في ضوء الاهتمام المستمر من الشرع الشريف برعاية جميع فئات المجتمع، تبرز فئة "ذوي الهمم" كأحد أولويات الدين الإسلامي الحنيف، الذي يولي اهتمامًا خاصًا بهذه الفئة، ويحرص على توفير الدعم والرعاية لهم. 

 

وفي هذا السياق، يوضح فضيلة المفتي الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام في فتوى رسمية أن الشرع الشريف قد خصَّ ذوي الهمم برعاية خاصة، مع التأكيد على أهمية التخفيف عنهم في مختلف الجوانب، سواء كان في أداء التكاليف الشرعية أو في مجال الحقوق.

ذوو الهمم: تعريف واهتمام الشرع

حسب قانون "حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة" رقم (10) لسنة 2018، يُعرَّف ذوو الهمم بأنهم الأشخاص الذين يعانون من قصور جسدي، ذهني، عقلي أو حسي، ويواجهون صعوبة في المشاركة الفعالة في المجتمع نتيجة لهذا القصور. وقد أتاح الشرع الشريف التيسير لهؤلاء الأشخاص في أداء عباداتهم وتكاليفهم الشرعية، حيث أسقط عنهم بعض الواجبات والفرائض نتيجة لعجزهم، مستندًا إلى قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ [الفتح: 17].

السخرية والاحتقار: محظورات شرعية

من جانب آخر، يحث الشرع الشريف على معاملة ذوي الهمم بكل احترام، وينهى عن السخرية والاستهزاء بهم بأي شكل من الأشكال. وقد جاء التحذير من ذلك في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ [الحجرات: 11]. كما بيّن الحديث النبوي الشريف في صحيح مسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحْقِرُهُ»، في إشارة واضحة إلى تحريمه لأي شكل من أشكال الإهانة تجاه المسلم.

القانون المصري: حماية لحقوق ذوي الهمم

على المستوى القانوني، يعاقب القانون المصري على أي سلوك يتضمن التنمر أو السخرية من ذوي الهمم. وفقًا للمادة (309 مكرر "ب") من قانون العقوبات، يعاقب كل من يتنمر أو يسخر من الآخرين على خلفية الإعاقة أو الحالة الصحية أو العقلية، بالعقوبات المنصوص عليها في القانون، التي تتراوح بين الحبس والغرامة المالية.

دور الأسرة في رعاية ذوي الهمم

وفيما يتعلق بحقوق ذوي الهمم في الزواج والتصرف المالي، أكد الشرع على ضرورة احترام حقوقهم في ممارسة حياتهم الطبيعية، مثل حقهم في الزواج والتصرف في أموالهم بشكل يتناسب مع حالتهم الصحية، شريطة أن يكون ذلك لمصلحتهم الخاصة وبموافقة المتخصصين.

من هنا، تأتي أهمية الدور الذي تقوم به الأسرة في رعاية ذوي الهمم، حيث يجب أن تحرص على توفير الحب والرعاية لهم، وتشجيعهم على التفاعل مع المجتمع والمشاركة فيه بما يتناسب مع قدراتهم.

توصية دار الإفتاء المصرية

وفي ختام فتواها، تؤكد دار الإفتاء المصرية على ضرورة احترام حقوق ذوي الهمم وتوفير البيئة الداعمة لهم، سواء من خلال التيسير في أداء التكاليف الشرعية أو من خلال المجتمع وأفراده، بما يساهم في دمجهم بشكل كامل وفعَّال في الحياة اليومية، استجابة لتوجيهات الشرع الشريف الذي يتسم بالرحمة واليسر.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الهمم ذوى الهمم الإفتاء الشرع الإسلام الله الشرع الشریف ذوی الهمم

إقرأ أيضاً:

كيف يحارب الإسلام استغلال العقول؟.. الإفتاء توضح

في عالمٍ يزداد فيه التحدي الفكري وتتعدد فيه المعتقدات، تبرز مشكلة الأديان المنحرفة أو المخترعة التي تُستخدم كأداة للسيطرة على عقول الناس البسطاء. 

 

تلك الأديان لا تنشأ من منطلقات دينية حقيقية، بل غالبًا ما يكون وراءها مصالح شخصية لطوائف أو أفراد يسيطرون على عقول الجهلة، ويزيفون الحقائق باسم الدين. هؤلاء الأوصياء على هذه الأديان المنحرفة غالبًا ما يتسلطون على أتباعهم ويوجهونهم نحو ارتكاب الجرائم والانحرافات الفكرية، بل وقد يسلبونهم عقولهم ويدفعونهم نحو مسارات تهدم فكرهم وتسبب فسادًا اجتماعيًا.

خطر الاديان المنحرفة على الامن الفكري

إن الأديان المنحرفة لا تقتصر فقط على التسلط على الأفراد، بل تشكل خطرًا بالغًا على الأمن الفكري للمجتمعات. الأمن الفكري هو جزء لا يتجزأ من الأمن المجتمعي؛ فمن خلاله تُحفظ هوية الأفراد وتُصان عقيدتهم. وعندما يروج أصحاب هذه الأديان المنحرفة لآراء وأفكار مغلوطة، فإنهم يعرضون المجتمع لتفكك فكري قد يؤدي إلى الفوضى والتهديدات الأمنية.

كيف حارب الإسلام الاديان المنحرفة

وقد حارب الإسلام هذه الأديان المنحرفة، واعتبرها من أبرز المخاطر التي تهدد استقرار المجتمع. فعن طريق التوعية والفتوى الصحيحة، يسعى الإسلام إلى حماية العقول من الاستغلال والتحريف. 

نصوص تحكم العقل 

فقد جاء القرآن الكريم والسنة النبوية بالعديد من النصوص التي تحث على تحكيم العقل والتمسك بالحق، وتحذر من التلاعب بالمفاهيم الدينية لتوجيه الناس نحو الباطل.

دور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري

إن دور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري يعد من أهم أدوار مؤسسات الدين في العصر الحديث. فبإصدار الفتاوى الصحيحة والواعية، يمكن تجنب التأثيرات السلبية للأديان المخترعة، ويُصان استقرار المجتمع من خلال التأكيد على فكر صحيح ومستنير. لذا، تظل الفتوى هي سلاحنا الأهم في مقاومة هذه التيارات المنحرفة التي تهدد أمننا الفكري.

 

في اليوم العالمي للإفتاء، يجب على جميع المسلمين تعزيز وعيهم بأهمية الفتوى ودورها في حماية الفكر، والتمسك بالمعرفة الصحيحة التي تنير الطريق.

مقالات مشابهة

  • تحت رعاية الرئيس.. الإفتاء تبحث التصدي للفتاوى العشوائية في ندوة دولية الأحد
  • أحمد حلمي الشريف: منتخب مصر لن يكون ضيف شرف بمونديال 2026.. وندعم «العميد»
  • زعيم هيئة تحرير الشام يبعث رسالة إلى الغرب بشأن سوريا
  • أحمد حلمي الشريف: اتحاد الكرة داعم لحسام حسن ومصر لن تكون ضيف شرف في مونديال 2026
  • حكم إيواء الإرهابيين والتستر عليهم.. دار الإفتاء تجيب
  • بيان المقصود بـ "ذوي الهمم" ورعاية الشرع الشريف لحقوقهم
  • المؤسسة الصديقية تشارك في رعاية بطولة الجمهورية للفروسية لذوي الهمم
  • هل يجوز الإسراع في صلاة الظهر لادراكها قبل العصر.. أمين الفتوى يرد
  • كيف يحارب الإسلام استغلال العقول؟.. الإفتاء توضح
  • دار الإفتاء تحذر من السخرية والاستهزاء وخطورتهما على الفرد والمجتمع