تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

 

 

 

سمية أحمد

 

تعود بنا «الأيام» إلى ذلك الطفل الصغير «طه» الذي فتن بـ «أبي العلاء» ليتخذ من أطوار حياته دربًا له يعيش به ومعه، وصوته، طريقة تناوله الطعام.. كان يرى «طه» بأنه وأبي العلاء وجهان لعملة واحدة.. لم يتوقف عن الحديث عنه والاهتداء به في كل أمر يفعله، فكتب عنه إصدارين الأول «تجديد ذكرى أبي العلاء» والذي صدر لأول مرة في عام 1915، والثاني "مع أبي العلاء في سجنه" والذي صدر في العام 1935، ثم صدر كتابه الثالث بعنوان «صوت أبي العلاء» والذي صدر في عام 1945.

 
كان الصبي طه يتجنب الطعام وسط العائلة خشية أن يثير ضحك أخواته، فقد حرم على نفسه أنواع من الطعام مثل الحساء والأرز، وأي نوع من الأطعمة التي تستخدم فيها الملعقة، فتذكر وجهه الآخر أبي العلاء حينما وقع على صدره بعض الطعام، فحرمه على نفسه، كان يرى صورته في أبي العلاء، فكان أبا العلاء يتستَّر في أكله حتى على خادمه؛ فقد كان يأكل في نفق تحت الأرض، وكان يأمر خادمه أن يُعدَّ له طعامه في هذا النفق ثم يخرج، ويخلو هو إلى طعامه فيأخذ منه ما يشتهي. 

العميد كتب عنه 3 مؤلفات «تجديد ذكرى أبى العلاء» و"مع أبى العلاء فى سجنه" و«صوت أبى العلاء»


ويقول طه حسين في "الأيام": "فهم صاحبنا هذه الأطوار من حياة أبي العلاء حق الفهم؛ لأنه رأى نفسه فيها، فكم كان يتمنى طفلًا لو استطاع أن يخلو إلى طعامه، ولكنه لم يكن يجرؤ على أن يُعلِن إلى أهله هذه الرغبة. على أنه خلا إلى بعض الطعام أحيانًا كثيرة، ذلك في شهر رمضان وفي أيام المواسم الحافلة، حين كان أهله يتَّخذون ألوانًا من الطعام حلوةً، ولكنها تؤكل بالملاعق؛ فكان يأبى أن يصيب منها على المائدة، وكانت أُمُّه تكرَه له هذا الحِرْمَان، فكانت تُفرد له طبقًا خاصًّا وتخلي بينه وبينه في حجرة خاصة، يُغلقها هو من دونه حتى لا يستطيع أحدٌ أن يُشرف عليه وهو يأكل». 
في رحاب أبي العلاء 
بدأ طه حسين بكتابة مجموعة من الدراسات أو المقالات التي كتبها عن أبي العلاء المعري، ولم يكن يقصد من تلك المقالات دراسة لحياة أبي العلاء وإنما لدراسة الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وتفاصل البيئة التي عاش فيها، فقد كان "طه حسين" يعتمد في دراساته على أسس الموضوعية والمنهج العلمي. 
وهو ما طبقه خلال دراسته النقدية عن حياة الشاعر أبي علاء المعري باعتباره جزءا من بيئته التي نشأ فيها تأثر بها وأثر فيها، فلم يكتف بالسرد الجاف لمولده، وتفاصيل نشأته وحياته، وما ترك من آثار أدبية، بل قدَّم دراسة وافية عن زمنه وما كان فيه من أحداث مختلفة انعكست على أدبه، فجاء هذا الكتاب تأريخًا أدبيًا شاملًا لزمن المعري وحياته وإنتاجه الأدبي.
ويقول طه حسين في تمهيد كتابه تجديد ذكرى أبي العلاء، إن الغرض في هذا الكتاب أن نَصِفَ حياة أبي العلاء وحده، وإنَّما نُريد أن ندرُسَ حياة النَّفس الإسلامية في عصره، فلم يكن لحكيم المعرة أن ينفرِدَ بإظهار آثاره المادية أو المعنوية، وإنَّما الرَّجل وما له من آثار وأطوار نتيجة لازمة وثمرة ناضجة لطائفةٍ من العلل، اشتركت في تأليف مزاجه وتصوير نفسه، من غير أن يكون له عليها سيطرةٌ أو سلطانٌ.
وقد يقودنا السؤال هنا لماذا أبي العلاء في تلك الفترة الزمنية المبكرة؟ وبالتحديد في عام 1914 وكانت مصر في تلك الفترة كان العالم يتأهب لإقامة الحرب العالمية الأولى (1914-1918) والتي خلفت آثارًا دامية في جميع أنحاء العالم، وكانت مصر لا تزال تعاني من تبعات الاستعمار ولم تنل استقلالها بعد، وكانت في مرحلة تمهيد للبحث عن الهوية الوطنية، في ظل كل تلك المتغيرات، ونعود بالتساؤل لماذا أبي العلاء المعري؟ وربما نجد الإجابة في المقدمة التي كتبها طه حسين، فغير أن طه حسين قد فتنه أبي العلاء منذ نعومة أظافره للدرجة التي كان يراه الوجه الآخر له، وتكوينه ونشأته، وبيئته والتي جعلت منه شاعرًا وعالمًا، في ظل جهل الأمة وظلم الحكام، ويقول "طه حسين" :" فأبو العلاء ثمرةٌ من ثمرات عصره، قد عمل في إنضاجها الزمان والمكان، والحال السياسيَّة والاجتماعيَّة، بل والحال الاقتصادية، ولسنا نحتاج إلى أن نذكر الدِّين؛ فإنَّه أظهر أثرًا من أن نُشير إليه، ولو أنَّ الدليل المنطقي لم ينتهِ بنا إلى هذه النتيجة لكانت حال أبي العلاء نفسه منتهيةً بنا إليها؛ فإنَّ الرجل لم يترك طائفةً من الطوائف في عصره إلا أعطاها وأخذ منها - كما سترى في هذا الكتاب -، فقد هاج اليهود والنَّصارى، وناظر البوذيين والمجوس، واعترض على المسلمين، وجادل الفلاسفةً والمتكلمين، وذمَّ الصُّوفية، ونعى على الباطنية، وقدح في الأمراء والملوك، وشنَّع على الفقهاء وأصحاب النُّسك، ولم يُعفِ التُّجار والصناع من العذل واللوم، ولم يُخلِ الأعراب وأهل البادية من التفنيد والتثريب؛ وهو في كل ذلك يرضى قليلًا ويسخط كثيرًا، ويظهر من الملل والضيق، ومن السأم وحرج الصدر، ما يُمثِّل الحياة العامة في أيامه، بشعةً شديدة الإظلام."
وقد سلك طه حسين في بحثه عن أبي العلاء طريقًا آخر على غير المتبع في مسلك المؤرخين، فلم يقتصر عمله عن رواية الأخبار والأحداث وتحليلها، أو ذكر المصادر التي عادوا إليها، وهنا رأي طه حسين أنه لابد من العودة إلى الزمن الذي كان يعيش فيه أبي العلاء والعمل على رصد زمنه وتحليل الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. 
لماذا أبي العلاء
ويقول طه حسين: "لقد كان يمتاز الرجل في العَصر القديم، بكثرة ما أحصَى من العلم وما وعى من الأخبار؛ فكانَ من المعقول أنْ يضنَّ على النَّاس بمصادر علمه حتى لا يُشارك فيه، أمَّا الآن فَقَد أصبح الرَّجل يمتاز بحُسن البحث والتَّحليل، وإتقان التَّتَبُّع والاستقراء، وإجادة النظر والاستنباط. ومن الواضح أنَّ إظهار مصادره للنَّاس يُعينه على إظهار حظِّه من ذلك، وإعلان قسطه من التفوُّق والنُّبوغ".
وقد تناول الكتاب خمسة مقالات تطرق خلالها إلى حياة ابي العلاء المعري، وأسرته والعصر الذي نشأ فيه، والحياة التاريخية ومنزلته الأدبية، والعلمية كما تناول فلسفته الإلهية والخلقية؛ لكثرة ما كان فيهما من اختلاف الآراء وافتراق الأهواء.
وجاءت المقالة الأولى بعنوان "زمان أبي العلاء ومكانه" وقد تناول طه حسين بالبحث العلمي الدقيق العصر الذي نشأ فيه أبي العلاء، والذي توصل من خلاله عبر البحث التاريخي والأدبي والتقسيم المفصل لشكل وطبيعة الحياة السياسية في الذي نشأ فيها أبي العلاء، ولفت حسين إلى الخطأ الذي وقع فيه مؤرخو الأدب في طريقة اتباعهم للمؤرخين السياسيين، والذي يغفلون في رصدهم للأحداث طبيعة التاريخية سواء ما يتعلق بالعصر العباسي الأولى والذي شهد مرحلة الرقي والعصر العباسي الثاني والذي يوصف بأنه عصر الانحطاط والذي انتهي بانتهاء الدولة، ويخرج من هذا البحث بأن أبا العلاء قد نشأ وقضى حياته في العصر الثاني، وهو عصر الانحطاط وفق التصنيف السياسي التاريخي، ووصفه بعصر الانحطاط ما اعترض عليه طه حسين في دراسته والتقسيم الخاطئ لمؤرخي الأدب في ربط الواقع الأدبي بالواقع السياسي، وهنا يقول طه حسين: «إذ إن الحياة السياسية قد تأثرت أشدَّ التَّأثر بحال الخلفاء؛ فقويت حين كانوا أقوياء، وضعفت حين كانوا ضعفاء، وذهب ريحها حين لم يبقَ منهم إلا الأسماء. ومن هنا نعقل اعتماد المؤرخين السياسيين على هذه القاعدة في التقسيم، وأمَّا وجهها الباطل، فهو المبالغة فيما بين الآداب والسياسة من صلة، بحيث تُجْحَد المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية في الآداب، وبحيث لا تكون الآداب خاضعةً إلا للسياسية كأنَّ الأدب ظلٌّ من ظلال الخلفاء، يتأثر بكلِّ ما تأثروا به، ويذعن لكل ما أذعنوا له، ويناله ما ينالهم من الحياة والموت. ومع أنَّ هناك مؤثراتٍ تعمل في الآداب غير السياسة، قد أشرنا إليها أكثر من مرة، وليس ينبغي الإعراضُ عنها، فإنَّ هذه القاعدة التي اتبعها المؤرخون السياسيون فأصابوا، وتوخَّاها مؤرخو الآداب فأخطأوا، قد كانت من أقوى المؤثِّرات في رُقي الآداب لا في انحطاطها كما زعموا». 
إذن فهذه القاعدة التي بَنَى عليها مُؤرخو الآداب تقسيمهم للعصر العباسي خاطئةٌ من هذا الوجه، ولعمري إنَّ عصرًا ينبغ فيه من الشعراء: الرَّضِيُّ، والمتنبي، وأبو العلاء. ومن الكُتَّاب: ابن العميد، وابن عبادٍ، والصابئ. ومن الفلاسفة: الفارابي، وابن سينا، وابن لوقا. ومن الأدباء: أبو هلالٍ، وابن المرزبان، والآمدي، والجرجاني. ومن النحويين: ابن خالويه، وابن جني، وأبو علي الفارسي، والسِّيرافِي. عصرٌ ينبغ فيه هؤلاء وغيرهم من أمثالهم، ومن المؤرخين والجغرافيين والفلكيين، لخليقٌ أن يكون عصر رقي ونهضةٍ لا عصر ضعفٍ وانحطاطٍ في العلوم والآداب. 
أما المقالة الثانية فحملت عنوان «حياة أبي العلاء» وتناول خلالها طه حسين حياة أبي العلاء من مولده إلى وفاته، ومراحله العمرية حتى في مرحلة الشيخوخة، ومالكات أبا العلاء ويقول حسين عن ملكاته وشيخوخته: «أن أبا العلاء كان فطنًا ذكيًّا، فليس ما قدمنا من أول هذه المقالة إلا برهانًا على ذلك. ولقد اشتهر الرجل بين أصدقائه وأعدائه بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ، حتى رووا في ذلك الأعاجيب التي لا شك في أنَّ المبالغة فيها قد عملت عملًا كثيرًا، فزعموا أنه حفظ مناجاةً فارسيةً سمع لفظها ولم يفهم معناها، وزعموا أنه حفظ حسابًا طويلًا كان بين تاجرين»، وغيرها من الروايات التي أثبت قدره أبا العلاء الفائقة على التذكر والحفظ، ويؤكد "حسين" على أنَّ الرجل كان نادر الذاكرة، يحفظ ما يسمع، وكانت لأبي العلاء ملكة الشعر، والكتابة، وتكلف البديع، أما عن فترة شيخوخته فيقول :«هرم أبوالعلاء، وأصابته الشيخوخة ولكنا لا نعرف أنها أضعفت ملكةً من ملكاته العقلية والخلقية، وإنما قضى الرجل حياته ثابت النفس، راجح الحِلم، مُصِيب الفِكْر، قوي العقل، صادق الذوق، معتدل المزاج إلى أنْ أصابه المرض الذي مات فيه.
وفي المقالة الثالثة تحدث حسين عن «أدب أبي العلاء» وأشعاره التي نشرت في ثلاثة دواوين شعرية وهي سقط الزند، والمشهور أنه يشتمل على شعره أيام الشباب، والثاني" الدرعيات" وهو ديوانٌ صغيرٌ، يشتمل على أشعارٍ وُصِفت فيها الدرع خاصةً، وقد طُبِع بمصر ملحقًا بسقط الزند، والثالث هو "اللزوميات" وهي أكبر الدواوين الثلاثة، وأجلُّها خطرًا، نُظِمت كلها في الطور الثالث، فمثلت حياة عقله ووجدانه وخلقه أحسن تمثيل. 
أما المقالة الرابعة فتناول فيها «علم أبي العلاء»، وخصص حسين المقالة الخامسة عن «فلسفة أبي العلاء» 
والحق يقال أن هذا الكتاب ليس فقط مجرد كتاب عن سيرة وفكر أبي العلاء أو فلسفته أنما هو منهج علمي لكيف يتم البحث أو الحديث حول الشخصيات التاريخية بما يقدمه طه حسين من منهج علمي للباحثين في تاريخ الأدب أو الأدباء أو من يقومون بكتابة السير فلم يترك حسين صغيره أو كبيرة إلا وتطرق إليها ابتداءً من النشأة والبيئة.

 


عودة مرة أخرى لأبى العلاء فى سجنه

أتهمه بالإسراف على نفسه وعلى الحياة، وأصِمُه بالكبرياء والغلوِّ فيها

تحرى الأمانة في النقل عنه وقال: عرَّفت أباالعلاء إلى خاصَّة الناس وأحب أن أعرِّفه إلى عامَّتهم بالترْجمة الصحيحة عنه

أَرَانِي في الثَّلاثَةِ من سُجُونِي..  فلا تَسْأَلْ عَنِ الْخَبَرِ النَّبِيثِ
لِفَقْدِي ناظِرِي ولُزُومِ بَيْتِي وكَوْنِ النَّفْسِ في الجِسْمِ الخَبِيثِ
بعد أن تناول طه حسين حياة أبي العلاء بالدراسة والبحث في أعماله الأدبية والفكرية والفلسفية وبالمرور إلى العصر الذي عاش فيه بالبحث الدقيق والدراسة العلمية الرصينة التي بنيت على منهجية علمية تدعوا إلى اعمال العقل وعدم الأخذ بالمسلمات عادة مرة أخرى طه حسين إلى استعداء أبي العلاء المعري وذلك كتابه "مع أبي العلاء في سجنه" والذي صدر في عام 1935، ويُعدُّ هذا الكتاب تعمقًا في سيرة أبي العلاء الشخصية أو تحليلًا لأفكاره الفلسفية، بقدْر ما هو مشارَكَة نقدية ووجدانية من إنسان تَشَابَهَتْ خصائصه العقلية وظروف حياته مع إنسان من عصر آخر؛ فكلٌّ منهما تائه في بحور الشك، متأمل في عالم الطبيعة، مُشَيِّد بشخصيته الفريدة عالَمًا جديدًا، هو وَحْدَه مَنْ يُدْرِك تفاصيله.
وجاء الكتاب في عشرة فصول يجيب فيها طه حسين عن سر تعلقه بأبي العلاء والتشابه الذي جمع بين شخصين كل منهما عاش في زمن مختلف عن الآخر، وكان طه حسين بين الحين والآخر يقيم حوارً متخيل مع أبي العلاء على الرغم من أن كلُ منهما نشأ في زمن غير الزمن، فكان يستدعيه ليقينه التام بأنهما وجهان لعمله واحده ، وكان حسين يناجي وجدانه في حواره المتخيل قائلاً :" كنت أنا أُدير في نفسي حوارًا بيني وبين أبي العلاء، موضوعه: الرضا عن الحياة، والسخط عليها، والابتسام لها، والضيق بها، وكنت أحدِّث أبا العلاء بأن تشاؤمه لا مصدر له في حقيقة الأمر إلا العَجْز عن ذوق الحياة، والقصور عن الشعور بما يمكن أن يكون فيها من جمال وبهجة، ومن نعيم ولذَّة. وكان أبو العلاء يقول لي: فإِنك ترضى عمَّا لا تَعْرِف، وتُعْجَب بما لا ترى. وكنتُ أقول له: إنْ لم أَعْرِف كلَّ شيء فقد عَرَفْتُ بعض الأشياء، وإن لم أرَ الطبيعة فقد أحسسْتُها. وكان أبو العلاء يقول لي: تبيَّنْ إن استطعت حقيقة ما تعرف، فسترى معرفَتَكَ مُشَوَّهَة، ولائِمْ إن استطعْتَ بين ما تُحِسُّ من الطبيعة، وما يرى الناس منها، فلن تجد إلى هذه الملائمة سبيلًا، واذكر ما أَمْلَيْتَهُ على صاحبك منذ سبعة أعوام في ذلك الدفتر الصغير الذي أهملْتَهُ إهمالًا، وأبَيْتَ أن تُسرَّ إليه بذات نفْسك. اذكر ما أَمْلَيْتَهُ على صاحبك من أنك تَعْلَم حق العلم أن لو ظَهَرَ المبصرون على ما تُحَصِّل نفسُك من حقائق الأشياء ومظاهر الطبيعة لضحك منك الضاحكون، وأشفَقَ عليك المشفقون، فما ابتهاجك بصُور لا تُصَوِّر شيئًا، وما رضاك عن خيالات ليس بينها وبين مظاهر الأشياء - فضلًا عن حقائقها - سببٌ قريب أو بعيد؟ وكنت أسأل أبا العلاء: أيهما خير: أن تلمَّ بنا أسباب النعمة قويةً أو ضعيفة، صحيحة أو كاذبة، فنتَشَبَّث بها، ونشدَّ بها أيدينا وأنفسنا، ونأخذ ما تَحْمِل إلينا من ألوان الراحة وضروب الأُنْس، أم أن تَعْرِض لنا فَنُعْرِض عنها، وتُقْبِل علينا فَنَمْتَنِع عليها، ولا نُحَصِّل من الحياة إلا ما حصَّلتَ من خيبة الأمل، وكذب الرجاء، وظلمة اليأس، وحرقة القنوط؟ وكان أبو العلاء يُجيبني ببيته المشهور: "ولم أُعْرِضْ عَنِ اللَّذَاتِ إلَّا لأَنَّ خِيَارَهَا عَنِّي خَنَسْنَه "
حسين يتهم أبي العلاء بالإسراف 
ويتابع طه حسين :"وكنتُ أتهمه بالإسراف على نفسه وعلى الحياة، وأصِمُه بالكبرياء والغلوِّ فيها، وأدعوه إلى شيء من التواضع والاعتدال في الرأي والسيرة جميعًا. وأزعم له أنه يصوِّر لنفسه أمر الحياة على غير وجهه، ويظنُّ بلذات الحياة أكثر وأكبر مما ينبغي أن يُظَنَّ بها، وأنَّ المبصرين الذين يَرَوْن ما لا نرى، ويشهدون ما لا نشهد، ويستمتعون من جمال الدنيا بما لا نستمتع به، إنما يأخذون من أسباب هذا كُلِّه بأوهَنِها وأضْعَفِها، فحقائق الأشياء وجمال الطبيعة أبعد منالًا مما يظن المبصرون وغير المبصرين. وما ينبغي للرجل الزاهد أن يستشعر الحسد، وأن يَضِيق بما يجد الناس من نعمة، وأن يسخط على الحياة؛ لأنه لا يَبلغ أعماقها، ولا يَصل إلى حقائقها، وأن يسخط على الأحياء؛ لأنه لا يشاركهم في كل ما يستمتعون به، وإنما يشاركهم في قليل منه، ويستأثرون من دونه بالكثير.
هذا الحديث عن الحياة ونعيمها والإسراف فيها وما يشعر به غير المبصرين من فقد لمتع الحياة، وجد حسين في أبي العلاء خير رفيق للوحدة والوحشة والظلمة فيتابع معه حواره المتخيل، وكانه يوجه الحديث إلى نفسه فيقول :"وكنت أسمع هذه الأحاديث كلها فأشتدُّ على أبي العلاء في اللوم، وأُعَنِّف عليه في العذل، وأقول له: إن أيسر هذا خليقٌ أن يرضيَكَ مَهْمَا يَبْلُغك مشوهًا ممسوخًا، وإنَّ شيئًا خيرٌ من لا شيء، وإنَّ من الإثم أن تُسمِّيَ الدنيا «أمَّ دَفْرٍ»، وهي التي تُهدي إليك هذا العبير، وأن تصفها بالقسوة والغلظة وهي التي تمنحك هذه الرحمة وهذا اللين".
ويشتدُّ عليَّ هذا الحوار بيني وبين أبي العلاء حتى أَبْرَمَ به وأفرَّ منه، وأَطْلب إلى مَنْ حولي أن يدْعوني إليهم، وأن يستنقذوني من هذه الحياة التي كنت أحياها في القرن الرابع للهجرة أو العاشر للمسيح!
وإذا أنا بعد ساعات كأبي العلاء رهين سجون ثلاثة لا سجنين، أليس أبو العلاء يقول: أَرَانِي في الثَّلاثَةِ من سُجُونِي فلا تَسْأَلْ عَنِ الْخَبَرِ النَّبِيثِ/ لِفَقْدِي ناظِرِي ولُزُومِ بَيْتِي وكَوْنِ النَّفْسِ في الجِسْمِ الخَبِيثِ، وإذا تلك المعاني التي عَرَضْتُها عليك في أول هذا الحديث تَخْطِر لي، وتلحُّ عليَّ، وتخادعني، وتضطرني آخِرَ الأمر إلى ما أخذْتُ فيه من إِملاء.
ففي هذا الاستدعاء لأبي العلاء وكان “حسين” أغلق على نفسه ليعيش في القرون الأولى ويقترن بصاحبه أبي العلاء ويسأله ويجب عليه من بين دفاتره القديمة ويؤنس وحدته وعزلته .

طه حسين وصوت أبي العلاء
في هذا الكتاب "صوت أبي العلاء" يعود طه حسين لاستدعاء صوت أبي العلاء المعري في عام 1944 كأنه يعيد الحديث مرة أخرى مع صاحبة ورفيق دربه من العصر القديم لتتعانق موسيقى صوتين فريدين في الأدب العربي طه حسين ورفيق أسفاره أبي العلاء. 

العزف على أوتار الحقيقة 
ليتشارك الصوتان في العزف على أوتار الحقِّ والحقيقة والفلسفة، لكن الأداة هذه المرة نثرية؛ حيث ينثر العميد ما نظمه المعري، وتلتقي الهامتان على ما بينهما من بُعدٍ زمنيٍّ في بوتقةٍ إبداعيةٍ خلابة، يعظُم فيها الخيال، وتنطبع فيها صورة غير اعتيادية للذات والوعي الإنساني.
فيعيد طه حسين طرح قراءة مفسرة ومبسطة لديوان أبي العلاء "اللزوميات" ليقدم رؤية مغايرة لما عرف عنها بأنها نظرة تشاؤمية وإنما يرى فيها ما لا نراه نحن وهي إعادة الوقوف مع الذات وإعادة تهذيبها، ولعل صوت أبي العلاء في تلك الفترة الزمنية كان واجب الاستدعاء لما كان يمر به العالم من حروب ذلك وأن الحرب العالمية الثانية قد باتت واضحة وأن خريطة العالم ستتغير مرة أخرى ولابد وأنه سيصاحبها الكثير من الضحايا . 
ويقول حسين في مقدمه كتابه :"العالم العربي كله يذكر أبا العلاء في هذه الأيام ذكرى محبٍّ له، معجب به. والعالم الغربي يشارك في هذا الذِّكر الذي يملؤه الحب والإعجاب. وقد كان أبو العلاء سيِّئ الظن بنفسه، سيِّئ الظن برأيه؛ وهذه آية التواضع ومعرفة الإنسان قَدْرَ نفسه. وكان أبو العلاء سيِّئ الظن بالناس محبًّا لهم مع ذلك رفيقًا بهم، ينصحهم ما وجد إلى نصحهم سبيلًا، يلين لهم حينًا ويعنف بهم أحيانًا؛ وهذه آية الفِطنة وذكاء القلب والتعمق لحقائق الأشياء. وكان أبو العلاء سيِّئ الظن بالتاريخ، وبما يسميه الناس خلودًا في التاريخ، وكان أبغض شيء إليه أن يُقْدم الإنسان على الخير ليُذْكَرَ في حياته أو بعد موته بأنه خيِّر، أو يحجم الإنسان عن الشر ليذكر في حياته أو بعد موته بأنه تقيٌّ نقيٌّ؛ إنما كان أبو العلاء يحب أن يُقْدَمَ على الخير لأنه الخير، وأن يُحْجَمَ عن الشرِّ لأنه الشر. لم يكن يكره شيئًا كما كان يكره انتظار الجزاء. كان عفيف النفس والخلق والرأي والعقل جميعًا. ومن أجل هذا لم يكن حلو الأثر في نفوس الذين يعرفونه ولا يألفونه، ولم يكن عَذْبَ الصوت في آذان الذين يسمعون له دون أن يُطيلوا الاستماع إليه، ولم يكن محبَّب النفس إلى الذين يتَّصلون به، فيرون منه هذه الخشونة التي تأتي من صراحة الخُلق، وهذه الغلظة التي تأتي من إِيثاره للحق".
فإذا ذكره العالم العربيُّ الآن محبًّا له مُعْجَبًا به، بعد أن مضى على ميلاده عشرة قرون، فإنما يردُّ هذا العالم إليه أيسر حقه وأهونه، وإنما يُرَدُّ إلى أبي العلاء حقه كاملًا يوم يحبه الناس ويُعْجَبون به حبًّا وإعجابًا لا يقومان على الغرور والافتخار بالماضي القديم والاعتزاز بالتُّراث المجيد، فلم يكن أبو العلاء يحفل بشيء من هذا، وإنما يقومان على قراءة آثاره وفهمها ونقدها. 
ويتابع :"فقد عرَّفت أبا العلاء إلى خاصَّة الناس، وأحب أن أعرِّفه إلى عامَّتهم، وأن أعرِّفه إلى عامتهم بالترْجمة الصحيحة عنه، والتفسير الدقيق لشعره، فلو قد نشرت اللزوميات في عامة المثقفين لما فهمها أكثرهم؛ لأن أبا العلاء لم ينشئ اللزوميات لعامَّة المثقَّفين، بل لست أدري! لعله أن يكون قد أنشأها لنفسه، وللذين يرقَوْن إلى طبقته من أصحاب العلم الكثير والبصيرة النافذة. فما الذي يمنع أن أُيَسِّر اللزوميات للذين لا يستطيعون أن يقرءوا شعرها العنيف الذي لا يخلو من غرابة، والذي تَزْوَرُّ عنه أذواق المتعمقين للأدب العربي، فضلًا عن الذين لم يأخذوا من هذا الأدب إلا بأطراف يسيرة؟

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إصدار استطاع استعمار الشخصيات تناول الطعام ذكري أبي عام 1945 عالم الطب والعقل کان أبو العلاء أبو العلاء ی هذا الکتاب طه حسین فی والذی صدر على نفسه مرة أخرى الذین ی وإنما ی أن یکون فی هذا ئ الظن التی ت لم یکن فی عام من هذا نشأ فی ما کان

إقرأ أيضاً:

رحل العميد ود الريح..أيقونة النضال داخل بيوت الأشباح

غادر دنيانا العميد "م" محمد أحمد الريح مخلفاً وراءه سيرة نضالية ساطعة في مقاومة ديكتاتورية الإسلاميين. فحين سمعت بخبر وفاته انتابني حزن عميق لم يبدده إلا أهمية اللوذ إلى خصلة الصبر على المكاره في مثل هذا المواقف..فقد كنت معه قبل ثلاثة أسابيع برفقة الأستاذ طارق الكرف، وصديقه الوفي العميد "م" هاشم الخير الذي جاء من ولاية أيوا البعيدة خصيصاً ليطمئن على قائده في وفاء نادر يعز في هذا الزمان. زرناه في منزله، ووجدناه راقداً في سريره بعد يوم طويل قضاه في المستشفى. قبل هاشم الخير يده، وشجعه على الصمود، وضغطت على يديه، وقلت له إنك ستهزم آلام الكلى، وانتشار السرطان، كما هزمت بنضالك الذين عذبوك، وأرادوا فت عضد رجولتك. في سريره الأبيض كان صابراً، وذهنه حاضراً، وهو راقد لا حراك له بسبب الألم. فودعناه، وهو رابط الجأش، ودعواتنا له بالشفاء لم تفارقنا بعد أن قبل جبينه هشام الخير هذه المرة. صحونا يوم أمس لنجد الخبر الممض للنفس على أنه قضاء الله، ولا راد له. فود الريح رحل فجأة ليرتاح من عذاباته مع المرض، ومن آلام بيوت الأشباح ليفدي زملائه بالتصريح بكل ما عانه من عذابات في هذه المعتقلات السيئة السمعة. فماذا واجه ود الريح في بيوت الأشباح وفق شهادته؟. اعتقل نظام الحركة الإسلامية ود الريح في العشرين من أغسطس عام 1991 بحجة معارضته للانقلاب. بدأوا - منذ دخوله المعتقل - بضربه بالسياط بلا هوادة، وحُرم من شرب الماء، والأكل لمدة ثلاثة أيام. لم يكتفوا بذلك فقد أحال الهالك عاصم كباشي وضعه في بيت الأشباح إلى جحيم. فاستخدم كباشي كل أنواع التعذيب المعنوي والجسدي، بدايةً من شتمه والإساءة إليه، ثم الضغط على خصيته بزردية في وجود نافع علي نافع، وصلاح قوش، إلى وضعه في غرف مليئة بالقاذورات حتى ليكاد أن يغرق فيها، إلى تقييده ونزع ملابسه، وعصب عينيه، وليس نهايةً بحرمانه من النوم لأيام وسط صخب حاد مصنوع. وحاول قرش، ونافع، أخذ شهاداته عن أشياء تصوروها ضده. ولكن مع كل رفض للإدلاء بأقواله أمامهما كان التعذيب يتواصل بإدخال الزردية في دبره، وسحبها. وهذا قليل من كثير حكاه الرجل الصنديد فضلاً عن حكاياته عن تعذيب جرى أمام عينيه لزملاء المعتقل. -٢- كانت أيام بيوت الأشباح تلك واحدة من أبشع الممارسات التي وجدت المباركة من أصغر ضابط أمن إلى أعلى رتبة في الجهاز. وكان يقنن لهذا التعذيب الاسلاموي - وفقاً لشهادة الأستاذ محبوب عبد السلام - عتاة فقهاء الحركة الإسلامية من لدن أحمد علي الإمام، وآخرين يعاونوه بالفتوى التي تبيح مثل هذه العذابات بحق المعارضين عسكريين، أو مدنيين. وقد كانت قيادة الحركة الإسلامية على علم بكل صغيرة وكبيرة تجري في هذه البيوت التي اُغتصب فيها الرجال بمعرفة نافع، وصلاح قوش، والهادي عبدالله "نكاشة"، وحسن ضحوي "كيس". وقد كان النظام ينكر وجود بيوت الأشباح فيما يدافع عبد الوهاب الأفندي في لندن عن قمع النظام، ويرى أن كل ما تثيره المعارضة مجرد كذب يهدف إلى إشانة سمعة الإسلاميين في الحكم. ولكن الحقيقة أن تعذيب ود الريح، وزملائه الضباط والمدنيين أمثال العقيد مصطفى التاي، ود. محمد القاضي، ود. فاروق محمد إبراهيم، والأستاذ عدلان أحمد عبد العزيز، وآخرين، كان حينذاك يتم في الغرف المظلمة عند القارس. وقد وقفنا على شهادات هؤلاء الضباط عبر توثيقات عدلان نفسه، وبرنامج الأستاذ عبد الرحمن فؤاد في تلفزيون السودان في فترة حمدوك، الذي وثق للتاريخ ما أنجزته الحركة الإسلامية من فقه التعذيب المعنوي والجسدي لمعارضيها المشتبه فيهم فقط الجهر بمعارضة سياستها الاستبدادية لا غير. فقد قفز الإسلاميون بطرق تعذيب معارضيهم إلى سقف لم يصله نظام مايو الذي عُرف أيضاً بتعذيب المعارضين للوصول إلى شهادات صادقة أم كاذبة تحت وطأة التعذيب. ود الريح، ومن ماتوا في بيوت الأشباح، واختفوا من الحياة أمثال الشاعر أبو ذر الغفاري، وأولئك الذين فقدوا عقولهم أثناء التعذيب، وأولئك الذين انتحروا بسبب اغتصابهم، لم يكن كل هؤلاء سوى شرفاء سودانيين بخبرات علمية، وسياسية، وأكاديمية، ونقابية. فهم مثل ود الريح الذي لم تشفع له خدمته الطويلة، والمشرفة في القوات المسلحة، والتي التحق بها في عام 1961 حتى وصل إلى رتبة رئيس الأركان للقوات المحمولة جواً. -٣- لم تلن لود الريح المعروف بشجاعته، وقوة شخصيته قناة، حين كان يقاوم جلاديه آنذاك. بل كان يهددهم أنهم سيلاقون مصيرا أسوأ في حياتهم، وأنه سيقف يوما شاكياً أمام رب لا يُظلم عنده أحد. إن مثل ود الريح قليل من ضباطنا العظماء كما نسميهم. فهو بجانب شجاعته الفائقة عُرف بقوة الشكيمة، ومجاهر بقول الحق، وظل صنديداً في مقاومة الظلم داخل المعتقل، وكذا بعد خروجه. باختصار كان الراحل ابن السودان البار الذي قاوم جلاديه الكيزان، وشارك في كل محفل ليكشف ممارسات نظامهم القبيح. وقد استخدم ود الريح قلمه في فضح الضباط الانتهازيين الذين خانوا قسمهم، وأصبحوا أدوات طيعة للأوليغارشية الاسلاموية التي استولت على الجيش فأنهت كفاءته، والنتيجة ماثلة في حربنا الراهنة. لقد خرج ود الريح من السودان، وانضم إلى المقاومة في الخارج، وشارك في النضال ضد الزمرة الإخوانية الحاكمة، وثبت في مواقفه النضالية طوال سنوات الإنقاذ، ووظف في مهجره القلم لكشف مخازي الطغمة الاسلاموية الحاكمة، ولم يفتر في منازلة كل الأصوات المنادية بمصالحة الكيزان، والدعوة لإسقاط نظام الحركة الإسلامية. كان العميد ود الريح برغم الآثار الصحية الناتجة من مرحلة تعذيبه مهموماً بوطنه، ولم يتخلف من المشاركة في كل المناشط السياسية والثقافية والاجتماعية في مهجره. وقد وظف حياته ليكون صوتاً معبراً ضد أي ظلم حاق بالسودانيين، والمناداة بمحاسبة مجرمي الحركة الإسلامية. وبرغم تكاثف الأمراض عليه، وتقدمه في السن، ظل في مقدمة الحاضرين في أي نشاط أثناء حراك ثورة ديسمبر حتى تكللت بالنجاح. فلتكن سيرة العميد محمد أحمد الريح سانحة لاستذكار استبداد الحركة الإسلامية، وإدخالها فقه التعذيب السياسي وتطبيقه ضد معارضيها في الحقل السياسي السوداني. ولتكن هذه السيرة العطرة أيضاً فرصة لاستعادة روح المقاومة التي واجه بها الديموقراطيون السودانيون جلاوزة نظام الترابي - البشير. وفوق كل هذا فلنجعل من سيرة ود الريح تذكاراً أمام كل الذين يدافعون عن تاريخ الحركة الإسلامية الكالح في البلاد. فلتغشه رحمة الله، وليسكنه فسيح الجنات، والعزاء لشعبنا، وإلى الجحيم كل جلادي بيوت الأشباح.

suanajok@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • أغاني مسلسل فهد البطل.. 4 مطربين دفعة واحدة لـ«التتر والرباعيات»
  • الإنتقالي يختطف العميد أمجد خالد ويقتاده إلى جهة مجهولة 
  • وجهان للحقيقة
  • رحل العميد ود الريح .. أيقونة النضال داخل بيوت الأشباح
  • إسرائيل تواصل تعطيل دخول المساعدات إلى غزة.. و«الأغذية العالمي»: الأوضاع تتفاقم
  • رحل العميد ود الريح..أيقونة النضال داخل بيوت الأشباح
  • تكليف العميد أنور يوسف مكي مديرا للأحوال المدنية والإقامة والجوازات في البصرة
  • أبرزهم عمرو موسى.. توافد الشخصيات العامة على حفل تدشين حزب الوعي
  • مجدي الجلاد: استقلالية الصحفي ضرورية لممارسة المهنة بحيادية
  • بهدف رفع «الكفاءة القتالية».. تخريج دفعة من دورة «حماية الشخصيات»