صحيفتان إسرائيليتان: قد يكون إسقاط نظام الأسد نبأ سيئا لإسرائيل
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
اهتمت صحيفتا "جوريزاليم بوست" و"يديعوت أحرنوت" الإسرائيليتان بالتطورات في سوريا بشكل كبير، وقدمتا تحليلين حاولتا من خلالهما رؤية المصالح الإسرائيلية والمخاطر التي يمكن أن تهددها من التغييرات المحتملة. وقد اتفقتا رغم اختلاف زاويتي النظر وبعض التفاصيل على أن النظام السوري الضعيف تحت حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد كان يصب في مصلحة إسرائيل.
وقالت جيروزاليم بوست -في تحليل بقلم هيرب كينون- إن الاشتعال المفاجئ للحرب الأهلية السورية جعل العديد من الإسرائيليين يتساءلون "عدو عدوي يقاتل عدوي، إذن فأنا مع أيهما؟"، أو بعبارة أخرى، من الذي لا ترغب إسرائيل في رؤيته على حدودها مع سوريا، هل هم "المتطرفون الجهاديون الشيعة" المدعومون من قبل إيران أم "الجهاديون السنة" المدعومون من قبل تركيا؟
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف عالمية: سقوط آل الأسد زلزال مذهل سيعيد تشكيل المنطقةlist 2 of 2إدارة ترامب المقبلة تضم أغنياء بثروة تتجاوز 340 مليار دولارend of list بعيدا عن الصراعولأن إسرائيل لا ترغب في وجود أي منهما على حدودها وتفضل وجود نظام سوري ضعيف يحكمه الأسد بدل سقوطه -كما تقول الصحيفة- فإن نهجها تجاه التطورات في سوريا سيكون البقاء بعيدا عن الصراع ما لم يتم تهديد مصالحها الأمنية بشكل مباشر أو فوري، كما قال إسحاق شامير أثناء الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات، يمكن لإسرائيل "أن تتمنى النجاح لكلا الجانبين".
إعلانوقالت إن هجوم المعارضة السورية المسلحة لم يتوقعه إلا القليل رغم أنه لم يكن مفاجئا تماما، إذ كان واضحا أن حرب الشرق الأوسط التي بدأتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بهجومها على إسرائيل ستكون لها آثار إقليمية أوسع، وإن لم يكن واضحا ما ستكون عليه هذه الآثار والتداعيات.
وقد أدى هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى فتح حزب الله اللبناني جبهة ضد إسرائيل وطرد 60 ألف إسرائيلي من منازلهم، ومرت 11 شهرا طويلة، من الحرب انتهت بانفجار أجهزة الإنذار واغتيال قيادة حزب الله والتدهور الشديد لقدراته، وإظهار ضعف إيران وقدرتها على الاختراق.
مصالح مختلفة
وبعد هذا التسلسل من الأحداث اتخذت المعارضة السورية قرارا بمحاولة استعادة حلب وإعادة إشعال الحرب الأهلية في وقت أصبحت فيه 3 من أكبر حلفاء الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ضعيفة للغاية أو مشغولة، موسكو منشغلة في أوكرانيا، وحزب الله وإيران في أضعف أحوالهما، ومع ابتعاد حلفاء الأسد الثلاثة، رأت هذه المعارضة فرصة كانوا يخططون لها فيما يبدو، وانقضوا عليها في نفس اليوم الذي أعلن فيه حزب الله وإسرائيل عن وقف إطلاق النار.
وكانت الحرب الأهلية السورية التي بدأت عام 2011 قد أثارت مجموعة من الجهات الفاعلة المختلفة التي لديها عدد لا يحصى من المصالح الأيديولوجية المختلفة، والقتال المتجدد اليوم -حسب الصحيفة- ليس مختلفا عنها، وهي تتعلق بالمصالح الأساسية لـ4 لاعبين رئيسيين في هذه الدراما، إسرائيل وتركيا وإيران وروسيا.
ولخصت الصحيفة مصالح إسرائيل التي تسببت أفعالها في لبنان وسوريا في إضعاف المحور الإيراني السوري اللبناني ومنع إيران من استخدام سوريا في إعادة تسليح حزب الله وبناء قوته، مشيرة إلى أن الحرب الأهلية أخرجت سوريا من كونها تشكل تهديدا لإسرائيل.
إعلان قد يؤدي إلى الفوضىولم تكن تريد إسرائيل أن يسقط الأسد لأن ذلك قد يؤدي إلى الفوضى التي نادرا ما تكون مفيدة لإسرائيل، ولأن تل أبيب تحب القدرة على التنبؤ، والأسد في سوريا يوفر ذلك، فهو ليس صديقا، ولكن إسرائيل على الأقل تعرف ماذا تتوقع منه ـوما يمكنه وما لا يمكنه فعله، وما سيفعله وما لن يفعله.
أما تركيا -حسب الصحيفة- فمصالحها تتلخص أساسا في إعادة توطين ما يقدر بنحو 3.5 ملايين لاجئ سوري تدفقوا إلى أراضيها منذ بداية الحرب الأهلية في شمال سوريا، وفي تقويض الجهود الكردية في المنطقة بشكل أكبر.
ومصلحة إيران، التي تعد الخاسر الأكبر إلى جانب الأسد، هي الحفاظ على سوريا كممر للأسلحة إلى حزب الله وكمنصة لإنتاج الأسلحة للمجموعة اللبنانية وإعادة بناء وكيلها الرئيسي، وبالتالي إذا سقط الأسد سوف تضيع هذه القناة، حسب الصحيفة.
وكانت روسيا قد تدخلت بنشاط في 2015 في الحرب الأهلية السورية، وبذلك قلبت الموازين لصالح الأسد، وكان ذلك نابعا من عدة مصالح مهمة، وهي أن روسيا من خلال سوريا قادرة على فرض قوتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط ومحاربة النفوذ الأميركي في المنطقة، وأنها تحصل على ميناء على البحر الأبيض المتوسط في طرطوس، فضلا عن قاعدة جوية بالقرب من اللاذقية.
مكسب إستراتيجي
ومن ناحيتها، قالت "يديعوت أحرونوت" -في تحليل بقلم رون بن يشاي- إن الهجوم الذي شنته المعارضة السورية، إلى جانب عجز جيش النظام السوري الواضح، أدى إلى إثارة سلسلة من ردود الفعل بين مختلف الجماعات العرقية والدينية في سوريا.
ورأى الكاتب أن هناك تهديدا وشيكا على إسرائيل من قبل "الجهاديين السنة" وعليها، كإجراء احترازي، أن تستعد لأي سيناريو من هذا القبيل، بما في ذلك إجراء مناورة عسكرية واسعة النطاق في شمال وادي الأردن وجنوب مرتفعات الجولان.
وفي ظل استيلاء المعارضة السورية على مدينة تدمر في وسط سوريا، حيث قتلت ضربة إسرائيلية ما لا يقل عن 82 من مقاتلي المليشيات الموالية لإيران وقادة حزب الله -حسب الصحيفة- وبالتالي من غير المرجح أن تنشئ المليشيات الموالية لإيران وجودا لها في المنطقة، إضافة إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قامت بجهود لصالح الجيب الكردي في شمال سوريا، ولانتزاع السيطرة على معاقل نهر الفرات من المليشيات الشيعية الموالية لإيران.
إعلان دعم الأكرادوبالنسبة لإسرائيل، من الأهمية بمكان التأثير على الولايات المتحدة لمواصلة دعم الأكراد وضمان بقاء القوات الأميركية في المنطقة -حسب الكاتب- في الوقت نفسه، تسعى إسرائيل إلى الحصول على نفوذ أميركي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمنع المسلحين السوريين من التقدم نحو مرتفعات الجولان.
وذكر الكاتب بأن مخاوف إسرائيل بشأن وقوع الأسلحة الإستراتيجية السورية في أيدي المعارضة السورية قد هدأت بشكل كبير بعد أن استهدفت المجمع العسكري الصناعي الرئيسي في سوريا بالقرب من بلدة السفيرة، حيث كانت تخزن الصواريخ ومعدات الإنتاج، الإيرانية والسورية، ويزود حزب الله بالأسلحة.
وبدت إسرائيل سعيدة بأن المسلحين السوريين لم يتحركوا غربا إلى المنطقة الساحلية التي تهيمن عليها الطائفة العلوية حيث تقع منشآت عسكرية صناعية سورية أخرى، بل ركزوا بدلا من ذلك على السيطرة على الطريق السريع الرئيسي من الشمال إلى الجنوب، وهو الطريق السريع الذي يربط حلب وحماة وحمص ودمشق.
وختمت الصحيفة بأن إسرائيل، في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يجب أن تظل في حالة تأهب قصوى في مرتفعات الجولان، مع التركيز على الاستخبارات والدفاع الجوي للرد على أي تطورات غير متوقعة في سوريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات المعارضة السوریة الحرب الأهلیة حسب الصحیفة فی المنطقة حزب الله فی سوریا
إقرأ أيضاً:
أسماء الأسد.. إيما التي لم تكن تهتم بالشرق الأوسط
زوجة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، ولدت عام 1975 في لندن، وأصبحت السيدة الأولى لسوريا بين عامي 2000 و2024، وتم الترويج لها على مدار سنوات، لا سيما في الصحافة الغربية، على أنها الوجه المتحضر لسوريا، لكن تلك الصورة لم تتمكن من الصمود بعد موقفها الداعم لزوجها وللنظام في قمع الثورة السورية التي اندلعت عام 2011.
كان لها دور رئيسي في بناء شبكة من المتاحف والمؤسسات الثقافية التي خدمت سياسات النظام، كما أظهرت اهتماما بالغا بتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، عبر إنشاء العديد من المؤسسات الخيرية غير الحكومية التي سيطرت على المعونات الدولية، ووجهتها نحو الفئات الداعمة للنظام، واستغلت الأعمال الخيرية في الهيمنة على قطاع الاقتصاد في البلاد.
أصيبت بسرطان الدم عام 2024، واضطرت إلى الانتقال إلى روسيا لتلقي العلاج قُبيل سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، وأكدت تقارير صحفية دخولها في وضع صحي حرج.
المولد والنشأة
ولدت أسماء فواز الأخرس يوم 11 أغسطس/آب 1975 في العاصمة البريطانية لندن، لعائلة سورية من مدينة حمص، وكان والداها قد استقرا في لندن مع بداية سبعينيات القرن العشرين، وعمل والدها فواز طبيبا استشاريا في أمراض القلب، بينما كانت والدتها سحر عطري دبلوماسية في السفارة السورية بالعاصمة البريطانية.
ترعرعت أسماء في حي أكتون غربي لندن، بالقرب من المناطق الراقية، وعاشت في أسرة عُرفت بأنها عائلة مسلمة سنية محافظة، فقد كان والدها يتردد على المسجد، وكانت والدتها ترتدي الحجاب.
حملت أسماء الجنسية البريطانية، ونشأت نشأة غربية، إذ درست في مدارس إنجليزية، ولم تتميز عن غيرها من أقرانها، واشتهرت في المدرسة باسم "إيما"، ولم تُعرف بهويتها العربية أو الإسلامية، ولم تكن تُظهر ارتباطا بموطنها الأصلي سوريا أو اهتماما بالشرق الأوسط وقضاياه.
تلقت تعليمها الأساسي في لندن، وتخرجت في مدرسة تويفورد الثانوية التابعة لكنيسة إنجلترا، ثم انتقلت إلى كلية كوينز التابعة لجامعة كامبردج في ماريلبون بلندن، وتخرجت فيها.
إعلانالتحقت بعدها بكلية كينغز التابعة لجامعة لندن، ونالت شهادة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في علوم الكمبيوتر والأدب الفرنسي عام 1996، ولاحقا حصلت على دكتوراه فخرية في علم الآثار من جامعة لاسابينزا في روما، تقديرا لدورها في الحفاظ على التراث الثقافي السوري.
تجيد أسماء الأسد إلى جانب اللغة العربية 3 لغات أخرى، هي: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية.
المسار المهنيفي أعقاب تخرجها في الجامعة، خرجت في رحلة على مدى 6 أشهر، قضتها بين الشرق الأقصى وأوروبا، بعدها بدأت مسيرة مهنية ناجحة في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، وعملت في مصارف دولية بارزة.
فقد حصلت عام 1997 على وظيفة محللة لصناديق التحوط في مصرف دويتشه بمدينة نيويورك، وفي العام التالي انتقلت للعمل في قسم الاستثمار في مصرف جي بي مورغان وعملت محللة نظم حتى عام 2000، ثم قدمت استقالتها منهية بذلك مسيرتها المهنية القصيرة.
الزواج ببشار الأسد
كان لقاؤها الأول ببشار الأسد عام 1992، حين سافر إلى لندن بغرض دراسة طب العيون، وقد كان على صلة بوالدها فعرفه إليها، وعلى إثر وفاة شقيقه باسل عام 1994 قفل بشار عائدا إلى دمشق تاركا الطب إلى الأبد ليبدأ مساره السياسي تمهيدا لتوليه السلطة.
تولى بشار الرئاسة عام 2000 خلفا لوالده، وحينئذ استقالت أسماء من عملها، وكانت قد خططت لإكمال الماجستير في جامعة هارفارد، إذ تمكنت من الحصول على مقعد لها في كلية إدارة الأعمال، لكنها فضلت أن تترك كل شيء وراءها، وتنتقل إلى سوريا حيث لم تلبث أن تزوجت ببشار في 18 ديسمبر/كانون الأول 2000، بعد أشهر قليلة من توليه السلطة.
وفي بداية زواجها لم يكن مرحبا بها من قبل عائلة زوجها، لا سيما والدته أنيسة مخلوف التي لم توافق على زواجهما، ويعزو البعض ذلك إلى انتماء أسماء للطائفة السنية، في حين أن عائلة الأسد من الطائفة العلوية، فضلا عن عدم قدرتها على الاندماج في المجتمع الشرقي، خصوصا أن لغتها العربية في تلك الأيام لم تكن جيدة بما فيه الكفاية، كما ضاعف المشكلة عدم معرفتها باللهجة العلوية المتداولة في البيئة حولها.
إعلانوفي السنوات الأولى من زواجها، أنجبت 3 أولاد: الابن البكر حافظ المولود عام 2001، والابنة الوسطى زين المولودة عام 2003، والأصغر كريم الذي كان مولده في عام 2004.
أصبحت أسماء سيدة سوريا الأولى، وعملت على تغيير الصورة النمطية للعائلة، بإظهارها بمظهر أكثر تواضعا وعصرية، إذ انتقل الزوجان من القصر الذي كان يساوي مليار دولار، وعاشا في بيت مكون من 3 طوابق، في أحد أحياء دمشق.
وفي الوقت نفسه، انخرطت في الحياة العامة وسجلت حضورا قويا في المناسبات الرسمية، وأطلقت مبادرات لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وكان لها دور محوري في بناء شبكة من المتاحف والمؤسسات الثقافية التي كانت تخدم سياسات النظام.
فقد بدأت مشروعا وصفته بأنه يمثل "النهضة الثقافية"، يهدف إلى بناء معارض فنية ومتنزهات ثقافية وإنشاء شبكة مواصلات تربط دمشق مع المدن التاريخية في شمال شرقي البلاد، واستعانت على تنفيذ ذلك المشروع بمسؤولين سابقين في الأمم المتحدة وأعضاء في شركات أجنبية وخبراء في متاحف أوروبية وسوريين متأثرين بالثقافة الغربية.
ونجحت جهودها في تحسين صورة النظام، فاستقبلت وفودا برلمانية أجنبية ونجوما من هوليود، وتعاطف معها الفرنسيون بعد زيارتها إلى باريس، ولفت نشاطها الثقافي والاجتماعي نظر الأميركيين، فحظيت البلاد بزيارة مسؤولين أميركيين، خاصة بعد انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة عام 2008.
نالت أسماء الأسد تكريمات عدة منها: جائزة السيدة العربية الأولى المقدمة من مؤسسة المرأة العربية بالتعاون مع جامعة الدول العربية عام 2008، وميدالية رئاسة الجمهورية الإيطالية الذهبية في العام نفسه، اعترافا بجهودها في المجال الإنساني.
وعمل الإعلام المحلي والدولي على إبرازها حتى باتت تعرف بأنها "الوجه العصري للنظام السوري"، وقدمتها الصحافة الغربية على أنها امرأة متطورة وأنيقة، فضلا عن كونها ذكية وواثقة بنفسها، وتبذل جهودا كبيرة في تعزيز الانفتاح السوري على العالم عبر الفن والعمل الخيري.
إعلانوأثناء زيارتها الرسمية للمملكة المتحدة عام 2002، أطلقت عليها الصحافة البريطانية "ديانا الشرق"، بينما وصفتها مجلة "باري ماتش" الفرنسية بأنها "مصدر ضوء في بلد ممتلئ بالمناطق المظلمة".
وروّجت لها مجلة فوغ الأميركية عام 2011، حين نعتتها بأنها "وردة في الصحراء"، ولكن المقال برمته حذف لاحقا من الموقع، بعد قمع النظام السوري للاحتجاج الشعبي السلمي في سوريا الذي انطلق بعد مدة وجيزة من نشر المقال.
ولجت أسماء الأسد منذ السنوات الأولى من زواجها مجال العمل الخيري، واستغلته لتوسيع نفوذها في البلاد، لا سيما الاقتصادي، وكانت المبادرة الأولى لها هي الصندوق السوري للتنمية الذي أسسته عام 2001.
وفي عام 2007 وسعت نشاطاتها، حين أنشأت مؤسسة "الأمانة السورية للتنمية"، وهي عبارة عن مشروع خيري غير حكومي ضخم، ترأست السيدة الأولى مجلس أمنائه منذ تأسيسه حتى سقط نظام الأسد عام 2024.
وامتدت سيطرة الأمانة حتى شملت 15 مركزا مجتمعيا في العديد من المحافظات السورية، واندرجت تحتها مجموعة من المشاريع والمؤسسات الخيرية غير الحكومية، مثل: الصندوق السوري للتنمية الريفية (فردوس) ومشروع "مسار" الداعم للطفولة، ومؤسسة "مورد" التي اعتنت بتقديم قروض للنساء، في إطار تفعيل دور المرأة في الاقتصاد.
وكانت الأمانة هي المنظمة غير الحكومية الوحيدة التي تعمل في ظل نظام الأسد، ولم يكن مسموحا بذلك لأي منظمة أخرى غير حكومية، وهو ما جعلها تحتكر الأعمال الخيرية.
وبحسب الخبير الفرنسي في شؤون الشرق الأوسط جان بيير فيليو، فقد كانت الأمانة وسيطا إلزاميا للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأجبرا على التعاون معها للحفاظ على نشاطهما الخيري في سوريا.
وكانت المؤسسة الخيرية تتلقى أغلب التمويلات الواردة من الخارج إلى سوريا، فقد قُدمت للمانحين الدوليين بصفتها شريكا رئيسيا في إعادة إعمار دولة دمرها الصراع، وبذلك هيمنت على المساعدات الدولية.
إعلانوفضلا عن تلك الممولة دوليا، اندرجت تحت الأمانة مشاريع أخرى محلية، مثل المؤسسة الوطنية للمشاريع الصغيرة التي حققت أرباحا لا تقل عما تحققه بنوك التمويل المتوسطة.
وانتُقدت الأمانة لارتباطها الوثيق بنظام بشار وتواطئها في انتهاكات النظام لحقوق الإنسان، واتُهمت بمنع المساعدات عن المناطق المتضررة من الحرب، وتحويلها نحو الفئات الموالية للنظام، واستخدام المعونات في دعم المليشيات الموالية للرئيس المخلوع.
وعلى مدار سنوات نفوذها، استغلت أسماء الأسد الأعمال الخيرية لبناء شبكة محسوبيات واسعة. ووفق تقرير نشره موقع "تقرير سوريا"، فقد استغلت هي وزوجها ظروف الصراع التي أدت إلى سقوط نخبة رجال الأعمال التقليدية، وصعود طبقة تجار الحرب، ليصبحا اللاعبين الاقتصاديين الرئيسيين في البلاد، مما سمح لهما ببسط نفوذهما على قطاعات عدة منها الاتصالات والخدمات المصرفية والعقارات والموانئ.
عقوبات دوليةمع استمرار الثورة الشعبية التي اندلعت في مارس/آذار 2011، أعلنت أسماء الأسد دعمها لزوجها، وأدت دورا محوريا في تنفيذ سياسات النظام، منها التلاعب في توزيع المساعدات بما يعزز أعمال القمع وجرائم الحرب في البلاد، وهو ما أدى إلى انهيار "الصورة المشرقة" التي حاولت رسمها على مدار السنوات التي سبقت الثورة.
وتراجعت تبعا لذلك الحفاوة الدولية التي حظيت بها، وتوقفت بعض مشاريع الأمانة نتيجة للعقوبات المفروضة على النظام السوري، وأبقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على الدعم الموجه لمؤسسات النظام غير الحكومية، إذ اعتبرت الأمانة السورية للتنمية هي الممثل المعتمد لديها لصون التراث الثقافي اللامادي في الشرق الأوسط.
وفي مارس/آذار 2012، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أسماء، في إطار العقوبات المفروضة على نظام الأسد، وتمثل ذلك في حظر سفرها وتجميد أصولها. ورغم خروج بريطانيا من الاتحاد، وحمل أسماء للجنسية البريطانية، التزمت لندن بالعقوبات المفروضة، فلم تلق زوجة الأسد ترحيبا في البلاد لكونها داعمة للنظام، وطالب كثيرون في المملكة المتحدة بسحب جنسيتها البريطانية.
إعلانوفي عام 2020 فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات، باعتبارها من أكبر المستفيدين من الحرب في سوريا، واتهمتها بالتكسب غير المشروع على حساب الشعب السوري، واستخدام المنظمات الخيرية لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي.
ورفعت شركة "جيرنيكا 37″، وهي شركة محاماة متخصصة في العدالة الدولية تركز على النزاعات، قضية ضد أسماء الأسد عام 2021، وعلى إثرها فتحت شرطة لندن تحقيقا في اتهامات بالتحريض على ارتكاب أعمال إرهابية، والمشاركة في جرائم حرب في سوريا.
الموضة والحياة الباذخةاشتهرت بولعها بالحياة الباذخة، وحبها للموضة والأزياء الفاخرة التي تُجلب من أرقى دور الأزياء الأجنبية، والتي تحمل توقيع كبار المصممين العالميين، وبفضل ذلك أعطتها مجلة "أبل" الفرنسية المتخصصة في عالم الأزياء لقب "سيدة الأناقة الأولى" عام 2008.
ورغم اندلاع صراع دموي لقي فيه الآلاف حتفهم، صاحبه تدهور كبير لاقتصاد البلاد، وظروف معيشية قاسية عانت منها معظم طبقات الشعب، استمرت السيدة الأولى بالتسوق من المتاجر والمحلات الفاخرة، وانغمست في عيش مترف، وزينت بيتها بالتحف واللوحات الفنية التي تكلف الواحدة منها عشرات الملايين من الدولارات، وبدت غير مهتمة بالوضع المزري الذي يواجهه السوريون.
فقد كشفت رسائل بريد إلكتروني مسربة من حسابات خاصة بأسماء الأسد وزوجها، نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية عام 2012، أنها أنفقت عشرات آلاف الدولارات على الملابس والمجوهرات والأثاث واللوحات الباهظة الثمن.
كما نشرت زوجتا السفيرين البريطاني والألماني لدى الأمم المتحدة فيديو موجها لأسماء الأسد، يعرض المفارقة بين الحياة الفاخرة التي تعيشها أسرتها وما يعانيه ضحايا الحرب في سوريا.
صراع مع المرضأصيبت أسماء بسرطان الثدي عام 2018، وخضعت للعلاج في أحد المستشفيات العسكرية في دمشق، وبعد عام من العلاج شفيت لأن المرض كان في مراحله المبكرة.
وفي مايو/أيار 2024، كشفت الرئاسة السورية عن إصابتها بسرطان الدم (اللوكيميا)، وبدأت بروتوكول علاج خاص يتطلب عزلا صحيا كاملا، وتم الإعلان عن توقفها عن المشاركة في الأحداث والمناسبات العامة.
إعلانوقبل أسابيع من سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، انتقلت أسماء إلى موسكو للحصول على رعاية طبية متقدمة، وأفادت تقارير صحفية بأنها تعيش وضعا صحيا حرجا، وأنها تخضع للعزل الصحي التام.