سقوط دمشق يعني كل هذا!
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
ali95312606@gmail.com
جميع المُعطيات على الأرض السورية كانت تحمل حقائق كبيرة دامغة بأن سوريا محور للمُقاومة والصمود والتصدي للمشروع الصهيوني في المنطقة، وأن النظام في سوريا تمكَّن من إقامة دولة حقيقية راسخة وقوية ومؤثرة ووازنة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولكل هذا التفَ حولها المقاومون، وجذبت دولًا كبرى لتحالفات استراتيجية عميقة، إيمانًا من تلك الدول بثِقَل الدولة السورية وحجم تأثيرها.
تجلى كل ذلك في الصمود الأسطوري للدولة السورية بوجه المؤامرة الكبرى عليها منذ عام 2011، والتفاف قوى كبرى إقليمية ودولية حولها، فيما يُشبه المصير المشترك؛ بل وبلغ الأمر إلى إشهار دول كبرى لسياساتها وهوياتها الجديدة عبر دمشق، مثلما وجد الروس ضالتهم بإعلان "روسيا البوتينية" وإشهارها عبر دمشق؛ الأمر الذي نفض الغبار عن الإرث السوفييتي والنظرة إلى مواقفه من حلفائه، وبزوغ عقيدة سياسية وعسكرية روسية جديدة تُعلن للعالم بأنَّ مصالح روسيا حول العالم هي من مفردات الأمن القومي الروسي وعقيدته السياسية والعسكرية.
سقوط دمشق اليوم لا يعني سقوط نظام؛ بل سقوط سياسات وأحلاف وانكشاف خطير جدًا لما تبقى من مفهوم للأمن القومي العربي، هذا الأمن الذي تشظَّى وتآكل تدريجيًا وأصبح كل حزب بما لديهم فرحين.
سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل سقوط ثقافات وعقائد، كانت آخر ما تبقى للعرب، في زمن التهافت على العلف وإنكار الشرف. سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام أو كيان جغرافي بيد المجهول؛ بل يعني القضاء التام على قضية محورية تُسمى قضية فلسطين، وطيّها إلى الأبد، والإقرار النهائي للمُحتَل بحقه التاريخي والمستقبلي بها. سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني إعادة سيناريوهات بغداد وطرابلس، لمن لا يدركون ولا يتعظون، وشيوع الفوضى غير الخلَّاقة في دولة عربية محورية مثل سوريا والحبل على الجرار!
سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني انكشاف محور المقاومة بكامله والتفرُّد به والنيل منه، وبالنتيجة تعويض الكيان الصهيوني عن جميع نكباته وخسائره من طوفان الأقصى المجيد، والتنكُّر والتسفيه لكل التضحيات والمشاعر والتعاطف العربي والدولي في لحظة "عار" تاريخية.
سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني فرض التطبيع القسري وبحد السيف الأمريكي الصهيوني على جميع الأقطار العربية، وإلّا فالمصير جاهز وشاخص اليوم، والأدوات جاهزة وفاعلة وعلى قاعدة الرئيس نيكسون "نصر بلا حرب".
سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني صهينة الوطن العربي صهينةً كاملةً في مناهجه وخطابه الإعلامي والسياسي، واستباحته بحد السيف رأسيًا وأفقيًا بتعليمات من "السيد" الصهيوني القادم المُنصَّب والمبارك من قبل التوافق الدولي.
سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني فتح الأسواق العربية للمنتجات الصهيونية، ورفع منسوب دخول الاقتصاد الصهيوني في المؤشرات العالمية.
سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني إخضاع الوطن العربي من أقصاه الى أقصاه لما يُشبه اتفاقيات استسلام كل من اليابان وألمانيا، وجعل أقطار الوطن محميات أمريكية بأعلام وعملات وأناشيد وطنية. سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني تمكين ميليشيات مارقة من الدولة وكبديل لها وفي خدمة العدو، أيًّا كان هذا العدو.
سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني تأجيج وتشجيع الاحتراب على الهوية والمناطقية والمذهبية والدين والعرق بين مُكوِّنات الوطن الواحد، وخلق مفاهيم وهويات جديدة لدولة الاستقلال العربي. سقوط دمشق لا يعني سقوط نظام؛ بل يعني بعث وتمرير كل تفاصيل الشرق الاوسط الجديد من وعد بلفور وسايكس- بيكو ومخططات وتوصيات برنارد لويس.
طالما بقي عرب زماننا لا يُفرِّقون بين اليهودية والصهيونية، ولا يُفرِّقون بين المشروع الصهيوني والكيان الصهيوني، ولا يُفرِّقون بين الحليف والمحتل، وينأون بأنفسهم فُرادى عن قضاياهم المصيرية، وينظرون الى ثوابتهم بعين الذائقة الشخصية لا بعين التقديس؛ فسيسهُل على أي عدوٍ تمزيقهم وتشتيتهم وتوظيفهم الى حين يقظتهم.
قبل اللقاء: "الناس على دين إعلامهم ومناهج تعليمهم".
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أحمد ناجي قمحة يتساءل: هل تتم تصفية القضية الفلسطينية على حساب سقوط دمشق؟
تساءل الكاتب الصحفي أحمد ناجي قمحة، رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية، عبر حسابه على إكس، قائلا: هل تتم تصفية القضية الفلسطينية على حساب سقوط دمشق؟
وجاء ذلك تعليقا على سيطرة الفصائل الإرهابية المدعومة خارجيا على العاصمة السورية دمشق، وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
وأضاف قمحة: والسؤال الأهم إلى أين سيذهب خوارج العصر الدواعش المدعومين دوليًا وإقليميًا في حلتهم الجديدة؟
وتابع: البعض يهلل لرحيل نظام الأسد دون النظر للمستقبل، وقد رحل الأسد بكل ما له وما عليه، ولكننا الآن مع المفاجأة الكبرى وهي حكم الدواعش.
وواصل: سوريا دفعت ثمن تصفية الحسابات مع قوى إقليمية لم تغفر للأسد ولم ترحم الشعب.
وأردف: سوريا ستكون نقطة الانطلاق الجديدة في مشروع خارطة الشرق الأوسط الجديدة.