بالفيديو.. “أمن الدولة” في قبضة المعارضة السورية
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
إقتحمت صباح اليوم الأحد قوات المعارضة السورية مقر المخابرات العامة “أمن الدولة” في منطقة البرامكة في كفر سوسة بالعاصمة دمشق.
واستمرت الإشتباكات مدة وجيزة قبل أن تسيطر المعارضة بشكل كامل على المبنى، أحد أكثر المواقع الأمنية حساسية في البلاد.
وأظهرت لقطات مصورة لحظة اقتحام المقر، حيث دخلت قوات المعارضة وسط هتافات تنادي بالحرية.
وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة إنتصارات حققتها المعارضة أخيرا، بعد إعلان سيطرتها على مناطق إستراتيجية في دمشق، بما في ذلك القصر الجمهوري. وتعد السيطرة على مقر أمن الدولة ضربة قوية للنظام السوري، الذي يعاني انهيارات متسارعة على مختلف الجبهات.
وبعد خروج المواطنين إلى شوارع العاصمة دمشق، بدأت قوات النظام بالانسحاب من المؤسسات العامة والشوارع، في حين عززت المعارضة المسلحة سيطرتها على وسط دمشق، وفقد النظام السيطرة على المدينة.
اقتحام مبنى أمن الدولة في حي كفرسوسة في مدينة #دمشق وخروج المساجين#الجزيرة_مباشر #سوريا pic.twitter.com/Qop28dCT24
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) December 8, 2024
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: أمن الدولة
إقرأ أيضاً:
عن المعارضة والاصطفاف والمعارك الآمنة
كشفت تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب وإصراره على أن تضطلع الدولة المصرية مع الأردنية بدورٍ في لحظة ما بعد الحرب في غزة؛ عن طور آخر من الغرابة التي يتصف بها فصيل من المعارضة المصرية، التي سرعان ما لهثت إلى إعلان "اصطفافها" إلى جانب الموقف المُعلن حتى الآن للدولة المصرية في وجه مشروع ترامب الرامي لتهجير سكان قطاع غزة.
ربما حاول الكثيرون من الذين أعلنوا اصطفافهم، أن يخرجوا من دائرة المزايدات الوطنية والفصل بين موقفهم من النظام وموقفهم مع الدولة المصرية، وسيادتها، لكن ذلك الموقف الذي وإن كان نابعا من شعور وطنيّ مهموم بقضية مصيرية تواجه مصر، كان تعبيره الجليّ في أنه أوضح من في حاجة للآخر، النظام أم المعارضة؟ والإجابة المؤسفة هي أن المعارضة المصرية هي التي في حاجة إلى النظام أكثر من حاجة النظام إليها في ذلك الموقف الحساس.
منذ الثالث من تموز/ يوليو، كان النظام المصري، واضحا منذ لحظته الأولى في احتكاره لقضايا الأمن القومي وإقصائه لكل الهيئات التمثيلية للشعب المصري من أن يكون لها صوتا في أي مسألة تخص الأمن القومي بالتحديد، وهذا ما أثبتته منذ اللحظة الأولى قضية جزيرتيّ "تيران وصنافير" اللتين لم يأبه النظام لأي صوت خرج منددا بما تمثله تلك الخطوة من خيانة عظمى وتفريط يحددهُما الدستور المصري ذاته، بل إن القضاء المصري قد أدان المحامي "خالد علي" -في مفارقة غريبة- لأنه قرر أن يدافع عن سيادة بلاده وحدودها.
بخلاف "تيران وصنافير"، مرّت عشر سنوات من التعتيم والتجهيل الخاصة بقضية أمن قومي أكثر حساسية، هي قضية الأمن المائي وإدارة مصر لمسألة سد النهضة الإثيوبي في دهاليز مظلمة لا يعرف عنها الشعب شيئا سوى تصريحات شعبوية للاستهلاك المحلي أطلقها الرئيس من عيّنة "العفي محدش يقدر ياكل لقمته" و"لا يليق بنا أن نقلق أبدا" أو "اللي عايز يجرب يجرّب"، ورغم محاولات المعارضة المصرية أن تأخذ دورا في مسار تلك القضية الحساسة، إلّا أن محاولاتها كانت بمثابة آذان في مالطا.
لقد همَّش النظام المصري، وقضى على أي دور حقيقي للمعارضة طيلة عشرة سنوات، والآن تحاول المعارضة الاصطفاف، من أجل نفسها، وإثبات جدوى "الصوت" كأن له أهمية حقا في تلك اللحظة الفارقة رغم أنه كان معدوم الأهمية في كل لحظة فارقة مضت! المفارقة الأكبر أنه لم تمض سوى سنة وبضعة أشهر على إثبات السيسي مدى احتقاره للمعارضة، وجزاؤه لها جزاء "سنمار"
وفي قضية فلسطين ذاتها، وبعد أن فتحت الميادين المصرية في أعقاب خطابه الشهير "أرسلوهم إلى صحراء النقب" مع المستشار الألماني "شولتز"، نزلت فصائل من المعارضة إلى الشارع في نفس الوقت الذي سيق فيه رجال صبري نخنوخ وحزب مستقبل وطن في أماكن بعينها، وما أن قررت المعارضة أن تستفرد بالميادين لنفسها، نكَّل بها النظام ورجاله، وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية الذي يعود إلى حزيران/ يونيو من العام الماضي، يقبع أكثر من 123 شخصا في السجون لتضامنهم مع الفلسطينيين من خلال التظاهر السلمي، ومنهم أطفال وُجهت لهم تهم الإرهاب المعتادة.
على أي حال، سيكون من القسوة والسخف لوم أناسا لأنهم قرروا أن يعبروا عن موقف وطني رافض للتهجير وتصفية القضية الفلسطينية لمجرد أنَ هذا الموقف اتسق مع موقف النظام في مصر، ولكن الغرض الرئيسي من كتابة تلك الكلمات، هو التعبير عن التناقض واللاجدوى الكامنة داخل مصطلح "الاصطفاف" الخاص بالمعارضة المصرية، التي فوتت الكثير من الفرص كان الأجدر بها أن تصطف فيها.
في آخر الفرص الضائعة من أجل "اصطفاف" حقيقي، فوتت المعارضة المصرية على نفسها فرصة أن تصطف حقا في الأيام القليلة التي سبقت طوفان الأقصى، حول المرشح الرئاسي أحمد طنطاوي، فبينما كان الرجل يخوض معركته بشكل شبه منفرد وأعزل تماما من أي وسائل ضغط على النظام، سواء من قوى خارجية أو مساحات داخلية لتجمع الحشود والتفافهم حوله، قرر فصيل من المعارضة أن يغرقه في معارك هامشية بلهاء، سابقة كثيرا لأوانها، خاصة بموقفه من المرأة والختان ومجتمع الميم عين.
بعد أن استبعد الرجل من السباق الانتخابي، قرر فصيل آخر من المعارضة يمثله المرشح الرئاسي "فريد زهران" أن يمضي في طريقه مُعطيا شرعية التنافس لانتخاب السيسي لولاية ثالثة وربما أبدية، وفي خضم تسارع الأحداث في المنطقة العربية، اُعتقل السيد "طنطاوي" في صمت سلس من البيروقراطية القضائية التي نجحت في ألَّا تجعل من الرجل شهيدا أو رمزا، حيث إنه سُجن في قضية تزوير. وبعد ما يقارب عام من القبض عليه، لم يجد اصطفافا حتى الآن يليق بموقفه الذي قدمه في وقت ظن الجميع أن النظام في مصر كليّ القدرة وكليّ البطش وألا صوتا سيعلو فوق صوته، لأنه لن يفكر أحد في ذلك من الأساس من فرط القمع وتكميم الأفواه.
نهاية، إن كان ترامب يوجه كلماته الواحدة تلو الأخرى، إلى "الجنرال" السيسي شخصيا لا إلى الشعب المصري أو الحكومة، وإن كان السيسي بدوره يرد عليه من خلال حشد جوقة بلطجية نخنوخ ومستقبل وطن، على الحدود مع رفح، تعبيرا عن الغضب الشعبي المصري، في مشهد كوميدي يمكنك أن تراهن على أنه أضحك ترامب حينما سمع به، فما جدوى أن تسعى المعارضة لاهثة لإعلان "اصطفافها" إلى جانب نظام دؤوب جدا في تعبيره عن احتقارها بكل شكل ممكن من الأشكال؟