عربي21:
2025-01-11@08:41:43 GMT

معركة التنمية في سوريا أصعب من إسقاط الأسد

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

بعد 54 عاما من حكم حافظ الأسد منذ عام 1971 وابنه بشار منذ عام 2000، حصلت سوريا على حريتها في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، خلال عملية ردع العدوان التي استمرت 11 يوما فقط، لتودع سوريا حكم القهر والاستبداد وإعدام الخصوم والسجون المشهورة بالتعذيب، والحزب الواحد وقتل السكان بالبراميل المتفجرة وغيرها من أدوات القمع.



ورغم ما يقال عن استفادة قوات المعارضة من الظرف الزمني المتمثل في تراجع نفوذ حزب الله، ورغبة إيران في التهدئة مع إدارة ترامب القادمة، وانشغال روسيا في حربها مع أوكرانيا، ورغبة حلف الناتو في إبعاد روسيا عن قاعدتها السورية على البحر المتوسط، ورغبة تركيا في تأمين حدودها الجنوبية، وسعي إسرائيل لمعاقبة الأسد لتوسطه في إمداد حزب الله بالسلاح الذي هاجم مدنها ومستوطناتها، فستظل هناك عوامل لم يتم الكشف عنها بعد لتحقيق هذا النصر السريع، وخروج بشار من دمشق.

الواقع الجديد لسوريا هو الأهم، لدينا بتحرر شعب عربي من الطغيان، وهو ما نجمت عنه العديد من الدروس، منها أن الحل الديمقراطي دائما أقل تكلفة للشعوب، فلو تجاوب النظام السوري مع المعارضة لأمكن تجنب هذا الدمار
لكن الواقع الجديد لسوريا هو الأهم، لدينا بتحرر شعب عربي من الطغيان، وهو ما نجمت عنه العديد من الدروس، منها أن الحل الديمقراطي دائما أقل تكلفة للشعوب، فلو تجاوب النظام السوري مع المعارضة لأمكن تجنب هذا الدمار الذي لحق بسوريا منذ عام 2011، وأسفر عن النزوح الداخلي لأكثر من سبعة ملايين نسمه والخارجي لنحو 6.5 مليون من السوريين، والاضطرار إلى العمل المسلح كوسيلة للتغيير، والتي تدخلت بها قوى خارجية لتحقيق مصالحها سواء كانت خليجية أو أجنبية، وانقسام الجغرافيا السورية قبل التحرير ما بين مساحة 63 في المائة كان يسيطر عليها نظام بشار، و26 في المائة تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي يغلب عليها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة، و11 في المائة كانت تسيطر عليها قوات الجيش الحر المدعومة من تركيا.


 نسب عالية من الفقر وتدهور العملة

كما أن الجيوش العربية التي يقوم الحكام باستخدامها لقمع شعوبهم سرعان ما تتخلى عن الطاغية لتنجو بنفسها، ويخلع الجنود ستراتهم العسكرية خشية الانتقام، لكن قياداتها ستُحاسب حتما على دورها في البطش بالشعوب.

وحسنا ما فعلته قيادات المعارضة حين أعلنت أن مؤسسات الدولة ستظل تعمل، تحت إشراف رئيس الوزراء السابق محمد غازى الجلالي حتى يتم تسليمها رسميا، وعدم المساس بمؤسسات الدولة ومنع إطلاق الرصاص في الهواء، لأن المجتمع السوري بحاجة إلى ثمن كل طلقة رصاص لإنفاقها فيما ينفع المجتمع، حيث ورثت المعارضة السورية تركة ثقيلة من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ من اقتصاد تراجعت قيمته خلال السنوات الثلاثة عشر الماضية، حسب قيمة الناتج المحلي الإجمالي من 59.1 مليار دولار عام 2010 قبل الحرب الأهلية، إلى أقل من 9 مليارات دولار في العام الماضي حسب بيانات البنك الدولي، كما تراجع مركزها الاقتصادي الدولي من رقم 67 في العالم عام 2010 إلى المركز 153 في العام الماضي، رغم أنها تحتل المركز السابع والخمسين من حيث عدد السكان في العالم.

تدبير الاحتياجات اليومية للسكان يمثل مشكلة رئيسية للحكام الجدد، كذلك قضية الانقسامات ما بين الفصائل المتعددة التي قامت بعملية ردع العدوان، وما بينها وبين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على مناطق بشرق البلاد، والتي يُخشى من استخدامها من قبل الولايات المتحدة واسرائيل لاستنزاف جهد الحكام الجدد، وهو التدخل المتوقع والذي يمتد إلى باقي الدول المحيطة بسوريا سعيا لتحقيق كل منها لمصالحها
وكذلك معدلات عالية من الفقر والبطالة وتراجع الخدمات الصحية والتعليمية في بلد كان يعيش فيه 24 مليون شخص، وتدهور سعر الليرة السورية بما يزيد من تكلفة الواردات، في بلد يعاني من العجز التجاري المزمن سلعيا وخدميا، حيث تتدنى إيرادات السياحة بسبب التدهور الأمني ببلد تمتد شواطئه لمسافة 193 كيلومترا على البحر المتوسط، مع ارتفاع معدلات التضخم مما أدى لتآكل القيمة الشرائية للعملة الوطنية، وها هي بطالة الشباب تصل حسب الأرقام الرسمية إلى 29.8 في المائة للذكور و52.6 في المائة للإناث في العام الماضي، كذلك تدني الرصيد من الاحتياطيات من العملات الأجنبية بما لا يكفي للواردات السلعية لشهر واحد.

 مخاطر الانقسامات وامتداد إلهام الشعوب

ومن هنا، فإن تدبير الاحتياجات اليومية للسكان يمثل مشكلة رئيسية للحكام الجدد، كذلك قضية الانقسامات ما بين الفصائل المتعددة التي قامت بعملية ردع العدوان، وما بينها وبين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على مناطق بشرق البلاد، والتي يُخشى من استخدامها من قبل الولايات المتحدة واسرائيل لاستنزاف جهد الحكام الجدد، وهو التدخل المتوقع والذي يمتد إلى باقي الدول المحيطة بسوريا سعيا لتحقيق كل منها لمصالحها، سواء تركيا أو حتى إسرائيل، كما يمتد إلى دول الخليج العربي التي لا يسعدها نجاح الثورة السورية، خشية انتشار العدوى إلى البلدان الأخرى كما حدث مع ثورة الربيع العربي، التي امتدت من تونس إلى ليبيا ومصر واليمن وسوريا. ولهذا يتوقع أن تستمر دول عربية ذات نظم قمعية في تشويه صورة الحكام الجدد لسوريا، لصنع عازل بين دورها المُلهم وبين شعوبها المستكينة.

وما زالت هناك تخوفات من الدور المتوقع من جانب إيران وحزب الله وبعض الفصائل العراقية تجاه الحكام الجدد لسوريا، كذلك الموقف الروسي حيث لا يتوقع أن تخسر كل من إيران وروسيا تواجدها الاستراتيجي على البحر المتوسط بسهولة، وذلك في بلد تمتد حدوده البرية لمسافة 2363 كيلومترا، موزعة ما بين خمس دول هي: تركيا بمسافة 899 كيلومترا، والعراق 599 كيلومترا، ولبنان 403 كيلومترا، والأردن 379 كيلومترا، وإسرائيل 83 كيلومترا.

وتمتد المخاطر إلى الدور الأمريكي الذي لن يرضى بدولة قوية مستقرة بجوار إسرائيل يمكن أن تطالب يوما ما بحقها في الجولان المحتلة، أو تشكل مصدر خطر على أمن إسرائيل، كما يُخشى من الموقف الأمريكي الذي تعود استخدام التنظيمات المسلحة كأداة لتحقيق أغراضه وبعد ذلك يقوم بالتخلص منها!

x.com/mamdouh_alwaly

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد سوريا ردع العدوان الاقتصادية سوريا اقتصاد الأسد تنمية ردع العدوان مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکام الجدد فی المائة ما بین

إقرأ أيضاً:

رئيس هيئة البيئة بسلطنة عمان: نعمل بشكل متوازن بين متطلبات التنمية والمحافظة على البيئة لتحقيق التنمية المستدامة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور عبد الله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة بسلطنة عمان، أن السلطنة تعمل بشكل متوازن بين متطلبات التنمية والمحافظة على سلامة البيئة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك عن طريق إدخال مبدأ الإدارة البيئية السليمة كوسيلة لرفع كفاءة المشاريع التنموية في كافة المجالات.
جاء ذلك خلال لقاء عقده رئيس هيئة البيئة مع عدد من الإعلاميين المصريين والعرب والأجانب على هامش الزيارة التي نظمتها وزارة الإعلام العمانية تزامنًا مع الذكرى الخامسة لتولى السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في السلطنة.
واستعرض العمري، أبرز المشاريع والمبادرات التي نفذتها والإنجازات ومؤشرات الأداء البيئي، وقال إنه تم تنفيذ 151 مشروعًا ومبادرة بيئية خلال عام ٢٠٢٤م في مختلف القطاعات الأساسية للعمل البيئي تتعلق منها بحماية البيئة من التلوث والتنوع الأحيائي والشؤون المناخية والمبادرات الشبابية والرصد والرقابة البيئية وتسهيل بيئة الاستثمار بالقطاع البيئي والمحميات.
وأشار إلى أن سلطنة عُمان حصلت على قفزة نوعية في مؤشر مستوى الأداء البيئي دوليا، حيث وصلت إلى المركز 54 عالميًا في عام 2024 عوّضًا عن تصنيف 149 في عام 2022 من أصل 180 دولة حول العالم.
وأشار إلى أن الحصول على هذا التصنيف المتقدم جاء مدفوعًا بتحسن ملحوظ تحقق في مختلف محاور القضايا البيئية، وهي الموائل والتنوع الأحيائي، والغابات، والزراعة، ومصائد الأسماك، ومصادر المياه، وتلوث الهواء، وجودة الهواء، ومياه الشرب والصرف الصحي، والمعادن الثقيلة، وإدارة النفايات، والتخفيف من آثار تغير المناخ.
وأبرز العمري، حرص الهيئة على إبراز البعد البيئي في منظومة العمل التنموي على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، إلى جانب الاهتمام بعمليات تقييم التأثيرات البيئية للمشاريع الصناعية والخدمية ومشاريع البنية الأساسية قبل إقامتها، كما تنظم برامج منتظمة للرقابة والتفتيش البيئي عليها بعد تشغيلها باعتبار أن ذلك يوفر تشخيصا ميدانيا للتعرف على الأوضاع البيئية القائمة للمشاريع، والتدقيق على التأثيرات البيئية الناتجة عنها بعد تشغيلها واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة تلك التأثيرات ومنعها أو التقليل منها إلى أقصى حد ممكن.
ولفت إلى أن الهيئة تعمل على استيفاء كل المتطلبات الدولية وإبراز الجهود عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وتعزيز النشر العلمي وتوثيقه أبرزها في حماية وصون البيئة على مدى عقود.
وأشار العمري، إلى أن الجهود المجتمعية من المشروعات والمبادرات البيئية التي تنفذ بالشراكة مع القطاع الحكومي والخاص والمجتمعات المحلية والأهلية، منها مكافحة الطيور الغازية، ومبادرة استزراع 10 ملايين شجرة، ومشروع الكربون الأزرق لاستزراع 100 مليون شجرة قرم.
واستعرض رئيس هيئة البيئة بسلطنة عمان، مشاريع مبادرات حماية البيئة من التلوث التي تنفذها الهيئة والبالغ عددها 10، وهي: دراسة أنواع وكميات الوقود المستخدم لمصادر الاحتراق في منطقة الرسيل الصناعية وبلغت نسبة إنجازه 100%، ومشروع إنشاء محطات رصد جودة الهواء المحيط بنسبة إنجاز بلغت 90% لتغطيتها 90% من محافظات سلطنة عُمان ووجود أكثر من 60 محطة.
وأبرز دور هيئة البيئة في الرقابة البيئية من خلال رصد الممارسات البشرية وربطها بالإجراءات الإدارية والمالية المتخذة.
واستعرض العمري، المبادرات المجتمعية والشبابية للفرق والجمعيات التطوعية البيئية من خلال تقديم المحاضرات والتوعية والتعليم البيئي والزيارات للمدارس والأعمال التطوعية البيئية والمشاركة في المعارض المختلفة، وتنظيف الشعاب المرجانية.

 

مقالات مشابهة

  • الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي لدعم الطاقة المتجددة.. خبراء: تساهم في حماية البيئة من التغيرات المناخية.. وتُعد ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة
  • سلطة وحكومة الجولاني في سوريا تفرض حذراً إقليمياُ أبرزها الإمارات التي تتبع سياسة التريث
  • روسيا: إسقاط 16 مسيّرة أوكرانية في هجوم واسع على روستوف
  • السيسي: ضرورة تماشي المشروعات الجديدة مع الاستراتيجية الوطنية لتحقيق التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات
  • محافظ القاهرة: «بداية جديدة» خطوة هامة لتعزيز التنمية الشاملة في المجتمع
  • رئيس هيئة البيئة بسلطنة عمان: نعمل بشكل متوازن بين متطلبات التنمية والمحافظة على البيئة لتحقيق التنمية المستدامة
  • قسد تعلن الاتفاق مع الإدارة السورية الجديدة على رفض أي تقسيم
  • تاركاً القرار لترمب .. بايدن يبقي تصنيف قادة سوريا الجدد كإرهابيين
  • قوات درع السودان تكشف تفاصيل معركة المنطقة المكشوفة
  • قومي المرأة:ندعم التمكين الاقتصادي للمرأة لتحقيق التنمية المستدامة