لجريدة عمان:
2025-04-17@19:24:46 GMT

هل يتوصل ترامب إلى اتفاق نهائي مع إيران؟

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

في ولايته الرئاسية الأولى، تجاوز نهج دونالد ترامب تجاه إيران كل الخطوط الحمراء التي يمكن تخيلها تقريبا.

في مايو 2018، وبرغم مناشدات حلفائه اليائسة، سحب ترامب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي صفقة عهد أوباما الفارقة التي استهدفت الحد من برنامج الجمهورية الإسلامية النووي.

وفي يناير 2020، سمح باغتيال القائد الأعلى الإيراني قاسم سليماني في عمل جريء كاد أن يجر الولايات المتحدة إلى صراع كارثي آخر في الشرق الأوسط. وفي العامين الأخيرين من ولايته، فرض أكثر من ألف وخمسمائة عقوبة على إيران في سياق حملة «الضغط الأقصى» التي استهدف بها تدمير اقتصاد البلد وكسر إرادة الحكومة. ووفقا لأي مقياس، كانت تلك أجرأ وأغرب سياسة انتهجها أي رئيس أمريكي منذ عقود تجاه إيران.

واليوم، تشير جميع الدلائل لدينا إلى أن الولاية الثانية للرئيس ترامب ستكون أقل تحفظا من ذي قبل، على الجبهتين المحلية والدولية. فقد وصف مرشحه لمنصب وزير الدفاع، بيت هيجسيث، إيران بأنها «نظام شرير»، وحث ترامب على قصف مواقع اقتصادية وثقافية فيها. أما مرشحه المفترض لمنصب وزير الخارجية، ماركو روبيو، فتبنّى لهجة أكثر اعتدالا بعض الشيء، ولكنها غير معتدلة كثيرا. وقد اشتكى روبيو من تعامل إدارة بايدن مع المسؤولين الإيرانيين وكأنهم «دبلوماسيين بلجيكيون في الأمم المتحدة»، وذهب أخيرا إلى أن الطريقة «الوحيدة» للتعامل مع طهران هي «تهديد بقاء النظام».

الحق أنه يصعب أن شيئا أكبر من ذلك -عدا الحرب الشاملة- يمكن أن تفعله الولايات المتحدة بإيران. فضلا عن أن صديق ترامب المقرب، أي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يبدو عازما على تصعيد الصراع مع العدو اللدود للدولة اليهودية. والآن ثمة قلق حقيقي لدى بعض مراقبي الشرق الأوسط المخضرمين من احتمال خروج الأحداث في المنطقة عن نطاق السيطرة في ظل ترامب بما قد يؤدي إلى الحرب. وكما قال مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السابق ووزير الدفاع ليون بانيتا أخيرا: «أعتقد أنه سيعطي لنتنياهو شيكا على بياض».

عن نفسي، لست على يقين من أن هذه هي الوجهة التي نمضي إليها. ولكن ما أعتقده هو أن السنوات الأربع المقبلة قد تشهد الدراما النفسية السامة اللانهائية فيما يبدو بين الولايات المتحدة وإيران -وهي الآن في عقدها الخامس- فصلها الأخير. قد يعني ذلك الحرب، لكن ما من سبب يحتم وقوعها. فبالنسبة للرئيس ترامب، الذي يرى نفسه صانع الصفقات النهائية المولع بالاستعراض على نحو لا يمكن التنبؤ به، قد يسهل أن تتخذ النهاية شكل مصالحة تاريخية. فقد يكون الرئيس ترامب، في ظل ظروف مناسبة، هو الرئيس الأمريكي الذي يضع الحد أخيرا للمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران بعد أن زعزعت استقرار الشرق الأوسط وكانت بمقام شوكة ثابتة في جانب الرؤساء الأمريكيين منذ عام 1979.

لقد اتبعت إدارة ترامب الأولى سياسة الحرب الاقتصادية ضد إيران، معتقدة أن الجمهورية الإسلامية محض بيت من ورق مشارف على الانهيار بسبب عدم شعبيتها. ولم يحدث ذلك. وفي حال اختيار الرئيس ترامب ومستشاريه الاستمرار في هذا النهج في ولايته الثانية، فثمة حدود للمدى الذي يمكنهم المضي إليه في ذلك. ابتداء، لم يتبق الكثير في إيران يحتمل فرض عقوبات عليه: فقد تعرضت البنوك وأساطيل الشحن وصناعة النفط والجيش وكثير غير ذلك بالفعل لعقوبات أمريكية ودولية ساحقة. ومع ذلك لا يزال قادة إيران قادرين على إيجاد سبل للبقاء على قيد الحياة. وثبت مرارا خطأ فكرة أن الضغوط الاقتصادية متزايدة الشدة ستؤدي في النهاية إلى كسر هذا النظام.

يترك هذا لإدارة ترامب القادمة ثلاثة خيارات: إما تجاهل إيران، أو الدخول معها في حرب، أو تجربة الدبلوماسية.

لم يفلح قط تجاهل إيران. فقد درج قادة طهران الثوريون المناهضون للولايات المتحدة على عادة سيئة، هي أنهم يظهرون في أكثر اللحظات غير الملائمة للرؤساء الأمريكيين ويجعلون ظهورهم محسوسا، وكثيرا ما يتسببون في الفوضى في ثنايا ذلك. وأشهر هذه الأمثلة ما حدث في عام 1979 عندما أدى اندلاع الثورة الإيرانية إلى تشتيت انتباه جيمي كارتر عن محادثات السلام في كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر، ثم جاءت أزمة الرهائن بعد ذلك فكلفت الرئيس كارتر إعادة انتخابه. وفي السنوات التالية لعام 2003، حولت الميليشيات المدعومة من إيران حفل انتصار جورج دبليو بوش في العراق إلى كابوس للقوات الأمريكية. وأحدث من ذلك، في عام 2021، حاول الرئيس بايدن تهميش طهران بعد فشل محاولاته الأولية لإحياء المحادثات النووية، ففوجئ بالمصالحة السعودية الإيرانية التي توسطت فيها الصين وأضعفت بشكل كبير من مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

واحتمال نجاح المعاملة الصامتة الآن أبعد فمن الواضح أن نتنياهو عازم على إعادة تشكيل الشرق الأوسط بطريقة تضعف الجمهورية الإسلامية بشكل أساسي، أو تنهيها. لكنه قد يجد ترامب شريكا مترددا في أي صراع مباشر مع طهران. ويخطئ من يتصور غير أنه من المؤكد تقريبا أن الرئيس ترامب ومرشحيه للوزارات ومستشاريه في الشرق الأوسط سيقدمون دعما كاملا لإسرائيل في معركتها ضد حماس وحزب الله. ولكن الانضمام إلى قتال ضد إيران أمر بعيد المنال. فالرئيس ترامب انعزالي حتى النخاع وقد راهن بالكثير من سمعته على إنهاء الحروب في الشرق الأوسط. ومن الصعب أن نتخيله منجذبا إلى حد أن يوافق على وضع قوات أمريكية على الأرض.

فلا يبقى غير الدبلوماسية، وهي الخيار الأفضل لترامب. سيكون مسار العمل الأكثر إغراء له هو إيجاد طريقة ما لإنهاء حرب إسرائيل مع حماس، ونسب الفضل إلى نفسه، ثم التركيز على صفقة تاريخية مع إيران ليتمكن من الزعم بجلبه سلاما أمريكيا شاملا إلى الشرق الأوسط. أما مسألة نجاحه في ذلك من عدمه فأمر آخر. ولكن إذا ما نجح، فسيظل ترامب قادرا إلى الأبد على التباهي بأنه حقق نتيجة لم يتمكن سلفه جو بايدن من تحقيقها قط.

وبالطبع لن يكون التواصل الأمريكي مع إيران ممكنا دونما وجود محاور راغب في ذلك على الجانب الآخر، والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي يبلغ من العمر خمسة وثمانين عاما يزداد ارتيابا في الحديث مع أمريكا من عام إلى عام. لكن خامنئي ليس في أفضل صحة، وهناك احتمال حقيقي في أنه قد يخرج من المشهد في وقت ما من ولاية ترامب الثانية.

تستكشف إيران بهدوء منذ أشهر قليلة مبادرات جديدة تجاه الولايات المتحدة، ويبدو أن رئيسها الإصلاحي مسعود بيزشكيان حريص على التفاوض على اتفاق نووي جديد. ومن الممكن طبعا أن يكون خليفة خامنئي أكثر تشددا وعداء لأمريكا. ولكن مرة أخرى، هذا بالضبط هو نوع الخصوم الذي يحب ترامب التعامل معه. ما من سبب يدعونا إلى السذاجة بشأن ترامب أو غرائز المحيطين به. ولو أن هناك دولة واحدة يمكن للولايات المتحدة أن تنجرف بسهولة إلى الحرب معها خلال السنوات الأربع المقبلة، فهي إيران. وقائمة الأسباب الداعية إلى الخوف من الحرب في مثل طول قائمة الأسباب الداعية إلى عدم الخوف منها.

لكن يجدر بنا أن نتذكر أن هذا هو الرئيس الذي انتقد ذات مرة مستشاره للأمن القومي جون بولتون -عميد صقور واشنطن بشأن إيران- إذ وصفه بأنه من «دعاة حرب». وهو، تاريخيا، كان يفضل استعراض القوة ومن بعدها يأتي بعمل رحيم مفاجئ. ولقد لمسنا ذلك الشهر الماضي، عندما قال ترامب للصحفيين، برغم قوله سابقا إن إسرائيل يجب أن «تضرب» المنشآت النووية الإيرانية، إنه لا «يتطلع إلى إلحاق الضرر بإيران» مضيفا قوله: «أريدهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية».

يبدو من المستبعد أن نتصور أن يستضيف دونالد ترامب قمة سلام مع إيران في فترة ولايته الثانية وأبعد من ذلك منالا أن تلقى هذه الخطوة قبولا لدى الجمهورية الإسلامية. ولكن الأصعب هو أن نتخيل عالما يمكن فيه تجنب هذه المحادثة لفترة أطول. وفي ضوء محدودية خياراته -وبرغم أنها قد تبدو غير بديهية- فقد تبلغ الدراما الأمريكية الإيرانية نهايتها في ظل هذه الرئاسة الجديدة.

جون جازفينيان المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط بجامعة بنسلفانيا ومؤلف كتاب «تاريخ أمريكا وإيران منذ 1720 حتى الآن». ويعمل حاليا على كتاب عن تاريخ البرنامج النووي الإيراني.

خدمة نيويورك تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجمهوریة الإسلامیة الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط الرئیس ترامب مع إیران

إقرأ أيضاً:

حديث عن خطة للتسوية الشاملة توقف حرب غزة وتعلن الدولة الفلسطينية

في الوقت الذي تعيش فيه المنطقة توترات سياسية وعسكرية، يرى بعض الإسرائيليين أن هذه الأزمة قد تسفر عن فرصة لتحقيق تسوية ما بين مختلف الأطراف، سواء لتلبية مصالحها، وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بدولة خاصة به يستحقها.

البروفيسور جيفري ساكس، رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة (SDSN)، وسيبيل فارس المستشارة الأولى لمنطقة الشرق الأوسط في الشبكة، كشفا النقاب عن "خطة للسلام تم عرضها بالفعل على كبار الشخصيات على مستوى وزراء الخارجية والدبلوماسيين، وحتى رؤساء الدول السابقين والحاليين في الشرق الأوسط وأنحاء العالم والأمم المتحدة، وحتى في إسرائيل، وأتت الاستجابة إيجابية، دون استثناء تقريبا، حيث تم نشرها باللغة الإنجليزية، وترجمتها للعربية".

وأضافا في مقال مشترك نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "التغيرات الاستراتيجية الي تشهدها المنطقة في العام الأخير جعلت الخطة أكثر أهمية من أي وقت مضى، بل إنها جعلت تحقيقها أكثر واقعية من الماضي، فقد تلقى حزب الله في لبنان ضربة قاسية، وأصبحت إمكانية السلام مع لبنان قائمة، وشكل تغيير النظام في سوريا، وحقيقة أن الدولة المهيمنة هناك لم تعد إيران، بل تركيا، ومشاركة الأكراد والدروز، حلفاؤنا منذ زمن سحيق، في الحكومة السورية، تجعل إمكانية السلام مع سوريا ممكنة".



وأشارا إلى أن "بدء إيران لحوار مع الولايات المتحدة، إذا نجح سيقتلع الأساس لمواجهة عسكرية مع دولة إسرائيل، ويبدو أن دونالد ترامب مهتم بالتجارة مع الشرق الأوسط، وليس الحرب فيه، مما قد يؤدي في نهاية المطاف لتغيير في الدعم الأميركي الطويل الأمد لمعارضة إقامة دولة فلسطينية، ومن شأن هذا التغيير أن يسمح بإبرام صفقة كبرى مع السعودية، من شأنها أن تؤدي لإنشاء الدولة الفلسطينية".

وحذرا أن "كل ذلك يحصل بينما تزداد المعارضة العالمية لأفعال الاحتلال: جيشه ومستوطنيه، في غزة والضفة، وتعتبرها العديد من البلدان جرائم حرب، مقابل تنامي الدعم الدولي للحل غير القابل للنقاش المتمثل بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ومن المتوقع أن تؤدي الأحكام المتوقعة في المحاكم الدولية في لاهاي لتعزيز وتكثيف المعارضة الدولية للاحتلال، وتزيد من إلحاح إيجاد حل لإنهائه".

وأوضحا أنه "من المقرر أن يعقد مؤتمر في حزيران/ يونيو المقبل، حيث ستعلن دول إضافية اعترافها بدولة فلسطين، وفي ضوء كل هذا، فإن خطتنا أصبحت أكثر أهمية وواقعية من أي وقت مضى، خاصة عقب إعلان القاهرة في 4 مارس، والمؤتمر الدولي القادم حول فلسطين في حزيران/ يونيو".

وكشفا أن "النقاط اللازمة التي تشكل أساس السلام الشامل في الشرق الأوسط، تتمثل بالتنفيذ الكامل لاتفاقيات وقف إطلاق النار، وخطط إطلاق سراح المختطفين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما فيها فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، واتفاق عالمي على حل الدولتين نتيجة "مؤتمر الأمم المتحدة الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين" في حزيران/ يونيو 2025، وقبول دولة فلسطين كعضو دائم رقم 194 في الأمم المتحدة في حزيران/ يوليو 2025، ضمن الحدود المعترف بها دولياً في 1967 وعاصمتها شرقي القدس".

وأضافا أن "النقاط تتعلق بقبول دولة فلسطين عضواً في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعادة الإعمار في أيلول/ سبتمبر 2025، والتنمية وإنشاء صندوق لإعادة الإعمار وإعادة إعمار غزة كما دعا إعلان القاهرة، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ووقف جميع الأعمال العدائية، بما فيها إزالة التمويل، ونزع سلاح الكيانات المتحاربة من غير الدول، واحترام والاعتراف بسيادة كل دولة في المنطقة، وسلامة أراضيها، واستقلالها السياسي".

مقالات مشابهة

  • كيف يؤثر قطع المساعدات الأمريكية والرسوم الجمركية على دول الشرق الأوسط؟
  • غانتس: حان الوقت لتغيير الشرق الأوسط
  • غارات عنيفة على اليمن.. وحاملة طائرات أمريكية جديدة تصل إلى الشرق الأوسط
  • حديث عن خطة للتسوية الشاملة توقف حرب غزة وتعلن الدولة الفلسطينية
  • ترامب يهاتف سلطان عمان بشأن إيران وويتكوف يحدد شروط الاتفاق معها
  • ويتكوف: أي اتفاق مع إيران يجب أن يشمل وقف برنامجها للتخصيب والتسلح النووي
  • ويتكوف: أي اتفاق مع إيران يجب احتواؤه على وقف برنامجها النووي
  • واشنطن: القضاء على مشروع إيران النووي شرط أساسي لأية تسوية
  • الهند تسعى إلى تحرير التجارة مع الولايات المتحدة
  • خامنئي: لا يجب ربط شؤون إيران الوطنية بمحادثاتها مع الولايات المتحدة