كيف تفاعل اليمنيون مع سقوط بشار الأسد؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
أثار سقوط نظام الديكتاتور بشار الأسد وفراره من العاصمة السورية دمشق بعد تحريرها من قوات المعارضة السورية تفاعلا واسعا بين أوساط اليمنيين، في مقارنة بسقوط جماعة الحوثي في صنعاء إحدى أطراف إيران في المنطقة العربية.
واستيقظت سوريا على خبر غير معتاد في صباح 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وتابع فيه الملايين من الشعب السوري دخول قوات المعارضة إلى مدينة دمشق بعد ساعات من السيطرة على حمص، دون مقاومة كبيرة من قوات جيش النظام.
ولاقت التطورات المتسارعة والحاسمة في سوريا التي لا تمثلُ انتصارا عسكريا مستحقا للشعب السوري على النظام الطائفي المجرم الذي تحكم به وأذاقه الويلات لمدة 54 عاما فحسب؛ ولكنها تؤشر إلى تحول كبير في الواقع الجيوسياسي للمنطقة، بينها اليمن الذي تمارس جماعة الحوثي التنكيل والقتل والتشرد والنزوح بحق الشعب الأعزل منذ انقلابها على الدولة قبل عقد من الزمان.
وتفاعل اليمنيون مع سقوط بشار الأسد، تحت الوسم (اليوم دمشق وغدا صنعاء) الكثير منهم يتوقعون مصيرا مشابها لجماعة الحوثي، كأحد أذرع طهران في المنطقة، وما إن حان دورها.
وفي السياق قالت الناشطة والمناضلة اليمنية، الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، إن "نظام بشار الأسد كان نظام ديكتاتوري دموي يمارس إرهاب الدولة على أوسع نطاق ضد شعبه من دون حق".
واضافت كرمان "أهنئ الشعب السوري بهذا الانتصار الكبير الذي أزال واحدا من أكثر الأنظمة القمعية شراسة عبر التاريخ".
وقالت "يستحق الشعب السوري الدعم والمساندة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، ومن المهم أن يتم دعم هذا التغيير الضروري، والتوقف عن إيذاء السوريين الذي نالوا كل صنوف العذاب على يد نظام الأسد الإرهابي وداعميه الإقليميين والدوليين".
وتابعت "لقد برهن الثوار السوريون على أحقية نضالهم في إزالة نظام ضالع في الأجرام - مثل نظام بشار الأسد- وقدموا نموذجا جيدا في إدارة التغيير مما يجعل تحركهم تحركا أخلاقيا بدرجة أساسية".
وأردفت: "إيماننا بحق السوريين في نيل الحرية نابع من إيماننا بقيمة الحرية، وبحق المظلومين في رفع الظلم عن كاهلهم". مشيرة إلى أن ما حدث في سوريا هو لحظة فاصلة كبرى ما كانت لتحدث لولا تضحيات السوريين من جميع الأطياف والمناطق.
وأكدت: "السوريون هزموا الظلم وحلفه الممتد إلى ما وراء البحار، وأعلنوا قيامة سوريا التي ما كان لها أن تكون من مقتنيات عائلة مهووسة بالسلطة والتسلط، والتي ما كان لها أن تكون جزءا من لعبة طائفية".
المحلل السياسي عبدالناصر المودع كتب "في حال استبدل العهد الجديد في سوريا الشعارات القومجية، مثل الممانعة والمقاومة والصمود، بشعارات الجهاد والولاء والبراء، وإقامة دولة الخلافة فإن سوريا تكون قد تحركت من هاذك الزوة، إلى تيك الزوة كما قال صاحب ذمار".
الأكاديمي يحيى الأحمدي كتب "سألني أحد الطلاب عن الفرق بين قيادة ثورة الشباب في اليمن وقيادة ثورة الشباب في سوريا، قلت له: معظم قيادة ثورة الشباب في اليمن، استأثروا ببقية المحصول، وخرجوا وتعلموا الشيشة والشطرنج والبطة وحوشوا لهم كم شقة في القاهرة أو تركيا ولم يعودوا أو يفكروا بالعودة".
وأضاف "فيما معظم ثوار سوريا بعد تشريدهم سكنوا الخيام، وتعلموا فنون القتال، وبناء الدولة، وعادوا فاتحين".
الكاتب صدام أبو عاصم ، سخر من قيادات الشرعية اليمنية المقيمين في الخارج قائلا: "اعلاميو الشرعية الذين ننتظر منهم كتابة البيان رقم 1، مازالوا مشغولين بمترو الرياض وبموسم الرياض".
وأضاف "معهم عقود مع رؤية "ساودي 3030"، ومش فاضيين لأي شيء يخص اليمن".
في حين قال الكاتب الصحفي محمد العلائي "نهاية سعيدة -كما نرجو- لقصة مأساوية مرعبة بدأت منذ 14 عام، نهاية شيء هي في نفس الوقت بداية لشيء".
وأضاف "للسوري أن يقول أن مأساته بدأت قبل ذلك بكثير، لكن ننتظر ونرى، فالبداية الجديدة هي التي ستحدد مع مرور الوقت صورة الماضي في الأذهان".
الإعلامية أسوان شاهر، انتقدت دعاة الحداثة من يساريين وقوميين الذين أيدوا وباركوا دخول الحوثيين صنعاء وانقلابه على الدولة.
وقالت "نذكر بعض اليسارجية والعلمنجية وهم يبشرونا بالطلائع الشابة القادمة من الكهوف التي سوف تحرس الدولة المدنية وتحرر اليمن من الارهاب الديني لحزب الإصلاح"
وذكرت "قالوا اليوم عندهم مخاوف من التطرف"، مشيرة إلى أن بشار الأسد، هجر ملايين من شعبه وقتل من قتل واستبدلهم بمليشيات طائفية.
وتابعت "غذى الكراهية بين الناس.. فرض لون واحد وصوت واحد وارادة واحدة، كما يفعل حوثة اليمن ظنا أن الشعوب تدجن بالمحاضرات والصور والمجسمات والبلطجة، ثم قالت الارض كلمتها، الحق لأصحاب الحق". مستدركة بالقول "اللهم صنعاء".
أما الفنان اليمني محمد الربع، فقد اكتفى بالقول "إذا حلق إبن عمك.. بليت"، في إشارة إلى زعيم الحوثيين.
الباحث والأكاديمي معن دماج، كتب "بالنسبة للحوثي فإن مصيره حرفيا أصبح بيد السعودية، والأمل أن يبادر قائد يمني ما لدفع الباب".
أيمن نبيل، فدوّن قائلا: "لقد قرب الحوثي رقبته للذبح وقدّمها لمن يريد ويفهم، الأمر الآخر أنه -لسوء حظه وحسن حظنا- لا يستطيع غير ذلك؛ أي محاولة إصلاحية لا تبدأ إلا بإلغاء نفسه وهذا لن يحدث".
ويرى أن الحوثي مُجبر بحكم تكوينه على مد رقبته، والحازم الأريب ليس عليه إلا أن يلتقط اللحظة، حد قوله.
وقال "مواعيد صنعاء آن أوانها، لحظة التحول الاستراتيجي هذه لن تتكرر، والحوثي علاوة على ذلك فعل بنفسه الأفاعيل وسهل المهمة على من يقوم بها".
أسامة الشرعبي، غرد ببيت من الشعر للشاعر اليمني زين العابدين بن علي "وبعد دمشق سوف تكون صنعاء، وفوق رؤوسهم سندوس سبعا".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: بشار الأسد فی سوریا
إقرأ أيضاً:
هل انتهت القومية العربية بسقوط بشار الأسد؟
جاء سقوط نظام الأسد في سوريا ليكرّس سقوط مقولات القومية العربية ويؤكد فشلها سياسيًا. فسوريا التي حكمها حزب البعث العربي الاشتراكي منذ عام 1963 انتهى الحال بها إلى حرب أهلية بتدخلات أجنبية.
نشأ حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947 كصدى لحركات الاستقلال على يد زكي الأرسوزي (1899 – 1968)، وميشيل عفلق (1910 – 1989)، وصلاح البيطار (1912 – 1980).
الإشكالية التي واجهها هؤلاء هي إغراءات السلطة، فقد تولّوا مسؤوليات سياسية في أنظمة قمعية ومركزية قابضة على السلطة بقوة، فصاروا شركاء لها ثم ضحايا لها. فالبيطار، الذي أصبح رئيسًا لوزراء سوريا، اضطر إلى مغادرتها عام 1966، ثم اغتاله النظام السوري في باريس عام 1980.
هل كل هذا مؤشر على مستقبل القومية العربية؟
في حقيقة الأمر، شهدت القومية العربية أزمات متعددة، لكن نكبتها الكبرى الأولى كانت في هزيمة 1967، والتي كانت سببًا في القول بفشل الدولة القومية العربية في مرحلة ما بعد الاستقلال. فصارت الناصرية كنموذج في مهبّ الريح، ثم جاءت وفاة جمال عبدالناصر وصعود أنور السادات فتراجعت القومية في مصر، في حين كان النموذجان البعثيان في العراق وسوريا في صراع دامٍ، خاصة بعد عام 1980.
وكانت قبضة حافظ الأسد القاسية على الحكم في سوريا منذ عام 1971 سببًا في استمرارية حزب البعث في حكم سوريا حتى عام 2024.
إعلانحقق حزب البعث في العراق نجاحًا وتنمية غير مسبوقة في سبعينيات القرن العشرين، حتى كان يُشار إلى العراق كنموذج للتنمية التي شملت التعليم والصحة وغيرها، غير أنَّ مغامرات صدام حسين أدت إلى نهاية حكمه في عام 2003.
ويمكن القول إن ارتباط القومية العربية بأنظمة الحكم التي صعدت بها إلى السلطة عبر الاستيلاء القسري، لم يُتح للأحزاب القومية العربية التجذر في المجتمعات العربية، فصارت أحزابًا سطحيّة.
يُضاف إلى ذلك عنف السلطات الذي وصل إلى حدّ التطرف في التعامل مع الشعب في كل الحالات، وإن تفاوت هذا العنف من مصر إلى العراق إلى المجازر في سوريا. فهل فقدت القومية العربية بريقها نتيجة لذلك؟
مع سقوط الأسد، لم يعد حزب البعث كما كان، ومع سقوط صدام حُلّ حزب البعث، وبدأ يتلاشى مع مرور الزمن. في حين بقي للناصرية حضور حتى اليوم في مصر، ويعبر عنها أكثر من حزب سياسي، كما أن سياسات عبدالناصر في البناء الاقتصادي والتعليم والعدالة الاجتماعية أوجدت للنموذج الناصري روحًا لا تزال باقية في الوجدان المصري.
سيصبح حزب البعث جزءًا من الماضي في سوريا، وسيصبح مثالًا لفشل القومية العربية، وسينشأ لدينا فراغ فكري أو أيديولوجي يقود السياسة، ليصبح الإسلاميون هم من يحملون رؤى تنظيرية وفكرية قائمة على الدين.
وفي وسط كل هذا، أصبح العرب يبحثون عن طريق جديد، وهذا ما وُلِد في مظاهرات بغداد في ساحة التحرير المناهضة للطائفية واحتكار السلطة باسمها، وفي بيروت حيث يؤسس الشباب لنهج جديد بعيدًا عن المحاصصة، حتى نجحوا في دخول البرلمان، وفي تونس والجزائر.
هذا التيار، الذي يمكن أن نطلق عليه "الطريق الثالث"، هو وليد فشل الإسلاميين في العراق على أرضية مذهبية (شيعة/سنة)، وفشل القوميين العرب في السلطة.
لذا، فإن الطريق الثالث هو نموذج يبلور رؤى وطنية بحتة لا تنكر الروابط العربية القائمة على اللغة العربية والتاريخ المشترك والمصالح المشتركة. إنه طريق الجيل الجديد، الذي يبحث عن نموذج جديد يعبر عنه، وفي ذات الوقت يعترف بالتنوع والتعددية الإثنية، ويبحث عن المصالح العليا للوطن والشعب.
إعلانإن المتتبع للحالة السورية الحالية سيجد أن حلم التحرر من قبضة الأسد سيذهب مع الوقت ليواجه الناسُ سؤالًا: من سيحكم؟ وعلى أي قاعدة فكرية سيحكم؟ هل يستطيع السوريون تشكيل أحزاب قوية تتفادى مآسي الماضي وتعيد بناء دولة عصرية؟ أم سيرضخون لواقع مفروض عليهم؟
في الواقع، إن ما يتبلور في العراق ولبنان من طريق جديد سيكون صداه في سوريا أوضح، إذ إن السوريين الذين تشردوا وعانوا الأمرّين وشاهدوا نماذج حكم مختلفة لن يقبلوا غير الحرية، وإلا فإن دورة جديدة من العنف والعنف المضاد ستبدأ هناك.
وبناء على ما سبق، فإن الأزمة الحقيقية هي في بناء أفكار لطريق جديد يقود سوريا سياسيًا. ويبدو أن من أسقطوا بشار الأسد يسعون إلى استلهام نموذج رجب طيب أردوغان بما يتحلى به من حنكة براغماتية، أو بناء نموذج آخر مختلف، وهذا ما يجب أن يراهن عليه السوريون، ليكونوا نموذجًا يُحتذى به عربيًا.
سقطت القومية العربية، نعم، لكنها كفكرة لم تسقط، بل باتت في حاجة ماسة إلى أن تتجدد. إن محاولات النقد البناء لأفكارها وممارساتها التي يقوم بها البعض، جعلت إطفاء أي شعلة فكرية أمرًا صعبًا. لكن اتباع هذا الفكر أو ذاك لا يتم عبر السلطة، كما حدث في النموذجين السوري والعراقي، بل يحتاج إلى البناء الأيديولوجي، وهو أمر ليس سهلًا في زمن "الحداثة السائلة" التي لا تؤمن بالأيديولوجيا.
وبغير ذلك البناء الأيديولوجي، لن يكون لكثير من الأنظمة روح، وستحكم تحت مظلة المصالح في صورة براغماتية بحتة، لينتهي بذلك زمن الأيديولوجيا، حتى وإن تمسّحت بصورة عروبية أو إسلامية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline