عين ليبيا:
2024-12-12@07:32:24 GMT

الربيع العربي.. شرارة لم تنطفئ وثورة لا تعرف اليأس

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

ظن كثيرون أن الربيع العربي قد مات، وأن الشعوب التي انتفضت في وجه الطغيان قد خمدت إرادتها تحت وطأة الأنظمة القمعية، التي تسلقت على أكتاف الثورات لتبني عروشها وتعيد عجلة الاستبداد إلى الوراء. لكن ما حدث في سوريا، بسقوط نظام الأسد، هو أكبر دليل على أن الربيع العربي لم يمت، إنه يعيش في قلوب الشعوب، ينتظر الفرصة المناسبة ليشتعل من جديد، ولن يُطفأ حتى يحقق أهدافه في الحرية والكرامة والعدالة.

سقوط الأسد: رسالة لكل الطغاة ودرس للحكام العرب

مارس بشار الأسد كل أنواع البطش على شعبه، من استخدام الأسلحة الكيميائية إلى تدمير المدن وتشريد الملايين. تخلى عن كرامته وسيادة بلاده لصالح روسيا، وأدخل المرتزقة من الفاغنر وحرس إيران الثوري ليحموا نظامه. ورغم ذلك، لم يستطع النجاة من إرادة الشعب السوري الذي استمر في مقاومته حتى أسقطه. سقوط الأسد ليس مجرد حدث محلي، بل هو رسالة لكل الحكام الذين يسيرون على دربه: القمع والتبعية للخارج لن تحميكم من شعوبكم.

من تونس إلى مصر، ومن ليبيا إلى الخليج، الأنظمة التي اغتصبت السلطة أو استبدت بها يجب أن تدرك أن الربيع العربي قد يستيقظ في أي لحظة:

1. قيس سعيد (تونس):

الرئيس التونسي الذي خيب آمال شعبه بتجميد المؤسسات الديمقراطية والانفراد بالسلطة، عليه أن يتعلم من درس الأسد. الشعب الذي أسقط نظام بن علي لن يتردد في الانتفاض مجددًا إذا استمرت خيبة الأمل في تحقيق تطلعات الثورة.

2. عبد الفتاح السيسي (مصر):

السيسي الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عسكري، وأعاد البلاد إلى عصر القمع والسجون المكتظة بالمعارضين، عليه أن يدرك أن البطش لا يخلق استقرارًا دائمًا. الشعب المصري الذي أسقط مبارك يمكنه أن يفعلها مرة أخرى.

3. عبد الحميد الدبيبة وخليفة حفتر (ليبيا):

في ليبيا، انقسام السلطة بين الشرق والغرب لم يُنه معاناة الشعب، بل زادها. الدبيبة في طرابلس وحفتر في الشرق كلاهما يتشبث بالسلطة بطرق مختلفة، لكن الشعوب الليبية، التي ثارت ضد القذافي، لن تقبل أن تعيش تحت حكم مستبد جديد، سواء اعتمد على روسيا والفاغنر أو غيرها من القوى الأجنبية.

4. محمد بن سلمان (السعودية):

انفتاح ولي العهد السعودي على الثقافة الغربية بشكل مفرط قد يكون بمثابة فتيل يشعل موجة احتجاجات جديدة. الشعب السعودي، رغم قبوله بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، قد لا يتحمل تجاوز الحدود الثقافية والدينية التي تحكم مجتمعه.

5. محمد بن زايد (الإمارات):

التطبيع مع إسـ ــرائـــيل قد يكون خطوة استراتيجية بالنسبة له، لكنه قد يستفز مشاعر الكثيرين داخل الإمارات. رغم الهدوء الظاهري، فإن الربيع العربي قد يطرق أبواب الإمارات لأول مرة، خاصة مع زيادة الوعي الشعبي والتأثير الخارجي.

6. المغرب:

الوضع في المغرب يبدو الأكثر هشاشة. الاقتصاد المتدهور، وارتفاع مستويات الفقر، وتراجع مستوى الحرية يجعل البلاد مهيأة لانتفاضة جديدة. الملكية المغربية التي لطالما اعتُبرت أكثر مرونة من غيرها قد تجد نفسها أمام احتجاجات تطالب بإصلاح جذري، خاصة إذا استمر الوضع الاقتصادي في التدهور.

الربيع العربي: ثورة مستمرة وليست حدثًا عابرًا

الربيع العربي ليس مجرد سلسلة من الأحداث التي بدأت في 2011 وانتهت بالفشل أو النجاح. إنه عملية مستمرة، تعكس توق الشعوب العربية للحرية والعدالة. الأنظمة التي تظن أنها انتصرت على شعوبها يجب أن تدرك أن الشعوب لا تموت، وأن طموحاتها قد تخبو مؤقتًا لكنها لا تختفي.

سقوط الأسد هو تذكير بأن إرادة الشعوب أقوى من جبروت الطغاة. على الأنظمة العربية أن تقرأ الدرس جيدًا، وأن تدرك أن الربيع العربي لم ينتهِ. الشعوب العربية، التي دفعت أثمانًا باهظة من الدماء والدموع، لن تتوقف حتى تحقق أحلامها في حياة كريمة وحكم عادل. الربيع العربي لم يمت، بل ينتظر اللحظة المناسبة ليعود، وهذه المرة قد يكون أكثر شمولًا وتأثيرًا.

تبينوا هذا والله تعالى أعلم

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

حينما تقف الأنظمة على ثغور مصالح غيرها وليس ثغر أوطانها.. نظام الأسد نموذجا!!

نجحت المعارضة السورية بأطيافها في تحقيق السيطرة على غالبية الأرض السورية -إلا القليل منها- وإسقاط حكم "عائلة الأسد" الذي امتد 6 عقود سوداء! لكننا سنترك الحديث عن ذلك الآن، ونتناول في مقالنا بعض ما قام به نظام "بشار الأسد" لتظل أسرته الفاسدة في الحكم أبد الدهر، كما كانوا يأملون!

حينما أطل الربيع العربي قادما من الغرب بدءا بتونس مرورا بمصر وليبيا استقبلها الشعب السوري التوّاق إلى حريته بعيدا عن الاستبداد والحكم الدموي الذي اشتهرت به عائلة الأسد (مذبحة حماة على يد حافظ الأسد 1982)، وبعيدا أيضا عن استمالة الطائفة التي ينتمي إليها رأس النظام (العلوية) التي مُنحت دون غيرها عددا من الامتيازات التي تقوّي من تبعيتها وولائها للنظام!..

ولم يتظاهر السوريون ضد الطائفية البغيضة وحدها، تلك التي رسختها عائلة الأسد، بل تظاهروا كذلك ضد الفساد المستشري في دولاب الحكم من منتفعي وأذناب العائلة أيّا ما كان انتماء المنتفعين المذهبي أو العرقي؛ سُنة أو شيعة، عربا أو كردا أو تركمانا، مسلمين أو مسيحيين، ولنا أن نعرف أن أعمدة النظام صاروا أكبر منتج لمادة الكبتاجون المخدرة في العالم!..

وكاد الثوار أن ينجحوا غير أن النظام سارع باستدعاء حلفائه من المليشيات الإيرانية، ومليشيا حزب الله اللبناني عام 2012، وبعدها استعان بالروس عام 2015 حيث ساعدوه في قلب المعادلة لتفوّق سلاح الطيران تحت أيديهم..

واستعاد النظام سيطرته على المناطق الثائرة بعد تدميرها وضربها بالكيماوي وبكل أنواع الأسلحة المحرمة، مما أدى إلى استشهاد مئات الآلاف إضافة إلى المهجّرين من أهل تلك المدن ممن حشُروا في الشمال في إدلب وشمال حلب..

أما شمال شرق سوريا فتركهما تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المتحالفة مع أمريكا والمرتمية في أحضان إسرائيل والمناوئة والمعادية للدولة التركية، بالشراكة في ذلك مع حزب العمال الكردستاني (PKK)!..

المصالح الخارجية التي حماها النظام في مقابل بقاء أسرته الحاكمة منذ 54 عاما!

نافح "بشار الأسد" من أجل بقائه في سدة الحكم طوال 25 عاما قضاها كما تفعل بعض الأنظمة الحاكمة في المنطقة؛ من تقديم كافة التنازلات والتضحية بالمصالح العليا لأوطانها لضمان الاستمرار! وهذا بعض ما فعله النظام لاستمرارية حكم عائلته الفاسدة مما يصب في مصلحة القوى الخارجية دون وطنه سوريا:

1- تمكين الدولة الإيرانية بتشجيع التحول للمذهب الشيعي في سوريا -حاضرة الخلافة الأموية- بين الشعب السوري ذي الأغلبية السنية -بالترغيب والترهيب- وإقامة الحوزات واللطميات الشيعية التي وصلت إلى المدارس والجامعات والميادين والمساجد، والتضييق الممنهج على الغالبية السنية وحشرها في إدلب من الشمال السوري واللعب في التركيبة الديمغرافية للبلاد كما فعلوا في العراق حاضرة الخلافة العباسية السنية!..

2- التغافل عن تحركات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المتحالفة مع أمريكا والحائزة على رعايتها وتمويلها تحت ذريعة محاربة الدواعش، والمرتمي في أحضان الكيان الصهيوني. و"قسد" المعروفة بعلمانيتها وعدائها للحركات الإسلامية السنية، لا تغفل أنقرة مشروعها بالتحالف مع تنظيم الـ"PKK" الساعي للسيطرة على مدن الشمال السوري حلب والرقة والحسكة المتاخمة للجنوب التركي كمقدمة للدولة الكردية المزعومة في شمال سوريا وجنوب شرق تركيا وشمال غرب إيران، بالإضافة إلى كردستان العراق في شمال بلاد الرافدين، تلك الدولة التي ستفصل الأناضول عن البلاد العربية كما فعل الكيان الصهيوني بفصل مصر عن الشام!

3- فرش الحصيّ في الأرض للدولة التركية! كأهم حوائط الصد للمشروع الإيراني ووريثة الخلافة العثمانية والمنافس القوي لإيران ولمصالحها، كما حدث في الحرب الأذرية الأرمينية! وتركيا المقصودة بسماح النظام السوري وتهاونه مع التنظيمات الإرهابية كحزب العمال الكردستاني (PKK) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بالتواجد والعربدة في مدن الشمال السوري وتفخيخ الحدود التركية على الدوام..

4- حالة الاستعلاء القبيحة التي اتسم بها "بشار الأسد" في التعاطي والتفاعل مع حالة التقارب التي قام بها النظام التركي والتحول عنها بإشارات غير خفية من حليفه الإيراني بعدم التقارب، والإبقاء على حالة التوتر الدائمة لتركيا في جنوب البلاد ..

لقد بذلت تركيا جهدا في تضييق الهوة بينها وبين النظام السوري وهي الاستراتيجية التي دأب صانع السياسة الخارجية التركية علىى تنفيذها، والتي أثمرت بعودة العلاقات مع مصر ثم بعض الدول الخليجية بعد الذي كان! لكن استعلاء النظام السوري والتزامه بإشارات حلفائه وداعميه في عدم التجاوب مع أنقرة، بالإضافة إلى تهاونه مع التنظيمات الكردية وتجاوزه للتفاهمات التي تمت في اتفاق آستانة بين الدول الثلاث (تركيا، إيران، روسيا) والتي كانت تقضي بخفض التصعيد في المدن السورية خاصة إدلب التي حشر بها أكثر من 4 ملايين سوري من السنة.. أنفد كل ما سبق صبر الدولة التركية! وحملها على تجهيز المعارضة السورية المسلحة وانطلقت عملية السيطرة على سوريا وإنهاء حكم النظام السوري بعمليتي "فجر الحرية" و"ردع العدوان" للسيطرة على المدن وطرد المليشيات والتنظيمات الإرهابية، حتى كلل الله الجهد بالنجاح المدوي في أقل من أسبوعين، وتحققت لأنقرة ما أرادت وهذا ما عبر عنه وزير خارجيتها "هاكان فيدان" حين قال: تركيا قد تتأخر في فعل اللازم لكنها تفعله في النهاية!

مقالات مشابهة

  • خبير في السياسات الدولية: على الشعب السوري التوحد للحفاظ على مؤسسات الدولة
  • يتجاوز صافي ثروته 400 مليار دولار.. تعرف على الملياردير الذي دخل التاريخ من أثرى أبوابه
  • مركز أبحاث أمريكي: ما التحديات التي ستواجه ترامب في اليمن وما الذي ينبغي فعله إزاء الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • صفحة الأسد التي طُويت
  • سقوط الأسد.. هل يعيد السوريون أجواء الربيع العربي من جديد؟
  • سقوط الأسد.. هل يعيد السوريون تاريخ الربيع العربي من جديد؟
  • سوريا زهرة الربيع العربي ودروس المرحلة
  • سوريا: سقوط الأسد وارتدادات الربيع العربي؟
  • حينما تقف الأنظمة على ثغور مصالح غيرها وليس ثغر أوطانها.. نظام الأسد نموذجا!!
  • ماذا بعد بلبلة ليبيا وسربتة سوريا ؟