علي الفاتح يكتب: دمشق.. هواجس مواطن شرق أوسطي!
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
آفة الشرق الأوسط التيار الدينى بكل مسمياته وتنظيماته وتنويعاته المذهبية، ونظام إقليمى مفتت غرق فى صراعات بينية، جعلته أبعد ما يكون عن الاستقرار، حتى يجد طريقة لمكافحة تلك الآفات بدلاً من تعايشه معها.
ما يجرى فى سوريا من أحداث متسارعة أكد بشكل قاطع أن ما يسمى الإسلام السياسى بمثابة خنجر مسموم تم غرزه فى خاصرة شعوب منطقتنا، وأن المهادنة معه لا تجلب إلا استقراراً وهمياً ومؤقتاً إلى حين يقرر الغرب الصهيونى استخدامه لتمزيق أحشاء الشرق الأوسط، وإعادة رسم خرائطه.
صحيح أن المنظومة الإقليمية فى الشرق الأوسط تحارب التنظيمات والجماعات الدينية المسلحة، وعملت على تصنيف أغلبها كجماعات إرهابية، كما هو الحال مع تنظيم الإخوان المسلمين، إلا أنها فى واقع الأمر تقاعست عن نقد وتفكيك الخطاب الدينى، الذى تتبناه هذه الجماعات، وتركت الموروث الفقهى المتشدد على حاله، والذى هو بطبيعة الحال يشكل المصدر الرئيس لأفكار وتصورات التنظيمات الإسلاموية الإرهابية.
ورغم وجود تعدد مذهبى فى بعض مجتمعاتنا الشرق أوسطية، له خلفية تاريخية مليئة بالفتن الطائفية والصراعات الدموية، إلا أن المنظومة الرسمية فى تلك المجتمعات لم تبذل جهداً يذكر لتنمية الوعى لدى شعوبها بأن التنوع المذهبى ثراء للعقيدة، ولا ينبغى أن يكون سبباً للاحتقان والصراع بين أبناء البلد الواحد.
التفسير الممكن والموضوعى لعجز العقل الشرق أوسطى أمام المفاهيم والقيم الموروثة عن الفقه القديم، هو عدم اكتمال وعيه بالدولة المدنية الحديثة، وعدم ترسخ مفهوم المواطنة، رغم وجود الشكل الحديث للدولة فى منطقتنا.
ما زال العقل العربى يحتفى بالخلافة، ويراها حلماً بما حملته من شكل قديم لطبيعة الدولة والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وما زال هناك من يعرّف الشعوب كرعايا والحكام كرعاة وولاة أمر، رغم وجود الشكل المؤسساتى الحديث من جهاز تنفيذى وآخر نيابى تشريعى وثالث قضائى، ما يعنى غياب مفهوم المواطنة بما يحمله من قيم للمساواة بين جميع أبناء الوطن باختلاف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم.
كذلك ما زال العقل المسلم محتقناً بفتن قديمة جرت على خلفية صراعات سياسية قسمت الناس مذهبياً بين سنى وشيعى.
كل ذلك القديم العفن لم يتم الاقتراب منه بالنقد أو النقض والتفكيك، وطالما ظل الدين موضوعاً للانتماء وتعريف الهوية لن يكتمل مفهوم المواطنة، الذى يساوى بين الجميع، فأحد مصادر نمو مشاعر التطرف والتشدد تعريف المواطن لنفسه بدينه، وعدم اكتفائه بهويته الوطنية.
بل إن هناك من يحرص على تعريف ذاته بإضافة انتمائه المذهبى كأن يقول: «أنا مصرى أو سعودى أو سورى مسلم، ثم سنى أو شيعى».
عندما نبلغ مرحلة اكتفاء المواطن الشرق أوسطى بهويته الوطنية، ويستقر فى وجدانه أن عقيدته الدينية والمذهبية مسألة شخصية لا تعنى أحداً سواه، حينها فقط سينتهى الإرهاب الدينى ولن يجد الغرب الصهيونى أدوات يحركها لإشعال الحروب فى منطقتنا، وحينها أيضاً يمكن الحديث عن تطور ينقل المجتمعات والنظم إلى مرحلة الدولة المدنية الديمقراطية.
الحرب الدائرة فى سوريا بين الدولة، وعصابات الإرهاب الدينى، كاشفة لجوهر مشكلات الشرق الأوسط وهوامشها المتمثلة فى دعم بعض الأطراف الإقليمية لتلك العصابات، رغم تصنيفها داخل دولها كمنظمات إرهابية.
وإذا لم يتم دعم الدولة السورية فى هذه الحرب لن يقف الأمر عند تقسيم سوريا إلى دويلات ومناطق نفوذ لأطراف إقليمية ودولية، حيث سيحتل الكيان الصهيونى إضافة للجولان أراضى شاسعة سيعتبرها منطقة عازلة لحماية أمنه القومى على غرار ما يسعى إليه فى جنوب لبنان، وكما يدعم، إلى جانب الولايات المتحدة وتركيا، هجمات الإرهابيين، سيعمل على تمكين تلك العصابات من الانتقال إلى باقى دول المنطقة لإشغالها وزعزعة استقرارها ليتفرغ لتنفيذ باقى مخططه لضم كامل أراضى الضفة الغربية، وقد يعمل على نقل تلك العصابات فى اتجاه كل من الأردن ومصر لتعاونه فى تنفيذ هدفه الاستراتيجى المتمثل بتهجير الفلسطينيين، مع تحريك الخلايا النائمة لتنظيم الإخوان الإرهابى فى كلتا الدولتين.
وبعد إشغال مصر قد يعود التركى لسيرته الأولى ويرسل فائض عصابات الجولانى ومكونات هيئة تحرير الشام من العناصر الإرهابية إلى ليبيا مرة أخرى، خاصة بعد انتشار تقارير صحفية تتحدث عن دعم مالى ضخم قدمته حكومة عبدالحميد الدبيبة فى طرابلس لعصابات الإرهاب الدينى المدعومة من قبل رجب طيب أردوغان.
للتذكرة، تنظيم داعش الذى دعمه الكيان الصهيونى قبل 10 سنوات فى سوريا والعراق جرى نقله إلى سيناء بدعم من الكيان الصهيونى، فيما عُرِف بتنظيم ولاية سيناء، لذلك يمثل انتصار الجيش العربى السورى فى هذه الحرب حماية للأمن القومى بكل دول المنطقة، بل ودفاعاً عن أمننا الشخصى كمواطنين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشرق الأوسط الجماعات الإرهابية الإسلام السياسى الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط.. أين تقع وما الغاية منها؟
في عملية لوجستية ضخمة استغرقت أكثر من 70 رحلة جوية، “نقل الجيش الأمريكي نقل كتيبة دفاع جوي من طراز “باتريوت” إلى الشرق الأوسط”.
وأكدت مصادر عسكرية أمريكية أن “الخطوة جاءت ضمن تعزيزات أوسع تشمل نشر المزيد من الطائرات والسفن الحزبية في المنطقة خاصة مع تصاعد التوترات مع إيران و”الحوثيين” في اليمن”.
وبحسب المصادر، “من ضمن التعزيزات العسكرية الإضافية، تم تمديد نشر حاملة الطائرات “يو إس إس هاري ترومان” في البحر الأحمر، وإرسال مجموعة ضاربة إضافية إلى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة وحاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسون” التي وصلت حديثا إلى المنطقة”.
في السياق، عرضت وكالة رويترز، تقريرا عن “الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسطـ”.
وقالت الوكالة: “لطالما أدارت الولايات المتحدة قواعد في أنحاء الشرق الأوسط، وأكبرها قاعدة العديد الجوية في قطر، التي بُنيت عام 1996، بناء على عدد الأفراد، وتضم الدول الأخرى التي تنشر فيها الولايات المتحدة قواتها البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة”.
وأضافت: “يوجد عادة حوالي 30 ألف جندي أمريكي في جميع أنحاء المنطقة، وهو انخفاض حاد مقارنة بالفترة التي شاركت فيها القوات الأمريكية في عمليات كبرى حيث كان هناك أكثر من 100 ألف جندي أمريكي في أفغانستان عام 2011، وأكثر من 160 ألف جندي في العراق عام 2007”.
وقالت رويترز: “للولايات المتحدة ما يقرب من 2000 جندي في سوريا في قواعد صغيرة، معظمها في الشمال الشرقي، ويتمركز حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق، بما في ذلك في موقع “يو إس يونيون 3″ في بغداد”.
و فق رويترز، “صرح البنتاغون بأنه عزز قواته إلى الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة. كما نقل ما يصل إلى ست قاذفات “بي-2” في مارس إلى قاعدة عسكرية أمريكية بريطانية في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، وهو ما قال الخبراء إنه سيضعها في موقع مثالي للتدخل السريع في الشرق الأوسط، كما أرسل البنتاغون طائرات أخرى ومزيدا من معدات الدفاع الجوي، بما في ذلك كتيبة دفاع صاروخي من طراز باتريوت، “وتتواجد حاملتا طائرات أمريكيتان في الشرق الأوسط، تحمل كل منهما آلاف الجنود وعشرات الطائرات.
وتابعت الوكالة: “تتمركز القوات الأمريكية في الشرق الأوسط لأسباب متعددة،ففي بعض الدول، مثل العراق، تقاتل القوات الأمريكية مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ويوجد في الأردن، مئات المدربين الأمريكيين، ويُجرون تدريبات مكثفة على مدار العام”.
وأضافت: “كما تتواجد القوات الأمريكية في دول أخرى، مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، كضمان أمني، وللتدريب، وللمساعدة في العمل العسكري الإقليمي عند الحاجة”.
وقالت: “القواعد الأمريكية منشآت شديدة الحراسة، تشمل أنظمة دفاع جوي للحماية من الصواريخ أو الطائرات المسيرة، لا تتعرض المنشآت في دول مثل قطر والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت عادة لهجمات، لكن القوات الأمريكية في العراق وسوريا تعرضت لهجمات متكررة في السنوات الأخيرة”.
وتابعت: “منذ عام 2023، شنّت حركة “أنصار الله” اليمنية (الحوثيون) أكثر من 100 هجوم على سفن قبالة سواحل اليمن، قائلين إنها كانت تضامنا مع الفلسطينيين في حرب إسرائيل على غزة مع حركة “حماس”،وشملت هذه الهجمات ضربات بطائرات مسيّرة وصواريخ على سفن تابعة للبحرية الأمريكية في المنطقة”.