تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

جاء سقوط الرئيس السوري بشار الأسد ليؤرخ بأنه أسرع تفكيك لنظام حاكم في التاريخ، فالأمر لم يستغرق سوى بضعة أيام، بالكاد تعد على أصابع اليدين، وكأن التسليم فوري وعالمفتاح.. فلم تظهر أي مقاومة للفصائل المسلحة التي استولت على الحكم باسقاط مدينة سورية تلو الأخرى دون أي ظهر لمقاومة أو حتى اطلاق رصاصة من الجيش السوري الذي كان في وقت من الأوقات يشار إليه بالقوة والبنان.

ورغم وجود عشرات التساؤلات التي ستظهر اجاباتها في الأيام المقبلة.. يبقى السؤال الأصعب هل ما حدث كان صفقة أم خيانة أم أنه كان "بيعة" و"مباركة"؟

الاستنتاج المهم في هذه الحالة أن الرهان دائمًا يكون على الشعوب فهي صمام الأمان لحماية الأوطان، وهذا يقودنا أيضًا إلى الفارق الشاسع بين جيش يهرب إلى الدول المجاورة ويسلم السلاح بدون إطلاق رصاصة، وبين جيشنا الباسل العظيم الذي يستحب الشهادة على الاستسلام ويفدي تراب وطنه بروحه ودمائه.. حفظ الله مصر لتبقى حصن العروبة وبيت الأمة.

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

ما الذي يكشفه انهيار النظام السوري عن المنطقة العربية؟

في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، وبعد هجوم خاطف لم يستغرق أكثر من أسبوعين، دخلت قوات المعارضة السورية إلى دمشق، وأعلنت نهاية نظام بشار الأسد. فرّ الرئيس وأسرته إلى جهة غير معروفة قبيل دخول المقاتلين إلى العاصمة.

يُعدُّ إسقاط نظام عائلة الأسد، الذي حكم سوريا نصف قرن، من أهم المنعطفات السياسية في تاريخ المنطقة العربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإنشاء دولة إسرائيل عام 1948. إنه يمثل قطعًا نهائيًا مع إرث الحكام العسكريين العرب الذين سيطروا على المجتمعات العربية وأفسدوها منذ خمسينيات القرن الماضي.

يحتفي الكثيرون بسقوط الأسد، بينما يتساءل آخرون عما سيحدث لاحقًا في ظل تداخل القوى المحلية والدولية في الصراع السوري. يدرك الشعب السوري بوضوح ما يريد: حياة كريمة، واحترامًا، وفرصة لإسماع صوته.

علينا أن نراقبهم بتواضع وهم يبنون نظامًا جديدًا ومستقرًا في بلادهم، وأن نتوقف عن التفسيرات الغربية السطحية المتعلقة بالتحليلات حول طول اللحى ونظريات المؤامرة.

لكن من الضروري الآن التأمل في معنى القصة المدمرة لحكم سوريا وحربها الأهلية. لم يكن نظام الأسد فريدًا، ولم يكن من صنع مجموعة من الطغاة المحليين فحسب، بل كان نموذجًا للإرث الواسع للقوة القمعية التي مارستها الأنظمة العربية المتسلطة، والتي ألحقت الدمار بالمجتمعات العربية وأذلت شعوبها لعقود، بمساعدة قوى إقليمية ودولية وجماعات غير حكومية متنوعة.

إعلان

كان نظام الأسد أطول نظام استبدادي في المنطقة العربية، يستند إلى الجيش، ويحظى بدعم خارجي، ويتمركز حول عائلة واحدة. وخلال فترة حكمه، دُمّرت سوريا، وتضرر اقتصادها، وفُككت هويتها الوطنية.

تفضح التجربة السورية السمات المشتركة للأنظمة الاستبدادية العربية، وهي سمات لا تزال سائدة ويجب اجتثاثها من مجتمعاتنا. وتشمل هذه السمات غياب التعددية الحقيقية والمساءلة من خلال مؤسسات تشاركية ذات مصداقية، إضافة إلى نظام حكم يستند إلى القمع العسكري، والوحشية الشرطية، والسجن الجماعي، والتعذيب الجسدي والنفسي، فضلًا عن القتل المنهجي.

كما تشمل هذه السمات التخطيط الاقتصادي المركزي الذي يعزز الفساد بين النخب السياسية والاقتصادية، مما يتيح لهذه الفئات الوصول إلى الثروات والموارد العامة على حساب عامة الشعب. وقد أدى ذلك إلى تفاوتات صارخة في مستويات المعيشة، وجودة الحياة بين المناطق المختلفة، مع وجود تركز مفرط للثروة في أيدي قلة من الأفراد.

أُسست هذه الأنظمة على يد قادة عسكريين مثل جمال عبدالناصر، بعد ثورة 1952 في مصر، ثم تسارعت الظاهرة عقب هزيمة العرب في 1967، وصعود الضباط العسكريين، مثل حافظ الأسد، للحكم في الدول العربية.

أثبت هؤلاء الضباط، الذين فرضوا أنفسهم حكامًا، أنهم عاجزون عن خوض الحروب بفاعلية، كما فشلوا في إدارة شؤون الحكم، بما في ذلك تقديم الخدمات الأساسية، وتحقيق الاستقرار السياسي، وضمان رفاهية المواطنين خلال عقود من حكمهم.

ونتيجة لذلك، عانى معظم العرب، باستثناء المقيمين في الدول النفطية الغنية، من تدهور مستمر منذ التسعينيات في التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل، فضلًا عن نقص الغذاء والماء والكهرباء وغيرها من الاحتياجات الأساسية.

تشير استطلاعات الرأي في المنطقة مرارًا إلى أن نسبة صغيرة من العرب – معظمهم في دول النفط أو ضمن النخب الصغيرة في دول أخرى – يعيشون حياة مريحة، بينما لا يتمتع معظمهم لا بحقوق سياسية ولا بحياة مادية كريمة.

عبر القمع المنهجي، حولت الحكومات العربية مواطنيها إلى مستهلكين سلبيين، مجردين من أصواتهم وحقوقهم في التعبير، ومحرومين من القوة الاجتماعية والسياسية. وقد دفعت هذه الظروف العديد من المواطنين إما إلى البحث عن الهجرة أو إلى الهجرة الفعلية، بحثًا عن حياة أكثر كرامة وأمانًا.

إعلان

تحت ضغط القمع، اتخذ المواطنون العرب ثلاثة مسارات رئيسية، فهناك من تحدى السلطة، سواء عبر الاحتجاج السلمي أو الانضمام إلى حركات معارضة، وهناك من اندمج في نظام الفساد الحكومي، محاولًا تحقيق مكاسب شخصية أو تأمين حياته، بينما لجأ آخرون إلى الانسحاب والانغلاق، باللجوء إلى مجموعات دينية أو قبلية أو أيديولوجية أصغر تمنحهم شعورًا بالأمان والانتماء، في مواجهة تهديدات الدولة أو الاحتلال الإسرائيلي أو القوى الأجنبية.

في مواجهة هذا الواقع، كانت الحركات الإسلامية، سواء المسلحة منها أو السلمية، هي أكبر التحديات التي واجهت النموذج العسكري القمعي.

في سوريا، عندما قوبلت الاحتجاجات السلمية باستخدام مفرط للعنف العسكري، الذي شمل إطلاق النار الحي، والقصف بالمدفعية، والاعتقالات الجماعية، تحوّلت الانتفاضة سريعًا إلى صراع مسلح داخلي. وأسفر هذا عن تفكك التماسك الوطني، وظهور جماعات مسلحة متعددة، وفتح المجال أمام التدخلات العسكرية والسياسية من قوى خارجية.

ما حدث في سوريا يجب أن يكون نذيرًا لكل الحكام المستبدين في المنطقة العربية. لا يمكن أن تستمر المنطقة على هذا النحو، دون شرعية شعبية مستمدة من دستور أو انتخابات نزيهة.

من خلال تجربتي كصحفي شاهد على أوضاع المجتمعات العربية على مدى نصف قرن، أستطيع أن أؤكد أنه لم يمر بلد عربي بالاختبارات الأربعة لبناء الدولة المستقرة: الشرعية، السيادة، المواطنة، والتنمية البشرية المستدامة.

سيكون من الحماقة تجاهل الإشارات القادمة من سوريا، والتي تُظهر بوضوح الإرادة الراسخة للمواطن العادي في العيش بحرية وكرامة، رغم كل أشكال القمع العسكري والاضطهاد السياسي. إنها إرادة صلبة لا يمكن قهرها، مهما كان حجم التحديات الداخلية والخارجية.

نحن مذنبون إذا تجاهلنا هذه الرسائل واستمررنا في دعم الأنظمة السياسية والاقتصادية الفاشلة التي خذلت شعوبها.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • يتجاوز صافي ثروته 400 مليار دولار.. تعرف على الملياردير الذي دخل التاريخ من أثرى أبوابه
  • ما هو الأسطول الحربي السوري الذي دمّرته اسرائيل؟
  • مركز أبحاث أمريكي: ما التحديات التي ستواجه ترامب في اليمن وما الذي ينبغي فعله إزاء الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • الأستاذ عبدالله بوقس.. التاريخ والتعليم والمهنية
  • قصة سهيل حموي الذي قضى 32 عاما في السجون السوريّة... إليكم ما كشفه
  • أحمد موسى: إسرائيل احتلت أراضٍ جديدة في سوريا دون رصاصة واحدة
  • تقرير غربي: هل تصبح جماعة الحوثي الوكيل التالي لإيراني الذي سيسقط بعد نظام الأسد؟ (ترجمة خاصة)
  • ما الذي يكشفه انهيار النظام السوري عن المنطقة العربية؟
  • "سنعيد بناء بلدنا".. ردود فعل الجالية السورية في أوروبا بعد سقوط بشار الأسد
  • هكذا تفاعل الداعية السوري محمد راتب النابلسي مع سقوط الأسد (شاهد)