بعد سقوطه.. أسرار خفية حول عائلة الأسد وحكمها سوريا لأكثر من 50 عامًا
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
في صباح اليوم الأحد 8 ديسمبر 2024، استفاق السوريون على عهدٍ جديدٍ يطوي صفحة سوداء في تاريخ بلادهم، بعد انهيارٍ سريعٍ وغير متوقع لنظام بشار الأسد، الذي حكم سوريا لأكثر من خمسين عامًا.
سقط النظام الذي كان يعد من أعتى الأنظمة في المنطقة، فجأة بعد معارك استمرت 11 يومًا فقط بين فصائل المعارضة السورية والقوات الموالية للنظام.
ومع وصول طلائع المعارضة إلى العاصمة دمشق، وتحديدًا بعد السيطرة على المناطق الرئيسية في ريف دمشق والقنيطرة وحمص، كانت سوريا على موعد مع تغيير جذري وغير مسبوق.
سقوط النظام.. أسرع مما كان متوقعًالم يكن أحد يتوقع أن يسقط نظام بشار الأسد بتلك السهولة وفي هذا التوقيت، وعلى الرغم من سنوات من الصراع المرير الذي شهدته البلاد منذ بداية الثورة السورية في 2011، بدا أن النظام قد تمكن من السيطرة على معظم الأوضاع الداخلية، بدعم قوي من حلفائه الإقليميين والدوليين، لكن الأحداث تسارعت بشكل مفاجئ، وسقط النظام بسرعة مذهلة في ديسمبر 2024.
فقد استطاعت فصائل المعارضة بعد معارك قصيرة ولكن حاسمة أن تستولي على العديد من السجون المرموقة في ريف دمشق والقنيطرة وحمص، من بينها سجن صيدنايا سيئ السمعة، وفي مشهد يرمز لانتصار المعارضة، تم إطلاق سراح آلاف المعتقلين بعد مفاوضات قصيرة مع مشرفي السجون، مما أضاف زخماً لنجاح المعارضة في إسقاط النظام.
اختفاء بشار الأسدفي الوقت الذي كانت فيه فصائل المعارضة تواصل تقدمها نحو العاصمة، فرّ رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بحسب تقارير، من العاصمة عبر طائرة متجهة إلى وجهة غير معروفة حتى الآن، وبينما كانت الأخبار تتداول بشأنه، أشار رئيس حكومته محمد غازي الجلالي إلى أنه لا يزال في منصبه ولن يغادر البلاد، مشيرًا إلى استعداده لإدارة شؤون البلاد، ومع تزايد تدهور الوضع، وصلت مبادرة "هيئة تحرير الشام"، بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، لتؤكد أن جميع المؤسسات الحكومية في دمشق ستكون تحت إشراف رئيس الوزراء السابق لحين تسليمها رسميًا.
وفي أثناء تقدم القوات المعارضة نحو العاصمة، توقف بث محطات التلفزيون التابعة للنظام التي كانت تروج لخطاب النظام، مدعية أن "الوضع بخير" وأن "زحف المعارضة نحو دمشق مجرد حرب نفسية"، ولكن مع توقف البث، بدأ سكان العاصمة، الذين عرفوا تاريخًا طويلًا من الخوف والقبضة الأمنية، بالخروج إلى الشوارع لاستطلاع حقيقة ما يجري، كانت التكبيرات من مآذن الجوامع تعلن عن بداية مرحلة جديدة، كما توجه العديد من المواطنين إلى مبنى التلفزيون ليشاهدوا بأنفسهم انهيار نظام بشار الأسد.
50 عامًا من نظام الأسدولا يمكن فهم سقوط نظام بشار الأسد دون النظر إلى التاريخ الطويل لعائلة الأسد التي حكمت سوريا لأكثر من خمسين عامًا.
وكانت بداية هذه الحقبة مع حافظ الأسد، الذي وصل إلى السلطة في عام 1970 بعد انقلاب عسكري، وظل في الحكم حتى وفاته في 2000.
وبعد وفاة حافظ الأسد، انتقل الحكم إلى ابنه بشار الذي كان يُعتقد أنه سيواصل السير على نهج والده، حيث تم تعديل الدستور لتمكينه من تولي الرئاسة في سن مبكرة.
لكن بعد مرور نحو 24 عامًا على تولي بشار الأسد السلطة، لم يكن هناك من يشك في استحالة استمرار النظام إلى الأبد، خاصة مع اندلاع ثورة 2011، فرغم المساعدات العسكرية والسياسية من حلفاء النظام، بما في ذلك إيران وروسيا، فقد فشل بشار الأسد في استعادة السيطرة الكاملة على الأراضي السورية، خاصة مع تصاعد دور المعارضة المسلحة في السنوات الأخيرة.
واليوم، ومع انهيار النظام السوري، يقف الشعب السوري على أعتاب مرحلة جديدة، تشهد نهاية حكم العائلة التي كانت هيمنت على البلاد لعقود. ورغم تواصل الفوضى في بعض المناطق، ومع استمرار وجود بعض الخلايا الأمنية الموالية للنظام، فإن السوريين أصبحوا أمام فرصة لبناء وطن جديد بعيدًا عن قبضة العائلة الحاكمة.
لكن التحديات ما تزال قائمة، فالبلاد مزقتها الحرب، والبنية التحتية دُمّرت، والكثير من المناطق تعيش تحت سيطرة جماعات مسلحة متنوعة، بينما تواصل إسرائيل استغلال الوضع في مناطق استراتيجية، وفي ظل غياب حكم مركزي قوي، سيكون على السوريين أن يتجاوزوا انقساماتهم ويعملوا معًا لبناء مؤسسات وطنية قادرة على إعادة إعمار البلاد واستعادة سيادتها.
وبعد أكثر من نصف قرن من حكم عائلة الأسد، جاء التغيير بشكل أسرع مما توقعه الجميع، إذ لطالما كانت سوريا تحت سيطرة حكم الأسد، سواء في عهد الأب حافظ أو الابن بشار، وكان من الصعب تصور أن هذا النظام سيسقط بهذه الطريقة، ورغم أن سوريا اليوم تعيش مرحلة انتقالية صعبة، فإن هذه اللحظة تمثل بداية لتغيير طال انتظاره من الشعب السوري، الذي عانى طيلة السنوات الماضية من القتل والتشريد والفقر، ومع نهاية حكم الأسد، يفتح الباب أمام مستقبل جديد مليء بالتحديات والفرص.
نشأة بشار الأسدوُلد بشار الأسد في عام 1965، في أسرة ينتمي فيها إلى حافظ الأسد، الرئيس السوري الراحل، وأنيسة مخلوف، وُلد في فترة كانت سوريا والمنطقة بأسرها تشهد تحولات دراماتيكية على كافة الأصعدة.
في تلك الحقبة، كان الخطاب القومي العربي يهيمن على الحكومات في العديد من دول الشرق الأوسط، خاصة في مصر تحت حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وكانت دمشق تشارك في تعزيز هذه القومية العربية في ظل حكم حزب البعث، الذي تولى السلطة بعد فشل الوحدة بين مصر وسوريا (1958-1961).
كما هو الحال في معظم البلدان العربية آنذاك، لم يكن النظام السوري ديمقراطيًا، ولم تعرف البلاد انتخابات تعددية. ومع ذلك، اتبعت الحكومة سياسات اقتصادية واجتماعية استفادت منها شرائح فقيرة ومهمشة، كان من بينها الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد. ورغم أن العلويين كانوا يشكلون أقلية في سوريا (حوالي 12% من السكان)، إلا أنهم كانوا من بين الفئات الأكثر تهميشًا، ما دفع العديد منهم للانخراط بشكل كبير في الجيش السوري بدءًا من النصف الثاني من القرن العشرين.
وكان حافظ الأسد أحد أبرز العسكريين في تلك الفترة، وبدعمه لحزب البعث وصل إلى منصب وزير الدفاع في عام 1966. وفي عام 1970، استطاع الأسد الأب الانفراد بالسلطة، وفي العام التالي تولى منصب الرئيس الذي ظل يشغله حتى وفاته في عام 2000.
وبذلك، أصبح حافظ الأسد أحد القادة القلائل الذين استمروا في السلطة طوال هذه الفترة الطويلة في تاريخ سوريا الحديث، الذي شهد العديد من الانقلابات العسكرية بعد الاستقلال عن فرنسا.
وخلال حكمه، شهدت سوريا أحداثًا محورية، مثل حرب أكتوبر 1973، والحرب الأهلية اللبنانية، ومجزرة حماة 1982 ضد الإخوان المسلمين، إضافة إلى الحرب العراقية الإيرانية التي وقف خلالها الأسد الأب إلى جانب طهران. كما عرف حكمه بقمع المعارضين السياسيين، ولم يشهد أي انتخابات ديمقراطية طوال فترة حكمه. ومع ذلك، استطاع الأسد الأب المناورة سياسيًا، وحافظ على نظامه بفضل الصفقات الدولية، مثل التحالف مع الاتحاد السوفيتي ثم مع الولايات المتحدة خلال حرب الخليج الثانية عام 1991، رغم التوترات بين سوريا والعراق.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، اختار بشار الأسد، الابن البكر لحافظ الأسد، الابتعاد عن السياسة والجيش. بعد تخرجه في جامعة دمشق في الثمانينيات، قرر السفر إلى بريطانيا لمواصلة دراسته في الطب، حيث التحق بمستشفى "ويسترن لندن لأمراض العيون" لتخصص في هذا المجال.
وفقًا للسلسلة الوثائقية "عائلة خطيرة... آل الأسد" التي أنتجتها بي بي سي في عام 2018، عاش بشار الأسد حياة هادئة في لندن بعيدًا عن السياسة. كان يستمتع بأجواء المدينة، وأظهر اهتمامًا بالموسيقى، حيث كان من المعجبين بالمغني الإنجليزي فيل كولينز.
خلال هذه الفترة في لندن، التقى بشار زوجته المستقبلية، أسماء الأخرس، التي كانت تدرس علوم الكمبيوتر في جامعة كينغز كوليدج بلندن، ثم قبلت لدراسة ماجستير في إدارة الأعمال في جامعة هارفارد الأمريكية العريقة.
وعلى الرغم من حياة بشار الأسد الهادئة بعيدًا عن السياسة، إلا أن الأحداث في سوريا جعلت منه وريثًا محتملًا للعرش، مع تدهور صحة والده حافظ الأسد في أواخر التسعينيات، بدأ بشار يتحول تدريجيًا إلى شخصية سياسية، ليصبح خلفًا له بعد وفاة والده في عام 2000.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سوريا بشار الأسد نظام بشار الأسد الأسد سقوط النظام المزيد المزيد نظام بشار الأسد عائلة الأسد حافظ الأسد العدید من فی عام
إقرأ أيضاً:
إحداها لا تخطر على بال.. جرائم بشار الأسد قبل أن يصبح رئيساً
#سواليف
مع مرور الشهر الأول، على سقوط #بشار_الأسد الذي فرّ إلى #روسيا في الثامن من شهر كانون الأول/ديسمبر الفائت، وتهاوي سلطة عائلته التي حكمت #سوريا، نحواً من ستة عقود، بدأ سيل المعلومات بالانتشار ليكشف عن حقبة هي من أسوأ ما مرت على البلاد، طيلة تاريخها الحديث والمعاصر، بحسب المراقبين، وبحسب ما يرشح يوما بعد يوم، عن ما ارتكبته عائلة الأسد، خاصة بشار الأسد، ومن قبل أن يتم تنصيبه رئيساً.
وفيما يشار إلى #جرائم_بشار_الأسد، بصفته رئيساً للبلاد، قلّما يتم الحديث عن جرائمه، بصفته شخصا عاديا، ومن قبل أن يتولى منصب رئاسة الدولة السورية.
وأظهرت الحقائق التي بدأت بالتكشف بعد سقوط نظامه، أن بشار الأسد، قد ارتكب جرائم مختلفة، من قبل تنصيبه رئيساً، بحسب ما قاله بحوار لتلفزيون “سوريا” الدكتور مفلح الزعبي، نجل رئيس وزراء سوريا الأسبق، محمود الزعبي، والذي أعلن النظام عن وفاته منتحراً، عام 2000، فيما أحاطت الشبهات بدور النظام بتصفيته، وهو ما أكده الزعبي الابن، في حواره الذي أظهر فيه، أن بشار الأسد، ارتكب جرائم، من قبل أن يكون في سدة الحكم.
تدخّل بأدوية أبيه لزيادة حالته سوءاً
وأولى الجرائم التي ارتكبها بشار الأسد، كانت بحق أبيه حافظ الذي توفي عام 2000.
وبحسب الدكتور مفلح الزعبي، فإن حافظ الأسد، بين عامي 1998 و1999، بدأت “صحته بالتراجع” وكان يعاني من “مرض عصبي وزهايمر” اضطر بعدها لتناول أدوية “من أجل التوازن النفسي” كي يقدر على “التكلم” وكي يصبح قادراً على إدراك “ما يجري حوله”
وكشف نجل رئيس وزراء سوريا الأسبق، عن مكالمة هاتفية بين حافظ الأسد، وأبيه، سمعها عن غير قصد عندما قام برفع سماعة الهاتف في غرفة مجاورة، ليسمع حوارا يدور بين الأسد والزعبي، ظهر فيه الأسد في مرحلة متأخرة من حالته “العقلية” حيث بعدما تكلم مع رئيس وزرائه مطولاً، عن قضية ما، فاجأه بسؤاله: “مَن أنت؟” فقال له الزعبي: “سيدي، أنا محمود، أنا رئيس وزرائك!” فردّ حافظ: “مَن محمود؟” وأضاف سؤالا آخر: “أنا لِم اتصلت بك؟ أنا أتحدث مع مَن؟”
رئيس الوزراء يتهم بشار الأسد بأدوية أبيه
وفيما حالة حافظ، مستمرة بالتراجع، أكد مفلح، أنه في تلك الأثناء التي شهدت تراجع الحالة الصحية “العقلية” للأسد الأب “تواترت أنباء” حتى إنه “سمعها” من أبيه رئيس الوزراء الأسبق، تتحدث عن أن بشار الأسد كان “يتدخل حتى بمواعيد الأدوية وطريقة إعطاء الأدوية لأبيه!”
وكشف الدكتور مفلح، أن بشار الأسد كان يتدخل بمواعيد الأدوية وطريقة إعطائها لأبيه حافظ، كان بهدف “زيادة الحالة” الصحية تدهوراً، من أجل أن “يفسَح في المجال له” في التسلط على كل تفاصيل السلطة في سوريا، ذلك أن انقطاع التواصل الهاتفي، بين رئيس وزراء سوريا الأسبق، وحافظ الأسد، وبسبب تدهور صحة الأخير، كان يمكّن بشار الأسد من التدخل الشامل في التعيينات والصفقات التي وقف بوجهها، رئيس وزراء سوريا الأسبق، كما شرح نجله.
بشار كان “يكذب حتى على أبيه”
وأكد نجل رئيس وزراء سوريا الأسبق، أنه لا يلقي بهذا الاتهام بحق بشار، بالتدخل بمواعيد وطريقة إعطاء الأدوية لأبيه، لزيادة حالته الصحية تدهوراً “من أجل الانتقام” من الرئيس الفارّ، بل لأنه “شخص لا يقول إلا الحقيقة” وأنه انتظر 24 عاماً، كي يتمكن من الظهور على وسائل الإعلام، للتحدث عما جرى.
وعلى الرغم من أن جريمة بشار الأسد، بحق أبيه، تعتبر الأكبر، وقبل أن يصبح رئيساً، فإنه ارتكب جرائم أخرى، كالتدخل في “صفقات النفط” لمنحها لأناس قريبين منه، بحسب مفلح الزعبي.
ولفت الزعبي إلى أن بشار الأسد، كان شخصا لا يمكن التعامل معه، قائلا إنه “بدون وجود إعلام، يهدِّد دائماً” وبأن بشار كان “يكذب حتى على أبيه”.
صفقات النفط وتعيينات الوزراء
ويبرز الزعبي، الأسباب الحقيقية، للصراع بين أبيه رئيس الوزراء الأسبق، وبشار الأسد، قبل أن يتولى حكم البلاد. وقال إن قضية “النفط” و”تعيينات الوزراء” هي التي فجرت العلاقة بين الرجلين، إلى الدرجة التي أدت في النهاية إلى اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، لا انتحاره، كما قال نجله.
وبحسب التفاصيل التي عرضها نجله، فإن رئيس الوزراء السوري الأسبق، قد تم اغتياله في منزله في منطقة “دمّر” بضواحي العاصمة السورية.
التخطيط للتخلص من رئيس الوزراء
وأكد الدكتور مفلح، أن ضابطاً كبيراً زارهم “متنكِّراً” إلى بيتهم، وأخبر والده بضرورة أن يغادر البلاد بالسرعة القصوى، قائلا لرئيس وزراء سوريا الأسبق: “بشَّار الأسد يخطط للتخلص منك! وأنصحك بالسفر ومغادرة سوريا” إلا أن الزعبي رفض المغادرة، مع أن بشار كان قد وجّه النظام السوري بأكمله، للانتقام منه، فعزلوه من رئاسة الوزراء، ثم فصلوه من قيادة حزب البعث، وتجلت أقسى أشكال الانتقام من الرجل، قبل اغتياله، بطرده من منزله الذي سبق وأعطاه إياه، حافظ الأسد!
شهر بين مقتل الزعبي ووفاة الأسد الأب
ومن الجدير بالذكر، أن إعلان نظام الأسد عن “انتحار” رئيس وزرائه عام 2000، لم يصدقه غالبية السوريين، في ذلك الوقت، ورجحوا مقتله اغتيالاً، خاصة وأن الراحل محمود الزعبي عمل رئيسا للوزراء لمدة 13 عاما متواصلة، ويعتبر من أقوى شخصيات نظام حافظ الأسد التي أطاح بها بشار الأسد، قبل أن يبدأ مهامه رئيسا للبلاد.
يذكر أن حافظ الأسد، مات بعد شهر واحد من مقتل رئيس وزرائه. وكان مقتل محمود الزعبي رئيس وزراء سوريا، في شهر أيار/ مايو عام 2000، وجاءت وفاة حافظ الأسد، في شهر حزيران/يونيو، من العام نفسه.