوسط يتغير أمام أعيننا، وأذرع الأخطبوط الإيراني تنقطع أو تضعف".
وأضاف "بعد مأساة السبعة في أكتوبر، من الضروري إنشاء تحالف استراتيجي يعرف كيف يرد على رأس الأخطبوط أيضا" في إشارة لإيران.
יצאתי הבוקר לביקור בזק באמירויות ונפגשתי עם שר החוץ, שייח' עבדאללה בן זאיד בן סולטאן אָאל נהיאן. היתה שיחה מרתקת על אסטרטגיה אזורית, סיום המלחמה וכמובן על חשיבות החזרתם של כל החטופות והחטופים.
המזרח התיכון משתנה לנגד עינינו, זרועות התמנון האיראני נגדעות או מוחלשות. אחרי הטרגדיה… pic.twitter.com/FbtKEmVKRq — Yair Golan - יאיר גולן (@YairGolan1) December 8, 2024
وتأتي الزيارة في ظل تطورات سريعة في المشهد الإقليمي خصوصا بعد سقوط النظام السوري الأحد.
والأسبوع الماضي، قال علي راشد النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الإماراتي، إن " جريمة القتل المروعة للحاخام زفي كوغان في الإمارات بمثابة تذكير صارخ بالتهديدات التي نواجهها".
وأضاف في مقال بصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن "اختطاف الحاخام كوغان وقتله الوحشي لم يكن مجرد عمل إرهابي صارخ ارتُكب ضد المجتمع اليهودي، بل كان هجوما على رؤية التعايش وعلى المجتمع الإماراتي بأكمله ".
وأكد النعيمي "التزام الإمارات الراسخ ببناء مستقبل أفضل يتجاوز التحديات والألم الذي نواجهه في هذه اللحظة، ويستمر هذا الالتزام في توجيهنا نحو عالم حيث الاحترام والكرامة والسلامة هي حقوق عالمية لكل فرد".
وبيّن النعيمي أن الحرب الإقليمية الحالية شجعت أعداء السلام، ومنحتهم شعارا قويا للحشد، كما تسببت في دائرة من المعاناة الهائلة التي يجب بالطبع أن تنتهي عاجلا وليس آجلا، ومع ذلك فإن العودة الفورية لجميع الرهائن وإنهاء الأعمال العدائية في غزة ولبنان لن تعيدنا إلى الوضع السابق".
وأواخر الشهر الماضي، قدمت دولة الإمارات الشكر إلى تركيا بعد تعاون الأخيرة في القبض على الأشخاص المشتبه بهم في مقتل الحاخام الإسرائيلي زيفي كوغان في الدولة الخليجية.
وقالت مديرة الاتصالات الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإماراتية، عفراء الهاملي، إن بلادها "أعربت عن خالص تعازيها وتضامنها مع عائلة المقيم من الجنسية المولدوفية زيفي كوغان، الذي يحمل أيضا الجنسية الإسرائيلية كجنسية مزدوجة إلى جانب جنسيته الرسمية المسجلة في الأوراق الرسمية كمقيم في الدولة".
وأضافت في بيان، أن وزارة الخارجية الإماراتية "تقدمت بالشكر الجزيل للسلطات في الجمهورية التركية على تعاونها في القبض على الجناة".
وكانت وكالة الأنباء الإماراتية قالت، نقلا عن وزارة الداخلية، إن المشتبه بهم المحتجزين فيما يتعلق بمقتل كوغان "يحملون الجنسية الأوزبكية، وهم أولمبي توهيروفيتش (28) عاما، ومحمود جون عبد الرحيم (28) عاما، وعزيز بيك كاملوفيتش (33) عاما".