رصد المتابعون لمسار عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها فصائل المعارضة السورية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تغيرا في أسلوبها وخطابها، وكيفية تعاطيها مع الواقع الميداني بخلاف ما كانت عليه مع بداية انطلاق الثورة عام 2011.

وبعيدا عن الظروف والتغييرات الإقليمية والدولية التي رافقت إطلاق عملية ردع العدوان، كان من اللافت أن المعارضة اعتمدت إستراتيجيات وتكتيكات جديدة، تشير إلى أنها استدركت بعض أخطائها الماضية.

إدارة وراية واحدة

مع إطلاقها لعملية "ردع العدوان" أعلنت الفصائل المشاركة فيها عن توحدها في غرفة عمليات واحدة أطلقت عليه إدارة العمليات العسكرية ، وهي تضم كبرى الفصائل في إدلب، وعلى رأسها "هيئة تحرير الشام" و "جيش العزة" و "حركة أحرار الشام" إضافة الجبهة الوطنية لتحرير إدلب.

كما ضمت الغرفة عددا من فصائل الجيش الوطني التي أطلقت من جانبها عملية "فجر الحرية" ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي كانت تسيطر على مساحات واسعة من ريف حلب الشمالي والشرقي، ومن هذه الفصائل "الجبهة الشامية" وفصائل "الحمزات والعمشات" و"السلطان مراد".

دعوات توحيد جهود الفصائل تعود إلى بداية العمل العسكري للمعارضة، إلا أن الاختلافات الأيديولوجية والعقائدية، وعدم وجود خبرة سياسية كافية، مع وجود عوامل أخرى تتعلق بمصادر الدعم والتمويل أدت إلى إحباط تلك الجهود، وهذا كان عاملا مهما في خسارة قوات المعارضة لمدن مهمة أدت إلى تراجعها عسكريا وسياسيا، كخروجها من مدينة حلب عام 2016.

إعلان

وبحسب القيادي السابق في المعارضة السورية الرائد يوسف الحمود فإن إدراك الفصائل لأهمية هذه الخطوة دفعها لإنشاء "غرفة عمليات الفتح المبين" عام 2020، بعد توقف جبهات القتال مع النظام إثر توقيع اتفاقية "سوتشي" بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكانت "الفتح المبين" مسؤولة عن تنسيق العمليات العسكرية في الشمال السوري وإدارتها في إدلب، وأرياف حلب واللاذقية وحماة منذ ذلك الوقت.

ويضاف إلى توحيد الجهود العسكرية، توحيد الراية التي تقاتل تحتها هذه الفصائل، إذ اقتصرت على علم الثورة السورية، مقابل اختفاء كل الرايات الأخرى، والتي كانت تمثل الانتماءات العقائدية والأيدلوجية، والعرقية أحيانا لبعض الفصائل.

وإلى جانب ذلك، وُحّد الخطاب الإعلامي، إذ تصدر كل الأخبار والبيانات من جهة واحدة، هي "إدارة العمليات العسكرية"، عبر معرفاتها الرسمية فقط.

 

خطاب وطني جامع

مع بداية عملية "ردع العدوان" وجهت إدارة العمليات العسكرية رسائل تطمين إلى كافة مكونات الشعب السوري، وتجلى ذلك في البيانات التي أصدرتها الإدارة مع دخولها مدينة حلب في اليوم الثالث من العملية، إذ أكدت لهم على احترام حقوقهم وحرياتهم ومعتقداتهم الدينية.

وأكدت مصادر محلية في حي العزيزية الحلبي ذو الغالبية المسيحية للجزيرة نت أن المسيحيين في تلك الأحياء كانت لديهم مخاوف كبيرة من دخول قوات المعارضة إلى المدينة "بسبب وجود فصائل ذات خلفيات إسلامية متشددة".

وأضافت المصادر أن الواقع بدا مغايرا لذلك من خلال التعامل الجيد من قبل العناصر الذين سعوا لتأمين الخبز والماء وباقي المستلزمات، موضحة أن هناك حديثا عن أن قيادة العملية "حظرت على عناصرها الاحتكاك مع سكان هذه الأحياء، أو الاقتراب من متاجر بيع المشروبات الكحولية".

كما وجهت إدارة العمليات رسائل تطمين إلى البلدات ذات الغالبية الشيعية مثل نبل والزهراء، اللتين ضمتا قواعد للحرس الثوري الإيراني في ريف حلب الشمالي.

إعلان

وعملت المعارضة على تأمين عودة سكان هذه البلدات إلى منازلهم بعد أن توجهوا إلى مدينة السفيرة في ريف حلب الجنوبي إثر تقدم قوات المعارضة، وذلك بحسب ما أوضحته مقاطع فيديو نشرتها إدارة العمليات العسكرية.

من جهتها، خاطبت إدارة الشؤون السياسية في "حكومة الإنقاذ" التابعة للمعارضة في إدلب -في بيان، يوم الأربعاء الماضي- الطائفة العلوية في سوريا، ووجهت لهم دعوات "للتخلي عن النظام السوري وأن يكونوا جزءا من سوريا المستقبل التي لا تعترف بالطائفية".

وفي هذا السياق يوضح الباحث والأكاديمي السوري عرابي عبد الحي عرابي أن فصائل المعارضة بدت وكأنها تحمل مشروعًا وطنيًا جامعا يتسامى على اللغة الطائفية والعنصرية من جهة، ويبتعد عن الانتقام والثأر وهذا ما تجلى في فتح باب التسويات للعناصر التي كانت تقاتل مع النظام من جهة أخرى.

ويضيف الباحث عرابي في حديثه للجزيرة نت أن هذا الخطاب الوطني غير الإقصائي عزز الثقة بين قوات المعارضة وبين السكان المحليين وخاصة من الأقليات الأخرى، مما أعطى العملية طابعا شموليا يهدف إلى استعادة سوريا لكل أبنائها.

وبعد سيطرتها على مدينة حماة الخميس أعلنت "إدارة العمليات" توصلها إلى اتفاق مع أهالي مدينة السلمية ومحردة، اللتين تحويان غالبية من الطائفة "الإسماعيلية" ينص على دخول القوات بشكل سلمي، بعد الاتفاق والتفاهم مع وجهاء المدينتين منذ بدء العمليات العسكرية، مقابل إخلائها من أي وجود للنظام.

من جانبها، أكدت "غرفة عمليات الجنوب" -وهي التي تضم فصائل المنطقة الجنوبية درعا والسويداء والقنيطرة- عن احترامها الكامل لحق جميع مكونات الشعب السوري في ممارسة شعائره الدينية بكل حرية، وذلك بعد نجاحها في السيطرة على أجزاء واسعة من تلك المحافظات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إدارة العملیات العسکریة قوات المعارضة ردع العدوان

إقرأ أيضاً:

العدوان على طولكرم .. تهجير قسري وتدمير للممتلكات

صعّدت قوات العدو الإسرائيلي من عدوانها على مدينة طولكرم ومخيميها، من خلال تنفيذ حملة مداهمات للمباني السكنية، وإخلاء سكانها منها بالقوة، بالإضافة إلى مواصلة أعمال التجريف وتدمير الممتلكات العامة والخاصة والبنية التحتية.
وتواصل قوات العدو عدوانها المتصاعد على طولكرم ومخيمها لليوم الـ76 على التوالي، ولليوم الـ63 على مخيم نور شمس.
ودفعت قوات العدو بتعزيزات عسكرية نحو شارع نابلس، عقب صلاة الجمعة، وداهمت عددًا من المباني السكنية في محيط مسجد الفردوس، ومحيط دائرة السير في الحي الشمالي، وأجبرت سكانها على إخلائها، وأمهلتهم مدة تتراوح بين خمس دقائق إلى ساعة للمغادرة.
وتضم هذه المباني عشرات الشقق السكنية التي تأوي عشرات العائلات من بينهم نازحين من مخيمي طولكرم ونور شمس.
وأجبر العدو أصحاب عدد من المحال التجارية في المنطقة على إغلاقها وإخلائها بالقوة.
ويشهد شارع نابلس منذ بداية العدوان الصهيوني على المدينة ومخيميها اعتداءات إسرائيلية، حيث تم تدمير البنية التحتية خاصة على مداخل المخيمين، كما أغلق مقاطعه بسواتر ترابية في كلا الاتجاهين، ونشر آلياته وجرافاته الثقيلة على طوله، ما أعاق حركة تنقل المركبات، وصعّب من وصول المواطنين وأصحاب المحلات التجارية إلى منازلهم ومحالهم.
وتعرض مواطنون في كثير من الأحيان للتنكيل والضرب من قبل جنود العدو، عدا عن استيلاء العدو على مباني سكنية وتحويلها لثكنات عسكرية ما زالت قائمة حتى اليوم.
وفي السياق ذاته، شرعت جرافة للعدو بهدم محال تجارية للمواطنين في مخيم طولكرم، وأحدثت دمارًا إضافيًا في الممتلكات العامة والخاصة والبنية التحتية.
وكانت جرافات العدو هدمت مبنى أثري غربي مدينة طولكرم، يعود تاريخه لمحطة قطار الحجاز التاريخية سابقًا، الواقع قرب مصانع “جيشوري” الكيماوية الاستيطانية المقامة عنوةً على أراضي الوقف الإسلامي غرب المدينة، وسوته بالأرض.
ويأتي هذا التصعيد ضمن مواصلة العدو عدوانه الممنهج على مدينة طولكرم وحصاره المشدد على مخيميها، والذي أسفر عن استشهاد 13 مواطنًا، بالإضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، ونزوح قسري لأكثر من 4000 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس.
وألحق العدوان دمارًا شاملًا في البنية التحتية والمنازل والمحال التجارية والمركبات التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي والحرق والتخريب والنهب والسرقة.
وخلال عدوانه، دمّر العدو 396 منزلًا كليًا، و2573 جزئيًا في مخيمي طولكرم ونور شمس، إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما بالسواتر الترابية.

مقالات مشابهة

  • تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة لليوم الـ77
  • وزارة الخارجية: المملكة تدين بأشد العبارات الجريمة الشنيعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصفها المستشفى المعمداني في قطاع غزة
  • بدء انتشار قوات الأمن السورية بحيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب
  • قوات الحكومة السورية تنتشر في محيط سد تشرين باتفاق مع القوات الكردية
  • قوات الحكومة السورية تنتشر في محيط شد تشرين باتفاق مع القوات الكردية
  • ترامب وسياسة التخويف
  • الاحتلال يبتلع مدينة رفح وسط تهديدات إسرائيلية بتوسيع العمليات العسكرية وضم أراضٍ جديدة
  • تواصل العدوان الصهيوني على جنين لليوم 82
  • العدوان على طولكرم .. تهجير قسري وتدمير للممتلكات
  • عن قرارِ فصائل نزعِ سلاحِها