تعد التجارة الإلكترونية من أبرز التطورات الحديثة التي غيرت مشهد الاقتصاد العالمي والمحلي، بما في ذلك سلطنة عمان. ومع التقدم التكنولوجي السريع، أصبح من الضروري فهم تأثير التجارة الإلكترونية على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية. في هذا الحوار، يسلط الدكتور قيس بن داوود السابعي المستشار القانوني والخبير الاقتصادي وعضو الجمعية الاقتصادية العمانية الضوء على جوانب التجارة الإلكترونية ، بدءًا من تأثيرها على النظام القانوني التقليدي وصولاً إلى التحديات والفرص التي تقدمها.

ويناقش دور التجارة الإلكترونية في تطوير سوق العمل، وتعزيز فرص ريادة الأعمال، وأثرها في المناطق الريفية والنائية. كما يتناول التأثيرات السلبية التي قد تطرأ بسبب التحول الرقمي السريع، مثل اختفاء بعض الوظائف التقليدية.

تعريف التجارة الإلكترونية والتسوق الإلكتروني

بدايةً، أشار الدكتور قيس السابعي إلى أن التجارة الإلكترونية أثرت بشكل كبير على النظام القانوني التقليدي، حيث ظهرت مفاهيم جديدة تتعلق بالتسوق الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت. وتطور هذا المجال ليشمل التعاقد الإلكتروني، حيث أصبح المستهلك أو المشتري أحد الأطراف الأساسية في هذه العمليات. ومع توسع السوق الإلكتروني، ازداد استخدام أساليب البيع والشراء الإلكترونية في سلطنة عمان والعالم، سواء عبر القنوات الرسمية أو غير الرسمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي.

وأوضح ان التجارة الإلكترونية هي شكل حديث من أشكال التجارة التي تعتمد على استخدام تقنيات الاتصال الحديثة سواء عبر المتاجر الإلكترونية أو منصات التسوق أو مواقع الإنترنت بشكل عام. وتعرف التجارة الإلكترونية بأنها نشاط اقتصادي يتم بين طرفين: البائع والمشتري، حيث يتم عرض السلع أو الخدمات وتبادل البيانات عبر وسائل إلكترونية معتمدة.

وأكد السابعي ان التجارة الإلكترونية هي نشاط اقتصادي يتم بين طرفين عبر وسائل التواصل الإلكتروني، حيث يقوم البائع بتقديم سلعة أو خدمة عبر منصات الإنترنت ويقوم المشتري بالشراء أو الدفع إلكترونيًا. هذا النشاط يعتمد بشكل أساسي على تقنيات الاتصالات والمعلومات الرقمية. أما التسوق الإلكتروني، فيشير إلى شراء المنتجات أو الحصول على الخدمات عبر الإنترنت باستخدام أجهزة مثل الحاسوب أو الهاتف الذكي. حيث تتم عمليات الشراء عبر مواقع إلكترونية، ويتضمن ذلك اختيار السلعة، الدفع عبر الإنترنت، ثم استلام المنتج باستخدام وسائل الدفع مثل بطاقات الائتمان أو الدفع عند التسليم.

عوامل ساهمت بنمو التجارة الإلكترونية في سلطنة عمان

كما قال الدكتور قيس السابعي: "شهدت التجارة الإلكترونية في سلطنة عمان نموًا ملحوظًا، بسبب عدة عوامل ساعدت على انتشارها، منها التقدم في التكنولوجيا والاعتماد الكبير على الإنترنت في جميع جوانب الحياة اليومية. فالتجارة الإلكترونية تقدم العديد من المزايا مثل سهولة الوصول إلى المنتجات، وتعدد الخيارات المتاحة، والتوصيل السريع، والقدرة على مقارنة الأسعار، بالإضافة إلى توفير الوقت والجهد، والقدرة على إرسال الهدايا."

أما العوامل الرئيسية التي ساهمت بتطور التجارة الإلكترونية، فهي الراحة والسهولة؛ حيث توفر التجارة الإلكترونية تجربة شراء مريحة وسهلة للمستهلكين. وكذلك التنوع في الخيارات بحيث تتيح التجارة الإلكترونية للمستهلكين الوصول إلى العديد من الخيارات والسلع بسهولة. وكذلك التوصيل السريع، حيث يمكن توصيل السلع إلى أي مكان بسهولة، سواء كان منزلًا أو مكتبًا. وكذلك التطور العالمي؛ حيث ان مواكبة تطورات التجارة الإلكترونية في العالم ساعد على تحفيز النمو داخل سلطنة عمان.

التحول الرقمي

كما أشار السابعي إلى أن التحول الرقمي له تأثير إيجابي كبير على نمو التجارة الإلكترونية، حيث سهل على الأفراد والشركات الوصول إلى السوق الإلكترونية بسرعة وكفاءة، ما وفر الوقت والمال. كما أن التحول الرقمي ساعد الشركات على تحسين عملياتها وتوسيع نطاق عمليات البيع.

كما أوضح السابعي إلى ان التجارة الإلكترونية تواجه عدة تحديات، أبرزها: "غياب تشريعات قانونية متخصصة، ووجوب الحاجة إلى تطوير قوانين وتشريعات تحكم العمليات التجارية الإلكترونية وحماية الأطراف المعنية. وكذلك التوعية المجتمعية؛ وضرورة توعية المجتمع بالمفاهيم الجديدة الخاصة بالتجارة الإلكترونية وكيفية التعامل معها بشكل قانوني وآمن. وأيضاً البنية التحتية التقنية؛ والحاجة لتطوير البنية الأساسية الرقمية وتوفير أدوات وتقنيات حديثة لدعم نمو التجارة الإلكترونية.

وأشار السابعي إلى أن هناك عددا من القطاعات التي شهدت نموًا بسبب التجارة الإلكترونية، ومن أبرز القطاعات التي استفادت من نمو التجارة الإلكترونية تشمل المواد الاستهلاكية مثل الأطعمة والملابس والإكسسوارات، بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية والخدمات الإلكترونية التي تقدمها الدولة عبر الإنترنت.

تحسين فرص العمل والمناطق الريفية والنائية

كما أضاف أن التجارة الإلكترونية أثرت بشكل كبير على الأسواق التقليدية، حيث تحول العديد من المستهلكين إلى التسوق عبر الإنترنت. لكن لا يزال هناك حضور قوي للأسواق التقليدية في سلطنة عمان، ويرتبط ذلك بالعادات والتقاليد المحلية. وحول تحفيز التجارة الإلكترونية في سلطنة عمان، قال السابعي: لتشجيع نمو التجارة الإلكترونية في سلطنة عمان، من المهم إنشاء منصة إلكترونية موحدة يتم من خلالها تنظيم كافة العمليات التجارية الإلكترونية في سلطنة عمان، وتحت إشراف عدة جهات حكومية لضمان شفافية المعاملات وحماية حقوق المستهلكين.

كما أوضح الدكتور قيس السابعي إلى ان التجارة الإلكترونية ساهمت بتحسين فرص العمل، خاصة في مجالات تقنية المعلومات، حيث تم توظيف العديد من الشباب في مجالات مثل الدعم الفني، وتطوير الشبكات، وإدارة المنصات الإلكترونية. كما أنها أسهمت بتوفير فرص ريادة الأعمال في القطاعات الصغيرة والمتوسطة.

كما قال السابعي: "ساهمت التجارة الإلكترونية في تحسين الوصول إلى المنتجات والخدمات في المناطق الريفية والنائية، حيث ساعدت في ربط هذه المناطق بشبكة الإنترنت العالمية، وبالتالي تسهيل التجارة والتواصل مع الأسواق المحلية والعالمية."

سلبيات التجارة الإلكترونية

كما قال الدكتور قيس السابعي: "أنا سأكون دقيقًا في إجابتي، لأنني أتحمل مسؤولية ما أقول. هل ساعدت التجارة الإلكترونية في تحسين فرص العمل؟ نعم، ساعدت في بعض الجوانب، لكن يجب أن نتذكر أن التجارة الإلكترونية، مثلما لها إيجابيات، لها أيضًا سلبيات. من بين السلبيات، أن هناك بعض الوظائف والأنشطة التي قد تختفي مع مرور الوقت. هذه الأمور قد تحدث بسبب التطور السريع في عالمنا، ومع مرور الأيام ستختفي بعض الوظائف نتيجة للتغيرات التكنولوجية."

على سبيل المثال، الذكاء الاصطناعي والرقمنة والتطوير التكنولوجي بشكل عام يؤديان إلى إلغاء العديد من الوظائف. اليوم، لدينا تطبيقات مثل تطبيق بنك مسقط، حيث لم يعد هناك حاجة لزيارة الفروع أو توظيف موظفين، ما يؤدي إلى تقليص عدد الموظفين في هذا المجال. وهذا هو أحد التأثيرات السلبية للتجارة الإلكترونية على بعض الوظائف."

وبشكل عام فإن التجارة الإلكترونية تمثل تطورًا مهمًا في الاقتصاد العماني، وقد ساعدت في تحويل العديد من جوانب التجارة التقليدية إلى بيئة إلكترونية أكثر تطورًا وكفاءة. كما أنه لتحقيق المزيد من النمو في هذا المجال، من الضروري تطوير التشريعات والبنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التجارة الإلكترونية وكيفية التعامل معها بفعالية وأمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التجارة الإلکترونیة فی سلطنة عمان نمو التجارة الإلکترونیة التحول الرقمی عبر الإنترنت بعض الوظائف الوصول إلى العدید من

إقرأ أيضاً:

تفاهم لتعزيز التحول الرقمي وحوكمة الذكاء الاصطناعي

دبي: «الخليج»
وقعت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، المؤسسة الأكاديمية المرموقة المتخصصة في بحوث السياسات وتطوير القيادات الحكومية، مذكرة تعاون استراتيجية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، بهدف تعزيز التعاون في مجالات بناء الكفاءات والدراسات حول التحول الرقمي، وحوكمة الذكاء الاصطناعي، وتطوير السياسات العامة المبتكرة في العالم العربي، ما يعكس الدور الريادي للكلية في دعم الابتكار الحكومي وصناعة السياسات القائمة على البيانات، ويرسخ مساهمتها في التعاون الإقليمي وبناء القدرات والبحوث التطبيقية في مجالات الحوكمة الرقمية والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة.
وتدعم هذه الشراكة الجهود الإقليمية، وتوجهاتها لترسيخ ريادتها العالمية في التحول الرقمي والخدمات الرقمية الحكومية، وتهدف أيضاً، إلى بناء شراكات استراتيجية أخرى مع الجهات المحلية والدولية لتبادل أفضل الخبرات والممارسات في مجال التحول الرقمي، والاستثمار في البحث العلمي والتطوير وبناء القدرات البشرية، ما ينسجم مع رؤية الكلية في تمكين الكوادر الحكومية في المنطقة العربية بالمعرفة والمهارات الرقمية.
ووقع الاتفاقية، ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات، الدكتور عبدالله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، والمدير المساعد ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والدكتور علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية.
وقال الدكتور الدردري: «نُثمّن هذا التعاون مع كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، التي تُعد من المؤسسات الرائدة في دعم الابتكار الحكومي وصياغة السياسات المستندة إلى المعرفة، وبناء القدرات في المنطقة العربية. هذه الشراكة الجديدة ستسهم في تعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي لضمان تحقيق تحول رقمي مستدام، ما يجعل الحكومات أكثر جاهزية للمستقبل وقادرة على مواجهة التحديات العالمية بفاعلية».
من جانبه، قال الدكتور علي بن سباع المري: «إن شراكتنا هذه تُعبّر عن التزام كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية الراسخ بتبني الاتجاهات المستقبلية التي تسعى إلى تعزيز التنمية والحوكمة الرشيدة في المنطقة، وتضمن تزويد الحكومات في المنطقة العربية بالكفاءات والأدوات اللازمة لمواكبة الفرص والتحديات التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة».
وتركز مذكرة التفاهم على عدة مجالات رئيسية، تشمل بناء القدرات والدراسات تعزيز الحوكمة الرقمية وسياسات الذكاء الاصطناعي، وتطوير أطر تقييم أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، واستكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على الاستدامة، إلى جانب تطوير أطر حوكمة تسهم في تبني الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي.

مقالات مشابهة

  • لبيب: بطاقة الخدمات الحكومية تعزز التحول الرقمي بمصر
  • تفاهم لتعزيز التحول الرقمي وحوكمة الذكاء الاصطناعي
  • «التحول الرقمي والاستدامة» رؤى مستقبلية للحكومات العربية في قمة الإمارات
  • في إطار مخرجات زيارة الدولة التي أجراها الرئيس تبون إلى سلطنة عمان..عرقاب يستقبل وفدًا عُمانيًا
  • هيئة الشراء الموحد تبحث دعم التحول الرقمي في قطاع المشتريات الصحية
  • السياحة في سلطنة عمان.. رافد اقتصادي واعد بين الفرص والتحديات
  • في اليوم العالمي للإنترنت الآمن.. مبادرة يمنية لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي
  • محافظة مسقط تعزز برنامج التحول الرقمي
  • سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي للإنترنت الآمن
  • مخاوف من تكرار سيناريو الإرهاب عام 2014 في العراق.. مخيم الجدعة الفرص والتحديات - عاجل