موقع النيلين:
2025-01-11@04:35:44 GMT

حكمة المجنون

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

عرف الشارع المستشار يوسف عزت بأنه يكذب كما يتنفس. وإضافة لذلك كشفت الدائرة القريبة منه بأنه مضطرب نفسيا. ومن زاوية (خذوا الحكمة من أفواه المجانين). لنقف معه اليوم في رده على حديث حمدوك الذي يسعى لتشكيل حكومة منفى بتمويل “بريطاني-إماراتي” مهمتها دعم مليشيا الدعم السريع. حيث قال: (إن الذين يعتقدون بأن شرعيتهم ثورة ديسمبر عليهم أن يعوا بأن ثورة ديسمبر هي محطة في طريق ممتد.

ولكن لا يمكن استردادها بعد كل الدماء التي توجت طين البلاد وسهولها). وأضاف: (الآن المطلوب تأسيس دولة خالية من العنف. وسيادتها في يد مواطنيها. وليس إستعادة مواكب غرقت شوارعها في الدم). وللأمانة نجزم بأن تغريدة الرجل تصلح لأن تكون لبنة من لبنات خارطة الطريق التي بدأت تظهر هنا وهناك من بعض القوى السياسية وكذلك المحيط الإقليمي. بل أشارة تغريدته لتجاوز قطار الوطن لما يسمى بثورة ديسمبر. إذ طالب الرجل بالتعامل مع الواقع. وطن غارق في الدماء يجب أولا وقف الدماء. ومن ثم البحث عن الآلية المثلى للحكم. وخلاصة الأمر نرى ما قاله الرجل لا يجد أذن صاغية عند جناحه السياسي (تقزم) لغياب الإرادة والحكمة وامتلاك القرار وتقديم مصلحة الوطن فوق مصلحة الأمارات والغرب. في حين نجد كلامه مقبول كحد أدنى عند غالبية القوى السياسية الأخرى. لأنه يهمها الفكرة والرأي. بغض النظر عن صاحبها.

د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
السبت ٢٠٢٤/١٢/٧

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

سوريا والمشوار الطويل

ما حدث في سوريا خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأسفر عن سقوط حكم آل الأسد، ولجوء الرئيس المزمن بشار إلى روسيا، كان نتاج ثورة، والحراك السلمي والمسلح الذي أرغم معمر القذافي على اللجوء إلى أنبوب للصرف الصحي، كان نتاج ثورة، بينما الحراك التونسي الذي أدى إلى هرب زوج ليلى الطرابلسي (زين العابدين بن علي)، كان انتفاضة شعبية، ألهمت شعوب المنطقة فاستيقظت من غفلتها، وخرجت تنشد إسقاط الأنظمة، وما قاد إلى سقوط حكومة زوج سوزان ثابت (حسني مبارك)، انتفاضة شعبية، وفي تشرين أول/ أكتوبر من عام 2019 انتفض شعب لبنان ضد نظام حكم فاسد ومعتل، ولكنه لم ينجح في إسقاطه، وانتفض الجزائريون ضد الحكم العسكري المتنكر في ثياب مدنية، في مطالع عام 2019، ولكنهم لم يحققوا الغاية المنشودة.

ما من ثورة تمشي في خط مستقيم، فمهما تمنى وجاهد من هم وقودها وقادتها، كي تبقى على المسار المنشود لتحقيق غاياتها، فإن للثورات ديناميتها الخاصة المتسمة بالفجائية، لأنها لا تتحرك إلى الأمام أو تتراجع فقط برغبات وجهود القوى الفاعلة فيها، والمحركة لها، بل أيضا تنحني، بل وتنتكس بسبب جهود قوى الثورة المضادةوبإجماع أهل الرأي السياسي في العالم، فإن ما أدى إلى سقوط النظام الملكي في فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر كان ثورة، وما يعرف بالثورة البلشفية هي التي نتج عنها سقوط النظام القيصري في روسيا، والثورة العارمة الكاسحة هي التي قادت إلى سقوط حكم الشاه، وصعود الملالي إلى السلطة في إيران، فالثورة تنشد التغيير الحاسم والشامل لنظام الحكم، بالمظاهرات الحاشدة والإضرابات، ثم العنف. والثورة، وليس الانتفاضة الشعبية، هي التي تؤدي عند انتصارها إلى التغيير الكامل لجميع المؤسسات والسلطات الحكومية للنظام السابق، وإقامة نظام بديل.

ما استدعى الفذلكة أعلاه، هو ما سبق أن أشرت إليه هنا بأن هناك من يحاول تبخيس الانتصار الذي حققته الثورة السورية، والقول بأن كل ما حدث في سوريا هو أن جماعة مسلحة من أنصار "داعش" والقاعدة، وصلوا إلى السلطة، وأنهم سيشكلون حكومة طالبانية الهوية والأهداف، أي أن سوريا ستنتقل من ديكتاتورية علمانية إلى ديكتاتورية تتوشح بالإسلام، مسلحة بشعارات "رومانسية" من جنس "الإسلام هو الحل" و"الحاكمية لله". بينما ما حدث فعلا في سوريا هو أن الملايين أبناء وبنات الشعب السوري ظلوا في حال نضال واستبسال على مدى 13 سنة، وكان شرف حسم المعركة من نصيب هيئة تحرير الشام "الإسلامية"، ومن ثم صار تشكيل الحكومة الانتقالية من أوجب واجباتها.

ولكن الانتصار الذي حققته الثورة السورية جزئي، فقد رحل بشار الأسد ولكن الدولة العميقة التي أسسها ووالده حافظ، ما زالت قائمة، ولكن يبدو أن الحكومة الجديدة، لا تعتزم تكرار الخطأ الذي حدث في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، حينما قرر المندوب السامي الأمريكي، بول بريمر، الذي صار الحاكم الفعلي للعراق في عام 2003، حل جميع المؤسسات العسكرية والأمنية، وزج بالبلاد في فوضى أنهكتها، ولكن شواهد التاريخ تقول إن سوريا ستشهد فترة شديدة التعقيد في مقبل الأيام، لأن الفيروس الذي غرسه بشار وأبوه، فتك بمؤسسات الدولة، وسيظل نشطا لحين من الدهر، وفوق هذا كله فقد دك بشار البيوت والمرافق العامة والخاصة، مما سيجعل ملايين العائدين من الشتات السوري، لاجئين داخل وطنهم.

وشواهد التاريخ تقول إنه ما من ثورة تمشي في خط مستقيم، فمهما تمنى وجاهد من هم وقودها وقادتها، كي تبقى على المسار المنشود لتحقيق غاياتها، فإن للثورات ديناميتها الخاصة المتسمة بالفجائية، لأنها لا تتحرك إلى الأمام أو تتراجع فقط برغبات وجهود القوى الفاعلة فيها، والمحركة لها، بل أيضا تنحني، بل وتنتكس بسبب جهود قوى الثورة المضادة، وجسم الدولة المعلول في سوريا يغري فلول النظام المباد، وبعض الطامحين في السلطة بزعزعة الاستقرار المنشود.

جسم الدولة المعلول في سوريا يغري فلول النظام المباد، وبعض الطامحين في السلطة بزعزعة الاستقرار المنشود.عندما يرحل الديكتاتوريون يتركون وراءهم أوطانا معتلة ومختلة، لأن أسلوبهم في الحكم يقوم على المزاج الفردي، وليس على المؤسسية، وانظر حال الصومال الذي أسقط شعبه نظام سياد بري في عام 1992، ولم تسكت البنادق فيه منذ يومها، ثم انظر حال ليبيا التي خاض شعبها غمار ثورة أذهلت العالم، وأسقطت ديكتاتورية القذافي التي دامت 42 سنة، وها هي اليوم خاضعة لحكومتين، وانتفاضة تونس الملهِمة في 2011، تعرضت للسرقة لغير صالح من كانوا وقودها، وانتفاضة مصر التي تلتها أطاحت برأس النظام، ثم أُجهضت بانقلاب عسكري، وفي السودان سقط في عام 2019 رأس نظام (عمر البشير) حكم البلاد ثلاثين سنة، وجاءت حكومة كوكتيل عسكري ـ مدني، ثم انفرد العسكر بالحكم، وها هو السودان في حال صوملة كاملة اليوم.

وقطعا فإن سوريا ليست ليبيا أو السودان أو الصومال، لأن "مجتمعها متمدين" بدرجة طيبة، وليس فيها قبلية تنذر بفتنة، ورئيسها المؤقت أحمد الشرع يقول كلاما ينم عن إدراكه لأهمية احترام التنوع العرقي المتمثل في الأكراد، والتنوع المذهبي الذي يتمثل في الطائفة العلوية، ولكن الصعود من الهاوية التي أسقط فيها بشار وأبوه البلاد، سيحتاج إلى الكثير من الدأب والجلد والحكمة، أخذا في الاعتبار أن جميع بلدان "الربيع العربي"، لم تكن تواجه عدوا خارجيا شرسا، كما هو الحال مع سوريا، التي تسعى إسرائيل إلى تقطيع أوصالها.

يرحل الطواغيت عن كراسي الحكم قسرا أو بأمر ملك الموت، ولكن الفيروسات التي يغرسونها خلال سنوات حكمهم في أجسام بلدانهم، تظل سارية المفعول لآماد طويلة، ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وبوحدة الصف الوطني وحده، ستنجح سوريا في التعافي، والعافية درجات: خطوة، خطوة.

مقالات مشابهة

  • سوريا والمشوار الطويل
  • عمرو أديب عن حرائق كاليفورنيا: تشعر بأنه تم قصفها بقنبلة نووية
  • مادورو يصف تنصيبه بأنه «انتصار للديموقراطية»
  • الدرقاش: نحن حرّاس لقيم ثورة فبراير ونسعى لتحقيقها وحمايتها
  • البابا فرانشيسكو يصف الوضع في غزة بأنه “مخز”
  • البابا فرنسيس "يصعّد" ويصف الوضع في غزة بأنه "مخز"
  • أم وضاح: قصاصات من أصل الحكاية..!!
  • الخير: نعمل على التوافق لانتخاب العماد عون رئيسا ونعول على حكمة بري
  • ثورة الشباب العربى بين المسارين الأصلى والمصطنع ومحاولات إجهاضها بين الإسقاط العنيف والهبوط الناعم
  • ليس الخطأ في الجولاني بل في القوى التي دعمته