سحر البلاغة في سورة البقرة.. كيف تُوازن الآية 233 بين التشريع والرحمة؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
يعد القرآن الكريم مصدر التشريع الأول في الإسلام، ويزخر بتعبيرات وأحكام تتطلب التأمل العميق لفهم مقاصدها.
الآية 233 من سورة البقرة في تفسير الآية 233 من سورة البقرة، يقول الله تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ..."، وضح الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق أن هذه الآية تتناول أحكام الرضاعة ومعاني العِلّية أو السببية، إلى جانب أسلوب العرب في التعبير عن الإنشاء من خلال الخبر.
يشير الدكتور علي جمعة، في تفسيره، إلى أن مفهوم العِلّية في الآية يعني أن الحكم مرتبط بالصفة. فإذا وُجدت الصفة (إرادة إتمام الرضاعة) وُجد الحكم (إرضاع الوالدات لأولادهن حولين كاملين). وإذا انتفت الصفة، انتفى الحكم، أي أن الأمر هنا ليس إلزاميًا، بل مشروط بالرغبة في إتمام الرضاعة.
هذا التفسير يُظهر أن النص القرآني يتسم بالمرونة ويُراعي الظروف المختلفة للأفراد، فلا يُفرض الإرضاع الكامل على الأم، بل يترك الخيار لها وللأب بناءً على ما يناسب وضعهما.
2. استخدام العرب للتعبير بالخبر عن الإنشاء:
يوضح الدكتور علي جمعة أيضًا أن العرب قد يستخدمون صيغة الخبر للتعبير عن معنى الإنشاء. ففي الآية، نجد أن قوله تعالى: "يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ" هو تعبير خبري في ظاهره، لكنه يحمل معنى الإنشاء، أي أن الآية توجّه الأمهات وتحثهن على الرضاعة كأفضلية.
هذا الأسلوب البلاغي يُبرز إعجاز اللغة القرآنية التي توجّه القارئ لمعاني متعددة ضمن تراكيب لغوية بسيطة، مما يجعل النص جامعًا بين التوجيه اللطيف والإرشاد الحكيم.
3. الأحكام المستنبطة من الآية:مدة الرضاعة: حدّد القرآن الكريم حولين كاملين كمدة مثلى للرضاعة، مما يؤكد أهمية الرضاعة الطبيعية في بناء صحة الطفل.
التيسير والتدرج في التشريع: الحكم ليس إلزاميًا، بل يرتبط بالإرادة والقدرة، مما يراعي حالات الأمهات والآباء المختلفة.
المسؤولية المشتركة: تشير الآية ضمنيًا إلى دور الأب في تحمل نفقات الرضاعة إذا قررت الأم إتمامها، وهو ما يعكس عدالة الإسلام في توزيع الأعباء الأسرية.
تعكس الآية 233 من سورة البقرة بُعدًا عميقًا في التشريع الإسلامي الذي يجمع بين العدل والرحمة، وبين الإرشاد والتيسير. ومن خلال تفسير الدكتور علي جمعة، يظهر كيف يمكن للنص القرآني أن يتجاوز كونه مجرد نص قانوني ليصبح إطارًا شاملًا للحياة الأسرية، مبنيًا على الفهم الصحيح للعِلّية وأسلوب التعبير البلاغي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة الله تعالى الله جمعة البلاغ في الإسلام الدکتور علی جمعة سورة البقرة
إقرأ أيضاً:
معنى «الضمان الاجتماعي» في القانون الجديد بعد موافقة «النواب» مبدئيا
عرّفت وزارة التضامن الاجتماعي، مفهوم الضمان الاجتماعي، ضمن مشروع القانون الجديد، موضحة أنه يعني جميع التدابير الرامية إلى تقديم الإعانات، سواء كانت نقدية أو عينية، لضمان الحماية من جملة أمور منها: افتقار الدخل المتأتي من العمل أو عدم كفايته نظراً لظروف المرض أو العجز أو الأمومة أو إصابة العمل أو البطالة أو الشيخوخة أو وفاة أحد أفراد الأسرة.
وكان مجلس النواب وافق مبدئياً على قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي، حسبما أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي.
الضمان الاجتماعي.. نظام قانوني ووسيلة إلزاميةوأكدت الوزارة في مستند حصلت «الوطن» على نسخة منه، أن الضمان الاجتماعي يتضمن أيضاً التدابير الخاصة بافتقار سبل الوصول إلى الرعاية الصحية أو عدم القدرة على تحمل أعباء الوصول إليها وعدم كفاية الدعم للأسر التي لديها أطفال وبالغون معالون، إضافة إلى مستوى الفقر، مؤكدة أن الضمان الاجتماعي نظام قانوني ووسيلة إلزامية تأخذ بها الدولة لتحقيق الأمن الاجتماعي لمواطنيها في مواجهة المخاطر الاجتماعية التي يحددها القانون من خلال حصولهم على إعانات نقدية أو عينية.
وأوضحت الوزارة أنه وجب تمييز مفهوم الضمان الاجتماعي عن بعض المفاهيم المتشابهة حيث تستخدم مصطلحات الضمان الاجتماعي، المساعدات الاجتماعية والتأمينات الاجتماعية في سياق سياسات الحماية الاجتماعية، إلا أن لكل منها مدلوله الخاص فالمساعدات الاجتماعية أو الإعانات يقصد بها إعانات الضمان الاجتماعي التي تتوقف على مستوى دخل المتلقي بشرط إثبات الحاجة، أو تقوم على أشكال مشابهة من الاستهداف مثل الاستهداف الجغرافي فهي وسيلة لخفض مستوى الفقر والحد منه، ويمكن أن تكون في شكل نقدي أو عيني.
تعريف التأمينات الاجتماعيةأشارت إلى أن المساعدات الاجتماعية ما هي إلا أحد أوجه تحقيق مستهدفات الضمان الاجتماعي، وبالنسبة للتأمينات الاجتماعية فيمكن تعريفها بأنها نظام تأميني له طبيعة إلزامية تموله اشتراكات العاملين وأصحاب الأعمال، يتقرر هذا النظام لحماية العاملين في حياتهم من مخاطر إصابات العمل والمرض والبطالة، فضلاً عن تأمين مستقبلهم الاقتصادي ومستقبل ذويهم.