تغيب حتى الان أي تقديرات لبنانية رسمية لحجم الخسائر الناتجة عن العدوان الاسرائيلي في حين صادق مجلس الوزراء أمس على سلفة بقيمة 4000 مليار ليرة لرفع آثار دمار الحرب وإعادة إعمار المساكن المدمرة.

وأكد نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في تصريحات له من القاهرة الاسبوع الماضي، أن تكلفة الحرب الإسرائيلية على الاقتصاد اللبناني، تتجاوز تقديرات البنك الدولي لحجم الخسائر التي تكبدها لبنان عند 8.

5 مليار دولار في تشرين الاول الفائت ، وذلك بسبب استمرار الحرب حتى نهاية شهر تشرين الثاني الماضي. ولفت إلى أن أعمال إصلاح شبكات الكهرباء والمياه في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية لبيروت انطلقت وهناك جدية في العمل، لكنها ستتطلب بعض الوقت نظراً لحجم الخسائر في هذين القطاعين، معرباً عن أمله بالحصول على دعم دولي يساعد لبنان في ملف إعادة الإعمار.

وفي حين أطلق حزب الله لجان إعادة الإعمار لإزالة آثار العدوان في الضاحية والجنوب والبقاع، ووضع آلية لمتابعة تعويضات المنازل والمؤسسات المتضررة، وتم تقسيم الضاحية إلى مربعات جغرافية، حيث يشمل كل مربع عددا من الأبنية المتضررة أو المهدومة، كما طلب من المتضررين التواصل مع المسؤولين المحددين في نطاقهم الجغرافي لتسهيل عملية التعويضات، تشير التقديرات إلى أن قيمة الخسائر وصلت إلى أكثر 11 مليار موزعة على خسائر في البنى التحتية وفي المؤسسات التجارية والصناعية والسياحية، وفي القطاع الزراعي وفي المساكن والمنازل المدمرة كلياً أو جزئياً.

وأشار وزير الاتصالات جوني القرم إلى أن الأضرار التي لحقت بقطاع الاتصالات و التي تم تقييمها حتى الآن بلغت تقديراً أولياً قدره 117 مليون دولار. وبحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإنّ حوالي 70% من القطاع الزراعي اللبناني تأثر بشكل مباشر أو غير مباشر.

أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة البنانية الدكتور محمد موسى يقول: من المفيد جداً التأكيد أنه حتى الساعة لا أرقام نهائية لحجم الخسائر جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان، لكن من الواضح أن الرقم يتراوح ما بين 12 إلى 15 مليار دولار، فمعظم القطاعات طالتها الأضرار لا سيما الإنشاءات والوحدات السكنية التي فاقت المئة ألف وحدة مهدمة جزئياً أو كلياً والتي قد تتجاوز كلفها 5 مليارات وحدها، ناهيك عن القطاعات التجارية والخدماتية السياحية والكارثة التي طالت القطاعين الزراعي والبيئي فالمحاصيل دفنت بأرضها والكارثة كبيرة في الاراضي الجنوبية جراء استخدام إسرائيل الفسفور الأبيض في حربها على لبنان، هذا فضلاً عن الموسسات التي هي على وشك الإقفال، والخسائر غير المباشرة في الكثير من القطاعات.

و عليه، تأتي خطوات الحكومة، بحسب موسى، في الاتجاه الصحيح للملمة جراح اللبنانيين المنكوبين،ومع ذلك فإن المرحلة تتطلب من المسؤولين اللبنانيين ضرورة بذل الجهود الاستثنائية تجاه الصناديق والدول الفاعلة لدعم عملية التمويل لإعادة الاعمار، ولابد أن يترافق كل ذلك مع الاستجابة للنداءت الدولية والقيام بالاصلاحات المطلوبة وتطبيق الحوكمة في كافة القطاعات الحكومية المالية والاقتصادية والتي ستكون عنوان المرحلة في العلاقة مع كل من يود دعم لبنان، فالدول المعنية بلبنان تنتظر الخطوات العملية من ساسته لبلورة تسوية رئاسية وانتخاب رئيس و تأليف حكومة من أكفاء تبعث الثقة داخلياً وخارجياً و يبنى عندئذ على الشيء مقتضاه.

ومن الواضح أن عدة دول قد تكون لها مساهمتها في إعادة الاعمار كإيران بفعل العلاقة العضوية مع حزب الله، وهناك حديث عن رغبة قطرية في المساعدة ،وكان سفير قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني أشار إلى أن "بلاده قدم المساعدات الإنسانية في المرحلة الراهنة وهناك مراحل ثانية كثيرة ان شاء الله". لكن موسى يعتقد أن القرار الخليجي عموماً لا زال ينتظر الأجواء الملائمة لدعم لبنان بعد هذه الحرب خاصة أنه ينتظر انتخاب رئيس وتشكيل حكومة قادرة على مواكبة كل متطلبات تطبيق القرارات الدولية وتعيد لبنان أكثر إلى الحضن العربي إضافة إلى الرغبة الخليجية الملحة في إجراء الاصلاحات الضرورية المطلوبة من الحكومة و المجلس النيابي، ولكن لا شيء محسوما بعد على مستوى إنجاز الاستحقاقات المنتظرة، ولذلك فإن المهام الملقاة على الحكومة اليوم كبيرة جداً رغم امكانياتها الضئيلة والمحدودة.

وفي الساعات الماضية، رحبت قوى سياسية مختلفة بالمساعدات التي ستقدم إلى لبنان لإعادة الإعمار، لكنها طرحت في الوقت نفسه فكرة تسليم الأموال للدولة اللبنانية، وقال رئيس حزب القوات سمير جعجع يوم الجمعة: "يكتر خير" إيران إذا أرادت مساعدة لبنان بعملية إعادة الإعمار شرط تسليم الأموال للدولة اللبنانية"، وهنا يرى الدكتور موسى أن من الأفضل التواصل المباشر بين الدول الداعمة والحكومة، خاصة وأن لجنة الطوارئ خلال الحرب، حرصت على معايير الشفافية، وعليه من المفيد جداً التعاطي المباشر عبر آليات محددة مع الحكومة اللبنانية وإداراتها المختلفة من محافظات ومجالس محلية منتخبة والتي تدور بفلك الكثير من الأحزاب ولكن تبقى تحت مظلة الدولة التي هي الأساس.

ويشدد رئيس هيئة "تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية" إيلي رزق على انه من الممكن أن تشارك الدول الخليجية في إعادة الإعمار، لكن من ضمن شروط معينة أهمها أن تتلمس تلك الدول تغييراً جذرياً في طريقة تعاطي القوى السياسية مع مفهوم الدولة، حيث تتطلع دول الخليج إلى التعامل مع لبنان الجديد خاصة بعد تراجع التاثير الإيراني على مجريات الأمور على الساحتين اللبنانية والسورية، وأعين دول الخليج تتركز على ما سيجري قي مجلس النواب يوم 9 كانون الثاني 2025 وهي الجلسة المرتقبة لانتخاب رئيس للجمهورية والتي من المفترض أن تستكمل باستشارات نيابية لاختيار رئيساً للحكومة تكون أولى أولياته تشكيل حكومة تقوم على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي ودول الخليج بالدولة اللبنانية حيث لم يعد هناك في حسابات دول الخليج التعامل أو دعم أشخاص أو فئات معينة من المكونات السياسية اللبنانية بل سيكون التعامل محصوراً بالدولة اللبنانية ومؤسساتها، ولذلك فإن الأمر منوط بالقوى السياسية اللبنانية وكيفية تعاملها مع الاستحقاقات الدستورية المرتقبة.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إعادة الإعمار لحجم الخسائر دول الخلیج إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد فراغ رئاسي لأكثر من عامين.. قائد الجيش الرئيس الـ14 للجمهورية اللبنانية.. جوزيف عون: نحتاج لتغيير الأداء السياسي والاقتصادي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تغلب البرلمان اللبناني المنقسم منذ أكثر من عامين على الجمود السياسي اليوم الخميس، لاختيار رئيس جديد، وهي خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار في بلد يحاول التعافي من الكارثة الاقتصادية والحرب المدمرة.

جوزيف عون

وانتخب النواب اللبنانيون قائد الجيش العماد جوزيف عون بأغلبية ساحقة في الجولة الثانية من التصويت، بعد أن فشل في تحقيق الأغلبية اللازمة في التصويت الأولي. وكان ذلك بمثابة اختراق نحو تشكيل حكومة بتفويض لقيادة البلاد بعد الجمود في ظل حكومة تصريف أعمال ضعيفة .

ويُنظر إلى التصويت على أنه علامة فارقة حاسمة بالنسبة للبنان، الذي عانى من سلسلة من الكوارث في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي والحرب بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة والتي خلفت أجزاء كبيرة من البلاد في حالة خراب.

كما جاءت الانتخابات ــ التي تحولت في كثير من الأحيان إلى مباريات صاخبة ــ في وقت مقلق بالنسبة للبنان والمنطقة على نطاق أوسع. ففي سوريا المجاورة، تحاول حكومة جديدة غير مجربة رسم مسار إلى الأمام وإعادة البناء بعد سنوات من الحرب الأهلية، ويعني سقوط نظام الأسد في سوريا وهزيمة حزب الله خسارة مفاجئة للسلطة بالنسبة لراعيهما، إيران.

ولقد أشار الداعمون الدوليون للبنان، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى أن الدعم المالي الذي سيقدم بعد الحرب يتوقف على انتخاب رئيس للبلاد، ووفقاً للبنك الدولي فإن الحرب بين إسرائيل وحزب الله، والتي توقفت أثناء وقف إطلاق النار الهش الذي دام ستين يوماً ، كلفت لبنان 8.5 مليار دولار أميركي من الأضرار .

منذ أكتوبر 2022، عندما تنحى ميشال عون عن منصبه كرئيس في نهاية فترة ولايته التي استمرت ست سنوات، فشل البرلمان في 12 تصويتًا سابقًا في انتخاب خليفة له، لكن حزب الله، القوة السياسية المهيمنة في لبنان منذ فترة طويلة، ضعف بشدة بسبب الحرب مع إسرائيل، وأشار المحللون إلى أن الجماعة ربما شعرت بأنها مضطرة إلى تقديم تنازلات بسبب حجم الحاجة المالية للبنان.

ويعتبر المحللون أن الرئيس الجديد، الذي لا تربطه صلة قرابة بميشال عون، يحظى بدعم الولايات المتحدة ويحظى باحترام واسع النطاق في لبنان، وقد قاد القوات المسلحة في البلاد منذ عام 2017، وهو الدور الذي وضعه على رأس المؤسسة الوطنية الوحيدة التي تتمتع بدعم عبر الطوائف.
ويؤكد الدعم للرئيس الجديد تراجع النفوذ السياسي المحلي لحزب الله بعد عام من الحرب الوحشية مع إسرائيل والتي تركت صفوفه القيادية في حالة خراب وقاعدته السياسية تعاني من أضرار واسعة النطاق.

ورغم أن حزب الله عارض منذ فترة طويلة ترشيح عون، فإن الحكومات الأجنبية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا، مارست ضغوطا على المشرعين لدعم قائد الجيش.

وأوضح الرعاة التقليديون لإعادة إعمار لبنان، مثل المملكة العربية السعودية، أنهم يرون في انتخابه شرطاً مسبقاً لتوفير التمويل اللازم لجهود إعادة الإعمار الضخمة في البلاد بعد الحرب، وقال عون في خطاب النصر: "اليوم تبدأ مرحلة جديدة في تاريخ لبنان".

وتعهد الحريري بتطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي أنهى الصراع في نوفمبر الماضي، ويتطلب من حزب الله وإسرائيل سحب قواتهما من جنوب البلاد.

وقال الحريري: “تعهدي هو مناقشة استراتيجية دفاعية لتمكين الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وصد عدوانه”، وقال أيضا إنه سيعمل على منح الدولة "احتكارا" لحق حمل السلاح، في إشارة واضحة إلى ترسانة حزب الله الكبيرة.

وكان منتقدو حزب الله قد ألقوا باللوم في وقت سابق على الجماعة المسلحة الشيعية المدعومة من إيران والحزب السياسي، إلى جانب حركة أمل المتحالفة معها، في منع المرشحين الذين لا يتناسبون مع مصالحهم، لكن هذه المرة، بدا أن حركة أمل، بقيادة رئيس مجلس النواب القوي نبيه بري، تصوت مع عون، مما منحه الأصوات اللازمة للوصول إلى الرئاسة.

وتقول لينا الخطيب، زميلة مشاركة في تشاتام هاوس، وهي منظمة بحثية مقرها لندن: "يُنظر إليه باعتباره شخصية مقبولة من قبل جميع النخبة السياسية في لبنان، وهذا مرتبط بالتصور السائد في لبنان بأن الجيش اللبناني مؤسسة تعمل لصالح المصلحة الوطنية".

ويأمل الدبلوماسيون أن تسمح مكانة عون له بممارسة نفوذ مستمر على الجيش وأن تؤدي إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 وهو الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عام 2006 وأنهى الحرب السابقة بين إسرائيل وحزب الله ولكنه فشل في الحفاظ على السلام. ويأملون أن يكون هذا الاتفاق بمثابة خطة عمل لسلام أطول أمداً بمجرد انتهاء وقف إطلاق النار الحالي.

ومن المتوقع الآن أن يعين عون رئيساً للوزراء، بالتشاور مع البرلمان، ثم يقوم رئيس الوزراء بعد ذلك بتشكيل الحكومة، وفي ظل عدم حصول أي فصيل على الأغلبية، فقد تكون هذه العملية طويلة.

جوزيف عون: نحتاج لتغيير الأداء السياسي والاقتصادي لضمان أمن واستقرار البلاد

أكد الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون، أن المرحلة الحالية تستدعي تغيير الأداء السياسي لضمان أمن واستقرار البلاد، فضلا عن ضرورة إعادة النظر في السياسة الاقتصادية والتخطيط لرعاية الشؤون الاجتماعية وتطوير مفهوم الديمقراطية في لبنان.

وقال عون خلال كلمته عقب أدائه القسم الدستورية أمام أعضاء مجلس النواب بالعاصمة اللبنانية بيروت "لقد أصبحت الرئيس الأول بعد المئوية الأولى لقيام دولة لبنان في وسط زلزال شرق أوسطي تصعد فيه تحالفات وسقطت فيه أنظمة، ولكن لبنان بقي كما هو على الرغم من الحروب والتفجيرات والتدخلات والعدوان والأطماع وسوء إدارة أزماته، وذلك لأن لبنان هو لبنان من عمر التاريخ، ولأن الأديان فيه متكاملة".

وأكد عون أن اللبنانيين رغم اختلافاتهم يظلون في وقت الشدة متحدين.. مضيفا "إذا انكسر أحد اللبنانيين، انكسر اللبنانيون جميعا"، مشددا على وحدة الشعب اللبناني في مواجهة التحديات.

مقالات مشابهة

  • الحكومة النرويجية تقترح إعادة فرض تجهيز المبانى بملاجئ مضادة للغارات الجوية
  • رئيس يعيد الدولة اللبنانية إلى رشدها
  • جوزيف عون يوجه طلبًا لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي
  • أبوبكر الديب يكتب: بعد 12 محاولة فاشلة.. لبنان ينتخب الرئيس وينقذ الاقتصاد
  • كرامي: للاسراع في اعادة الاعمار
  • بعد فراغ رئاسي لأكثر من عامين.. قائد الجيش الرئيس الـ14 للجمهورية اللبنانية.. جوزيف عون: نحتاج لتغيير الأداء السياسي والاقتصادي
  • شركة أمريكية تكشف رقما ضخما لحجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن حرائق كاليفورنيا
  • فرنسا تطالب الحكومة اللبنانية الجديدة بتنفيذ الإصلاحات الضرورية لإنعاش الاقتصاد
  • تطورات انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية.. من هو المرشح الأوفر حظا؟
  • رئيس الوزراء العراقي: موقفنا ثابت بإدانة الحرب الإسرائيلية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني