ناشونال إنترست: هكذا انهار حكم الأسد
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
يوم الأربعاء 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، شنت هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد حسين الشرع المعروف باسم أبي محمد الجولاني، مع الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، هجوماً خاطفاً ضد نظام الأسد. بحلول الأول من ديسمبر (كانون الأول)، استولوا على حلب وبعد أسبوع واحد، انهار النظام.
قد يخرج الصراع عن السيطرة أو يوفر لقسد التي يقودها الأكراد فرصة
وكتبت مديرة العلاقات الدولية في مركز الشؤون السياسية والخارجية كيلي كاسيس أنه بينما أثرت البيئة الجيوسياسية المتقلبة على توقيت ونطاق الهجوم، كان تجدد النزاع السوري أمراً لا مفر منه.
ورأت في مقال بموقع "ناشونال إنترست" أن البلاد ظلت مجزأة وغارقة في مأزق سياسي، مع عدم وجود آفاق لإعادة الإعمار بينما عاش 90% من السكان تحت خط الفقر.
وحتى في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة، فشلت الحكومة في استعادة النظام، مما سمح للميليشيات والعصابات الإجرامية بالعمل بحرية. ورفض الأسد باستمرار تقديم أدنى التنازلات، سواء على المستوى المحلي أو مع جيرانه، معتبراً التسوية علامة ضعف.
تكتيكات هيئة تحرير الشامأمضى الجولاني السنوات القليلة الماضية في تعزيز وإصلاح هيئة تحرير الشام. من خلال تقديم برامج تدريبية متخصصة والتحول إلى الحرب التقليدية، غرست المجموعة مقداراً أعظم من الانضباط بين قواتها وحسنت بشكل كبير قدراتها العملياتية، كما أثبتت الحملة الأخيرة.
كما اكتسب جهازها الأمني خبرة من عمليات مكافحة الإرهاب ضد تنظيمي داعش والقاعدة في حين وسع قدراته على القيام بأنشطة التخريب وجمع المعلومات الاستخبارية.
Assad’s regime falls after a lightning rebel offensive.
For him the destruction of Syrian cities and killing of hundreds of thousands of citizens, was a price worth paying to stay in power.
Assad’s slaughter houses - like Saydnaya prison - being emptied.
pic.twitter.com/ee7eoSHjpN
في الماضي، دعمت الأقليات الدينية الأسد على مضض خوفاً من الاضطهاد في حال استولت حركة إسلامية أصولية على السلطة. مع ذلك، أدى السخط المتزايد على النظام - إلى جانب إراقة الدماء المحدودة نسبياً خلال الهجوم وتواصل الجولاني مع الأقليات - إلى إشعال الانتفاضات في جميع أنحاء سوريا.
في السويداء، وهي محافظة ذات أغلبية درزية في جنوب سوريا ودرعا المجاورة، بدأت الفصائل المحلية في التعبئة وشن هجمات على قوات النظام، وفتح جبهة جنوبية. بعد أيام، كانت في ضواحي دمشق، تحرق صور بشار الأسد وتسقط تماثيل والده حافظ.
After the Bashar Al Assad regime fell down following 14 years of bloody efforts to put down a popular rebellion against Assad's iron rule, some soldiers and security personnel removed their uniforms to blend into civilians in the early hours of Sunday. Damascus has fallen. Assad… pic.twitter.com/E56AnHidy4
— Abdullah Ayasun (@Abyasun) December 8, 2024 ما لم تتوقعه تركيا بالرغم من أن تركيا دعمت الهجوم ضمناً، من المرجح أنها لم تتوقع انهيار خطوط دفاع النظام بهذه السهولة. بالرغم من عدائها العميق للأسد، وتهدف تركيا إلى احتواء القوات الكردية وتأمين حدودها وتسهيل عودة اللاجئين لتخفيف الضغوط المحلية. ربما كانت أنقرة تنوي استخدام الهجوم كوسيلة ضغط لدفع النظام إلى التفاوض على التطبيع بشروط أكثر ملاءمة بدلاً من السعي إلى الإطاحة به. وقد يمكن نجاح الهجوم تركيا من لعب دور محوري في تشكيل المستقبل السياسي لسوريا.من ناحية أخرى، وبالنظر إلى الديناميات المتطورة بسرعة على الأرض، قد يخرج الصراع عن السيطرة أو يوفر لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد فرصة للاستفادة من انهيار الأسد. على عكس الجيش الوطني السوري، امتنع الجولاني عن مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية وأظهر بشكل عام درجة أكبر من الاستقلال عن أنقرة. خيانة
مع تركيز روسيا على حربها في أوكرانيا وإضعاف قوات حزب الله وتشتيت انتباه إيران بفعل مواجهتها مع إسرائيل، لم يعد بإمكان الأسد الاعتماد على نفس المستوى من الدعم العسكري كما كان من قبل.
ووجهت الأشهر الأربعة عشر الماضية ضربة قاسية لمحور إيران، ويُنظر إلى غياب الأسد عن صراعهم مع إسرائيل على أنه خيانة.
علاوة على ذلك، بعدما شهدت القوات العسكرية هروباً أو انشقاقاً، كانت إيران غير راغبة بتخصيص موارد إضافية لدعم النظام المنهار.
ومع ذلك، من المرجح أن تحشد طهران ميليشياتها وتحاول استغلال الفوضى على الأرض لتأمين جسرها البري إلى حزب الله في لبنان.
ماذا عن روسيا؟أصبحت موسكو مستاءة بشكل متزايد من عدم كفاءة قوات النظام وعناد الأسد في مفاوضات التطبيع مع تركيا والتي ساعدت بالتوسط فيها.
وعندما تدخلت روسيا في سوريا سنة 2015، كانت تأمل في تأمين موطئ قدم استراتيجي في الشرق الأوسط وتعزيز مكانتها باعتبارها قوة عظمى.
بدلاً من ذلك، انتهى الأمر بها مع دولة مدمرة بنظام عاجز عن الدفاع عن نفسه. والآن، أصبحت أولوية الكرملين هي الحفاظ على السيطرة على أصوله العسكرية الرئيسية، وهي قاعدة حميميم الجوية والقاعدة البحرية في طرطوس.
ولفتت الكاتبة في الختام إلى أن خريطة الشرق الأوسط يعاد رسمها لأسباب متقاطعة عدة، وما يحدث بعد ذلك في سوريا سيكون له تداعيات عميقة على المنطقة بأكملها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الجولاني الحرب في سوريا الجولاني بشار الأسد
إقرأ أيضاً:
بعد سقوط نظام بشار.. الموز يرسم الابتسامة على وجه السوريين
دمشق - الوكالات
بعد غياب طويل عن موائد السوريين بسبب ارتفاع سعرها الجنوني، عادت فاكهة الموز إلى الأسواق لتصبح في المتناول بعد انخفاض ثمنها، مما عده البعض إحدى نتائج سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
فقد كانت هذه الفاكهة بمثابة حلم صعب المنال لدى السوريين قبل 8 ديسمبر الماضي، بعد أن وصل سعر الكيلوغرام منها إلى نحو 50 ألف ليرة سورية (حوالي 5 دولارات)، أي ما يعادل سدس الراتب الشهري للموظف العادي.
وبسبب ارتفاع أسعاره، تحوّل الموز إلى مادة للسخرية المريرة بين السوريين، إذ كانوا يتبادلون التهاني عند الحصول عليه، ويهدونه لبعضهم، ويلتقطون صورا معه، ويشاركون هذه اللحظات على منصات التواصل في تعبير ساخر عن معاناتهم مع الأوضاع الاقتصادية تحت حكم الأسد.
لكن بعد سقوط النظام، هبط سعر الموز إلى الخُمس، ليصبح سعر الكيلوغرام منه حوالي 10 آلاف ليرة (نحو دولار واحد)، ما دفع السوريين للإقبال على الأسواق لشراء هذه الفاكهة التي انتظروها طويلا.
ويعود سبب غلاء الموز لقلة إنتاجه في سوريا، واحتكار استيراده من التجار المقربين من نظام الأسد المخلوع، واضطرار التجار إلى تهريب الموز عبر لبنان.
ولُوحظ وفرة الموز على بسطات الباعة وإقبالا كبيرا من الزبائن في الأسواق السورية، خصوصا أرباب العائلات الذين عجزوا سابقا عن شراء ولو موزة واحدة لأطفالهم، حتى بات يوصف في السوق بـ"الذهب الأصفر يا موز".
وينادي أبو خالد النعيمي -أحد تجار السوق في درعا– على الموز قائلا "موز يا أبو العيال، تعال يا محروم تعال"، بإشارة إلى الانخفاض الكبير في سعر هذه الفاكهة التي أصبحت الآن في المتناول.
ويتابع أن الزبائن يشترون حاليا 2 أو 3 كيلوغرامات من الموز، وتبدو السعادة واضحة على وجوههم، الأمر أشبه بحالة احتفال، "حتى إن البعض اعتبر ذلك أحد إنجازات الثورة"، وفق تعبيره.
وعن الوضع قبل سقوط النظام، يبتسم أبو خالد ويقول "لو جئتم إلى هذا السوق قبل سقوط النظام لتبحثوا عن الموز، لما وجدتم قطعة واحدة، وكان مجرد الحديث عنه يبدو مثيرا للسخرية بسبب أسعاره الخيالية".
ويردف أن الأثرياء فقط كانوا يشترون الموز لأطفالهم بالقطعة الواحدة، وغالبا يخفونه في حقائبهم حتى لا يراهم الفقراء، الذين كانوا يتحسرون على عجزهم عن شرائه.
ويختصر أبو خالد ذلك الواقع بقوله: كان الأب يعد ابنه بشراء موزة واحدة فقط إذا حصل على علامات جيدة في المدرسة.
ويكمل ضاحكا: عندما تزوج أحد أصدقائي، سألته مازحا: ما الهدية التي ترغب فيها؟ فأجاب: كيلوغرامين من الموز.
على بُعد أمتار من بسطة أبي خالد، يقف شادي الجبر (40 عاما)، أحد سكان المدينة، بجوار طفله آدم (5 سنوات)، حاملين عدة قطع من الموز، في حين ترتسم الابتسامة على وجهيهما بعد أن تمكنا أخيرا من شراء هذه الفاكهة الموعودة.
يقول الجبر وهو يتنفس الصعداء: الحمد لله على انتصار الثورة، أصبح بإمكاننا الآن تذوق الموز بعد انتظار طويل.
ويضيف أنه لم أتمكن من شراء الموز منذ 6 سنوات. شارحا "كنت أعمل في ميكانيكا السيارات، لكن عملي توقف بسبب الحرب التي شنها علينا نظام الأسد، وحرمت أطفالي من هذه الفاكهة البسيطة".
ويتابع بابتسامة حزينة: في إحدى السنوات، أردت تقديم هدية لزوجتي بمناسبة ذكرى زواجنا، فلم أجد شيئا سوى موزة واحدة، كانت تُباع وقتها بـ10 آلاف ليرة. وضعتُها في علبة هدايا وزيّنتها بالأحمر والأصفر والأخضر والأبيض محتفلا.
وإلى جوار الجبر، يقف نجله آدم ممسكا بقطعة موز، وطلب التقاط صورة له مع الفاكهة، وقال بلغة الطفولة البريئة: أصبح بإمكاني أن آكل قطعة موز كاملة، للمرة الأولى.
وخلال سنوات الحرب التي شنها نظام الأسد، عانى السوريون من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وندرة المواد مثل الخبز والوقود، ما أدى إلى فقر مدقع وأوضاع إنسانية مأساوية.
لكن بعد سقوط النظام، شهد السوريون تحسنا في توافر السلع وانخفاض أسعارها، ويأملون أن تكون هذه بداية لتحسن أكبر في الواقع الاقتصادي لبلادهم التي أنهكتها سنوات من المعاناة.
المصدر / الأناضول