ماذا نعرف عن أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
عواصم - الوكالات
قال زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الملقب بـ "أبو محمد الجولاني" في بيان بثه التلفزيون السوري الرسمي بعد سيطرة قوات الهيئة على دمشق: "إنه لا مجال للعودة إلى الوراء وأن الهيئة عازمة على مواصلة المسار الذي بدأته في 2011، وأن المستقبل لنا.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد والسيطرة على العاصمة السورية دمشق أصبح أسم الجولاني يتردد بشكل كبير في نشرات الأخبار وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، فهو أحد أبرز اللاعبين في المشهد السوري الجديد، وقائد جبهة تحرير الشام التي تمكنت من إسقاط النظام السوري وتغيير موازين القوى.
تصدر الجولاني الواجهة كقائد عسكري برز بشكل واضح خلال الأيام الأخيرة، وينتظر أن يلعب دورًا بارزًا في مرحلة ما بعد الأسد.
رغم بروز اسم الجولاني خلال الأيام الأخيرة، إلا أن بدايته سبقت ذلك بوقت طويل. ولد أحمد حسين الشرع وهو الاسم الحقيقي للقيادي العسكري عام 1982، ونشأ في حي المزة بالعاصمة دمشق، وتربى في عائلة ميسورة نشأ فيها ليبدأ دراسة الطب لاحقًا.
تنحدر أصول عائلة الشرع من مرتفعات الجولان السوري المحتل، الذي نزحت منه عائلته لدمشق بعد الاحتلال الإسرائيلي لها عام 1967، ليختار القيادي منها اسمه الحركي "أبو محمد الجولاني" نسبة للجولان، وذلك بحسب ما ذكر هو في مقابلة سابقة مع قناة "بي بي إس" الأمريكية.
بدأ الجولاني حياته في المجال العسكري مبكرًا، فمع الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، سافر الطبيب للانضمام للحرب وانضم إلى تنظيم "القاعدة" تحت زعامة أبي مصعب الزرقاوي، وساهم في العمليات ضد القوات الأمريكية خلال الحرب العراقية، حتى تم القبض عليه عام 2004 من قبل القوات العراقية قضى على إثرها عدة سنوات في السجن حتى الإفراج عنه عام 2008 ليعود إلى سوريا.
مع اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، عاود الجولاني نشاطه العسكري مرة أخرى، ليكون أحد المؤسسين لـ"جبهة النصرة"، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، والتي أصبحت فيما بعد واحدة من أقوى الفصائل المسلحة في البلاد.
خلال تلك الفترة وطد الجولاني علاقته مع تنظيم القاعدة، حيث امتدح زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري، علانية في مقطع فيديو وبايعه تم نشره، وذلك بحسب ما ذكرت صفحة "مكافآت من أجل العدالة" التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، وبينما كان الجولاني كذلك لكنه رفض التقرب منه أبي بكر البغدادي، زعيم "داعش" الذي قتل لاحقا في غارة أمريكية على سوريا عام 2019.
لم يرغب الطبيب في الاستمرار تحت عباءة القاعدة لوقت طويل، فأعلن عام 2017 فك ارتباط "جبهة النصرة" بالقاعدة، ليؤسس "جبهة تحرير الشام" في خطوة تهدف إلى تحسين صورتها وتحقيق استقلالية أكبر عن التنظيمات المسلحة الأخرى وهو ما لم يكن شفيعًا له حيث ظل الجولاني محط اهتمام كبير من قبل المجتمع الدولي، وتم إدراجه في قوائم الإرهاب الأمريكية، بسبب ارتباطه بالإرهاب والعمليات المسلحة ضد القوات الغربية.
ورغم محاولات محمد الجولاني لإبعاد "هيئة تحرير الشام" عن ارتباطاتها السابقة بتنظيمي القاعدة وداعش، فقد استمرت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى في تصنيفها كمنظمة إرهابية.
عام 2018، أدرجت الولايات المتحدة "هيئة تحرير الشام" على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وعرضت مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى القبض على الجولاني.
في 16 مايو 2013، صنفت وزارة الخارجية الأمريكية الجولاني كـ"إرهابي عالمي" بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، وبموجب هذا التصنيف، تم تجميد جميع ممتلكات الجولاني تحت الولاية القضائية الأمريكية، ومنعت الحكومة الأمريكية مواطنيها من إجراء أي تعاملات معه.
كما حذرت واشنطن من أن تقديم الدعم المادي أو التورط في أي نشاط من شأنه أن يساعد جبهة النصرة أو أي فصيل تابع لها يعد جريمة، مشيرة إلى أن أي محاولات لتوفير الإمكانيات المادية أو التآمر لصالح هذه الجماعات ستعرض الأفراد للمسائلة القانونية.
وفي مقابلة نادرة، أجرى محمد الجولاني، زعيم "جبهة تحرير الشام"، مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية، والتي أثارت جدلاً واسعاً، مع حصولها في وقت لا يزال القيادي فيه على قوائم الإرهاب الأمريكية.
خلال المقابلة حاول الجولاني تقديم نفسه بشكل أكثر اعتدالاً مقارنة بصورته السابقة في الإعلام الغربي، وكانت هذه المقابلة واحدة من أولى المرات التي يظهر فيها الجولاني علنًا في حديث مباشر مع وسائل الإعلام الدولية.
في المقابلة، سعى الجولاني إلى الترويج لصورة جديدة عن "جبهة تحرير الشام"، مبرزًا أنها قد تخطت علاقتها بتنظيم القاعدة وأنها تركز الآن على تحقيق أهداف محلية تخص الوضع في سوريا.
وأوضح أن جماعته لم تعد مرتبطة بأي تنظيمات خارجية مثل "القاعدة"، وأنها تسعى لبناء "دولة إسلامية" في سوريا ضمن إطار الشريعة الإسلامية، مشددًا على أن هذه الأهداف محلية ولا تشمل التوسع خارج حدود سوريا.
كما تحدث الجولاني عن الدور الذي تلعبه "جبهة تحرير الشام"، مشيرًا إلى أنها تقاتل ضد النظام السوري وحلفائه من أجل تحقيق "الحرية" للسوريين، ومع ذلك فإنه رغم محاولاته لتقديم صورة أكثر اعتدالًا، فقد تمسك بالخطاب الإسلامي الجهادي الذي يتبناه تنظيمه.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ترك الطب وحول مسيرته ليتصدر المشهد في سوريا الآن.. من هو أبو محمد الجولاني؟
من أبرز الأسماء التي ارتبطت بالحروب الدائرة في سوريا والمنطقة، يبرز اسم "أبو محمد الجولاني" كأحد الشخصيات الأكثر إثارة للجدل، فقد انطلق إلى أن أصبح أحد القادة البارزين في المعارضة السورية، ثم سعى لاحقًا لتغيير صورته وملامح خطابه السياسي.
فمن هو أبو محمد الجولاني؟ وكيف تحولت مسيرته إلى شخصية يسعى لاستمالة المجتمع الدولي.
من هو أبو محمد الجولاني؟وُلد أحمد حسين الشرع في عام 1982 في حي المزة في دمشق، لعائلة ميسورة الحال، وبدأ حياته الدراسية في مجال الطب في جامعة دمشق، ولكنه سرعان ما تخلى عن دراسته الجامعية ليتجه إلى العمل العسكري.
وتعود جذور اسمه الحركي «أبو محمد الجولاني»، إلى أصول عائلته المنحدرة من هضبة الجولان السورية، حيث نزح جده بعد احتلال إسرائيل للمنطقة في عام 1967، كما صرح الجولاني في مقابلة مع محطة «بي بي إس» الأمريكية في عام 2021.
وبداية الجولاني كانت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، حيث بدأ بحضور اجتماعات سرية وخطب دينية في ضواحي دمشق.
وبعد الاجتياح الأمريكي للعراق في 2003، قرر الجولاني الانضمام إلى صفوف تنظيم القاعدة بقيادة أبي مصعب الزرقاوي في العراق، ليشارك في الهجمات التي كانت تستهدف القوات الأمريكية والعراقية.
وفي عام 2005، تم القبض عليه من قبل القوات الأمريكية وأمضى خمس سنوات في السجن.
العودة إلى سوريا وتأسيس جبهة النصرةمع اندلاع الحراك ضد الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2011، عاد الجولاني إلى سوريا ليقود فصائل المعارضة المسلحة، حيث أسس تنظيم «جبهة النصرة» التي أصبحت لاحقًا «هيئة تحرير الشام».
ورغم ارتباطه الوثيق بالتنظيمات الجهادية، إلا أن موقفه كان معارضًا لتقارب تنظيمه مع داعش، حيث رفض في 2013 أن يبايع زعيم داعش، أبي بكر البغدادي، مفضلاً الانصياع لزعيم القاعدة آنذاك، أيمن الظواهري.
التحول البراجماتيمنذ عام 2015، بدأ الجولاني في تبني خطاب سياسي يختلف عما كان معروفًا عنه في السابق، فقد أعلن علنًا عن رفضه شن هجمات ضد الغرب، على غرار ما كان يفعل تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة في سنوات سابقة.
كما بدأ تدريجيًا في التخلص من الصورة التقليدية التي ارتبطت به كأحد قادة التنظيمات المتطرفة، حيث تخلّى عن العمامة البيضاء التي كان يرتديها في بداية الحرب السورية ليظهر في زي عسكري أو أحيانًا زي مدني، مما عكس تحولًا في استراتيجيته.
ويعتبر الجولاني نفسه "واقعيًا" بحسب مقربيه، بينما يراه خصومه "براجماتيًا"، مستغلًا الفرص لتحقيق مصالحه الشخصية وتنظيمه، وواصل في عام 2016 الانفصال عن تنظيم القاعدة، مؤكدًا بذلك أنه لا يريد أن يرتبط بعلاقات مع أي تنظيمات جهادية متطرفة أخرى.
بين السياسة والقتالاليوم، يُعتبر أبو محمد الجولاني أحد اللاعبين الرئيسيين في الساحة السورية، حيث يقود «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على مناطق كبيرة في الشمال الغربي من سوريا، ولكن التحول الذي شهده في خطابه ومواقفه جعل البعض يراه ليس فقط قائدًا عسكريًا، بل أيضًا شخصية سياسية تسعى إلى التفاوض مع القوى الإقليمية والدولية.
وبالرغم من محاولاته لتغيير صورته من زعيم تنظيمات إرهابية إلى قائد «معتدل»، فإن سمعته السابقة لا تزال تلاحقه، وهو ما يثير الجدل حول إمكانية قبوله في المستقبل كجزء من الحل السياسي في سوريا.
وأبو محمد الجولاني، الذي بدأ حياة مختلفة، يعيش الآن مرحلة من التحولات في مسيرته، محاولًا أن يظهر كقائد سياسي قادر على لعب دور في مستقبل سوريا، إلا أن هذه التحولات تظل محل نقاش واسع بين مؤيدين يرون فيه شخصًا "واقعيًا" يسعى للسلام، ومعارضين يعتبرونه أحد رموز العنف والتطرف.