في نوفمبر 2011، عُرضت لوحة صغيرة من عصر النهضة تُعرف باسم «سالفاتور موندي» أو مخلص العالم في المعرض الوطني، عبارة عن صورة واقعية جدا مزاجية وغريبة بعض الشيء لتمثال نصفي تخيلي عن المسيح بخصلات من الشعر الأحمر، وهو يحمل كرة بلورية شفافة، والأكثر غرابة هو التسمية التي تصفها بأنها عمل جديد اكتشفه ليوناردو دافنشي، هذه اللوحة هي الأغلي في العالم محاطة بالأسرار فما هي؟، وفق صحيفة الجارديان.

أسرار أغلى لوحة في العالم 

بداية ظهور اللوحة في العصر الحديث كان في نيويورك، عندما اشتراها روبرت سيمون وأليكس باريش، عام 2005 بالصدفة، من دار مزادات صغيرة في نيو أورليانز، وقد أعيد طلاؤها بكثافة وحالتها سيئة، ودفعا 1175 دولارًا أميركيًا، وبعد تنظيفها وتجريدها من زخارفها وترميمها بعناية شديدة على يد ديان موديستيني، وتصديقها من قِبَل خبراء لوحات ليوناردو دافنشي مارتن كيمب وديفيد أ. براون، وإطلاقها بختم المعرض الوطني، وصلت لوحة سالفاتور موندي إلى الأسواق، وبعد خمسة قرون من الغموض، تحولت إلى لوحة مشهورة على المستوى الدولي.

في عام 2013، باع سيمون وباريش الصورة مقابل 80 مليون دولار إلى وسيط سويسري، أعاد بيعها على الفور إلى رجل أعمال روسي، دميتري ريبولوفليف ، مقابل 127.5 مليون دولار، وعندما قرر ريبولوفليف بدوره البيع، كانت في المزاد العلني في صالة كريستيز بنيويورك في مركز روكفلر. 

في مساء يوم 15 نوفمبر 2017، افتتح المزاد على القطعة 9 ب، التي وصفها بأنها «تحفة ليوناردو للمسيح»، بعد دقيقتين وصلت إلى 180 مليون دولار، محطمة الرقم القياسي السابق للوحة بيعت في مزاد، والذي سجلته لوحة نساء الجزائر لبيكاسو في عام 2015. 

كواليس مزاد اللوحة الأغلى في العالم 

لفترة من الوقت بعد عرض اللوحة، كان هناك خمسة مزايدين في اللعبة - جميعهم مجهولين، وإن كان من الممكن تصنيفهم جميعًا بلا شك، وفقًا للمصطلحات غير المحببة لتجارة الأعمال الفنية الراقية، باعتبارهم أفرادًا ذوي ثروات صافية عالية للغاية، ولكن في آخر 10 دقائق، كان هناك اثنين فقط يتقاتلان، وكان السعر النهائي 450 مليون دولار، بما في ذلك عمولة كريستيز البالغة 50 مليون دولار.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: لوحة أغلى لوحة ملیون دولار فی العالم

إقرأ أيضاً:

حسن مير.. روحانية الطقوس وفضاء التعبير التشكيلي

في مستهل تجربتي التدريسية في جامعة السلطان قابوس، سنحت لي فرصة مميزة للاقتراب من المشهد الفني العُماني، لا سيما عبر المعارض العامة التي تقيمها جمعية الفنون التشكيلية في حي الصاروج آنذاك. هناك، التقيت بالفنان الشاب حسن مير، الحاصل على درجة الماجستير في فن الإعلام من كلية سافانا للفنون والتصميم في ولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1999. يتميز هذا الفنان بحضور لافت، إذ عرضت أعماله في العديد من المعارض على المستويين المحلي والعالمي.

وبالرغم من أن تلك كانت المرة الأولى التي أطلعت فيها على رؤيته الفنية واستمعْت لأفكاره، إلا أنها لم تكن الأخيرة.

في عام 2003، وبعد فترة وجيزة من ترأُّسي لقسم التربية الفنية في الجامعة، برز شاغر مفاجئ إثر اعتذار إحدى عضوات هيئة التدريس، في تلك اللحظة، تذكّرت شغف الفنان حسن مير وطاقته الإبداعية، فدعوته لسد هذا الفراغ الأكاديمي، تزامن ذلك مع متابعتي لنشاطه في إقامة معرض بعنوان «الدائرة» على قاعة المركز الثقافي في مرتفعات القرم، حيث قدم عملًا بصريا مغايرا عما توقعته، مزج فيه تقنية الفيديو مع تركيب بصري لرجل يغرق في حوض السباحة (البانيو). شكلت الصورة المتحركة للغريق الذي يخترق الماء عنصر دهشة ملفتا، يثري فكرة «الدائرة» ومحورها الفكري كمفهوم يتجاوز الشكل الهندسي، ليغدو رمزًا لاستمرارية الحياة ودورانها، وليطرح أسئلة عن لحظات الفناء والولادة المتجددة. إن إدخال عنصر الماء من خلال تصوير رجل غارق في البانيو يضفي على العمل طاقة بصرية عالية، ويقرب المشاهد من ثيمة الانبعاث واستكشاف الحدود بين الواقع والحلم.

يتميز حسن مير بكونه مصمما ورساما، مهتما بتقنيات الفيديو إلى جانب براعته في اللوحة التشكيلية واستخدام الألوان على قماش الكانفاس. وعلى الرغم من الأهمية التي يحتلها الفيديو في نتاجه الفني، فإن التركيز هنا سينصب على تجربته التشكيلية بوصفها بعدا فنيا وإبداعيا يكتمل في سياقه التصويري.

عند تأمل رسومات حسن مير، نلحظ توالدا لإيحاءات متعددة تتصل باللحظة المعاشة، وتمتزج فيها رموز وخطوط بدائية الطابع، وتبدو شخصياته ملتحمة بالتكوين العام، بحيث يتشكل حوار متكامل بين لغته الشفاهية ولغته البصرية؛ فيكتفي بالكلام حينا ويعززه بالصورة حينا آخر. بهذا تتحقق بنائية اللوحة لديه بتناغم مع رصيده في التصميم، ويتجلى ذلك من خلال أعماله المعروضة على منصاته الفنية.

عند فحص لوحات حسن مير، يتبين أنه يجمع بين مناهج فنية متعددة، كالرمزية والتجريدية، مع ميل واضحٍ إلى التعبيرية. إنه يتعامل مع اللوحة من منظور جمالي وفكري متكامل، فيحطم الأشكال ويطلقها في فضاءٍ زمني ومكاني مفتوح على الميثولوجيا والأحلام والكوابيس، ليفسح المجال أمام الإشارات والرموز كي تتفاعل مع ذهن المتلقي، وهكذا تتحول اللوحة إلى ساحة واسعة للتأمل والتأويل.

لا تخلو أعمال حسن مير من البعد الميثولوجي، إذ يستلهم طقوسا وأساطير مختلفة، يوظفها للتعبير عن التساؤلات الوجودية حيال الحياة والموت والدورات الكونية.

إن تجربة حسن مير تثبت أن التشكيل ليس مجرد أسلوب أو تقنية فحسب، بل هو مشروع فكري ورحلةٌ في استنطاق الرموز والتراث والأساطير، سعيا للإجابة عن هواجس الإنسان الكبرى، يجمع الفنان ببراعة بين جوانب التصميم والفيديو واللوحة، ليوجد لغةً فنيةً متعدّدة المستويات، تمكن المتلقي من خوض حوار مباشر مع العمل الفني وفلسفته.

كذلك، ثمة بعد روحانيّ حاضر بقوة في لوحات حسن مير، يتجلى من خلال استكشافه للطقوس السحرية والأساطير الموروثة من العصور القديمة، التي ترسخت في عمق المجتمع العُماني. لقد فتنني توجهه الفني في لوحاته؛ كما تشير عناوينها: «آدم وحواء والروح البيضاء»، و«أرواح غير مرئية»، و«وجوه غير معروفة»، و«تحت شجرة النخيل»، و«الدوائر الخضراء»، فهو لا يتعاطى مع تلك الطقوس بوصفها فولكلورا محليا وحسب، بل يعدها مفاتيح لسبر أغوار الفكر الإنساني حول الموت والفناء والإيمان، وحين سألته عن سر شغفه بالطاقة الغامضة المتجذرة في الطقوس القديمة، أجاب بأن الأساطير والمعتقدات تغذي تفكيره وتثير تساؤلاته الوجودية، وفي الحقيقة، يكمن جوهر فنه في هذا التأمل العميق والمساءلة المستمرة التي يستخرجها من الإرث الشعبي العريق.

ما يشد المتتبع لأعمال حسن مير هو قدرته على تحويل تلك المعتقدات القديمة إلى رؤى تشكيلية حديثة، مستخدما تقنيات متنوعة تنعكس في بناء اللوحات والأعمال التركيبية (الإنشائية)، إلى جانب التصوير الفوتوغرافي والفيديو آرت.

منذ طفولته، جذبته تلك الطقوس فصار ينهل منها ويتفحص أشكالها التي تنبثق عن أساطير غامضة وصراعات روحية، ما شكل مسار حياة الإنسان قديما ويستمر في التأثير أحيانا على وعيه الحديث. ولعل خصوصية تجربته تكمن في مزجه بين الإرث التراثي والمقاربات المعاصرة، التي تتجلى في استخدام التقنيات الحديثة ووسائل التعبير الجديدة، فصارت أعماله مساحة حرة للتساؤل حول الوجود الإنساني وامتداداته الروحية. إنها تجربة تستحق الإضاءة والمتابعة النقدية لما تحمله من أبعاد ثرية تربط الماضي بالحاضر، والأسطوري بالواقعي، لتشكل سردية فريدة في الحركة التشكيلية العُمانية.

في نظره، يمثل الفن وسيلةً ورؤية لاستكشاف جوهر الحالة البشرية وفهم التضاد الذي يعيشه الإنسان وسط التفاعلات الثقافية والحضارية. ومن هذا المنطلق، يسعى إلى توثيق بعض العناصر والأفكار الرمزية المتقاطعة بين مختلف الثقافات في عالمنا اليوم، لا سيما في ظل التحولات والاضطرابات العميقة التي تشهدها مجتمعاتنا، كما أنه يعنى باستكشاف الخامات والمواد المختلفة المستخدمة في التصوير للتعبير عن القضايا الراهنة، وقد أبدى اهتماما خاصا بالتصوير الضوئي وتقنيات الفيديو، مواظبا على تطوير تجربته في هذا المجال منذ دراسته في الخارج، ولم ينقطع عن ذلك بعد عودته؛ مما أضاف إلى رصيد خبرته العملية والتقنية، وأصبحت هذه التجارب بمنزلة خبرات شخصية متراكمة.

في معظم أعمال حسن مير، تتنوع الخطوط بين الداكنة والفاتحة، والسميكة والرفيعة، والمستقيمة والمنحنية؛ فتوجد فيما بينها مزيجا متداخلًا من المسافات والقرب، مانحة سطح اللوحة حركة راقصة تتنقل بين التوقف والتجول. وتستند هذه التشكيلات إلى خلفيات متماسكة بألوان تتراوح بين الأصفر والبرتقالي، وأحيانا تأخذ طابعا حياديا يميل إلى الرمادي أو الأزرق.

وتظهر في ثنايا هذه الأعمال إشارات ورموز ومساحات وكتل خارجةٌ عن المألوف والمتوقع، تجسد في نهاية المطاف «ثرثرة» تلقائية ورشيقة على سطح الكانفاس. كما أن اعتماد الفنان على أسلوب أفقيّ في نشر الرموز والإشارات والشخوص، يشي بوجود مخزون معرفي ضخم، يحول الزحام إلى سمة طاغية. ويتجلى هذا الازدحام في توظيف العناصر والرموز المتعددة، التي لم يكن بالإمكان توحيدها إلا من خلال معالجة تقنية فائقة؛ إذ يدل ذلك على مهارة جمالية عالية مكنته من الجمع بين عناصر متنوعة ومتباعدة في حوار بصري متناغم.

د. صبيح كلش فنان و أكاديمي مقيم في مسقط

مقالات مشابهة

  • بعد 123 عاماً.. اكتشاف امرأة غامضة في لوحة بيكاسو
  • ليوناردو : تمثيل منتخب البرازيل الأول حلم أسعى لتحقيقه .. فيديو
  • مبيعات البنك المركزي تتجاوز 300 مليون دولار في مزاد اليوم
  • بسبب تعثرها.. زائرة تُتلِف لوحة نادرة في متحف إيطالي
  • حلقة هائلة من ابيضاض المرجان تهدد 850 مليون شخص
  • حسن مير.. روحانية الطقوس وفضاء التعبير التشكيلي
  • كريستيانو رونالدو يساوي 850 مليون دولار!
  • ربع مليون جنيه.. «المرور» تطرح التزايد على لوحة سيارة مميزة
  • قندس ينفذ مشروعاً قيمته 1.2 مليون دولار في التشيك
  • نيويورك.. بيع كمان نادر بسعر أكثر من 11 مليون دولار