جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-11@06:30:23 GMT

سقوط دمشق يعني كل هذا!

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

سقوط دمشق يعني كل هذا!

 

 

ali95312606@gmail.com

جميع المُعطيات على الأرض السورية كانت تحمل حقائق كبيرة دامغة بأن سوريا محور للمُقاومة والصمود والتصدي للمشروع الصهيوني في المنطقة، وأن النظام في سوريا تمكَّن من إقامة دولة حقيقية راسخة وقوية ومؤثرة ووازنة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولكل هذا التفَ حولها المقاومون، وجذبت دولًا كبرى لتحالفات استراتيجية عميقة، إيمانًا من تلك الدول بثِقَل الدولة السورية وحجم تأثيرها.

تجلى كل ذلك في الصمود الأسطوري للدولة السورية بوجه المؤامرة الكبرى عليها منذ عام 2011، والتفاف قوى كبرى إقليمية ودولية حولها، فيما يُشبه المصير المشترك؛ بل وبلغ الأمر إلى إشهار دول كبرى لسياساتها وهوياتها الجديدة عبر دمشق، مثلما وجد الروس ضالتهم بإعلان "روسيا البوتينية" وإشهارها عبر دمشق؛ الأمر الذي نفض الغبار عن الإرث السوفييتي والنظرة إلى مواقفه من حلفائه، وبزوغ عقيدة سياسية وعسكرية روسية جديدة تُعلن للعالم بأنَّ مصالح روسيا حول العالم هي من مفردات الأمن القومي الروسي وعقيدته السياسية والعسكرية.

سقوط دمشق اليوم لا يعني سقوط نظام؛ بل سقوط سياسات وأحلاف وانكشاف خطير جدًا لما تبقى من مفهوم للأمن القومي العربي، هذا الأمن الذي تشظَّى وتآكل تدريجيًا وأصبح كل حزب بما لديهم فرحين.

سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل سقوط ثقافات وعقائد، كانت آخر ما تبقى للعرب، في زمن التهافت على العلف وإنكار الشرف. سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام أو كيان جغرافي بيد المجهول؛ بل يعني القضاء التام على قضية محورية تُسمى قضية فلسطين، وطيّها إلى الأبد، والإقرار النهائي للمُحتَل بحقه التاريخي والمستقبلي بها. سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني إعادة سيناريوهات بغداد وطرابلس، لمن لا يدركون ولا يتعظون، وشيوع الفوضى غير الخلَّاقة في دولة عربية محورية مثل سوريا والحبل على الجرار!

سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني انكشاف محور المقاومة بكامله والتفرُّد به والنيل منه، وبالنتيجة تعويض الكيان الصهيوني عن جميع نكباته وخسائره من طوفان الأقصى المجيد، والتنكُّر والتسفيه لكل التضحيات والمشاعر والتعاطف العربي والدولي في لحظة "عار" تاريخية.

سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني فرض التطبيع القسري وبحد السيف الأمريكي الصهيوني على جميع الأقطار العربية، وإلّا فالمصير جاهز وشاخص اليوم، والأدوات جاهزة وفاعلة وعلى قاعدة الرئيس نيكسون "نصر بلا حرب".

سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني صهينة الوطن العربي صهينةً كاملةً في مناهجه وخطابه الإعلامي والسياسي، واستباحته بحد السيف رأسيًا وأفقيًا بتعليمات من "السيد" الصهيوني القادم المُنصَّب والمبارك من قبل التوافق الدولي.

سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني فتح الأسواق العربية للمنتجات الصهيونية، ورفع منسوب دخول الاقتصاد الصهيوني في المؤشرات العالمية.

سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني إخضاع الوطن العربي من أقصاه الى أقصاه لما يُشبه اتفاقيات استسلام كل من اليابان وألمانيا، وجعل أقطار الوطن محميات أمريكية بأعلام وعملات وأناشيد وطنية. سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني تمكين ميليشيات مارقة من الدولة وكبديل لها وفي خدمة العدو، أيًّا كان هذا العدو.

سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني تأجيج وتشجيع الاحتراب على الهوية والمناطقية والمذهبية والدين والعرق بين مُكوِّنات الوطن الواحد، وخلق مفاهيم وهويات جديدة لدولة الاستقلال العربي. سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني بعث وتمرير كل تفاصيل الشرق الاوسط الجديد من وعد بلفور وسايكس- بيكو ومخططات وتوصيات برنارد لويس.

طالما بقي عرب زماننا لا يُفرِّقون بين اليهودية والصهيونية، ولا يُفرِّقون بين المشروع الصهيوني والكيان الصهيوني، ولا يُفرِّقون بين الحليف والمحتل، وينأون بأنفسهم فُرادى عن قضاياهم المصيرية، وينظرون الى ثوابتهم بعين الذائقة الشخصية لا بعين التقديس؛ فسيسهُل على أي عدوٍ تمزيقهم وتشتيتهم وتوظيفهم الى حين يقظتهم.

قبل اللقاء: "الناس على دين إعلامهم ومناهج تعليمهم".

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لماذا لم يعد معظم النازحين واللاجئين السوريين رغم سقوط الأسد؟

شمال سوريا- بعد شهر على سقوط نظام الأسد في سوريا لا تزال عودة اللاجئين السوريين من الدولة المجاورة تركيا والنازحين داخليا تبدو خجولة وأدنى من سقف التوقعات، إذ تحكم هذه العودة عوامل اقتصادية وأمنية في الدرجة الأولى تتعلق بالسكن والخدمات والتعليم والاستقرار الأمني.

وتسود حالة من عدم اليقين لدى مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين السوريين بشأن جدوى العودة الحالية، ولا سيما أن نسبة كبيرة منهم ممن فقدوا منازلهم في الحرب التي أنهكت سوريا على مدار 14 عاما، كما يشكل تأمين الدخل التحدي الأبرز لتأمين المصاريف اليومية.

وداخل إحدى مقاهي غازي عنتاب جنوبي تركيا يجادل اللاجئ السوري حسام دروبي صديقه محمد بأن العودة إلى البلاد في الوقت الحالي ليست مناسبة، بسبب الانقطاع المستمر للماء والكهرباء وعدم استقرار الوضع المعيشي والأمني.

ويقول دروبي متحدثا للجزيرة نت إن "من المبكر العودة إلى سوريا، والأفضل على الأقل الانتظار 6 أشهر إلى عام حتى تتضح الأمور وتعود الخدمات وتتمكن الحكومة الجديدة من العمل على كافة الأصعدة خدمة للأهالي".

وأضاف أن المخاوف التي تنتابه من العودة هي فقدان منزله في مدينة حلب شمالي سوريا جراء القصف الذي طالها خلال عام 2016، مشيرا إلى أن برميلا متفجرا سقط على البناء وأصبح مدمرا بشكل شبه كامل ويحتاج إلى إعادة إعمار.

إعلان

ولفت دروبي إلى أنه غير قادر على استئجار منزل في حلب في حال عودته، مؤكدا أن أسعار الإيجارات في المدينة تضاعفت بشكل غير مسبوق منذ سقوط نظام الأسد وبدء عودة الأهالي من نازحين ولاجئين إليها للاستقرار، ومنهم من محافظات وبلدات سورية أخرى.

يفضل أغلبية اللاجئين السوريين الانتظار والتريث في العودة إلى حين استقرار الأحوال (الجزيرة) أحلاهما مر

وغير بعيد عن مدينة غازي عنتاب وعلى الطرف المقابل في الشمال السوري تبدو مخيمات النازحين السوريين دون تغييرات بحجم حدث سقوط الأسد، إذ تبدو حالة انعدام الاحتياجات الأساسية من وقود التدفئة والغذاء المناسب مستمرة وتشكل تحديا لا يعرف حلا.

ويجبر استمرار حالة الدمار وفقدان الخدمات في معظم مدن وبلدات أرياف إدلب وحلب وحماة شمالي سوريا -والتي ينحدر منها النازحون القاطنون في المخيمات- الآلاف على البقاء في الخيام الباردة.

ووفق فريق "منسقو استجابة سوريا"، عاد نحو 52 ألفا من النازحين في المخيمات بالشمال السوري إلى مناطقهم الأصلية منذ سقوط نظام الأسد من أصل قرابة مليوني نازح.

ويؤكد النازح المنحدر من معرة النعمان بريف إدلب أحمد السعيد أن منزله في المدينة غير صالح للسكن على الإطلاق، مشيرا إلى أن أغلبية الأهالي لم يرجعوا للسكن فيها رغم توقف الحرب وسقوط نظام بشار الأسد.

ويقول السعيد في حديث للجزيرة نت إن البعض يستغرب من بقاء الأهالي في الخيام هنا، لكنها تبقى أحلى الأمرّين وأفضل من العيش في منازل مدمرة بلا جدران وسقوف، عدا عن انعدام الخدمات من ماء وكهرباء وأسواق.

أما النازحة من مدينة عندان في ريف حلب آمنة درغام والمقيمة في مدينة إدلب فتحدثت عن أن مسقط رأسها أشبه بمدينة أشباح، فقد اعتصر قلبها الألم لدى زيارتها أخيرا لمشاهدة منزلها، بسبب مناظر الدمار وحجم السرقات التي تعرضت لها المدينة.

إعلان

وتشير درغام في حديث للجزيرة نت إلى أن المدينة شأنها شأن معظم المدن والبلدات السورية تحتاج إلى جهود جبارة بهدف إعادة الإعمار والحياة إليها، الأمر الذي يشجع السكان على العودة والاستقرار مجددا، مؤكدة أن أحدا لن يعود للسكن في هذا الظرف المأساوي.

سوريون يعودون من تركيا إلى بلادهم من معبر باب الهوى الحدودي (الجزيرة) إعادة الإعمار

وتواجه الإدارة الجديدة في سوريا أعباء كبرى تتمثل في تسيير أعمال الحكومة وبسط الأمن وإعادة هيكلة الجيش مع دمج الفصائل المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، فضلا عن تحديات تأمين الطاقة والمياه وأجور العاملين.

ويرى المحلل الاقتصادي عبد السلام العمر أن من المبكر الحديث عن عملية إعادة الإعمار في سوريا، قبل أن تتمكن الإدارة الجديدة من حسم ملفات أكثر أهمية وآنية تتعلق بإنهاء أي وجود لفلول النظام البائد التي قد تعكر صفو البلاد والحكم.

ويقول العمر في حديث للجزيرة نت إن ما تتجه إليه الإدارة الجديدة في سوريا والحكومة هو حل مشكلة الطاقة والمياه واستقرار سعر الصرف، باعتبارها احتياجات أساسية يومية للسكان لا يمكن أن تنتظر أو أن يتم استبدالها.

وأشار إلى أن عملية إعادة الإعمار تحتاج إلى دعم أممي وعربي قد يرتبط برفع قريب للعقوبات الدولية عن سوريا، مما يفسح المجال للشركات وأصحاب رؤوس الأموال بالدخول إلى السوق السورية وبدء مرحلة جديدة في بناء بلد أنهكته الحرب.

مقالات مشابهة

  • سوريا والمشوار الطويل
  • يرصد بالعين المجردة.. اقتران القمر بالمشتري في سماء الوطن العربي
  • اقتران القمر بالمشتري في سماء الوطن العربي مساء اليوم
  • اجتماع أميركي أوروبي في روما لتقييم الوضع بسوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • لماذا لم يعد معظم النازحين واللاجئين السوريين رغم سقوط الأسد؟
  • ردود حذرة ومتأنية.. ماذا يعني سقوط الأسد لدول الخليج؟
  • مغردون: لا خوف بعد الآن في مطار دمشق الدولي
  • فيديو.. رقصة الفرح في أولى رحلات الخطوط الجوية السورية بعد سقوط الأسد
  • تفاصيل كاملة.. كيف نقل نظام بشار الأسد الأموال من دمشق لموسكو؟
  • مطار دمشق يستقبل أول طائرة ركاب قادمة من الدوحة بعد سقوط الأسد