حماة و100 عام من الثورة.. لماذا كانت فرحة السوريين غامرة بعد تحررها؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
على صفحته على موقع إكس (تويتر سابقا)، نعى المنشد السوري المعروف يحيى حوّى والده قائلا: "نم قرير العين يا أبي! نم قرير العين يا عمي! من شهداء مجزرة حماة قبل 43 عاما، تم إطلاق الرصاص عليهم أمام أعيننا وكُنّا أطفالا صغارا، استشهدوا مع بعض".
تلك كلمات قالها يحيى حوى عقب دخول قوات المعارضة المسلحة إلى مدينة حماة، وانسحاب قوات النظام السوري منها في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الجاري 2024، ومثل حوّى هناك ربما عشرات أو مئات الآلاف من أهل المدينة ممن لا يزالون يتذكرون تلك المجزرة المروعة التي ارتكبها حافظ الأسد وشقيقه رفعت الأسد عام 1982، وهي مجرد فصل من فصول هذه المدينة العصية في التاريخ الحديث.
والحق أن لمدينة حماة الواقعة في وسط سوريا تاريخا حافلا من الأحداث طوال القرن الماضي، فقد أسهمت في تشكيل مصير سوريا المعاصرة في أثناء الاحتلال الفرنسي الذي جثم على صدر البلاد لربع قرن عقب الحرب العالمية الأولى، كما أسهمت من خلال مثقفيها وعلمائها في تشكيل الوعي العام في البلاد، وفوق ذلك كان لها ذكرى خاصّة في مواجهة الحكومة السورية بزعامة حافظ الأسد وأخيه وذراعه الأيمن رفعت الأسد، ثم أربعون سنة خلت وقد عادت إلى واجهة الأحداث من جديد حين استولت عليها المعارضة المسلحة.
إعلانولا تتوقف أهمية حماة على تاريخها في الثورة ضد المحتل الفرنسي أو الانتفاضة ضد نظام الرئيس السوري السابق حافظ الأسد أو انخراطها في الثورة السورية منذ عام 2011، وإنما تُمثِّل أيضا أهمية جيواستراتيجية مهمة؛ نظرا لموقعها الفريد في وسط سوريا وربطها بين شمال البلاد وجنوبها، ومناطق الداخل والساحل، فضلا عن إشرافها على السهول الزراعية المهمة، ووقوعها على نهر العاصي مما يجعلها سلة مهمة للغذاء.
وأكثر من ذلك تُعد حماة مهمة من الناحية العسكرية، فمَن يُسيطر عليها، وخاصة على مطارها العسكري وأجهزتها الأمنية، يمكن أن يتقدم بسهولة للسيطرة على المناطق المحيطة بها، سواء حلب في الشمال أم حمص في الجنوب، وهي بوابة من بوابات دمشق الأمامية، وقد أخبرنا التاريخ أن المماليك حين هزموا المغول في هذه المناطق الممتدة من سلمية في الجنوب إلى حماة في الشمال تمكنوا من إعادة السيطرة على بلاد الشام كاملة، لكل هذه الأسباب وغيرها تُعد حماة ضميرا حيًّا في التاريخ والواقع السوري.
فكيف أسهمت في تشكيل سوريا المعاصرة؟ وما أبرز الحوادث التي وقعت بها؟ وما دورها في الثورة السورية؟
صورة لساحة العاصي في مدينة حماة (الجزيرة) الثورة السورية الكبرى وموقع حماةأدت الحرب العالمية الأولى إلى انهيار أربع إمبراطوريات قديمة كانت منها الدولة العثمانية التي اضطرت للانسحاب من الأراضي الشامية، ووفقا لاتفاقية سايكس – بيكو فقد وقعت سوريا ولبنان من نصيب الفرنسيين، بينما استولى الإنجليز على فلسطين والعراق والأردن، وقد تعامل الفرنسيون مع السوريين بالقسوة والبطش الذي تعاملوا به مع الجزائريين من قبلهم، بل وحرصوا على تقسيم سوريا طائفيا وجهويا، فأنشأوا في عامي 1920 و1921 عدة كيانات منفصلة عن بعضها، مثل دولة دمشق ودولة حلب ودولة العلويين ودولة جبل الدروز، ولتمزيق الوحدة الوطنية في البلاد لجأ المندوب الفرنسي الجنرال غورو إلى سياسة عزل الأقليات الدينية والإثنية عن الأغلبية السنية في البلاد بحجة الدفاع عن حقوقها، بل وعمل على تأليب الريف ضد المدن، والبدو ضد الحضر.
إعلانولأجل هذه السياسة الطائفية والتقسيمية الواضحة، بل ومحاربة الثقافة العربية، والسيطرة على الاقتصاد المحلي من قِبَل الفرنسيين؛ اشتعلت الثورة السورية عام 1925 منطلقة من جبل العرب في جنوب سوريا بزعامة سلطان باشا الأطرش، وهو الأمر الذي أدى إلى اشتعال وامتداد الثورة إلى العديد من المدن السورية الأخرى مثل حلب ودمشق وإدلب وكذلك حماة التي قاد فيها لواء المقاومة الضابط فوزي القاوقجي، وهو ضابط من أبناء منطقة بلاد الشام انخرط في صفوف الجيش العثماني ثم أوقف نفسه في سبيل تحرير سوريا من الفرنسيين.
أصرَّ أبناء المدينة على المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الفرنسي الغاصب، وبذلوا في سبيل ذلك العديد من البطولات سواء بأنفسهم أم بدعم أبناء وقادة الثورة في المدن الأخرى في حمص وحلب خاصة، وكانت خطة القائد فوزي القاوقجي أن تكون ثورة حماة المسلحة متنفسا للثوار في جبل العرب في جنوب سوريا، فقد حاصر الفرنسيون مدينة السويداء حصارا خانقا كاد أن يفتك بهم، ويسقط معهم آل الأطرش في أيديهم، ولما فُتحت ثورة حماة اضطر الجنرال الفرنسي غاملان إلى سحب جيشه من السويداء للتقدم شمالا صوب الثورة المشتعلة في حماة.
وقد كشف فوزي القاوقجي في مذكراته الأهداف الإستراتيجية والتكتيكات التي اتخذها في قيادته للثوار في حماة قائلا:
"دخلتُ "حماة" في الساعة العاشرة بعد الظهر، واجتمعت مع الرؤساء وطلبت أن يحضروا برجالهم إلى المحلات التي قررتها لهم، ثم أرسلت مفارز صغيرة لقطع المخابرات التلفونية داخل "حماة"، وما بين "حماة" وخارجها، ومفارز صغيرة لمحاصرة دور الضباط الفرنسيين لمنع اتصالهم بقطعاتهم والقبض عليهم كي يكونوا رهانا عندنا نفتدي بهم عند الحاجة مع بعض رجالنا المهمين المأسورين، وكان الموعد للانتهاء من الاجتماع الساعة 12 حيث تباشر هذه المفارز عملها؛ اتصلت المفارز بالجيش واستعد الجيش بهذه الليلة، وحضّر رشاشاته وكان ينتظر الأوامر".
ويضيف في مكان آخر من مذكراته عن سبب قيادته للعمليات العسكرية: "كان لا بد من الوصول إلى الهدف المطلوب، والغاية المثلى التي أطمح إليها هي إرغام الفرنسيين وإجبارهم على سحب قواهم من الجبل (من السويداء) وتوجيهها إلى الشمال لكي يتسع الهجوم أمام أبطال الجبل، ولكي يتنفسوا الصعداء ويتمكنوا من العمل بحرية لكبح جماح قوى (الجنرال) "غاملان"، لذلك يجب أن تأخذ ثورة حماة مفعولا كبيرا، وتفعل دورا خطيرا له شأنه وتكون حركة خطيرة ومهابة ومخيفة وعامة".
إعلانورغم القمع الفرنسي الكبير، وضرب المدينة بالطائرات والقذائف وسقوط عشرات القتلى وتدمير عدد كبير من الدكاكين والمحلات التجارية؛ فقد اعتبر القاوقجي أن ثورة حماة قد نجحت نجاحا كبيرا في تشتيت جهود الفرنسيين، وكانت هذه الثورة واحدة من الانتفاضات المبكرة في تاريخ سوريا المعاصر.
أديب الشيشكلي ابن حماة ورئيس سوريا الثانيولم يتوقف دور حماة في فترة الاحتلال الفرنسي عند هذا الحد، فمن رحم هذه المدينة خرجت العديد من الشخصيات البارزة في قيادة الحركة الوطنية السورية، وكان من أبرزهم الضابط الشاب أديب الشيشكلي، الذي عُرف بجرأته وانشقاقه عن القوات الفرنسية ليقود عصيانا مسلحا في حماة عام 1945.
انضم الشيشكلي إلى "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، حيث دعا إلى إقامة دولة سوريا الكبرى، وكان من المساهمين في تأسيس الجيش العربي السوري في 1 أغسطس/آب 1945، كما تطوع لاحقا في جيش الإنقاذ الذي أنشأته جامعة الدول العربية لنصرة القضية الفلسطينية، وشارك في حرب 1948 ضمن الجيش العربي السوري.
ولم يتوقف دور الشيشكلي عند هذا الحد؛ إذ كان من أبرز المشاركين في الانقلابات العسكرية التي شهدتها سوريا بعد الاستقلال، مثل الانقلاب الأول بتاريخ 29 مارس/آذار 1949 بقيادة حسني الزعيم، والانقلاب الثاني ضد سامي الحناوي في 14 أغسطس/آب من العام نفسه، قبل أن يقود انقلابه الخاص، وهو الثالث في 19 ديسمبر/كانون الأول عام 1949، وقد ساقت هذه الأحداث أديب الشيشكلي في قلب التحولات السياسية والعسكرية التي شكلت سوريا الحديثة.
كان أديب الشيشكلي الذي تولى رئاسة سوريا بعد انقلابه ذلك، وهو الأول والأخير من أبناء مدينة حماة الذي وصل إلى هذا المنصب، فقد قام بانقلابه رفضا لمشروع الوحدة مع العراق، الذي سعى إليه زعماء "حزب الشعب" من أبناء مدينة حلب، وقد تولى الشيشكلي رئاسة أركان الجيش، ثم انتُخب رئيسا للجمهورية في يوليو/تموز 1953.
إعلانقاد الشيشكلي البلاد إلى إصلاحات اقتصادية واجتماعية عميقة، حتى إن أمل بشورة -زوجة مؤسس حزب البعث ميشيل عفلق وهو من أشد المعارضين للشيشكلي- قالت معترفة في مذكراتها: "لقد باشر الشيشكلي في مشروع طموح لإنجاز إصلاحات اقتصادية اجتماعية وإدارية، وناضل لإبراز هوية الكيان السوري المستقل، وأكد على هوية سوريا العربية والإسلامية ودورها المميز في المحيط العربي. ولأول مرة في تاريخ سوريا الحديثة، نفذ الشيشكلي سياسة جزئية في تعريب الحياة العامة والنظام التربوي التعليمي، وعمل بجد لإقصاء النفوذ الأجنبي في هذا الميدان".
رغم هذا النجاح، واجه الشيشكلي معارضة شعبية وعسكرية متزايدة بسبب حل الأحزاب والانفراد بالمشهد عسكريا، مما أجبره على الاستقالة في فبراير/شباط 1954 لتجنب إراقة الدماء، وقد ترك منصبه وخرج من سوريا بعد انهيار حكمه، وبعد عقد من الزمان، وفي 27 سبتمبر/أيلول 1964، اغتيل في البرازيل على يد رجل درزي كان يسعى للثأر منه؛ لقصف جبل الدروز خلال فترة حكمه.
غلاف كتاب أديب الشيشكلي (مواقع التواصل الاجتماعي) حافظ الأسد ومجزرة حماةفي مارس/آذار عام 1963، نجح حزب البعث السوري بفرعيه المدني والعسكري بالانقلاب العسكري وتسلم الحكم من الرئيس ناظم القدسي والحكومة المنتخبة برئاسة خالد العظم؛ وذلك بسبب ما اعتبروه رجعية وانفصالا عن مصر، وكان من النتائج المباشرة لهذا الانقلاب إلغاء التعددية والحريات السياسية والاقتصادية، وقيام دولة الحزب الواحد، بل وإنفاذ قانون الطوارئ الذي استمر سريانه منذ عام 1963 وحتى قيام الثورة السورية في عام 2011.
وفي تلك المرحلة شهدت مدينة حماة أحداثا بارزة، وعلى رأسها ما عُرف بـ"أحداث جامع السلطان" عام 1964، حيث اندلعت احتجاجات واسعة ضد حكم حزب البعث وتفرده بصدارة المشهد، والتضييق على الحريات العامة، وقد امتدت هذه الاحتجاجات إلى عدة مناطق أخرى في سوريا، ولكنها قوبلت بتدخل عسكري شديد من الجيش السوري، الذي حاصر الجامع وقصف مئذنته، مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين، وهذا ما كشفه الرئيس السوري الأسبق أمين الحافظ في شهادته ضمن برنامج "شاهد على العصر" على قناة الجزيرة.
إعلانوقد توالت الأزمات مع وصول حافظ الأسد إلى السلطة بانقلاب عام 1970، حيث بدأ بموجة اعتقالات واسعة استهدفت المعارضين، ولما ضمن سيطرته المطلقة على السلطة، أصدر دستور عام 1973، الذي مُنح فيه الرئيس صلاحيات مطلقة وأحكم قبضته على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وقد أثارت هذه الخطوة غضبا شعبيا جارفا عاما، وفي حماة خاصة حيث خرجت المظاهرات التي عُرفت بـ"أحداث الدستور"، وشهدت المدينة خلالها حملة اعتقالات كبيرة طالت العديد من المعارضين، لا سيما مَن وجَّهوا دعوات للتصدي لسياسات حزب البعث.
وأمام سياسة حافظ الأسد التي كانت تعتقل وتقتل أبناء المدينة دون هوادة، بدأت مجموعة مسلحة من المعارضة عرّفت نفسها باسم "الطليعة المقاتلة" بقيادة مروان حديد الذي انشق عن الإخوان المسلمين، وآمن بضرورة العمل المسلح، فبدأت هذه المجموعة باتخاذ طريق الاغتيالات السياسية، وخاصة للشخصيات ذات المناصب الرفيعة في الدولة، بل وبدأت في استهداف بعض المؤسسات العسكرية، كما جرى في 16 يونيو/حزيران 1979 حين هاجمت مدرسة المدفعية وقتلت العشرات من الضباط العلويين، فحمّلت الحكومة برئاسة حافظ الأسد جماعة الإخوان المسلمين في سوريا مسؤولية ما حدث.
وقد تلت هذه الأحداث محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس حافظ الأسد وذلك في 26 يونيو/حزيران 1980، الأمر الذي جعله يشير بأصابع الاتهام نحو جماعة الإخوان المسلمين، وعلى إثر ذلك قام شقيقه رفعت الأسد مع قواته بارتكاب مجزرة مروعة في سجن تدمر أدت إلى مقتل ما يزيد على ألف من السجناء المنتمين في أغلبهم إلى الإسلاميين.
ولم يتوقف حافظ الأسد عند هذا الحد، بل في 7 يوليو/تموز عام 1980، صدر المرسوم التشريعي رقم 49 الذي حظر الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ونص على معاقبة كل منتسب لها بالإعدام، وقد شكّل هذا المرسوم نقطة تحول كبيرة في العلاقة بين النظام والجماعة، حيث استُخدم غطاء قانونيا لتبرير حملات عسكرية وأمنية واسعة استهدفت الجماعة وأفرادها تحت ذريعة القضاء على التنظيم.
إعلانكانت مدينة حماة آنذاك معقلا رئيسيا لجماعة الإخوان المسلمين، إذ ضمت المدينة عددا كبيرا من أعضائها، إضافة إلى سجلها المعروف بالانتفاضات ضد حكم حزب البعث والأسد كما مرَّ بنا، وفي منتصف عام 1981، برزت خطط سرية من قِبَل مجموعة "الطليعة المقاتلة" بالتنسيق مع مجموعة من "الضباط الأحرار" داخل الجيش للإطاحة بنظام الأسد، ولكن لم تنجح هذه المحاولة بعد أن تسربت المعلومات إلى حافظ الأسد شخصيا، الذي عقد اجتماعا مع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وانتهى بقرار شن عملية عسكرية شاملة ضد حماة.
وبعد أسابيع عصيبة من الحصار والخراب، انتهى اقتحام حماة في أواخر فبراير/شباط 1982 الذي استُخدم فيه القصف المدفعي والدبابات والطائرات والقناصة، ثم دخول القوات البرية الذي تلته عملية من الإعدامات الجماعية المتتالية، دون تفريق بين عسكريين ومدنيين، وأدى كل ذلك إلى مجزرة كبرى لا تزال حاضرة في العقل الجمعي لأبناء المدينة حتى يومنا هذا، فقد خلّف هذا الاقتحام 40 ألف قتيل، وعشرات الآلاف من الجرحى والمعتقلين، وتدمير أحياء كاملة في حماة مثل البارودية والكيلانية والحميدية وغيرها.
وكان تعامل قائد الحملة رفعت الأسد قاسيا وعنيفا، فقد أصر على مداواة الجرحى من الجيش السوري وعدم الاهتمام بالجرحى المدنيين من أبناء حماة وتركهم لمصيرهم، ولهذا السبب حملت شهادات الناجين من المجزرة تفاصيل مروعة حول عمليات قتل جماعي شملت استهداف عائلات داخل منازلها، واعتقالات عشوائية تعتمد أحيانا على الأسماء فقط، وأكدت رواياتهم وقوع مجازر بطرق مختلفة، شملت استخدام الأسلحة البيضاء في القتل والذبح، إلى جانب ممارسات بشعة مثل تقطيع الأعضاء والتنكيل بالجرحى، وبقر بطون النساء الحوامل وقتل الأجنّة بداخلها. بالإضافة إلى ذلك، وثقت الشهادات حالات اغتصاب وانتهاكات جسدية أخرى، مما يعكس حجم الفظائع التي ارتُكبت خلال تلك الأحداث.
إعلانحماة في الثورة السورية 2011
حين اندلعت الثورة السورية ضد بشار الأسد عام 2011، كانت مدينة حماة بما تحمله من ثأر وماضٍ لم يُمحَ من الذاكرة الجماعية لأبناء المدينة من أوائل المشاركين في هذه الثورة وبكثافة، حتى قدَّرت بعض المصادر أعداد المتظاهرين من أبناء المدينة بأكثر من 500 ألف متظاهر في يوليو/تموز 2011.
وعقب هذه التظاهرة بيومين انتشرت دبابات الجيش في مختلف أنحاء المدينة، واندلع النزاع بين الجيش وسكان حماة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 16 مدنيا على يد قوات الأمن السورية، وفي 31 يوليو/تموز، أرسلت الحكومة السورية وحدات إضافية إلى حماة بهدف السيطرة على الاحتجاجات قُبيل شهر رمضان، ضمن حملة عسكرية أطلق عليها السكان اسم "مذبحة رمضان"، وفي ذلك اليوم قتلت القوات السورية ما لا يقل عن 142 شخصا في أنحاء مختلفة من البلاد، كان بينهم أكثر من 100 شخص في مدينة حماة وحدها، إضافة إلى مئات الجرحى.
وقد تصاعدت حِدَّة العنف بحلول 4 أغسطس/آب، حيث أقدم النظام السوري على قتل أكثر من 200 مدني في حماة وحدها، في واحدة من أكثر الهجمات دموية على المدينة خلال تلك الفترة، وقد استمرت قوات الأمن السورية في قصف مدينة حماة عشوائيا، مستهدفة الأحياء السكنية والمصلين، وقد ذكرت صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية أن الدبابات أطلقت النار دون تمييز، مما تسبب بمقتل العشرات، بينهم مصلون، إضافة إلى إصابة أعداد كبيرة وسط نقص حاد في المعدات الطبية بالمستشفيات.
واستمرت الحكومة بفرض قيود صارمة على المدينة، بما في ذلك قطع الماء والكهرباء والاتصالات، ومنع دخول الصحفيين الأجانب، كما انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر الهجمات العسكرية، بينما أعلن عمال حماة إضرابا حدادا على الضحايا، وحذرت منظمات حقوقية من مخاطر وقوع مذبحة جديدة وسط التصعيد المستمر.
إعلانوعلى مدار عدة أيام تالية من العمليات العسكرية، سيطرت قوات النظام السوري على شوارع حماة الرئيسية، ومداخل أحيائها، وساحاتها، وسط سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، كما نشر ناشطون مقاطع فيديو توثق تمركز دبابات النظام في ساحة العاصي، مما أبرز إحكام قبضة الحكومة عسكريا على المدينة، ورغم المحاولات المتكررة للمتظاهرين لاستعادة الساحة، فقد قوبلت التحركات بقمع عنيف، خاصة أواخر عام 2011.
وعلى إثر ذلك تراجعت المظاهرات تدريجيا إلى داخل الأحياء، وتركزت في مناطق مثل باب قبلي، والصابونية، ومشاع الطيار جنوبا، وطريق حلب ومشاع الأربعين شمالا، بينما ظلت الاحتجاجات متفرقة في بقية مناطق حماة، ومع هذا القمع انضم عدد كبير من شباب المدينة إلى صفوف الجيش السوري الحر، لكن اشتباكاتهم مع قوات النظام ظلت محدودة ومحصورة في أطراف المدينة الشمالية والجنوبية المتصلة بالريف.
وأمام استمرار هذه المظاهرات في حماة ارتكبت قوات النظام مذبحة في حي مشاع الطيار يوم 25 أبريل/نيسان 2012، حيث قصفته بالصواريخ، مما أودى بحياة أكثر من 50 شخصا، كما شهد حي مشاع الأربعين مذابح مشابهة قبل أن يُهدم بالكامل ويُشرَّد سكانه الذين بلغ عددهم نحو 30 ألف شخص أواخر 2012، في خطوة عكست محاولات الحكومة السورية لتحطيم أي مقاومة داخل المدينة.
ومع انخفاض زخم المظاهرات والاحتجاجات، أصبحت المدينة نموذجا للقمع الممنهج، حيث واجه سكانها القتل والتهجير وتدمير الأحياء، وأعاد النظام السوري بقيادة بشار الأسد سيطرته على المدينة طوال الأعوام الثلاثة عشر الماضية.
ولكن مع انطلاق عملية "ردع العدوان" التي قامت بها فصائل المعارضة المسلحة انطلاقا من إدلب؛ فقد تمكنت في 5 ديسمبر/كانون الأول 2024 من دخول مدينة حماة، والسيطرة عليها، والإفراج عن عشرات المعتقلين ممن قبع بعضهم عدة عقود في سجن المدينة، وقد تباينت ردود الأفعال، حيث اعتبر بعض المحللين سيطرة المعارضة المسلحة على المدينة بمنزلة نقطة تحول في مسار الأوضاع في سوريا، فقد أصبح الطريق أمام المعارضة مفتوحا إلى حمص وإلى العاصمة دمشق، الأمر الذي بات يهدد من بقاء الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أبعاد المعارضة المسلحة الإخوان المسلمین الثورة السوریة أبناء المدینة النظام السوری على المدینة قوات النظام رفعت الأسد حافظ الأسد یولیو تموز مدینة حماة العدید من فی الثورة حزب البعث ثورة حماة من أبناء فی سوریا فی حماة أکثر من حماة فی کان من عام 2011
إقرأ أيضاً:
بالفيديو .. الممثل السوري أحمد رافع المؤيد للأسد: حكيت مع الأستاذ أحمد الشرع واتشكرتو على الثورة
سرايا - ظهر الممثل السوري أحمد رافع المعروف بمولاته وتأيديه للرئيس السوري السابق بشار الأسد، خلال مقطع فيديو وهو محاط بعدد من قوات المعارضة.
وقال الفنان رافع وهو برفقة المقاتلين: " أنا حكيت مع الأستاذ أحمد الشرع واتشكرتو على الثورة الي ما كان فيها ولا نقطة دم".
من الجدير ذكره أن العديد من الفنانيين السورين اعتذروا على الفور لابناء سوريا على مواقفهم السابقة التي كانت تدعم النظام السوري السابق، كما قرر عدد اخر من الفنانين التزام الصمت.
وتاليًا الفيديو عبر موقع "سرايا:-
بالفيديو.. الممثل السوري أحمد رافع المؤيد للأسد: "حكيت مع الأستاذ أحمد الشرع واتشكرتو على الثورة"#سرايا #الاردن #سوريا #أحمد_رافع https://t.co/1BMSu4cxag pic.twitter.com/07x6Qke5GI
— وكالة أنباء سرايا الإخبارية (@sarayanews) December 10, 2024 إقرأ أيضاً : الشرع يتعهد بملاحقة متورطين بتعذيب السوريين ونشر أسمائهمإقرأ أيضاً : أحمد الشرع ومحمد الجلالي يجتمعان لتنسيق انتقال السلطة في البلادإقرأ أيضاً : إسرائيل: سندمر الأسلحة الاستراتيجية الثقيلة في سورياتابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #سوريا#أحمد
طباعة المشاهدات: 1063
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 10-12-2024 08:32 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...