معركة المياه في الضفة الغربية.. صراع على السيطرة في ظل عطش فلسطيني ورخاء استيطاني إسرائيلي
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
يتمتع 500 ألف مستوطن يهودي يعيشون في الضفة الغربية بشبكة المياه الإسرائيلية المتطورة التي توفر المياه بشكل مستمر، على عكس الوضع في المدن الفلسطينية الذي تفاقم مع اشتداد موجات الجفاف الإقليمية وارتفاع درجات الحرارة وفرض الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة حكمها العسكري على المنطقة.
تعاني القرى الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة من ندرة المياه، حيث تبدو أشجار النخيل فاقدة للحياة والبيوت البلاستيكية فارغة ومهجورة.
يقول الفلسطينيون إنهم بالكاد يستطيعون الحصول على ما يكفي من الماء لاستحمام أطفالهم وغسل ملابسهم، ناهيك عن تربية الماشية وزراعة أشجار الفاكهة.
على الجانب الآخر وفي تناقض صارخ، تبدو المستوطنات اليهودية المجاورة وكأنها واحات. فالأزهار البرية تزين التربة، وتسبح الأسماك في برك اصطناعية، كما يستمتع الأطفال بوقتهم في حمامات السباحة.
يعكس الكفاح من أجل الوصول إلى المياه في هذا الشريط من الأرض الخصبة منافسة أوسع للسيطرة على الضفة الغربية التي يعتبرها الفلسطينيون أساس دولتهم التي يأملونها في المستقبل ويرى الإسرائيليون أنها أساسية لحماية حدودهم الشرقية.
أزمة عمرها عقودتعاني جميع أنحاء الضفة الغربية من شح ومشاكل المياه منذ أن أعطت اتفاقات السلام المؤقتة في التسعينيات لإسرائيل السيطرة على 80% من احتياطيات المياه في الضفة الغربية، ومعظم جوانب الحياة الفلسطينية الأخرى.
كما أنشأت الاتفاقات حكومة فلسطينية محدودة ذات حكم ذاتي، كان من مهامها توفير المياه لمدنها المتضخمة من خلال الاستفادة من الخزانات سريعة النضوب التي تشترك فيها مع إسرائيل، وشراء المياه من الشركة الإسرائيلية التي تديرها الدولة.
تركت هذه الاتفاقيات الفلسطينيين الذين يعيشون في الـ60% المتبقية من الضفة الغربية تحت السيطرة المدنية الإسرائيلية الكاملة عالقين ومعزولين عن شبكات المياه الإسرائيلية والفلسطينية.
كان من المقرر أن تستمر الاتفاقات المؤقتة لمدة خمس سنوات، إلا أنها لا تزال سارية المفعول حتى اليوم.
يقول إيال هروفيني، مؤلف تقرير حديث عن أزمة المياه من منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان: "إن كمية المياه التي تضخها إسرائيل لم تتكيف مع احتياجات الفلسطينيين وفي كثير من الحالات لم تتغير منذ السبعينيات. صُممت البنية التحتية لإفادة المستوطنات فقط".
في المقابل، يتمتع 500 ألف مستوطن يهودي يعيشون في الضفة الغربية بشبكة المياه الإسرائيلية المتطورة التي توفر المياه بشكل مستمر، على عكس الوضع في المدن الفلسطينية الذي تفاقم مع اشتداد موجات الجفاف الإقليمية وارتفاع درجات الحرارة وفرض الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة حكمها العسكري على المنطقة.
"مشكلة سياسية"اتهم وزير المياه الفلسطيني مازن غنيم شركة المياه الوطنية الإسرائيلية بخفض إمدادات المياه إلى مدينتي بيت لحم والخليل الفلسطينيين بنسبة 25% خلال الأسابيع التسعة الماضية. يقول الفلسطينيون في الخليل إن صنابيرهم جفت هذا الصيف لمدة تصل إلى شهر.
يقول غنيم إن قطع المياه الأخير كان "مشكلة سياسية" في ظل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القومية المتطرفة، والتي اتخذت خطاً متشدداً بشكل خاص ضد الفلسطينيين، مضيفاً: "لو كنا مستوطنين ، لكانوا سيحلون هذه المشكلة على الفور".
من جهتها، وصفت سلطة المياه الإسرائيلية التعطيل الأخير للمدن الفلسطينية بأنه مشكلة فنية ووجهت الأسئلة إلى COGAT، وهي الوكالة الإسرائيلية التي تنسق مع الفلسطينيين في الشؤون المدنية، والتي بدورها نفت أي انخفاض في تدفق المياه وأصرت على أن "الإمداد مستمر وفقاً للاتفاقيات".
في غالبية الضفة الغربية حيث تحتفظ إسرائيل بسيطرة مدنية وأمنية كاملة، لا يستطيع الفلسطينيون حفر أو تعميق الآبار دون تصاريح يصعب الحصول عليها.
منذ عام 2021، هدمت السلطات الإسرائيلية ما يقرب من 160 خزاناً فلسطينياً غير مرخص له وشبكات الصرف الصحي والآبار في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
كذلك معدل الهدم آخذ في التسارع؛ فخلال النصف الأول من عام 2023، هدمت السلطات الإسرائيلية العدد نفسه تقريباً من منشآت المياه الفلسطينية التي هدمتها في العام الماضي.
في التجمعات الرعوية في شمال غور الأردن، يبلغ استهلاك الفلسطينيين من المياه 26 لتراً في اليوم فقط، وهذا أقل بكثير من الحد الأدنى لمعيار منظمة الصحة العالمية وهو 50-100 لتر، مما يجعلها مصنفة كمنطقة كوارث، وفقاً لمنظمة بتسيلم.
في المقابل، قالت المنظمة الحقوقية إن المستوطنين الإسرائيليين يستهلكون ما بين 400 و 700 لتر للفرد في اليوم في المتوسط.
"الزراعة للاستيلاء على الأرض"لدى إسرائيل الكثير من المياه بفضل شبكة تحلية مياه رائدة عالمياً ومياه الصرف الصحي المُعاد تدويرها، أي أنها لم تعد تعتمد على الاحتياطيات الجوفية بنفس الطريقة التي كانت تعتمد عليها بعد الاستيلاء على الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في حرب عام 1967.
وتُستخدم شبكة المياه الإسرائيلية ليس فقط لتزويد المستوطنات -التي يعتبرها معظم المجتمع الدولي غير قانونية- بالطاقة، ولكن أيضاً لري كروم العنب وبساتين الزيتون في البؤر الاستيطانية اليهودية التي تُبنى بدون تصريح رسمي.
من خلال تمكين البؤر الاستيطانية اليهودية من زراعة الأراضي المتنازع عليها وتصدير النبيذ الفاخر والتمور، توسع إسرائيل سلطتها على الضفة الغربية، بحسب الباحث المناهض للاستيطان درور إتكس الذي يقول: "الزراعة وسيلة أكثر فاعلية للاستيلاء على الأرض من البناء".
ويعتبر إبراهيم صوافطة، عضو المجلس المحلي لقرية بردلة الفلسطينية في شمال الأغوار، أن أكثر من 12 عائلة زراعية غادرت بردلة مؤخراً إلى بلدة شمالية بها المزيد من المياه، في حين تخلى آخرون عن حقولهم مقابل وظائف برواتب أفضل في المزارع المزدهرة في المستوطنات الإسرائيلية.
المصادر الإضافية • أ ب
شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بعد سقوط 50 قتيلا في المواجهات التي اشتعلت بعد اعتقاله.. "قوة الردع الخاصة" تطلق سراح آمر اللواء 444 في سعي نحو اقتصادات صديقة للبيئة.. دول الخليج تستثمر في "الهيدروجين الأخضر" كوقود للمستقبل من غاز مُضرّ إلى سماد للباذنجان.. الدنمارك تفتتح منشأة جديدة لربط غاز ثاني أكسيد الكربون مياه- أزمة / شح الموارد المائية الضفة الغربية إسرائيل مستوطنة يهودية استعمار- احتلال فلسطينالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الضفة الغربية إسرائيل فلسطين إسرائيل الهند حرائق باكستان السعودية ليبيا تكنولوجيا المسيحية طرابلس ليبيا الإسلام إسرائيل الهند حرائق باكستان السعودية ليبيا المیاه الإسرائیلیة فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
مسؤول فلسطيني: الاحتلال ينفذ عدوانا غير مسبوق على مخيمات طولكرم بالضفة الغربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد محافظ طولكرم عبد الله كميل، اليوم /الأحد/ أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ حاليا عدوانا غير مسبوق على مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة، معربا عن رفضه محاولات تهجير الفلسطينيين وضم أجزاء من غزة والضفة الغربية.
وقال كميل - في مداخلة هاتفية مع قناة (القاهرة الإخبارية) - إن "الاحتلال يجتاح مخيم نور شمس ويحاصره من عدة اتجاهات، كما يمنع طواقم الإسعاف من الوصول إلى عدد من المصابين داخل المخيم"، مشيرا إلى أن "هناك حالات نزوح قسري إلى عدة مناطق، ما يزيد صعوبة الوضع الإنساني للمواطنين".
وأشار إلى "نزوح أكثر من 85% من سكان مخيم طولكرم جراء العملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة التي تستهدف جميع المخيمات في شمال الضفة الغربية"، مؤكدا أن "الاحتلال يسعى من وراء هذا لتغيير طبيعة مخيمات اللاجئين والسيطرة على جزء كبير من الضفة الغربية".
ووجه محافظ طولكرم دعوة للمجتمع الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي غير المسبوق على المحافظة ومخيماتها، مستنكرا الدعم الأمريكي المتواصل لمخططات تهجير الشعب الفلسطيني.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن - في وقت سابق اليوم - بدء تنفيذ عملية عسكرية بمخيم نور شمس في الضفة الغربية.