عربي21:
2025-03-15@11:10:05 GMT

ماذا بعد فرحة سقوط بشار؟

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

مع شروق شمس الحرية على سماء سوريا، انفجرت مشاعر الفرح والاحتفال بين السوريين في الداخل والخارج، بعد أن شهدت البلاد لحظة تاريخية بهروب بشار الأسد وسقوط نظامه الطائفي القمعي الذي جثم على صدر الشعب، هو ومن قبله والده، أكثر من خمسين سنة.

مشاهد الاحتفالات عمّت المدن والبلدات ليس في سوريا فقط، بل في عمت مدن العالم في شتات السوريين الذين يقدر البعض أعدادهم بنصف الشعب، حيث رفرفت أعلام الثورة، وارتفعت الأصوات بالهتافات تعبيرا عن الانتصار الذي طالما حلم به الشعب السوري، وشاركهم في ذلك كل أحرار العرب والعالم.



الثوار الذين حملوا راية الحرية، رغم كل التحديات والمآسي، وجدوا في هذا اليوم تجسيدا لأحلامهم وتضحياتهم، وبدت الفرحة والأمل على وجوه الأحرار وكأنهم ولدوا من جديد، وزادت الفرحة بخروج المعتقلين من سجون النظام القمعي، حتى إن تحرير المعتقلين من سجن صيدنايا، سيئ السمعة، مثلت لحظة مخاض لولادة فجر جديد لسوريا، بينما اجتمعت الأسر لإحياء ذكرى من فُقدوا خلال سنوات الكفاح. هذا الانتصار لم يكن مجرد سقوط نظام ديكتاتوري، بل إعلانا لبداية فصل جديد، يُرسي فيه السوريون دعائم الحرية والكرامة والعدالة، ليسجل التاريخ اليوم الثامن من كانون الأول/ ديسمبر كيوم استقلال حقيقي لبلد الحضارة والتاريخ سوريا.

بعد سقوط نظام بشار الأسد ودخول الثوار العاصمة دمشق، تتجه الأنظار إلى الخطوات المستقبلية التي ستتخذها المعارضة السورية، وفقا لتصريحات قيادات المعارضة، عدة خطوات واجبه أو على الأقل متوقعة؛ أولها تشكيل حكومة انتقالية، فعل الرغم من أن الثوار قرروا أن يستكمل محمد غازي الجلالي، رئيس الوزراء في نظام بشار الأسد، مهامه كرئيس وزراء انتقالي، وهي بالمناسبة فكرة عبقرية لضمان سير العمل في دولاب الدولة، فإن رئيس الائتلاف السوري المعارضة السابق، سالم المسلط، في تصريح لشبكة "سي إن إن" العربية أشار إلى ضرورة تشكيل هيئة انتقالية لإدارة البلاد لمدة تتراوح بين ستة إلى تسعة أشهر، تكون مهمتها الرئيسية تنظيم انتخابات برلمانية، تمهيدا لتشكيل النظام السياسي في البلاد.

ما صرح به المسلط يعني بالضرورة أمرين، أولهما ضرورة انسحاب الفصائل المعارضة المسلحة من المدن؛ ومن ثم تسليم مهام الأمن لشرطة مدنية، وهو ما يستوجب الإسراع في إعادة تشكيل وتهيئة وتدريب شرطة احترافية، وذلك يحتاج بالضرورة مساعدة من دول الثورة الصديقة، وعلى رأسها تركيا وقطر، والأمر الثاني هو اتخاذ القرار الجريء بتفكيك هذه الفصائل وحصر السلاح بيد الدولة، لا سيما وأن المقاطع المصورة خاصة في دمشق تثير مخاوف من انتشار السلاح بين المدنيين بعد هروب عناصر النظام والمليشيات الموالية له مخلفين أسلحتهم؛ هروبا من الثوار وخوفا من المحاسبة.

وبمناسبة المحاسبة، فإن العدالة الانتقالية مشروع كبير على عاتق الدولة الوليدة، فما عاناه السوريون من قمع وبطش وتنكيل لا يتحمله بشر، والحديث عن نموذج رواندا وجنوب أفريقيا، حديث في فراغ اللاوعي، فالشعب السوري ليس كالشعب الرواندي أو الجنوب أفريقيا، وعلينا أن نصدق ذلك حتى نستطيع أن نعالج الأمر بموضوعية، ما يعني أن الثوار والمتخصصين منهم يحتاجون أن يؤسسوا لتجربة في مجال العدالة الاجتماعية يتناسب وطبائع وظروف الشعب السوري، وهذا ليس عن هذا الشعب المبدع ببعيد، فالمبدعون موجودون ويمكن الاستفادة من خبرات إخوانهم من العرب وأحرار العالم.

أمر آخر للدولة الوليدة، وهو ما شاهدناه حتى الآن، وهو يثبت نضج هذه الثورة التي راهنت عليها، وبشرت بنجاحها، حتى وهي في أضعف حالتها، ألا وهو الحفاظ على مؤسسات الدولة. فالثوار الآن يؤسسون لدولة، لا يهدمون نظاما، فهذه المؤسسات هي مؤسسات الدولة الوليدة، ولا مانع أن يُترك الموظفون على رأس عملهم لإدارة الدولة، مع رقابة صارمة لمنع الفساد، أو التلاعب، حرصا من الثوار على ثورتهم والدولة الوليدة. فالثورة المضادة لن تهدأ، وكارهو حرية الشعوب لن يعدموا وسيلة، وأصحاب النفوس الضعيفة حاضرون لخدمتهم، وهو ما يحتاج منهجية إدارية ونظم رقابة مستندية تحول دون الولوج في هذا النفق الذي إذا ما سقطت فيه أي دولة لم تخرج منه إلا بثورة، وها هي الثورة، فقدموا نموذجكم أيها الثوريون.

سوريا الجديدة تحتاج إلى سواعد وخبرات وجهود أبنائها، فنحن الآن أمام الاختبار الحقيقي للوطنية، فمن هتف في الشوارع، أو من أيد عبر منصات التواصل الاجتماعي، وزايد على وطنية إخوانه، فليثب ذلك على نحو عملي الآن، فها هي الساحة، بعد أن زال الخوف، وتبدد الظلم وأصبح المجال مفتوحا لبناء الدولة، ولا عذر.

سوريا الجديدة ليست بمعزل عن العالم، فهي مؤثرة ومتأثرة بكل تحرك في الفضاء السياسي الإقليمي والدولي، وهو ما يعني ضرورة الانفتاح على العالم، سواء الصديق أو حتى من وقف أمام الثورة، فسوريا قبل الثامن من كانون الأول/ ديسمبر تختلف عن سوريا بعده على الأطباء والكوادر الطبية في الشتات أن ينظموا أنفسهم، وكذا المهندسون والمدرسون والإعلاميون، وكل صاحب حرفة ومهنة، لوضع الخطط وبذل الجهد وتقديم العون، وبالتالي العودة إلى سوريا الأم لبناء الجمهورية الجديدة، وليكن هذا التنظيم هو نواة لمجتمع مدني قوي، يؤدي دورا في دولة الديمقراطية الوليدة؛ ضاغطا لمصلحة الوطن والمواطن، ورادعا لأي تعسف في استخدام السلطة محتمل.

سوريا الجديدة ليست بمعزل عن العالم، فهي مؤثرة ومتأثرة بكل تحرك في الفضاء السياسي الإقليمي والدولي، وهو ما يعني ضرورة الانفتاح على العالم، سواء الصديق أو حتى من وقف أمام الثورة، فسوريا قبل الثامن من كانون الأول/ ديسمبر تختلف عن سوريا بعده، فالدولة لها حساباتها، وفي تلك الحسابات توضع موازين للتعامل مع كل دولة، مع وضع المصالح العليا لسوريا أمام أعين متخذ القرار. وفي هذا المجال، فإن من تعاملوا مع المجتمع الدولي في الفترة القادمة يجب أن يكون لهم دور مهم في المرحلة الجديدة، وإن كنت أرى ألا يكونوا في الواجهة، لا سيما بعد أدائهم الباهت في كثير من الأحيان، واستطاعة الفاعلين الالتفاف عليهم، لكن أن يكونوا مستشارين فهذا أمر جيد، وذلك لمصلحة سوريا التي يترقبها العالم، فمن مصلحة سوريا أن تقدم وجوها جديدة لم يعرفها المجتمع الدولي ولم يختبرها، مع عنوان عريض بالانفتاح على الجميع بشروط الثورة والشعب السوري.

ختاما..

أفرحتمونا أيها الثوار، وأبكيتمونا، فوالله لم أستطع أن أكتب هذه الكلمات إلا بعد ساعات، قضيتها في شكر الله على نعمه، وأهمها تثبيت كل حر على مبادئه، بأن وعد الله حق، وأن الظلم زائل لا محالة، وأن الله وعد بنصر المؤمنين، فمن آمن بقضيته وعدالتها فالله ناصره لا محالة، ولكن الإنسان خلق عجولا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرية سوريا الأسد الثورة سوريا الأسد حرية الثورة مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب السوری وهو ما

إقرأ أيضاً:

ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟

قال سيث فرانتزمان، زميل مساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، إن إسرائيل تركز بشكل متزايد على التطورات في سوريا.

وخلال الشهر الماضي، راقب المسؤولون الإسرائيليون عن كثب التغيرات التي تحدث في دمشق وجنوب سوريا بالقرب من الحدود الإسرائيلية.

وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في أواخر فبراير (شباط) بأن إسرائيل تطالب "بإزالة السلاح بالكامل من جنوب سوريا في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء من قوات النظام الجديد".

إسرائيل مهتمة بالدروز

وأضاف الكاتب في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية: أبدت إسرائيل اهتماماً بالدروز، فأكد نتانياهو أن إسرائيل "لن تتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية".

ولدعم سياسة إسرائيل، قام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، إيال زمير، بزيارة مرتفعات الجولان في 9 مارس (آذار).

التوسع الإسرائيلي في المنطقة العازلة

وفي إطار التوسع العسكري، التقى زمير برئيس فرقة الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن حدود الجولان مع سوريا.

كما زار مواقع الجيش الإسرائيلي على طول ما يسمى بـ"منطقة الفصل" مع سوريا، وهي خط وقف إطلاق النار الذي يعود تاريخه إلى عام 1974.

ومع ذلك، دفعت إسرائيل إلى منطقة عازلة على طول هذا الخط منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.  

"الشرع يكرر سيناريو الأسد".. الإدارة الذاتية الكردية تعلق على الإعلان الدستوري في سوريا - موقع 24نتقدت "الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا" الإعلان الدستوري الصادر في دمشق، واصفةً إياه بأنه "امتداد للعقلية الفردية ومقاييس حكومة البعث" التي سادت خلال حكم النظام السابق، بعد أيام من توقيع اتفاق لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للأكراد في إطار الدولة السورية الجديدة.

وأنشأ الجيش الإسرائيلي مواقع جديدة في المنطقة العازلة وعلى قمة جبل حرمون، القمة الجبلية التي تطل على جنوب سوريا وشمال إسرائيل ولبنان. واستولت القوات الإسرائيلية على الجانب السوري من الجبل في 8 ديسمبر (كانون الأول). 

مذبحة اللاذقية ورد الفعل الإسرائيلي

مع سقوط الأسد، انتهزت إسرائيل فرصة الفراغ في سوريا، ووجهت ضربات للمعدات العسكرية للنظام السوري السابق، مثل المطارات والمروحيات. 

وصعدت إسرائيل لهجتها مؤخراً، ففي 9 مارس (آذار)، نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي صورة لرئيس سوريا الجديد، أحمد الشرع، مرفقة بتعليق: "الجهاديون في البدلات ما يزالون جهاديين. المذبحة في سوريا تثبت ذلك".

"المفاجأة قاسية".. اللاجئون السوريون يريدون العودة إلى ديارهم - موقع 24سارت لبنى اللباد بين أنقاض حيّها المدمر في حي القابون بدمشق، حيث لم يتبقَّ سوى مسجد واحد صامد، وعليه عبارة قديمة خُطّت منذ استسلام المعارضة للنظام السوري خلال الحرب الأهلية الدامية: "سامحونا أيها الشهداء".

وجاء بيان الوزارة في أعقاب القتال في مدينة اللاذقية السورية حيث قُتل العديد من المدنيين، وبدأ القتال بهجمات على قوات الأمن السورية من قبل مسلحين موالين للأسد، تلاها انتقام من جماعات مسلحة مرتبطة بالحكومة السورية الجديدة، مما أسفر عن سقوط مئات القتلى معظهم من الطائفة العلوية.

What Does Israel Want With Syria? https://t.co/uS9fxMkC8B
by @sfrantzman via @TheNatlInterest
"As Syria faces continued conflict, Israel may be planning a wider confrontation with the new government."

— Elke Götze (@Pucemargine) March 13, 2025

وكتب وزير الشتات ومكافحة معاداة السامية في إسرائيل، عميحاي شيكلي، أن "إسرائيل ستتصرف لحماية الأقلية الدرزية في المناطق القريبة من حدودها، ويجب بذل الجهود للدفاع عن جميع الأقليات في سوريا، مع التركيز على الأكراد، من أي إبادة يقترفها جهاديو هيئة تحرير الشام".

إسرائيل وحذرها من هيئة تحرير الشام

وتستهدف إسرائيل الرئيس السوري الشرع وهيئة تحرير الشام، وهي الجماعة الدينية التي وصلت إلى السلطة في دمشق بعد هزيمة قوات نظام الأسد. وعملت هيئة تحرير الشام على توطيد سيطرتها وتوحيد جماعات المعارضة السورية السابقة الأخرى لإنشاء حكومة انتقالية.
وتمثل إدانات إسرائيل لدمشق وقرارها بفرض نزع السلاح في جنوب سوريا تحدياً محتملاً للشرع، وتوضح أيضاً أن إسرائيل مستعدة لتكون أكثر عدوانية، إذ نفذت إسرائيل عمليات عسكرية في سوريا على مر السنين، كان الكثير منها سرياً.

يحدد المدة الانتقالية وسلطات الرئيس.. الشرع يوقع الإعلان الدستوري السوري - موقع 24وقع الرئيس السوري أحمد الشرع على الإعلان الدستوري الجديد، اليوم الخميس، وذلك بعد استلامه من لجنة الصياغة.

وخلال الحرب الأهلية السورية، نفذ الجيش الإسرائيلي ضربات متكررة على تهريب الأسلحة الإيرانية في البلاد.

وعندما سقط نظام الأسد، بدا الأمر وكأنه أخبار جيدة لإسرائيل، إذ سهل النظام دعم إيران لحزب الله. 

ومع ذلك، لم تحدث فترة شهر عسل بين إسرائيل والسلطات الجديدة في دمشق، إذ تتطالب إسرائيل بنزع السلاح من الجنوب، وفي الوقت الحالي، قد لا تتحدى الحكومة السورية هذا المطلب،  فقوات الأمن التابعة للشرع تتكون من رجال بأسلحة خفيفة ومركبات ذات طابع مدني مثل شاحنات البيك أب التي أعيد استخدامها للاستخدام العسكري. باختصار، لا يوجد حتى الآن جيش يتصدى لإسرائيل.

مقالات مشابهة

  • فرحة بعد هدف للمنتخب في كأس العالم 2006
  • سقوط أكاذيب أمريكا من الحرية الإنسانية إلى الحرية الاقتصادية..!!
  • وقفات بمأرب نصرة لفلسطين وتنديدا بجرائم التكفيريين في سوريا
  • عقبات على الطريق.. ماذا بعد اتفاق قسد والشرع؟
  • ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
  • سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الكبرى
  • سرديات الخراب: كيف تعيد الحرب إنتاج نفسها في السودان؟
  • الصين تفتح آفاقاً جديدة لشكل الحرب في العالم.. ماذا يدور في قاع البحر؟
  • قائد الثورة الاسلامية في ايران: لا جدوى من التفاوض
  • كيف تحسم المعركة نهائيا ضد الفلول والانقلابيين والانفصاليين في سوريا؟