فى الوقت الذى كثفت فيه مصر جهودها لوقف إطلاق النار فى غزة، وبدا، أخيراً، فى الأفق ضوء ساطع بأن الحرب الصهيونية ستتوقف وسيتم تبادل الأسرى، فى هذا الوقت اشتعلت سوريا بنيران حرب الميليشيات المتطرفة، وبدأت سيناريوهات تقسيم الدولة العريقة تلوح فى الأفق.
أخيراً، بدأ أهل غزة يتنفسون الصعداء فى انتظار اتفاق حقيقى لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية وتبادل الأسرى، اتفقت الفصائل الفلسطينية فى القاهرة، وعلى رأسها «فتح» و«حماس»، على لجان إدارة غزة بعد توقف الحرب.
فى هذا التوقيت الذى توقفت فيه حرب لبنان، وعلى نفس الخطوات تسير حرب غزة، اشتعلت الحرب فى سوريا، قال «نتنياهو» إن «الأسد» سيدفع الثمن، وكأنّها كانت كلمة السر.. تحركت فصائل الإرهاب المدعومة إقليمياً ودولياً إلى حلب ومنها إلى حماة لتصل الحرب إلى أطراف حمص.. هيئة تحرير الشام والجيش الوطنى الحر يخوضان حرباً حقيقية ضد الجيش السورى، بينما حركة قسد الكردية، المدعومة أمريكياً، تعزز مواقعها وتستولى على مزيد من الأراضى، هناك خطورة حقيقية الآن على أبواب معركة حمص، المدينة الأهم بين لبنان وسوريا، بعد أن ظهر أن حلب، العاصمة الاقتصادية لسوريا، وقعت فى يد جماعات الإرهاب المدعومة إقليمياً ودولياً والمتحركة بتنسيق صهيونى لا يغيب عن العيون.
الأوضاع فى سوريا أزمة حقيقية؛ فـ«الأسد» لا يجد دعماً كافياً لمواجهة الفصائل الإرهابية المسلحة، وروسيا، على غير العادة، تتريث وتشارك بالقطارة فى الهجمات الجوية على الفصائل، وإيران ما زالت تعيش تحت وقع الضربات القوية لأجنحتها العسكرية وغير قادرة على مساندة حقيقية لـ«الأسد»، وحزب الله، الذى كان فاعلاً مع سوريا من قبل، ما زال يلملم جراحه العميقة، الجيش السورى يواجه منفرداً قوات مسلحة لفصائل إرهابية تمتلك أحدث الأسلحة، وإمدادات مفتوحة، ومحاربين من دول متعددة، على الأرض تدور المعارك ساخنة، وداخل الغرف المغلقة يبدو أن هناك اتفاقاً ما، اتفاقاً سينتهى بسوريا، البلد العريق، مقسماً أكثر مما هو، وممزقاً أكثر مما هو، ومئات الآلاف بدأوا النزوح من أماكن القتال فى انتظار هدوء قد لا يعود.
العراق الشقيق، الذى نجا بحكمة إدارته بقيادة رئيس الوزراء شياع السودانى، من آثار حرب لبنان وغزة يجد الحرب الآن على أبوابه، والخطر يمكن أن يطاله.. لكن الموقف ما زال محدداً بإغلاق الحدود وتأمينها وعدم الانخراط فى الحرب، فلا الجيش ولا الفصائل المسلحة ستشارك، لكن نيران حرب سوريا تهدد البلد الشقيق أكثر من أى بلد آخر.
السؤال.. إلى متى تستمر حروب الشرق الأوسط؟.. ما يحدث فى سوريا ليس بعيداً عن امتداد المواجهة بين إسرائيل وإيران وأذرعها المسلحة، مواجهة يدفع ثمنها الأبرياء فى سوريا كما حدث فى لبنان وغزة، مواجهة تهدد العراق.. لكنها ليست مواجهة مفتوحة وليست بعيدة عن الترتيبات التى تدور فى الغرف المغلقة وخلف الأسوار، المنطقة فوق بركان يغلى، وألسنة اللهب تعاود الارتفاع كلما تم إخمادها، تتحرك من مدينة إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى فى انتظار وصول «ترامب» للحكم.
الأمل ما زال موجوداً، ووقف حرب الإبادة فى غزة سيمتد حتماً إلى سوريا بتسوية عسكرية أو سياسية، لعن الله الحروب، ولعن من أشعلها.
•• الجيش الوطنى:
ما حدث فى غزة ولبنان وما يحدث الآن فى سوريا وقبلهم السودان وليبيا واليمن، يؤكد بصيرة ورؤية الدولة المصرية وقيادتها؛ الحل الحقيقى لأزمات المنطقة هو وجود جيوش وطنية قوية حقيقية لا أحد ينازعها القوة والسيادة، فأينما ظهرت الميليشيات ظهرت الحروب وتمددت.. أينما وجدت الفصائل المسلحة توجد معها التدخلات الخارجية والإقليمية واللعب بمصائر الشعوب والدول، عندما يوجد جيش وطنى يمتلك أسباب القوة وكلمتها تخمد نيران الفتنة وأسبابها.
هو الحل الحقيقى لأزمات الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن يرد السلام عليه دعم الجيوش الوطنية والدول الوطنية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
فى مصر نحمد الله على نعمة وجود دولة وطنية قوية راسخة، وجيش وطنى ولاؤه لشعبه وتراب وطنه، فى هذا الزمان هذا مفتاح القوة، ومن يمتلكه فليعض عليه بالنواجذ.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قطاع غزة سوريا الشرق الأوسط فى سوریا
إقرأ أيضاً:
جعجع: أترشح للرئاسة ومستعد إذا!
أكد رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، في مقابلة عبر "هلا لندن"، أن "لسقوط نظام الأسد أهمية كبيرة كما فيه مصلحة للشعب السوري، وهو يشكل مكسباً بحد ذاته بغض النظر عما يمكن ان يكون بعده. على المستوى الداخلي".وتمنى جعجع "ان تكون المجموعة الشيعية قامت بإعادة قراءة لكل المسار وكل ما حصل وانتجت مقاربات مختلفة". وشدد على انني" لا اطرح ولا اطلب، ولكن في ظل هذا الواقع، يجوز التفكير بانتخابات نيابية مبكرة، باعتبار كيف يمكن خوض الوضعية الجديدة بمجلس عتيق؟".
جعجع رأى أن "أبا محمد الجولاني، اي أحمد الشرع، يحاول اظهار ذاته في شكل جديد، لكنني لا اعرف إن كانت القصة قصة شكل أم ان المضمون سيلحق بالشكل، لا اريد ان اتسرع في الحكم".
وعن تنفيذ قرار وقف اطلاق النار من الجانب اللبناني، أجاب "الأمور لم تبدأ بعد، بالأمس حصل الاجتماع الأول للجنة الدولية للمراقبة، ومن هذا اليوم علينا ان نبدأ بالحكم. ان موضوع السلاح محسوم، ولا يجوز التشكيك في شأن وجوده أو استمراره، لأن الترتيبات كما سمتها الحكومة، وهي حكومة حزب الله، ووافقت عليها وتم التفاوض عليها بالنيابة عن حزب الله، واضحة جداً، ولا يمكن تأويلها كما حدث ايام الرئيس فؤاد السنيورة، وهي تنص على تطبيق القرار 1701 ومعه القرارين 1559 و1680. ويلحظ الاتفاق الذي وافقت عليه حكومة حزب الله عدم وجود السلاح لا شمال ولا جنوب الليطاني، كما لحظ هذا الاتفاق من هي القوى التي يحق لها حمل السلاح، وبالتالي أمر السلاح محسوم."
وعن إعادة الإعمار ونظرية عدم قدرة الشعب اللبناني على تحمل عبء أموال اضافية، قال: "كي نكون محقين، الحكومة اللبنانية لم تتخذ قرار الحرب، بل إن أحد الاحزاب اللبنانية هو الذي اتخذه وعليه تاليا تحمل كلفة اعادة الاعمار، لا ان يتحملها من رفضوا ويرفضون الحرب، فذلك ليس عدلا ولا حقا ولا مساواة. هناك لبنانيون بيوتهم مهدمة وعلينا أن نطالب من تسبب لهم بهذه الحرب وبتداعياتها من خراب وخسائر، بدفع تكاليف اعادة الاعمار. علينا ان نسعى إلى تحصيل حقوق هؤلاء اللبنانيين مِن الذي ورطهم في هذه الحرب. على ايران التكفل بإعادة الاعمار، لأنها من كانت خلف هذا الحزب والقدرات العسكرية له. إن إعادة الاعمار مكلفة جدا، وقد تصل كلفتها الى نحو 10 مليارات دولار، ومن غير المنطق تحميلها للبنانيين الذين لم يتخذوا قرار الحرب ولا ممثلوهم ولا حكومتهم، وهم اساسا لا يريدون الحرب".
ورأى أنه "علينا ان نسعى في جلسة 9 كانون الثاني، بعد سنتين وشهرين بلا رئيس للجمهورية، كي يكون لنا رئيس للجمهورية، لكنني اريد ان اتحدث في جوهر موضوع الرئاسة، بعيداً من التكتيكات اليومية، فمنذ بدء الفراغ الرئاسي حتى الآن، هناك الكثير من المتغيرات التي حصلت في منطقة الشرق الأوسط ولبنان. في لبنان المتغيرات مختلفة 180 درجة، لقد كان لبنان في مكان وبات في مكان آخر تماماً، والترتيبات التي وافقت عليها الحكومة اللبنانية في 27 تشرين الثاني الماضي اعادت لبنان الى اتفاقية الهدنة والى اتفاق الطائف، وعلى هذا الاتفاق ان يطبق وان تصبح الدولة الوحيدة التي تحمل سلاحاً في لبنان. هذا من جهة، أما من جهة ثانية فما حدث بالقرب منا في سوريا ليس تغييرا بسيطاً إنما زلزال، 50 سنة طبعت التاريخ بأبشع الصور وانتهت، وبدأ العهد الجديد في سوريا، وما زلنا لا نعرف ملامحه الاساسية، فهل يجوز بعد هذه المتغيرات كلها ان نستمر نحن نبحث برئاسة الجمهورية كما كنا نبحث بها في السابق؟".
ورداً على سؤال عن توقيت اعلان ترشيحه للرئاسة، أجاب جعجع: "أعلن ترشحي عندما يكون هناك حد أدنى من الكتل النيابية مستعدة لتقبل هذا الترشح، الترشح ليس بطولة، وإن كان هناك عدد مقبول من الكتل النيابية تتبنى ترشيحي وتتقبله، أترشح طبعاً ومستعد لذلك، فنحن نعمل في السياسة لنكون في اكبر قدر من المواقع التي تمكننا من تطبيق برنامجنا السياسي".
وشدد على أن كل ما كان مطروحا في السابق رئاسياً أصبح من الماضي، الأسماء التي طرحت في المرحلة الماضية كانت انطلاقا من المرحلة الماضية، أما اليوم فنحن في وضعية جديدة.
وردا على سؤال لفت جعجع الى ان "الذي كان يجب ان يحدث مع التيار الوطني الحر كتيار ومنذ زمن، والذي لم يحصل حتى الآن، هو انه لو كان يتمتع بالحد الأدنى من الاخلاقية والاستقامة والصدقية، كان عليه أن يقول "المرة الماضية القوات اعطتنا وعلينا اعطاءها هذه المرة، لكن التيار ليس في هذا الوارد".
وعن محاولة بري وباسيل ايصال العميد جورج خوري وخلق غطاء مسيحي وغطاء شيعي له، قال جعجع: "عظيم وبعدين؟ لنفترض أنه وصل وهو (آدمي) ومع كامل احترامنا له، هو أو سواه، كيف سيحكم؟ ما هي علاقاته العربية أو الدولية؟ الايام تغيرت ولا يمكن الاستمرار بالتفكير بالطريقة ذاتها وهذا ما يخيفني في موضوع الرئاسة، البعض مرت عليه الاحداث وكأنه يتفرج عليها في فنزويلا او استراليا أو في مكان لا علاقة له بها. في لبنان تبدل الوضع 180 درجة وفي المنطقة كذلك، لذا عليكم ان تغيروا تفكيركم مع تغيّر الوضع". (الوكالة الوطنية)