تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في قلب الصراعات السياسية والإقليمية التي مر بها الشرق الأوسط، تبرز قصة بشار الأسد، الرئيس السوري الذي حكم بلاده لأكثر من عقدين، كإحدى أكثر القصص إثارة للجدل. فمن طبيب عيون درس في لندن إلى رئيس قاد سوريا خلال واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخها، كانت مسيرة الأسد مليئة بالتقلبات، حيث مزج فيها الطموحات الشخصية مع السياسة والدمار.

فبينما بدأ رئيساً شاباً يتحدث عن التغيير والإصلاح، يشهد هذه الأيام سقوطه النهائي بعد أكثر من 20 عامًا من الصراع. فما هي المحطات الحاسمة في حياته؟.

الطفولة والنشأة السياسية

وُلد بشار الأسد عام 1965 في دمشق، لوالده حافظ الأسد الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت. حافظ الأسد، الذي وصل إلى السلطة في 1970 عبر انقلاب عسكري، شكل جزءًا من نواة حكمٍ طائفي في سوريا، مما جعل الأسرة الحاكمة من العلويين جزءًا من النخبة العسكرية الحاكمة. خلال فترة حكمه، شهدت سوريا العديد من الصراعات الإقليمية والعسكرية، أبرزها حرب أكتوبر 1973 وحرب لبنان، فضلاً عن قمع الإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982.

الدراسة في لندن والتحول إلى السياسة

بعيدًا عن السياسة، سلك بشار الأسد مسارًا أكاديميًا حيث درس الطب في جامعة دمشق ثم في بريطانيا، وتخصص في طب العيون. ورغم حياته الهادئة في لندن، لم يكن القدر يخبئ له مستقبلاً عاديًا. ففي عام 1994، توفي شقيقه الأكبر باسل الأسد في حادث سيارة، ليُقرر حافظ الأسد إعداد بشار ليخلفه في الحكم.

تولي السلطة

في يونيو 2000، توفي حافظ الأسد بعد 30 عامًا من حكم سوريا، ووقع تعديل دستوري يسمح لبشار بالترشح للرئاسة رغم أنه كان في الـ34 من عمره. بدأت مرحلة بشار الأسد السياسية بشكل واعد حيث تحدث عن إصلاحات ديمقراطية وتنمية اقتصادية، مما أعاد الأمل إلى السوريين في إمكانية حدوث تغيير حقيقي. سعى أيضًا لتطوير العلاقات الخارجية لسوريا، خاصة مع الغرب. ومع مرور الوقت، تلاشت هذه الآمال، حيث عادت الأجهزة الأمنية لفرض سيطرتها، مما قمع الحريات السياسية.

الثورة السورية والحرب الأهلية

في عام 2011، اندلعت الاحتجاجات في سوريا في إطار موجة "الربيع العربي"، مطالبًا بالديمقراطية وإصلاحات سياسية. بدأت الاحتجاجات السلمية في مدينة درعا، ثم انتشرت في مختلف أنحاء البلاد. ولكن شهدت البلاد موجه عارمه من الفوضي التي حولت الثورة السلمية الى بحر من الدم من الطرفين، فالمليشيات المسلحة، المدعومة من دول عربية وغربية، واجهت قوات الأسد المدعومة من إيران وروسيا.

التدخل الروسي وصمود الأسد

في عام 2015، تدخلت روسيا بشكل مباشر في النزاع السوري، مما قلب موازين القوى لصالح الأسد. بمساعدة روسيا وإيران، استعاد بشار الأسد السيطرة على العديد من المناطق الاستراتيجية التي كانت قد سقطت في يد المليشيات السورية. ومع بداية عام 2020، كانت الحكومة السورية قد استعادت السيطرة على معظم الأراضي السورية، مما مهد لمرحلة جديدة من الحكم القمعي.

عودة إلى الساحة العربية

بعد سنوات من العزلة الدولية، بدأ بشار الأسد في العودة إلى الساحة العربية. ففي عام 2023، استعادت سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية بعد سنوات من تعليق عضويتها. هذه العودة جاءت في وقت كانت فيه الحكومة السورية تستعيد الاستقرار النسبي بعد سنوات من الحرب المدمرة.

سقوط الأسد

على الرغم من تلك الاستعادة الجزئية للاستقرار، إلا أن الأسد لم يتمكن من الحفاظ على حكمه طويلاً. في أكتوبر 2023، شنت حركة حماس هجومًا مفاجئًا على إسرائيل، ما أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة. وفي ديسمبر 2024، في تطور مفاجئ، تمكنت المعارضة السورية بقيادة "هيئة تحرير الشام" من السيطرة على مدينة حلب، ثم التقدم بسرعة نحو دمشق. في 8 ديسمبر 2024، سقطت دمشق، ليُعلن عن إسقاط نظام بشار الأسد بعد حكم استمر 54 عامًا في سوريا.

ختامًا، تمثل حياة بشار الأسد نموذجًا صارخًا لتاريخ سياسي مليء بالصراعات والمعاناة، إذ بدأ حياته كطبيب، ثم تحول إلى رئيس سوريا، ليحكم في ظروف صعبة جدًا في الداخل والخارج. ورغم محاولاته للإصلاح في بدايات حكمه، إلا أن سياساته القمعية والاعتماد على القوة العسكرية في مواجهة المعارضة، جلبت له العديد من الانتقادات الدولية والاتهامات بارتكاب جرائم حرب، لينهار حكمه في النهاية بعد صراع مرير دام لأكثر من عقدين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: بشار الأسد الرئيس السوري طبيب عيون الأسد سوريا بشار الأسد حافظ الأسد الأسد ا

إقرأ أيضاً:

الرئاسة السورية تعلن تشكيل مجلس للأمن القومي

أعلنت الرئاسة السورية عن تشكيل مجلس للأمن القومي ليل الأربعاء برئاسة رئيس الجمهورية، وهي هيئة لم تكن موجودة قبل الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد قبل أكثر من ثلاثة أشهر.

وأوردت الرئاسة في قرار نشر عبر حسابها الرسمي في تطبيق تلغرام أن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع قرر "تشكيل مجلس الأمن القومي" الذي "يعهد إليه تنسيق وإدارة السياسات الأمنية والسياسية".

وجاء في القرار أن تشكيل المجلس يأتي "بناء على الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية العربية السورية، وانطلاقا من المصلحة الوطنية العليا، وحرصا على تعزيز الأمن القومي والاستجابة للتحديات الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة".

ويترأس رئيس الجمهورية الانتقالي هذا المجلس الذي يضمّ كلا من وزير الخارجية ووزير الدفاع ومدير الاستخبارات العامة ووزير الداخلية، بالإضافة إلى مقعدين "استشاريين" يتم تعيينهما من قبل الرئيس ومقعد "تقني تخصصي" يعينه الرئيس أيضا لمتابعة "الشؤون التقنية والعلمية ذات الصلة بمحضر الجلسة".

وتعقد اجتماعات هذا المجلس كما ورد في القرار "بشكل دوري أو بناءً على دعوة من رئيس الجمهورية، وتنُفذ القرارات المتعلقة بالأمن القومي والتحديات التي تواجه الدولة بالتشاور بين الأعضاء".

وتحدّد مهام المجلس "وآلية عمله بتوجيهات من رئيس الجمهورية بما يتماشى مع المصلحة الوطنية العليا، وبما يضمن التنسيق الفعال بين مختلف الأجهزة والمؤسسات"، وفقا لما ورد في القرار.

ويأتي هذا الإعلان في وقت شكلت أعمال العنف الدامي التي أوقعت أكثر من 1300 قتيل مدني، غالبيتهم الساحقة علويون، في الساحل السوري، اختبارا مبكرا للشرع الساعي الى ترسيخ سلطته على كامل التراب السوري.

وأطاحت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام الأسد مع دخولها دمشق في الثامن من ديسمبر إثر هجوم بدأته من معقلها في شمال غرب البلاد أواخر نوفمبر.

وأعلنت السلطات الجديدة حينها تعيين حكومة تصريف أعمال لإدارة البلاد لفترة تمتد لثلاثة أشهر.

وكان يفترض أن يتم الإعلان مطلع مارس الحالي عن حكومة انتقالية لإدارة البلاد في المرحلة المقبلة.

وغداة إعلانه في 29 يناير رئيسا انتقاليا للبلاد، تعهّد الشرع إصدار "إعلان دستوري" للمرحلة الانتقالية بعد تشكيل "لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغّر" وحلّ مجلس الشعب.

مقالات مشابهة

  • كيف أفشل بشار الأسد عرضاً غير مسبوق للتفاوض مع واشنطن؟
  • الرئاسة السورية تنشر النص الكامل للإعلان الدستوري
  • الرئاسة السورية: الشرع يلتقي وفدًا تركيًا رفيع المستوى
  • الدبلوماسية السورية في عهد جديد.. أين تقف دمشق من العالم؟
  • الرئاسة السورية تعلن تشكيل مجلس الأمن القومي برئاسة الشرع
  • الرئاسة السورية تعلن تشكيل مجلس للأمن القومي
  • الرئاسة السورية: قرار رئاسي بتشكيل مجلس للأمن القومي
  • الكشف عن الدور الأمريكي حول ابرام أكراد سوريا اتفاق مع الحكومة السورية
  • اغتيال السفير السوري المنشق نور الدين اللباد وشقيقه في درعا.. فيديو
  • سانا تستطلع الآراء في دمشق حول الإتفاق بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية: أمل جديد بوحدة الأراضي السورية