في ظل الأحداث التي شهدتها سوريا مؤخرًا، والتي انتهت بسقوط نظام بشار الأسد، تُعلق الشعوب العربية على الحادث ليس فقط من حيث كونه انتصارًا سياسيًا أو عسكريًا، ولكن من خلال منظورهم الإيماني والتاريخي المرتبط بالعدالة الإلهية، ودور الإيمان في التحولات الكبرى التي تشهدها الشعوب.

النصر والعدالة الإلهية: تجسيد للحق ضد الباطل

 

في الإسلام، يُعد النصر على الظلم من أسمى القيم التي يتم التشديد عليها، تقول الآية الكريمة: "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" (الإسراء: 81)، وتُعتبر هذه الآية مصدرًا للإيمان بأن الحق سيظل قائمًا مهما طال الزمان، المسلمون الذين عايشوا معاناة الشعب السوري خلال سنوات من القمع والظلم تحت حكم بشار الأسد، يرون في سقوط النظام هزيمة للبَاطِل وانتصارًا للعدالة الإلهية، تلك العدالة التي تكفل للمظلومين في النهاية حقهم في الحياة الكريمة.

الظلم لا يدوم: تأكيد لوعود الله للمظلومين

النظام السوري كان يُعتبر تجسيدًا للظلم الذي استمر لفترات طويلة، وتذكّرنا السورة الكريمة: "وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" (الأنعام: 131)، وهو تأكيد على أن الله لن يغفل عن ظلم الناس، وأنه سينصف المظلومين في النهاية، وكثيرون من السوريين في الداخل والخارج يرون أن هذا السقوط هو نتيجة حتمية للظلم الذي مارسه النظام على شعبه، وأنه جاء في الوقت الذي أذن الله فيه بالتحول، فكان بمثابة انتقام إلهي للمظلومين الذين كانوا يتعرضون للقتل والتعذيب دون رحمة.

الشكر لله: التواضع وامتثال المؤمن لله

أما بالنسبة للمسلمين الذين شهدوا هذه اللحظة، فإن الاحتفال بالنصر لا يجب أن يقتصر على الفرح فقط، بل يجب أن يترافق مع الشكر لله على هذه النعمة.

 في الحديث النبوي الشريف: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" (رواه الترمذي)، وهو تذكير بأن الفضل لله أولًا وآخرًا، وأن النصر لا يأتي من العوامل السياسية أو العسكرية فقط، بل هو جزء من تدبير الله الذي لا يُردّ. لذلك، يولي المسلمون أهمية كبرى في أن يتوجهوا بالدعاء والشكر لله على كل تحول إيجابي في حياتهم، مع الاعتراف بالمساعدات التي تلقوها من الآخرين.

التسامح والإصلاح: الدعوة للمصالحة بعد النصر

 

وفي مرحلة ما بعد النزاع، يدعو الإسلام إلى التسامح والإصلاح، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: "فَمَن عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ" (الشورى: 40).

 في الوقت الذي يعيش فيه السوريون فرحة النصر، يوجه علماء الدين المسلمون الدعوة إلى التصالح والعفو، وعدم الاستمرار في إشعال نار الانتقام، فعلى الرغم من عمق الجراح التي مر بها الشعب السوري، فإن المرحلة المقبلة تقتضي أن يكون التركيز على إعادة بناء البلاد بروح من التسامح، بهدف المضي قدمًا نحو مجتمع متماسك.

العودة إلى الوطن: لحظة تكامل الروح والجسد

العودة إلى الوطن بعد سنوات من المعاناة قد تكون لحظة مليئة بالمشاعر المتضاربة، لكن من الناحية الدينية، يُعتبر العودة إلى الوطن بداية جديدة تُحتسب عند الله، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ابتلى الله عبده بالبلاء ثم صبر عليه، كان له أجر عظيم" (رواه البخاري).

 لذلك، يجب أن تكون هذه العودة مترافقة مع العمل على بناء الوطن وإصلاحه، مع الحرص على أن تكون أفعالهم بعد العودة انعكاسًا لإيمانهم العميق بأن هذه الفرصة هي بداية مرحلة جديدة من النماء الشخصي والاجتماعي.

 

إن سقوط النظام السوري لم يكن مجرد حدث سياسي، بل كان تحولًا روحيًا ووجوديًا بالنسبة للعديد من السوريين الذين عاشوا سنوات من الظلم والدمار، ومن خلال منظور ديني، يظهر أن هذه اللحظة تمثل تجسيدًا للعدالة الإلهية والتأكيد على أن الحق لا يضيع مهما طال الزمن. وفي نفس الوقت، تظل الدعوة الدينية موجهة نحو البناء والتسامح، حيث أن النصر ليس سوى بداية جديدة تتطلب توجيه الشكر لله، والعمل على إصلاح النفس والمجتمع.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: سقوط النظام السوري سقوط النظام السوري سوريا بشار الأسد نظام بشار الأسد

إقرأ أيضاً:

بعد شهر من سقوط نظام الأسد..وفد بحريني يبحث في سوريا العلاقات بين البلدين

تحول وفد من البحريني برئاسة وزير الخارجية عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأربعاء، إلى سوريا لبحث العلاقات بين البلدين.

وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في مؤتمر صحافي، مع نظيره البحريني، إن الزيارة تعبير معلن عن دعم البحرين لإرادة الشعب السوري في تقرير مصيره، ووحدة أراضيه، واستقرار سوريا والمنطقة، حسب وكالة الأنباء السورية.

وزير الخارجية أسعد الشيباني خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البحريني:
1️⃣ نشكر الوفد البحريني برئاسة سعادة وزير الخارجية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، على زيارتهم #دمشق، والتي جاءت تعبيراً معلناً عن دعمهم لإرادة الشعب السوري في تقرير مصيره، ووحدة أراضيه، واستقرار #سوريا والمنطقة.

— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) January 8, 2025

وتابع الشيباني: "اليوم مضى شهر كامل على عملنا، واستطعنا خلال هذه الفترة الوجيزة أن نعيد لسوريا دورها العربي المفقود منذ زمن، ونعلن استعدادنا لتمثيل سوريا في كافة المؤتمرات العربية بدءاً من الجامعة العربية".

وأعرب وزير الخارجية السوري عن طموح بلاده "إلى إنشاء شراكات سياسية واقتصادية مع المملكة البحرينية الشقيقة بما يعود بالنفع على البلدين، والاستثناءات والرخص التي صدرت مؤخراً عن الإدارة الأمريكية تفسح المجال لدعم القطاعات الخدمية الهامة لحياة السوريين، كما تمهد للدول الراغبة بالاستثمار".

وأكد الشيباني أن "سوريا المستقبل ستشكل صفحة جديدة في ذاكرة شعبنا يشعر من خلالها بالتمثيل والمشاركة، كما نؤكد لشعبنا بأن علاقة الدولة بالشعب ستكون قائمة على المواطنة والاحترام، لا على أساس الظلم والتسلط الأمني والعسكري".

وزير الخارجية:
3️⃣نطمح إلى إنشاء شراكات سياسية واقتصادية مع المملكة البحرينية الشقيقة بما يعود بالنفع على البلدين، والاستثناءات والرخص التي صدرت مؤخراً عن الإدارة الأمريكية تفسح المجال لدعم القطاعات الخدمية الهامة لحياة السوريين، وتمهد للدول الراغبة بالاستثمار.#سوريا #البحرين

— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) January 8, 2025

ومن جانبه،أكد الزياني حرص البحرين على استقرار سوريا وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها وازدهار شعبها، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام خيارات شعبها، واهتمام المملكة بأن تتجاوز سوريا التحديات الحالية بتضامن وتكاتف شعبها بكافة مكوناته وطوائفه وأعراقه، وتستعيد دورها الفاعل على الصعيدين العربي والدولي، حسب وكالة الأنباء البحرينية.

قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني يستقبلان في قصر الشعب وفداً من مملكة #البحرين برئاسة الدكتور عبداللطيف الزياني وزير الخارجية.#سوريا pic.twitter.com/c5AkuRAwc8

— الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا (@SanaAjel) January 8, 2025

وأشار وزير الخارجية البحريني إلى أنه استعرض مع أحمد الشرع قائد الإدارة السورية الجديدة مخرجات ومبادرات "قمة البحرين"، التي تعكس عزماً جماعياً لقادة الدول العربية على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مع ضمان قدرة جميع الشعوب في المنطقة على التعايش في بيئة آمنة ومستقرة ومزدهرة تنعم بالسلام المستدام.

وزير الخارجية يعقد مؤتمرا صحفيا مع وزير الخارجية والمغتربين في الحكومة السورية المؤقتةhttps://t.co/uvzRghrjH6

— وكالة أنباء البحرين (@bna_ar) January 8, 2025

وقال إن المناقشات تطرقت إلى تعزيز علاقات التعاون الثنائي، مؤكدا استعداد المملكة لتوسيع آفاق التعاون المشترك في مختلف المجالات الحيوية مع الأشقاء في سوريا، إلى جانب التطرق أيضاً إلى جهود الإدارة السورية الجديدة على مختلف المستويات لتجاوز هذه المرحلة التاريخية الحرجة، وضمان الحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، مع تحقيق تطلعات شعبها للاستقرار والأمن والنماء، واستعادة دورها المحوري ومكانتها الطبيعية على الصعيدين العربي والدولي، داعياً إلى تجميد العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.

مقالات مشابهة

  • بعد سقوط نظام بشار.. الموز يرسم الابتسامة على وجه السوريين
  • رسالة مؤثرة من شابين سوريين عاشا في المملكة ويزوران سوريا لأول مرة .. فيديو
  • آخر رئيس وزراء يكشف الساعات الأخيرة لنظام الأسد وقرارات بشار التي دمرت الدولة (فيديو)
  • اجتماع أميركي أوروبي في روما لتقييم الوضع بسوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • لماذا لم يعد معظم النازحين واللاجئين السوريين رغم سقوط الأسد؟
  • تركيا تكشف عدد السوريين العائدين إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد
  • بعد شهر من سقوط نظام الأسد..وفد بحريني يبحث في سوريا العلاقات بين البلدين
  • وزير الدفاع السوري: نظام الأسد استعمل الجيش لقـ.تل الشعب وحماية نفسه
  • وزير الدفاع السوري: نظام الأسد أكسب الجيش سمعة سيئة
  • تفاصيل كاملة.. كيف نقل نظام بشار الأسد الأموال من دمشق لموسكو؟