سوريا أم بشار: من الذي سقط؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
في خضم الأحداث المأساوية التي عصفت بسوريا خلال العقد الأخير، يطرح سؤال مصيري: هل سقط بشار الأسد، أم أن سوريا هي التي سقطت؟ يبدو أن الإجابة تحمل في طياتها مأساة أكبر مما يتخيله البعض، فالقضية لم تكن فقط عن سقوط نظام أو زعيم، بل عن سقوط وطن في مستنقع التمزق والدمار.
دروس من التاريخ العربي الحديث
منذ بداية موجة "الربيع العربي"، شهدنا نماذج متشابهة في ليبيا، والعراق، واليمن.
سوريا بين التحرير المزعوم والاحتلال الفعلي
تحت شعارات "تحرير سوريا" و"إسقاط النظام"، أُغفلت الحقائق المؤلمة: الجولان المحتلة، التي لم تجرؤ الجماعات المسلحة على إطلاق رصاصة واحدة باتجاهها، بل بالعكس، كانت إسرائيل تدعم وتعزز وجودها هناك. فكيف نتحدث عن حرية أو انتصار في ظل تجاهل هذا الواقع؟
الثمن الإنساني الباهظ
المشاهد القادمة قد تكون أكثر قسوة اذا لم تعالج الأمور بشكل عاجل ووفقا لما يتمناه الشعب السورى، لاننى أخشى ام يطول الأمر و تظهر فى الأفق موجات جديدة من اللاجئين، أطفال بلا مأوى، عائلات تبحث عن الأمان في كل اتجاه. أن يعيش الإنسان بلا وطن أو تحت احتلال فكري وثقافي دخيل، هو مأساة لا يمكن وصفها. سوريا، التي كانت تاريخيًا رمزًا للحضارة والثقافة والانفتاح، تواجه الآن تهديدًا من فكر متطرف أشبه بالسرطان، يفتك بكل شيء جميل، و لا يترك الجسد الا مدمرا، اللهم الا اذا كان هذا الجسد متلاحم و قوى.
الحرية الحقيقية: مسؤولية وليست فوضى
ما حدث في العراق عندما أُسقط تمثال صدام حسين، وما يحدث اليوم في سوريا من تحطيم لتماثيل حافظ الاسد ، ليس تعبيرًا عن الحرية، بل هى مؤشرات نحو الانزلاق و للفوضى العارمة. الحرية مسؤولية تتطلب الحفاظ على الوطن ومقدراته، لا تدميره تحت شعارات عاطفية قد تفضي إلى نتائج كارثية.
الحرية مسئولية، و الحفاظ على الوطن مسئولية و ليست همجية و تحطيم المنشأت لأن الفاتورة سوف تكون باهظة و سوف يدفع ثمنها الشعب كله، لأن البناء يحتاج ايضا فاتورة بالتأكيد تتحملها خزينة الدول.
درس مصر: الشعب والجيش يدًا بيد
مصر مرت بتجربة قاسية خلال حكم الإخوان المسلمين، الذي لم يدم سوى عام واحد، لكنه كان كافيًا ليظهر خطر الفكر المتطرف. إلا أن الشعب المصري، بحماية جيشه العظيم، قال كلمته وأعاد البلاد إلى مسارها الصحيح. على الشعب السوري أن يتعلم من هذه التجربة، فالحفاظ على الوطن أولوية لا يمكن التهاون بها.
سوريا اليوم ليست بحاجة إلى شعارات بل إلى إعادة البناء وتلاحم بين أبنائها للحفاظ على ما تبقى. المعركة ليست فقط ضد نظام أو شخص، بل ضد محاولات تقسيم وتفتيت بلد له تاريخ طويل من الحضارة والانفتاح.
.
انا شخصيا لا يهمنى وجود بشار من عدمه، لكن كل ما يهمنى الا أشاهد دولة عربية جديدة تعيش التشرذم و التفتت و الانقسام. و الفكر المتطرف ينهش فى جسدها حتى ينهكها و تصبح اشلاء كما أصبحت دول أخرى كثيرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزاد سوريا الربيع العربي إسقاط النظام العراق الجولان صدام حسين
إقرأ أيضاً:
الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا تنتقد الإعلان الدستوري.. ما السبب؟
انتقدت "الإدارة الذاتية" الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، الإعلان الدستوري الذي صادق عليه الرئيس السوري أحمد الشرع لنظم المرحلة الانتقالية، معتبرة أنه يشابه مقاييس النظام المخلوع وحكومة حزب البعث المنحل.
وقالت الإدارة في الذاتية، الخميس، إن "هذا الإجراء يتنافى من جديد مع حقيقة سوريا وحالة التنوع الموجود فيها"، معتبرة أن "تزوير فعلي لهوية سوريا الوطنية والمجتمعية، حيث يخلو هذا الإعلان من بصمة وروح أبناء سوريا ومكوناتها المختلفة من كرد وحتى عرب كذلك السريان الآشوريين وغيرها من المكونات الوطنية السورية".
وأضافت الإدارة، في بيان يأتي بعد يومين من توقيع "قسد" اتفاقية دمج مؤسساتها العسكرية والمدنية في الحكومة السورية، أن "هذا الإعلان يفتقر لمقاييس التنوع الوطني السوري، ويخلو من حالة المشاركة الفعلية لمكونات سوريا الوطنية وبالتالي يعبر هذا الإعلان من جديد عن العقلية الفردية والتي تعد امتداداً للحالة السابقة التي تواجدت في سوريا وانتفض الشعب ضدها".
واعتبرت أن "هذا الإعلان لا يمثل تطلعات شعبنا ولا تدرك حقيقة هويته الأصيلة في سوريا وهو بمثابة شكل وإطار يقوض جهود تحقيق الديمقراطية الحقيقية في سوريا وبنوده البعيدة عن سوريا وآمال شعبها".
ولفت إلى أن "الدستور الحقيقي هو الذي يتشارك فيه كل المكونات ويتفقون حوله كونه المسار الديمقراطي المستدام لمستقبل سوريا ومستقبل أجيالها القادمة"، معربة عن أملها في "ألا تعود بنا بعض الممارسات والأفكار الضيقة إلى مربع الصفر لأن ذلك سيجعل الجرح السوري منزوفاً من جديد".
وكان الشرع وقع على مسودة الإعلان الدستوري الذي ينظم المرحلة الانتقالية في البلاد خلال السنوات الخمس القادمة، وذلك في خطوة من شأنها دفع البلاد إلى حكومة ودستور دائم في نهاية المدة المحددة.
نص الإعلان على أن نظام الحكم في سوريا رئاسي، وقضى بحل المحكمة الدستورية القائمة "لأنها من بقايا النظام البائد"، مشددا على أهمية القضاة وأحكامهم واستقلاليتهم، تاركا أمر عزل عضو المجلس أو فصله أو تقليص سلطاته لمجلس الشعب.
ونص الإعلان أيضا على أن مجلس الشعب يتولى العملية التشريعية ورئيس الجمهورية يتولى السلطة التنفيذية، وأكد الفصل التام بين السلطات.
وأبقى على مقتضى أن الفقه الإسلامي هو المصدر الأساسي للتشريع وأن الإسلام هو دين رئيس الجمهورية، مؤكدا أن حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة، بالإضافة إلى ضمان حق الملكية وحق المرأة في المشاركة في العمل والعلم.
جاء ذلك بعد يومين من توقيع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على اتفاق دمج الأخيرة في مؤسسات الدولة، وذلك ضمن مساعي دمشق لحل كافة الفصائل المسلحة وبسط سيطرتها على كافة التراب الوطني.
ونص الاتفاق المكون من ثمانية بنود، على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".