«معلومات الوزراء»: تقليص المسافات الاقتصادية يوفر فرصا هائلة للدول النامية
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلا جديدا حول «المسافة الاقتصادية»، تناول التحليل العوامل التي تؤثر في المسافة الاقتصادية بين الدول، فضلًا عن التفاوتات في الوقت اللازم للامتثال للوائح التصدير والاستيراد بين الدول وفق مستوى الدخل، إضافة إلى الفجوة في أوقات انتظار سفن الحاويات في المواني بين الدول النامية والمتقدمة، وأهم السياسات المقترحة لتقليص المسافة الاقتصادية في الدول النامية.
وأشار التحليل إلى أنّه رغم انخفاض تكاليف النقل في الدول مرتفعة الدخل على مدى العقود القليلة الماضية، فإنّ إيجاد اقتصاد متكامل واحد لا يزال هدفًا بعيد المنال؛ حيث تواجه الدول منخفضة ومتوسطة الدخل أسعار نقل أعلى من الدول مرتفعة الدخل لكل من الشحنات الدولية والمحلية، كما تواجه أوقات شحن أطول، لذا من الممكن أن تؤدي معالجة هذا التحدي إلى زيادة الدخل والرفاهة العامة، وتحسين حياة الأفراد في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
وتقليص المسافة الاقتصادية - التي تُعرف في مجال النقل بأنّها تكلفة المسافة بين مكانين أو أكثر وفقًا للأنواع المختلفة من وسائل النقل من حيث تكاليف النقل والتكاليف المرتبطة بالوقت - من شأنه أن يعود بفوائد جمة على الدول النامية من خلال تعزيز الإنتاجية، وخلق فرص عمل، ورفع مستوى الدخل، وتعزيز الأمن الغذائي، وخفض الانبعاثات الكربونية. ولتحقيق هذه الفوائد ينبغي توفير وسائل نقل فعالة وعالية الجودة.
تعدد العوامل التي تؤثر في المسافة الاقتصادية بين الدولولفت التحليل إلى تعدد العوامل التي تؤثر في المسافة الاقتصادية بين الدول، ووفقًا للتقرير الصادر عن البنك الدولي فإنها تتمثل فيما يلي:
- العوامل الجغرافية: فكلما ازدادت المسافة بنسبة 10%، أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف النقل البحري بنسبة تتراوح بين 0.3%، و2.6%.
- البنية التحتية للمواني: يوفر تحسين أداء المواني مكاسب محتملة هائلة، فتصدير الشحنة نفسها من ميناء عالي الأداء «المُصنف ضمن أفضل 25% من المواني من حيث الأداء المرتبط بالوقت» يخفض تكاليف الشحن بنسبة 37% في المتوسط مقارنةً بتصديرها من ميناء منخفض الأداء «المُصنف ضمن أدنى 25% من المواني».
- القطاع الخاص وتأثيره في الكفاءة والتكلفة: تتمتع مواني الحاويات التي يديرها القطاع الخاص بكفاءة أعلى بنسبة 7%؛ ما يؤدي إلى انخفاض تكاليف الشحن بنسبة 4%. وكذا فإنّ تشجيع المنافسة في الموانئ وبين المشغلين في الميناء ذاته من شأنه أن يحسن الأداء، ويخفض التكاليف.
4 شركات تستحوذ على 59% من حصة السوق في 2023- هيكل السوق في صناعة الشحن البحري: على صعيد شركات شحن الحاويات، هناك تركز واضح في السوق؛ حيث تمكنت 4 شركات فقط من الاستحواذ على 59% من حصة السوق في عام 2023، كما استحوذت 10 شركات فقط على 86% من حصة السوق في العام ذاته. لذا، يمكن أن يؤدي الاندماج والتعاون بين الشركات إلى خفض معدلات التكلفة، وذلك يرجع إلى وفورات الحجم.
أوضح التحليل أنّ نقل البضائع في الدول النامية يستغرق وقتًا أطول بشكل ملحوظ مقارنةً بالدول المتقدمة، وذلك لكل من الشحنات الدولية والمحلية.
ووفق التقرير الصادر عن البنك الدولي فإنّ متوسط الوقت اللازم للامتثال للوائح التصدير يتراوح من 24 ساعة في الدول مرتفعة الدخل، إلى 97 ساعة في الدول منخفضة الدخل.
وعلى صعيد متوسط الوقت اللازم للامتثال للوائح الاستيراد، يتراوح بين 22 ساعة في الدول مرتفعة الدخل، إلى 126 ساعة في الدول منخفضة الدخل. فضلًا عن أنّ متوسط أوقات الاستيراد أطول من أوقات التصدير في كل من الدول متوسطة ومنخفضة الدخل.
علاوةً على ذلك، أوضح التقرير أنّ متوسط الوقت الذي تقضيه سفن الحاويات في الموانئ يرتفع في الدول منخفضة الدخل إلى أكثر من ضعفي مثيلتها في الدول ذات الدخل المرتفع. كما أوضح أنّ سرعة الطرق بين المدن تكون أسرع في الدول مرتفعة الدخل بمقدار ضعفين مقارنةً بنظيرتها في الدول ذات الدخل المنخفض.
أضاف التحليل أنّ الاكتظاظ المزمن في الدول النامية يرجع إلى مكوث سفن الحاويات وقتًا أطول في مواني الدول النامية مقارنةً بالدول المتقدمة، ويمكن إرجاع سبب ذلك إلى البنية التحتية الأفضل في الدول المتقدمة، وأوقات التخليص الجمركي الأسرع فيها، وارتفاع إنتاجية العمالة في المواني بها.
تأثر أوقات الانتظار في الدول المتقدمة بشكل أكبر أثناء جائحة «كوفيد-19»ومع ذلك، تأثرت أوقات الانتظار في الدول المتقدمة بشكل أكبر في أثناء جائحة «كوفيد-19» متجاوزة بذلك أوقات الانتظار بالدول النامية في بداية عام 2022. ومع ارتفاع الطلب على البضائع المعبأة في حاويات بالدول المتقدمة، خاصة خلال فترات الإغلاق، لم تستطع المواني مواكبة زيادة الأحجام، وعانت حالات الاكتظاظ، خاصةً في مواني أمريكا الشمالية، وبعض المواني الأوروبية، أما بعد انحسار جائحة كوفيد-19، تمكنت الدول المتقدمة من خفض زمن الانتظار وصولًا إلى مستوياتها قبل الجائحة.
خفض تكاليف النقل في الدول النامية يشكل تحديًا كبيرًاأشار التحليل إلى أنّ خفض تكاليف النقل في الدول النامية يشكل تحديًا كبيرًا، ولكن يمكن تحقيقه من خلال بذل مزيد من الجهود في 3 مجالات تتمثل في الآتي:
1- تحرير قطاع النقل من القيود التنظيمية وزيادة المنافسة به:
أسواق خدمات النقل في عديد من الدول النامية لا تتسم بالقدرة التنافسية، ويمكن إرجاع ذلك إلى سياسة تنظيم الأسعار، والحواجز الرسمية وغير الرسمية أمام دخول السوق، وتأكيدًا على ما سبق، نجد أنّ 31 دولة من أصل 94 دولة نامية لا تسمح للشاحنات القادمة من الدول المجاورة بتسليم البضائع؛ مما يضطرهم إلى تفريغ شحناتهم، ثم إعادة تحميلها على شاحنات محلية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه عندما تقوم الحكومات بإزالة العوائق التي تحول دون دخول الشركات صناعة النقل بالشاحنات، وتسمح لشركات النقل التي تتولى شحن ونقل البضائع بتحديد الأسعار بحرية، تنخفض الأسعار وتتحسن جودة الخدمة.
انخفاض أسعار النقل بالشاحنات بنسبة تتراوح بين 25%واتصالًا لما سبق، نجد أنّه في غضون 5 سنوات من تحرير صناعة النقل بالشاحنات، انخفضت أسعار النقل بالشاحنات بنسبة تتراوح بين 25%، و35% في الولايات المتحدة، و23% في المكسيك.
2- الحد من وسائل النقل التي تسير فارغة، والناتجة عن الاختلالات في تدفقات الشحن بين المناطق الجغرافية:
تكون بعض المناطق الجغرافية مستوردة صافية وأخرى مصدرة صافية، فضلًا عن أنّ القيود المفروضة على شركات النقل، والتي تعمل على حماية شركات النقل المحلية من خلال منع شركات النقل الأجنبية من شحن البضائع؛ ما يؤدي إلى عودة الشاحنات وسفن الحاويات فارغة بعد الانتهاء من التسليم الدولي للبضائع، فعلى سبيل المثال تقطع (ناقلات البضائع السائبة) 42% من الأميال البحرية فارغة، وأما الشاحنات فتسير فارغة بنسبة تتراوح بين 15%، و45% من الكيلومترات التي تقطعها.
لذا فإنّ إزالة القيود التي تحد من قدرة الشاحنات وسفن الحاويات على استلام البضائع في الوجهة المخصصة لذلك، وتحسين مطابقة العرض والطلب، يمكن أن يقلل المسافات التي تقطعها الشاحنات أو سفن الحاويات فارغة؛ مما يوفر على شركات النقل النقود والوقت، وتجعل البضائع المتداولة أقل تكلفة.
3- الاستثمار في البنية التحتية عالية الجودة وتحسين تشغيلها:
نظرًا لكون البنية التحتية عالية الجودة ضرورية للحد من الصعوبات الناتجة عن المسافة والتضاريس. فالطرق القصيرة والمباشرة تعمل على خفض تكلفة نقل البضائع، فيمكن أن يؤدي خفض مسافة الشحن في المتوسط بمقدار 100 كيلومتر في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل إلى خفض أسعار النقل بنسبة 20%. فضلًا عن أنّ نقل البضائع على الطرق السريعة بدلًا من الطرق ذات الجودة المنخفضة يخفض أسعار النقل في المتوسط بنسبة 19%. كما أنّ العوامل الخارجية كالتغيرات المناخية تفاقم تأثير ضعف البنية التحتية؛ فتزداد تكلفة الشحنات خلال مواسم الأمطار بنسبة 6% في المتوسط مقارنةً بتكلفة الشحنات خلال المواسم الأخرى. لذا، فإنّ توافر البنية التحتية متعددة الوسائط ذات جودة عالية التي تعمل بكفاءة يمكن أن يزيد المنافسة بين مختلف الوسائط، وبالتالي تنخفض تكاليف النقل.
وأفاد التحليل بأنّه رغم أنّ تقليص المسافة الاقتصادية ليس بالأمر اليسير، فإنّ العوائد المترتبة على ذلك جوهرية، وتتمثل أولويات الدول النامية في خلق أسواق فعالة، والتي تتطلب معالجة إخفاقات السوق والصعوبات على طول سلسلة الإمداد بقطاع النقل، بالإضافة إلى التأكد من أن جميع الأماكن في شبكة النقل -من الطرق والسكك الحديدية والممرات المائية والموانئ- مخططة بشكل صحيح، وتعمل بطريقة تسمح بالحركة السلسة للبضائع.
وفي هذا السياق، نجد أنّ تقليص المسافة الاقتصادية من شأنه أن يوفر فرصًا هائلة للدول النامية، ويُمكِّنها من المشاركة بشكل أكثر اكتمالًا في التجارة العالمية، وتقليل التفاوتات الجغرافية، وتحسين جودة الحياة لملايين البشر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الانبعاثات الكربونية البضائع المتداولة البنك الدولي البنية التحتية التجارة العالمية التغيرات المناخية الشاحنات فی الدول النامیة بنسبة تتراوح بین فی الدول منخفضة الدول المتقدمة البنیة التحتیة ساعة فی الدول منخفضة الدخل تکالیف النقل سفن الحاویات شرکات النقل نقل البضائع أسعار النقل خفض تکالیف فی المتوسط بین الدول من الدول النقل فی السوق فی فضل ا عن یمکن أن
إقرأ أيضاً:
تراجع طفيف في معدل التضخم الشهري خلال نوفمبر 2024
شهدت معدلات التضخم الشهري في مصر تراجعًا طفيفًا بنسبة (-0.1%) خلال شهر نوفمبر 2024 مقارنة بشهر أكتوبر من العام نفسه، وفقًا للتقرير الرسمي الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، حيث بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية (239.8) نقطة، مما يعكس تغيرات ملحوظة في أسعار السلع والخدمات.
تراجع معدل التضخم الشهري بشكل رئيسي بسبب انخفاض أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (-0.3%)، اللحوم والدواجن بنسبة (-3.0%)، الفاكهة بنسبة (-0.4%)، والخضروات التي شهدت انخفاضًا حادًا بنسبة (-12.4%). كما ساهمت انخفاضات طفيفة في أسعار خدمات مثل الرحلات السياحية المنظمة (-0.2%) في كبح التضخم.
في المقابل، شهدت مجموعات أخرى زيادات ملحوظة أثرت على مسار التضخم، منها مجموعة الزيوت والدهون التي ارتفعت بنسبة (2.0%)، والمياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة (2.4%)، إضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار الدخان بنسبة (7.1%)، ومجموعة الأحذية بنسبة (2.1%). كما ارتفعت أسعار مجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة (3.1%)، ما يعكس تأثير الاضطرابات في أسواق الطاقة.
ووفقا لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد تراجع قطاع الغذاء والمشروبات بنسبة (-2.8%) بسبب انخفاض في أسعار المجموعات الأساسية مثل الخضروات والفاكهة، على الرغم من ارتفاع الزيوت بنسبة (2.0%)، والسكر بنسبة (0.2%).
وسجل قطاع المشروبات الكحولية والدخان ارتفاعًا بنسبة (7.1%) مدفوعًا بزيادات في أسعار التبغ والمشروبات الكحولية، كما سجل قطاع الإسكان والمرافق ارتفاعًا بنسبة (1.6%) نتيجة لزيادات في تكاليف الإيجار الفعلي والمحتسب، وأسعار الكهرباء والغاز بنسبة (3.1%)، وارتفع قطاع النقل والمواصلات بنسبة (6.2%) مدفوعًا بزيادات في تكاليف شراء المركبات وخدمات النقل بنسبة بلغت (6.7%).
وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم لشهر نوفمبر 2024 نسبة (25.0%) مقارنة بـ(26.3%) في أكتوبر 2024، مما يعكس تحسنًا نسبيًا، لكنه يظل عند مستويات مرتفعة، وشهدت جميع القطاعات تقريبًا زيادات كبيرة مقارنة بنوفمبر 2023، حيث ارتفعت أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة (29.5%)، والخضروات بنسبة (27.8%)، والفاكهة بنسبة (32.7%).
كما شهد قطاع النقل أعلى زيادة سنوية بنسبة (37.6%) نتيجة ارتفاع تكاليف النقل الخاص والخدمات، وارتفع قطاع الثقافة والترفيه بنسبة (48.5%) نتيجة زيادات ملحوظة في أسعار الخدمات الثقافية والكتب والأدوات المكتبية، والرعاية الصحية سجلت زيادة بنسبة (31.3%) مع ارتفاع أسعار المنتجات والمعدات الطبية وخدمات المستشفيات.
وسجل قسم السلع والخدمات المتنوعة ارتفاعاً قدره (0.9%) بسبب ارتفاع أسعار مجموعة العناية الشخصية بنسبة (1.1%)، مجموعة امتعة شخصية بنسبة (1.5%)، مجموعة خدمات أخرى غير مصنفة في مكان أخر بنسبة (0.2%).