ما معنى حديث «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ابْتَلَاهُ»؟ اعرف آراء العلماء
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
ما معنى حديث إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ابْتَلَاهُ» والفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب؟ الابتلاء قدرٌ من أقدار الله تعالى، ولا يُحكم عليه بظاهره بالضر أو النفع، كما أنَّه لا ينبغي للعبد أن ييأس من رحمة ربه، أو أن يضجر من الدعاء، أو يستطيل زمن البلاء، وليعلم أنه من أمارات محبة الله للعبد، وأن معنى الحديث الوارد في السؤال أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد بالعبد خيرًا اختبره وامتحنه بأيِّ نوع من أنواع الابتلاء.
ويفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب بأن ابتلاء الرضا هو الذي يُقابل من العبد بالصبر على البلاء، وابتلاء الغضب يُقابل بالجزع وعدم الرضا بحكم الله تعالى، وأيضًا فإنَّ ابتلاء الغضب باب من العقوبة والمقابلة، وعلامته عدم الصبر والشكوى إلى الخلق، وابتلاء الرضا يكون تكفيرًا وتمحيصًا للخطيئات، وعلامته وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع، ويكون أيضًا لرفع الدرجات، وعلامته الرضا وطمأنينة النفس والسكون لأمر الله سبحانه وتعالى.
الحث على الصبر على البلاء وإن طال زمنه
سمَّى الله تعالى غزوة "تبوك" التي استمرت شهرًا «ساعةَ العُسرة» كما في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 117]، تهوينًا لأمرها وتيسيرًا لهولها، وإخبارًا بعِظَمِ أجرها.
قال الإمام البقاعي في "نظم الدرر" (9/ 36، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وسمَّاها "ساعة": تهوينًا لأوقات الكروب، وتشجيعًا على مواقعة المكاره؛ فإن أمدها يسير وأجرها عظيم خطير، فكانت حالهم باتباعه في هذه الغزوة أكمل من حالهم قبلها].
فلا ينبغي للإنسان أن ييأس من رحمة ربه، أو أن يضجر من الدعاء، أو يستطيل زمن البلاء؛ لأنه لا يعلم حكمة البلاء ولا يعي كنه أسراره، وأن تَفَقُّدَ الله تعالى للمكلفين بالمصائب والابتلاءات إنما هو رحمة بهم، وحفظًا لصحة عبوديتهم؛ قال الإمام ابن الجوزي في "صيد الخاطر" (ص: 439، ط. دار القلم): [فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء؛ فإنك مبتلى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله، وإن طال البلاء].
وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (4/ 179، ط. مؤسسة الرسالة): [لولا محن الدنيا ومصائبها: لأصاب العبد -من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب- ما هو سبب هلاكه عاجلًا وآجلًا، فمن رحمة أرحم الراحمين: أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب، تكون حِمْيَةً له من هذه الأدواء، وحفظًا لصحة عبوديته، واستفراغًا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه، فسبحان مَن يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه].
معنى حديث: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ابْتَلَاهُ»
الابتلاء أمارة من أمارات محبة الله للعبد، ويدل على ذلك الحديث الذي ورد السؤال عنه، وهذا الحديث رواه ابن مسعود وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذا أحَبَّ الله عبدًا ابتلاهُ لِيَسْمَعَ تضرُّعَهُ» أخرجه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان"، وابن حبان في "المجروحين"، والديلمي في "المسند"، وابن أبي الدنيا في "الصبر والثواب" و"المرض والكفارات".
وفي رواية أخرى أخرجها الإمام الترمذي في "سننه" عن أنسِ بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ عِظَمَ الجزاء مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي فله الرضا، ومَن سخط فله السَّخَطُ».
ومعنى الحديث: أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد بالعبد خيرًا اختبره وامتحنه بأيِّ نوعٍ من أنواع الابتلاء، بنحو مرض أو هَمٍّ أو ضيق؛ حتى يُمَحِّصَه من الذنوب ويُفَرِّغ قلبه من الانشغال بغيره سبحانه، ويستجيب دعاءه، ويثيبه من أجل تضرعه له عزَّ وجلَّ؛ قال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 60، مكتبة الإمام الشافعي): [«إِذا أحبَّ الله عبدًا ابتلاه»؛ أي: أراد به الخير ووفقه «ابتلاه» اختبره وامتحنه بنحو مرض أو همٍّ أَو ضيق؛ «ليسمع تَضَرُّعَهُ» تَذَلُّلَه واستكانته وخضوعه ومبالغته في السُّؤال ويثيبه.. «وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم» بأنواع البلاء؛ حتى تمحص ذنوبهم وتفرغ قُلُوبهم لذكره وعبادته].
حكم ذكر الأشخاص بصفاتهم بهدف التذكير .. هل يعتبر من الغيبة؟حكم العثور على هاتف مفقود .. اعرف كيفية التصرف الشرعي
الفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وعلامات كلٍّ منهما
هناك فرقٌ بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب وهو: أن ابتلاء الرضا هو الذي يُقَابَلُ من العبد بالصبر على البلاء؛ لِيَحْصُل العبد على رضا الله ورحمته؛ فهو علامة لحبِّ الله تعالى له، وليس دليلًا على غضب الله سبحانه وتعالى عليه، أما ابتلاء الغضب فهو الجزع وعدم الرضا بحكم الله تعالى.
قال الإمام ابن الملك في "شرح المصابيح" (2/ 324، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [«وإنَّ اللَّه إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمَنْ رضي»؛ أي: بالبلاء وصبر عليه فله الرضا؛ أي: يحصل له رضاء الله ورحمته، «وَمَنْ سَخِطَ»؛ أي: كره البلاء وجزع ولم يرضَ بحكم الله، فعليه السخط من الله والغضب عليه، والرضاء والسخط يتعلقان بالقلب لا باللسان، فكثير ممَّن له أنينٌ من وجعٍ وشدةِ مرضٍ مع أن في قلبه الرضاءَ والتسليم بأمر الله تعالى].
وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (3/ 1142، ط. دار الفكر): [نزول البلاء علامة المحبة، فمن رضي بالبلاء صار محبوبًا حقيقيًّا له تعالى، ومن سخط صار مسخوطًا عليه].
ويفترق ابتلاء الرضا عن ابتلاء الغضب بوجه آخر، وهو أنَّ ابتلاء الغضب باب من العقوبة والمقابلة، وعلامته عدم الصبر والجزع والشكوى إلى الخلق، وابتلاء الرضا يكون تكفيرًا وتمحيصًا للخطيئات؛ وعلامته وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع، ويكون أيضًا لرفع الدرجات؛ وعلامته الرضا وطمأنينة النفس والسكون لأمر الله.
قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في "فتوح الغيب" (ص: 113، ط. دار الكتب العلمية): [علامة الابتلاء على وجه العقوبة والمقابلة: عدم الصبر عند وجوده، والجزع والشكوى إلى الخليقة والبريات.
وعلامة الابتلاء تكفيرًا وتمحيصًا للخطيات: وجود الصبر الجميل من غير شكوى وإظهار الجزع إلى الأصدقاء والجيران والتضجر بأداء الأوامر والطاعات.
وعلامة الابتلاء لارتفاع الدرجات: وجود الرضا والموافقة، وطمأنينة النفس، والسكون بفعل إله الأرض والسماوات، والفناء فيها إلى حين الانكشاف بمرور الأيام والساعات].
حكم ذكر الأشخاص بصفاتهم بهدف التذكير .. هل يعتبر من الغيبة؟حكم العثور على هاتف مفقود .. اعرف كيفية التصرف الشرعي
الفرق بين العقوبة والابتلاءالابتلاء من سنن الله تعالى في الكون التي لا تتغير ولا تتبدل، ويُبتلى الإنسان في هذه الحياة الدنيا تارة بالخير، وتارة بالشر، كما قال تعالى«كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» (سورة الأنبياء: 35)، وذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره قوله تعالى: «وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» أي: نختبركم بالمصائب تارة، وبالنعم أخرى؛ لننظر من يشكر ومن يكفر، ومن يصبر ومن يقنط.
وقد يبتلي الله تعالى، الإنسان بشيء ظاهره الشر لكنه في حقيقته خير كثير، وقد يكون عكس ذلك تمامًا قال - تعالى -: «وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ» (سورة البقرة: 216).
الابتلاء إذا أصاب الإنسان الصالح بعد الطاعات التي يؤديها فهذا ابتلاء بالخير لرفع الله تعالى من درجاته ومنزلة في الجنة، أما الابتلاء بالشر فيصيب الإنسان بعد الذنب الذي يرتكبه وقد يكون بسبب تكفير هذه المعصية حتى يتوب فاعلها إلى الله تعالى ويستغفر فيمحو الخالق عز وجل إثم المعصية التي ارتكبها.
إن الله -عز وجل- يبتلي عباده بالسراء و الضراء ، وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم، وإعلاء ذكرهم، ومضاعفة حسناتهم، كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، والصلحاء من عباد الله، كما روى ابن ماجة (4023) عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟، قَالَ: «الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»
وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة، كما قال سبحانه: «وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ» (سورة الشورى: 30). فالغالب على الإنسان التقصير، وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها، فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل، رفعًا في الدرجات وتعظيمًا للأجور، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب.
الحاصل أنه قد يكون الابتلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور، كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات؛ كما في قوله تعالى: «مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من يُرد الله به خيرًا، يُصب منه» وقوله: «يصب»: قُرئت بوجهين: فتح الصاد: «يُصَب»، وكسرها: "يُصِب"، وكلاهما صحيح.. أما «يُصِب منه»، فالمعنى أن الله يُقدِّر عليه المصائب حتى يَبتليه بها؛ أيصبر أم يَضجَر.
وأما «يُصَب منه»، فهي أعم؛ أي: يصاب من الله ومن غيره، وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي، وعدم المبادرة لـ التوبة ، كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة» أخرجه الترمذي وحسنه.
ما أسباب الابتلاء والمصائب ؟فضل الصبر على الابتلاءقال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الابتلاء بالنسبة للمؤمن كله خير؛ لأن البلاء يعرض المُبتلى لثواب عظيم يناله جزاءً على ما قدم من شكر أو صبر، منوهًا بأن الابتلاء بالمصائب كالفقر والمجاعة والأمراض وفقد الأحبة ليس أمارة على سوء حال المُبتلى، وأن صفوة البشر هم الذين يصيبهم البلاء.
وأضاف شيخ الأزهر، خلال حلقة سابقة له، أن العبد قد تكون له منزلة في الجنة لا يصل إليها بعمله الذي اعتاد عليه لعلو هذه المنزلة وسموها عن درجة عمله، فيبتلى من الله، فيبلغ هذه الدرجة بثواب الصبر على قضاء الله، يقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم: «عَجبًا لأمرِ المؤمنِ، إن أمرَه كلَّه له خيرٌ، وليسَ ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ: إن أصابَتْه سراءُ شَكرَ فكان خيرًا له، وإن أصابَتْه ضراءُ صبرَ فكان خيرًا له»، وسبب الخير في عموم البلاء هو التحقق بمقام الصبر أو مقام الشكر.
وتابع: إن ذكر الصبر ومشتقاته ورد في القرآن الكريم أكثر من 100 مرة، وهو يدور حول معنى واحد وهو حبس النفس على ما تكره ابتغاء مرضات الله.
وأشار إلى أن القرآن الكريم والسنة المشرفة ربط بين الصبر وأعظم الدرجات في الدنيا وأجلها في الآخرة، فالصابرون هم أئمة المتقين، وهما الذين يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا، آيات الصبر: «وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ» (سورة النحل: 126)، وقال تعالى: «وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (النساء: 25)، ووصف النبي –صلى الله عليه وسلم- الصبر بأنه نصف الإيمان.
ولفت الإمام الأكبر، إلى أن النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى مناط الثواب في الصبر، بقوله: «واعْلَمْ أنَّ في الصبرِ على ما تَكرَه خيرًا كثيرًا»، والصبر المقبول هو ما كانَ في وقته الصحيح: «إنَّما الصَّبرُ عند الصَّدمةِ الأُولَى»، فإذا فتر المبتلى من تأثير مرور الزمن أو مواساة الآخرين فلا يسمى صابرًا محتسبًا، مشددًا على أن الصبر ضرورة دينية ودنيوية، وهو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الآمال وبلوغ الغايات.
وألمح إلى أن الإنسان لا يبلغ مجدًا ولا نجاحًا إلا إذا اتخذ الصبر مطية في السعي لبلوغ المقاصد وتحقيق الآمال، معتبرًا أن أبلغ ما قيل في ذلك قول الرسول –صلى الله عليه وسلم-: «حُفَّتِ الجنَّةُ بالمَكارِهِ، وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهواتِ»، وقوله أيضًا: «وَلا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا»، وقول المسيح عليه السلام،: «إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبرك على ما تكرهون».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ابتلاء الغضب ابتلاء الرضا المزيد المزيد الله سبحانه وتعالى صلى الله علیه وسلم ابتلاء الغضب قال الإمام الله تعالى الصبر على وقد یکون له تعالى إذا أراد تکفیر ا على ما د الله
إقرأ أيضاً:
رأي بعض العلماء الأحبار في موالاة الطغاة والكفار
العلماء هم ورثة الأنبياء وهم الأساس لكل نهضة علمية وصناعية وتجارية وثقافية وفي كل المجالات، ولخطورة المسؤولية الملقاة عليهم فقد حث النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم على العلم وحذر العلماء من السكوت عن قول كلمة الحق ورفع مكانة من يقول كلمة الحق إلى مرتبة سيد الشهداء .
لكن الملاحظ في أيامنا هذه سكوت العلماء وتولية السفهاء وهي مظاهر حذر منها النبي الأعظم وجعلها من علامات الساعة، فقد ورد في حديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم ((ان بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم))، ومعنى كلمة ينزل انه يأتي من أعلى .
كما جاء في الحديث عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ((ان الله لا يقبض العلم اتنزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا))، ومعنى الحديث انتشار الجهل بأحكام الشريعة الإسلامية وشيوع العلم بغيرها من العلوم الدنيوية وذلك إما بفعل تغير حال القائمين على شؤون الحكم، كما يفعل هذه الأيام بعض الحكام الذين يتسابقون في إرضاء اليهود والنصارى وتغيير المناهج لتتناسب مع مطالبهم وكما يصفه قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي (أقلمة كل شيء وفق التعليمات والتوجيهات والإملاءات الأمريكية، فقد تحركت الأنظمة رسميا وشعبيا لإخضاع الشعوب بالقوة وفقا لتلك الأوامر، مما جعلها تخدم اليهود والنصارى ضد مصلحة الشعوب العربية والإسلامية)، ولذلك تحركت المسيرة القرآنية في اتباع المنهج القرآني النهضوي الذي يحفظ للأمة كرامتها وعزتها ومجدها وسيادتها ويحقق مصالحها وهو ما جعلها عرضة للاستهداف من القوى الاستعمارية والطغيان والاستكبار.
المناهج غُيرت وتمت تولية علماء يسبّحون بحمد الحاكم ويجهّلون الناس بدينهم (وتمت محاربة العلماء والدعاة سواء بالسجن أو الإقامة الجبرية ومنع الناس من الوصول اليهم)، وحسب رأي المجتهد العلامة السيد أبو بكر بن علي المشهور في تفسيره لحديث اتخذ الناس رؤوسا جُهّالا.
فقد كانت الأوامر لبلدان العالم العربي والإسلامي صارمة فتسارعت لإرضائهم وموالاتهم إلى أبعد مدى ممكن، فمثلا الإمارات سلمت خطبة الجمعة لحاخام اليهود في أكبر مسجد فيها –مسجد الشيخ زايد-وسجنت العلماء والدعاة وافتتحت المعبد الهندوسي واستجلبت الأبقار المقدسة وسنت دينا جديدا خليطاً من شعائر اليهود والنصارى والهندوس والمسلمين (الديانة الإبراهيمية).
*السعودية سجنت علماء الشريعة الذين لا يؤيدون رأي الأمراء في توجهاتهم لإرضاء اليهود والنصارى واستبدلتهم بعلماء مؤيدين وسلمتهم شؤون الفتوى والوعظ والإرشاد ولن نستقصي كل أقوالهم بل سنورد بعضا منها للاستشهاد إلى أين وصلت في مخالفة الكتاب والسنة:
*مفتي السعودية قبل إنشاء هيئة الترفيه: أفتى بتحريم الغناء وبعد إنشائها اتخذ الهروب دربا للسلامة وحينما سُئل عن الحفلات الماجنة بالقرب من الحرم المكي؟ كان جوابه، إن المملكة في أمن واستقرار ولله الحمد ورخاء وعافية وندعو الحكومة الرشيدة إلى التقرب من الله وارجو ان يوفقوا إلى اتباع الحق، بمعنى انه لا مجال للتحريم ولا للتحليل ولا للانكار طالما ان ولي الأمر قد أمر بذلك .
*خطيب المسجد الحرام “السديس” :نفى نفيا قاطعا وجود حفلات البدع والمخالفات للكتاب والسنة في أرض المملكة وكأنه لا يرى ولا يسمع ما تعرضه وما تبثه وسائل الإعلام السعودية نفسها من حفلات لراقصات عاريات، بل وصل الأمر إلى حد التطاول على رب العزة والجلال سبحانه وتعالى .
*الخروج في مظاهرات لدعم غزة حرام لما يصاحبها من اختلاط الرجال والنساء لا يقره الشرع والدين، لكن الاختلاط بين الشباب في مهرجان الرياض حلال لا غبار عليه، كما يقول بذلك خطيب مسجد قباء والمسجد النبوي الشريف في خطبته التي ألقاها عند بداية طوفان الأقصى.
أكاديمي ومحاضر منهم يقول: سيكون هناك صلح عام نجتمع فيه مع اليهود والنصارى لمقاتلة عدو مشترك ويستشهد بالحديث النبوي ((تصطلحون انتم والروم صلحا عاما ثم تقاتلون عدوا لكم وعدوا لهم))، وهذا العدو- حسب رأيه- كما يؤكد العلماء الأقدمون هو الرافضة والملاحظة على قوله الآتي:
إن صح الحديث فهو يتحدث عن الصلح مع الروم، لكنه ادخل اليهود من ضمنهم وهو قول فاسد لان اليهود أمة غير الروم .
اليهود والروم اليوم مجتمعون في حلف صليبي يشن الحروب الإجرامية في كل أصقاع الأرض وفلسطين ولبنان وغيرها من البلدان دمرت بسبب تحالفهم ضد المسلمين، فمن أبرم الصلح معهم هل أمير المؤمنين بن سلمان أم بن زايد أم بن السيسي؟
أنكرتم عقد هدنة معهم لحماية الضعفاء والمساكين وأجزتم التصالح معهم وهم المستعمرون والغزاة والمستحلون لدماء الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ .
الله سبحانه حذر المسلمين منهم بقوله تعالى ((لتجدن اشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود والذين اشركوا)) المائدة -82-.
ومعنى ذلك اجتماع اليهود والمشركين بعد إدخال عبادة الأصنام مع المؤمنين؛ وقد أكد لنا الله سبحانه أنهم لايزالون في قتالنا ((ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر)).
وأكد سبحانه وتعالى ان طاعتهم ردة إلى الكفر ((يأيها الذين ءامنوا ان تطيعوا فريقا من الذين اوتوا الكتاب يردوكم بعد ايمانكم كافرين)) آل عمران-100-.
وكيف وقد اخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الروم اشد عداوة حيث قال ((أشد الناس عداوة عليكم الروم وإنما هلكتهم مع الساعة)).
السيد العلامة المجدد والمجتهد أبو بكر بن علي المشهور تحدث عن حدوث الكثير من علامات الساعة التي ذكرها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ومنها أمارة الصبيان والسفهاء وإخراس العلماء والعودة إلى الشرك وإرجاع الأصنام إلى الجزيرة العربية واستحلال الخمر والإعلام الذي ينشر الفاحشة والاختلاط وترك الجهاد من قبل الدول والحكومات وبقاؤه شعبيا أي يقوم به العلماء دون الأنظمة .
الجهاد اليوم أصبحت تقوم به الجماعات ومن ذلك محور المقاومة الذي يسعى لنصرة المظلومين على ارض فلسطين ولبنان بعد أن هيمن الحلف الصهيوني الصليبي على قادة وأنظمة الحكم وجعلهم رهن إشارته، فحارب بهم شعوبهم ودينهم وعقيدتهم .
لكن هناك من يلتزم المواقف المبدئية وينصر المظلومين وهو ما يؤكد عليه الشهيد القائد حسن نصر الله فيقول (بعد آلاف الجرحى والشهداء والآلام أقول وبكل وضوح أيا تكن التضحيات، أيا تكن العواقب، أياً تكن الاحتمالات، أياً يكن الأفق الذي تذهب إليه المنطقة المقاومة في لبنان لن تتوقف عن مساندة ودعم الأشقاء في غزة والضفة وباقي الأراضي المقدسة)، وهي ذاتها المواقف التي يقولها ويؤكد عليها قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين، يحفظه الله.
وهنا يكون التساؤل: من هي الطائفة التي ذكرها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم انها على الحق لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم؟