تحديات تنتظر الأردن بعد سقوط نظام الأسد في سوريا
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
عمّان- مع حدوده الممتدة لنحو 375 كيلومترا، يتابع الأردن باهتمام بالغ تطورات المشهد في سوريا، إذ تقف المملكة منذ سنوات على خط المواجهة مع تداعيات الوضع في جارتها الشمالية.
ويفرض الوضع المستجد في سوريا جملة من التحديات على المملكة الأردنية في ظل تعدد فصائل المعارضة المسلحة على حدودها، وبالنظر إلى الاضطرابات المتسارعة داخل الأراضي السورية.
ودفع الأردن كلفة باهظة في تعامله مع مجريات الصراع السوري تمثلت في التعامل مع أزمة اللجوء، والتصدي لعمليات تهريب المخدرات عبر استخدام مختلف أنواع الأسلحة، والطائرات المسيّرة، وضمان أمن الحدود وغيرها.
سوريون يحاولون مغادرة الأراضي الأردنية إلى وطنهم (الجزيرة) احترام خيارات السوريينومع تقدم المعارضة من الشمال السوري نحو العاصمة السورية دمشق، عقد مجلس الأمن القومي الأردني اجتماعًا برئاسة الملك عبد الله الثاني، الذي أكد على أن "الأردن يقف إلى جانب السوريين ويحترم إرادتهم وخياراتهم".
في المقابل، ومع إعلان سقوط نظام بشار الأسد، تجمع العشرات من اللاجئين السوريين المقيمين في المملكة بالقرب من مقر السفارة السورية في عمّان، للتعبير عن فرحتهم بسقوط نظام الأسد، وتفاعلهم مع الأحداث الجارية على الأراضي السورية، في الوقت الذي قامت فيه السفارة السورية بإنزال العلم بعد الإعلان عن سقوط النظام السابق.
يرى الكاتب والمحلل السياسي والوزير السابق، محمد أبو رمان، في حديثه للجزيرة نت، أن الأمور في سوريا تسير بشكل منطقي ومعقول بالنسبة للأردن بانتظار التطورات المقبلة، لافتًا إلى أن سقوط نظام الأسد دون وجود حمام دم في دمشق، يبشر بمستقبل جيد.
إعلانوحول الخيارات المتاحة في مستقبل العلاقة بين عمّان ودمشق، أشار أبو رمان إلى أن "هناك مراقبة حثيثة من الأردن الرسمي لمستجدات الأحداث في سوريا، فالحرب السورية انخرط بها مئات الجهاديين الأردنيين في مرحلة سابقة".
وأضاف أنه "بالنسبة للأردن، هناك -على سبيل المثال- عدم ثقة في خطاب هيئة تحرير الشام من حيث المبدأ، لكن الأردن منفتح على الرسائل الإيجابية التي تأتي من المعارضة السورية، ومعيار المرحلة المقبلة هو في المصلحة الوطنية المشتركة للبلدين".
وأضاف الوزير السابق أن الأردن لديه مخاوف من تفكيك سوريا، ومن حرب داخلية، ومهما يكن من أمر فالثورة السورية هي ثورة مسلحة وفيها حالة من التنوع العرقي والإثني يصعب الحكم على ما تقوم به الآن، مستدركًا بأن ما قامت به المعارضة السورية خلال الساعات الماضية أمر يثير الإعجاب، والرسائل التي وجهت لدول الجوار كالأردن والعراق أمر إيجابي.
تفاهمات دوليةأما الخبير الأمني، خالد المجالي، فرأى أن ما يجري في سوريا خلال الساعات الماضية أمر متفق عليه دوليا، معربا عن اعتقاده، بوجود تفاهمات مسبقة ما بين الأردن وسوريا الجديدة لجهة أمن الحدود، وبأن هناك خطوات وإجراءات واضحة على الحدود الأردنية السورية، لاسيما وأن الرسائل التي وصلت من جانب المعارضة السورية قبل أيام للأردن بشأن التعاون الأمني المشترك أمر جيد.
وقال المجالي للجزيرة نت، إن الأردن يعول على أنه لن يكون هناك أي وجود إيراني على حدوده، ولا أي شكل منظم من أشكال تهريب المخدرات، ولن تكون هناك مشاكل أمنية لطالما عانى منها الأردن على مدار السنوات الماضية، بالإضافة إلى عودة اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن إلى ديارهم.
أما الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء المتقاعد الدكتور قاصد محمود، فيرى أنه من الصعب التكهن بمجريات الأمور في الداخل السوري، وأثره المباشر على الأردن، مشددا في حديثه للجزيرة نت، على أن القادم للأردن مهما كان شكله لن يكون أصعب مما كان في عهد النظام السابق، خاصة ما يتعلق بتهريب المخدرات وغيرها من الأمور الأمنية المقلقة لعمّان.
إعلانوقال "الحالة الأردنية السورية كانت دائما مصدر تحد للأمن الوطني الأردني، ومصدر اشتباك سياسي، ولم تكن السياسات الأردنية مقبولة عند النظام السوري السابق".
الأردن أغلق حدوده مع الجانب السوري تخوفا من التطورات الأمنية (الجزيرة) مخاض حقيقيوأشار محمود إلى أن سوريا في حالة مخاض حقيقي من حيث الانتقال نحو سياسات خارجية واضحة، تبحث عن مصالح الدولة السورية والسوريين، موجها رسالة إلى الثورة السورية بالاستفادة من العلاقة الطبيعية مع الأردن، وقال "الأردن وسوريا لديهما امتداد جغرافي وتاريخي وديمغرافي، ومصلحة البلدين في أن تكون هناك تفاهمات على أعلى المستويات".
وأضاف أن "الأردن نجح في التعامل مع جزء كبير من المعارضة السورية على اختلافها في بدايات الثورة السورية، ولم يكن الأردن عدائيا معها، وكذلك المعارضة السورية لم تكن في يومٍ ما جزءا من الاعتداء على الأمن الوطني الأردني".
ومنذ توالي الأنباء عن سقوط نظام بشار الأسد، وسيطرة المعارضة السورية على العاصمة دمشق، شهد معبر جابر الحدودي الذي يربط الأردن مع سوريا تدفقا للاجئين السوريين المقيمين في الأردن من الذين قرروا العودة إلى ديارهم، في حين أعلن الأردن الجمعة، إغلاق المعبر الحدودي الوحيد العامل مع سوريا بسبب "الظروف الأمنية" في البلد المجاور، وفق ما أعلن وزير الداخلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات عبد الله الثاني المعارضة السوریة سقوط نظام فی سوریا
إقرأ أيضاً:
عاجل - الفصائل المسلحة تحرق قبر الرئيس السوري السابق حافظ الأسد بمدينة القرداحة في محافظة اللاذقية
في تطور لافت، تداول ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم الأربعاء 11 ديسمبر 2024، مقطع فيديو يُظهر قيام عناصر مسلحة بإشعال النيران في قبر الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، في محافظة اللاذقية شمال غربي البلاد. هذه الحادثة تأتي بعد أيام قليلة من سقوط نظام بشار الأسد، وإعلان السيطرة على دمشق من قبل الفصائل المعارضة.
الحادثة في بلدة القرداحةقبر حافظ الأسد، الذي يقع في مسقط رأسه في بلدة القرداحة في محافظة اللاذقية، كان هدفًا لعملية حرق من قبل المسلحين. الضريح العائلي الذي يضم قبر الرئيس الراحل حافظ الأسد، بالإضافة إلى قبور أفراد آخرين من العائلة، من بينهم باسل الأسد، ابن حافظ، يعد واحدًا من أبرز المواقع الرمزية لعائلة الأسد. يُعتبر هذا الضريح مركزًا لزيارة مؤيدي النظام السوري الذين يضعون إكليلًا من الزهور تقديرًا لإرث العائلة الحاكمة.
في الفيديو المتداول، تظهر النيران التي أُشعلت حول القبر، في خطوة وصفها البعض بأنها تعبير رمزي عن سقوط النظام ورفض لهيمنة عائلة الأسد على البلاد لعقود. وُصفت الحادثة في بعض التعليقات بأنها "نار الأرض ونار جهنم"، في إشارة إلى الانتقام من النظام الذي حكم سوريا بقبضة من حديد.
التحولات الميدانية والسياسيةجاءت هذه الحادثة بعد أربعة أيام من سقوط نظام بشار الأسد، في وقت حساس ومفصلي في تاريخ سوريا. وفي وقتٍ مشابه، التقى وفد من قوات المعارضة في المنطقة العلوية، وهي معقل النظام السوري، مع شيوخ العشائر في القرداحة، حيث حصلوا على دعمهم للمضي قدمًا في تغيير السلطة الحاكمة. هذا اللقاء يشير إلى أن المعارضة تسعى لاستغلال الفوضى السياسية التي تلت سقوط النظام لتوطيد علاقاتها مع فئات واسعة من الشعب السوري، خاصة من مناطق كانت تدين بالولاء لعائلة الأسد.
إزالة تمثال حافظ الأسدفي خطوة أخرى، كشف السكان المحليون في القرداحة عن إزالة تمثال حافظ الأسد، والد بشار، قبل وصول وفد قوات المعارضة. هذا العمل يُعد من أبرز الرموز التي تشير إلى تحول مفصلي في الوعي الشعبي، حيث يُعتبر التمثال رمزًا لسلطة عائلة الأسد التي حكمت سوريا لأكثر من خمسة عقود. من خلال هذه الإجراءات، يحاول السكان المحليون والفصائل المعارضة إرسال رسالة قوية مفادها أنهم يتجهون نحو بناء سوريا جديدة خالية من رموز النظام السابق.
الحادثة وتأثيراتهارسالة للمتابعين: النهاية الحتمية للنظامإن حرق قبر حافظ الأسد وإزالة تمثال والفعاليات السياسية الأخرى تعكس تبدل المزاج العام في سوريا بعد سقوط النظام. فهي تمثل خطوة رمزية قوية من الفصائل المعارضة التي تهدف إلى القضاء على كل ما يرمز إلى عائلة الأسد، بما في ذلك الرموز الثقافية والسياسية التي تمثل حكمها الاستبدادي. كما يظهر أن الفصائل المسلحة تستغل حالة الضعف في سوريا بعد تفكك السلطة المركزية لتوسيع نفوذها السياسي.
آثار على المستقبل السياسيالحادثة قد تكون بداية لموجة جديدة من العنف والصراع، حيث يسعى كل طرف إلى فرض سيطرته على الأرض. فمن جهة، الفصائل المعارضة تسعى إلى تعزيز مكانتها على حساب النظام البائد، ومن جهة أخرى، قد يُشكل دعم العشائر في مناطق القرداحة دافعًا لبقية المناطق العلوية لاتباع نهج مماثل.
إن هذا التغيير في المشهد السوري يعكس المدى الذي وصلت إليه الخصومات الطائفية والميدانية، وهو ما سيزيد من تعقيد الحلول السياسية والتوصل إلى تسوية سلمية في المستقبل.
خاتمةحرق قبر حافظ الأسد في القرداحة وإزالة تمثاله يشيران إلى بداية مرحلة جديدة في سوريا بعد سقوط النظام. هذه الحادثة تمثل تحولًا عميقًا في الصراع السوري الذي استمر لسنوات، وتركز الضوء على المستقبل المجهول للبلاد في ظل انقسامها بين مختلف القوى الفاعلة على الأرض.