دلائل قاطعة على التدخل الصهيوني في استهداف الجغرافيا السورية
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
لم يكن عبثيًا مطلقًا؛ لا من حيث التوقيت ولا الأهداف ولا القوى الفاعلة، أن تشهد جبهة الشمال الغربي من الجغرافية السورية ولا سيما المنطقة الخاضعة لاتفاقية أستانا والمتمثلة بتلك المشمولة ضمن منطقة “خفض التصعيد الرابعة”، بتوقيت سياسي يحمل الكثير من الدلالات والأهداف المتداخلة لمجموعة من القوى الفاعلة والمؤثرة سلبيًا في مسار الحرب على سورية.
هذا ولا سيما في ظل عدم تحقيق أي من أهداف هذه الدول، خلال الأعوام السابقة، من تحقيق إنجاز عسكري وسياسي يعزز من احتمالية تنفيذ مشاريعهم، سواء على مستوى المنظومة الإقليمية عمومًا، أم داخل سورية التي كان يراد لها سقوط نظامها المقاوم واستبداله بآخر حليف للغرب وللكيان الصهيوني. فقد اضطلع هذا الكيان بدور واضح وجلي بما شهده شمال غرب سورية منذ فجر الـ27 من الشهر الماضي، إلى جانب قوى إقليمية، وفي مقدمتها تركيا الباحثة عن تكريس مشاريعها المتعددة، مستغلة مرحلة تسلم وتسليم السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية “مرحلة البطة العرجاء”، لتكريس واقع ميداني جديد من شأنه دعم مشروعها القديم الجديد في إقامة ما يسمى “المنطقة.
وذلك أن الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب يفضل العلاقة مع تركيا على العلاقة مع ما يسمى قوات سورية الديمقراطية “قسد”، وخاصة أن هذا المشروع الذي أعاد الرئيس التركي رجب أردوغان طرحه من جديد بعد فوز ترامب جاء بعد رفض سوري لإعادة العلاقات مع النظام التركي في ظل عدم إقدام الأخير على اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز الثقة وترجمة الرغبة لخطوات جادة مع سورية في مقدمتها سحب قواتها من سورية ووقف دعم التنظيمات الإرهابية وغيرها من الخطوات.
بالعودة للدور الصهيوني وحكومة العدو العنصرية في المشاركة ودعم التنظيمات الإرهابية في العدوان الذي تشهده سورية، ولا سيما مدينة حلب وحماة، سنورد العديد من الأدلة الواقعية على هذا الانخراط إلى جانب عدد من الدول ضمن غرفة العمليات مهمتها إدارة العدوان على سورية، وأهم هذه الأدلة تتمثل في:
أولًا- ليس من المصادفة، من حيث التوقيت السياسي، أن تنطلق شرارة العدوان الذي شنته التنظيمات الإرهابية على حلب وريفها مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ. وهو ما ذكره صراحة وعلنيًا سكوت ريتر ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق وأحد مفتشي أسلحة الدمار الشامل في العراق، عندما كتب في صحيفة “واشنطن بوست” أن: “الهجوم على حلب هو نتيجة لخطة استراتيجية بين “الإسرائيليين” والأتراك ودول أخرى، في مقدمتها أوكرانيا وفرنسا، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف قطع طرق الإمداد إلى المقاومة اللبنانية “حزب الله”.
ثانيًا- تصريح رئيس الحكومة الصهيوني بنيامين نتنياهو، بعد اجتماعه مع المجلس الوزاري المصغر وفي أثناء إعلان موافقة الكيان على وقف إطلاق النار في لبنان، عندما وجه تهديدًا لسورية وللرئيس بشار الأسد عندما اتهمه بـ”إنه يلعب بالنار”. وذلك بعد خمسة تهديدات وتلويحات بتدخل عسكري من مسؤولين صهاينة حاليين وسابقين، كان آخرها ما لوح به وزير الخارجة جدعون ساعر من تغيير النظام السوري في حال استمراره بدعم المقاومة اللبنانية وعدم شروع الرئيس الأسد بإغلاق الحدود أمام نقل السلاح لحزب الله”.
ثالثًا- نشر المتحدث الرسمي باللغة العربية لما يسمى جيش الكيان منشورًا على صفحته الشخصية بعد ساعات من بدء العدوان الإرهابي لهذه التنظيمات؛ قال فيها: “أحسنتم يا مجاهدي الحرية، أنتم يا أحرار الشام والجيش الحر أصدقاؤنا في محاربة التمدد الإيراني …، سنكون يدًا واحدة ضد النظام الدكتاتوري في سورية وتحالفه… نحن معكم وسندعمكم بكل ما أوتينا من قوة”.
رابعًا- التسريبات الأمنية التي كشفت عنها “القناة 12 العبرية”، بعد بدء هذا العدوان، عن وجود احتمالات كبيرة لتدخل “الجيش الإسرائيلي” بسورية، في ظل استغلال الأوضاع الراهنة، وتشكيل ما عرف بوحدة التدخل السريع “البري” داخل جيش هذا الكيان تتمركز في الجولان المحتل بقرار من الحكومة الصهيونية الماضي 4 كانون الأول 2024م، تكون مهمتها التدخل في سورية فقط خلال دقائق عندما يتطلب منها ذلك، يوم الثلاثاء، برئاسة العميد يائير بلاي.
خامسًا- التصريحات المتعددة لمن يُعرف بالمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، وأحد مستشاري الحكومة الصهيونية السابق مرخاي كيدار، على وسائل إعلام عبرية متنوعة، مفادها أن من أسماهم بالمعارضة السورية نقلوا إلى “تل أبيب” نيتهم بفتح سفارة “إسرائيلية” في دمشق وبيروت، بعد إسقاط النظام، مضيفًا أن قادة هذه الفصائل طالبت الكيان بقائمة مفصلة بالعدة العسكرية مبديًا استعدادهم للتوصل لاتفاق سلام مع الكيان، وهذه المعلومات وفقًا لكيدار حصل عليها من خلال اتصاله المستمر مع قادة هذه التنظيمات التي لا ترى في الكيان عدوًا لها.
سادسًا- التهديدات “الإسرائيلية” باستهداف إحدى الطائرات الإيرانية في حال هبوطها في دمشق، ونقل الولايات المتحدة الأمريكية رسالة تحذيرية للعراق مفادها أي مشاركة عراقية للقوات الحكومية أو المقاومة إلى جانب سورية قد تقابل باعتداءات أمريكية- “إسرائيلية” المشتركة.
هذه المؤشرات وغيرها الكثير، بما في ذلك الاعتداءات المتكررة على معامل الدفاع في حلب ونقاط تجمعة للجيش السوري على حدود الجبهات هناك واستنزاف المقدرات السورية الجوي والدفاعية، على مدى السنين السابقة، وخاصة خلال العام الحالي، والتي تجاوزت أكثر من 160 اعتداء واغتيال شخصيات قيادية ومؤثرة من المستشارين الإيرانيين وحزب الله، كانت مهمتهم دعم الجيش السوري في محاربة الإرهاب الذي بات اليوم ضمن محددات السياسية للعديد من الدول، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية أداة لتحقيق مصالحهم..
يبقى السؤال، هل تقدم واشنطن على نشر الفوضى من خلال إطلاق عناصر “داعش” من سجون “قسد”، فيسقط اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وتذهب المنطقة للمواجهة الشاملة كما يريد من يحكم الكيان المغتصب….؟
كل الاحتمالات واردة، وخاصة إن ما حصل ويحصل في سورية هو جزء من الصراع الذي تشهده المنطقة، والذي أعلنه نتنياهو صراحة في 27 أيلول الماضي داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما رفع خارطة دول النقمة متوعدًا إياها بمواجهة حتمية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
10 ديسمبر خلال 9 أعوام.. أكثر من 20 شهيدًا وجريحاً وتدمير للمنازل والممتلكات والبنى التحتية والأسواق بغارات العدوان على اليمن
يمانيون../
تعمد العدوانُ السعوديّ الأمريكي، في مثلِ هذا اليوم 9 ديسمبر خلالَ الأعوام: 2015م، و2016م، و2017م، و2018م، و2021م، ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بغاراتِه الوحشيةِ على المنازل والأسواق والمدارس والبنى التحتية، والمزارع والسيارات، بمحافظات صنعاء وصعدة والحديدة.
ما أسفر عن 9 شهداء وعشرات الجرحى، جلهم أطفال، ونساء، ودمار وخسائر وأضرار واسعة في الممتلكات، وحرمان عشرات الأسر من مآويها، وحقها في الحصول على شربة ماء نقية وخدمات الاتصالات، وترويع الأهالي، وموجة نزوح وتشرد، وحرمان مئات الطلاب من حقهم في التعليم، ومضاعفة المعاناة، وتفاقم الأوضاع المعيشية، ومشاهد ومآس يندى لها جبين الإنسانية في اليمن.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
9 ديسمبر 2015..14 شهيداً وجريحاً من أسرة واحدة في العدوان على منزل آل هرمس ومدرسة بصعدة:
في التاسع من ديسمبر 2015م، أضاف العدوان السعوديّ الأمريكي، جريمة حرب وإبادة جماعية إلى سجل جرائمه بحق الشعب اليمني، مستهدفاً من منزل أسرة آل هرمس بمنطقة طلان، ومدرسة الشوكاني بمنطقة ولد عمر بمنطقة مران مديرية حيدان محافظة صعدة.
ما أسفر عن 6 شهداء و8 جرحى من أسرة هرمس، بينهم أطفال ونساء، وحالة من الحزن واليأس عمّت المنطقة، كما لحقت أضرار جسيمة بمنازل المواطنين المجاورة، مما اضطر العشرات منهم إلى النزوح عن ديارهم.
14 شهيداً وجريحاً من أسرة واحدة
كانت أسرة آل هرمس تعيش في منزل أوت إليه بعد فقدان منازلها في تهامة، وحين نزحت إلى صعدة لم تكن تدري أنها تقترب من الشر أكثر، وحين مكثت لعدد من الأيام، وبدأت تشعر بالقليل من الأمن باغتتها غارات العدوان لتدمر المنزل على رؤوس الأطفال والنساء، وتحوله إلى مقبرة جماعية، وجعلت رحلة النزوح كمن يهرب من الموت إلى حضن الموت.
هنا أشلاء ودماء وجثث ودمار ونار ودخان، وبكاء وصراخ بصوت خافت من تحت الأنقاض، وجموع الأهالي مذعورين ينتشلون الجثامين ويسعفون الجرحى، ويذرفون الدموع، ويخرجون أهاليهم وأطفالهم من المنازل، باحثين عن مكان آمن.
أسعف الجرحى إلى المستشفيات أم وأبنائها على الأسرة بين شهيد وجريح، هنا طفل رضيع فقد أمه وحليبه وغذائه والحنان والعطف في ضربة واحدة، كانت عيونه تنظر يمنة ويسرة وهو يبحث عن وجهها المألوف لكن لا جدوى فيعود ليرضع أصبعه ويصرخ من شدة الجوع الذي يعتصر أمعائه، فيما يحمله أخوه الأكبر منه حزيناً باكياً يعيش لحظات حشر، وقسط مسبق من أهوال القيامة.
والد الأسرة يقول: “ضربوا منازلنا كنا أربعه إخوة، انتقلنا من تهامة هاربين من القصف، وقلنا نطلع جبل طلان وصباح اليوم كنا في منزلنا نازحين أكثر من 40 نفراً، ضربنا مباشرة، منا 8 جرحى و6 شهداء، وهذه المرأة حاملة، وأغلب الشهداء نسوان وأطفال بينهم أخي رب أسرة”.
أصوات الجرحى والجريحات أطفال ونساء في صالة طوارئ المستشفى، تدمي القلوب، وتعمم الحزن، وتعمق الألم، وتهز وجدان العالم أجمع.
استهداف التعليم: مدرسة الشوكاني أنموذج
ولم يسلم التعليم من وحشية العدوان، حيث تعرضت مدرسة الشوكاني للتدمير بشكل كامل، ما حرم المئات من الطلاب من حقهم في التعليم، وأفقد النازحين مصدراً يمكنهم الاحتماء به من غارات العدوان وحرارة الشمس وبرد الشتاء، ألا أن كل شيء في صعدة كان في قائمة الأهداف.
أحد الأطلاب من فوق الدمار يقول: “كان هنا مدرسة ما عاد بقي منها أثر، أين ندرس من اليوم وصاعد، هل حرماننا من التعليم هدف لسلمان ويمكن له احتلال اليمن، والله لندرس تحت الأشجار وفي الكهوف والجبال ونفترش الأرض ما نبالي بأي غارات، أين الأمم المتحدة وحقوق الطفولة والإنسان التي يتحدثون عنها؟”.
هذه الجرائم البشعة زادت من معاناة الشعب اليمني، ولم تثر قلق المجتمع الدولي، وكشفت عن وحشية النظام السعودي وعملائه، وتواطؤ المنظومة الدولية ومتاجرتها بمعاناة الشعوب دون أي تحرك جدي يوقف المعاناة.
إن استهداف المدنيين والأعيان المدنية جريمة حرب، وتعدٍ صارخ على كل القوانين والأعراف الدولية، وتدعو المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف العدوان على اليمن، ومحاسبة مجرمي الحرب.
9 ديسمبر 2016.. شهيدان وعدد من الجرحى بغارات العدوان على سيارة بائعي القات ومزارع المواطنين بصعدة:
وفي التاسع من ديسمبر 2016م، سجل العدوان السعوديّ الأمريكي جريمة جديدة إلى جرائمه بحق الشعب اليمني، مستهدفاً بغاراته الوحشية، سيارة بائعي القات على الطريق العام ومزارع المواطنين في منطقة النظير مديرية رازح، بمحافظة صعدة،
تحولت رحلة عمل عادية إلى مأساة إنسانية وجريمة حرب متعمدة تدمي القلوب، حين باغتت الغارة الجوية سيارة بائعي القات، ما أسفر عن استشهاد اثنين، وجرح آخرين بجروح بالغة، لم يكتفِ العدوان بهذا، بل امتدت نيرانه لتشمل مزارع المواطنين، مما تسبب في خسائر مادية فادحة وحالة من الخوف والفزع بين الأهالي.
الجثث والدماء والجرحى وربط القات وشظايا الغارات وجسد السيارة كلها مبعثرة بين الغبار والتراب والدخان، مشكلة مشهد دامي يدمي القوب، ويفقد الأمل بالحصول على أمن بعد اليوم في اليمن.
هرع الأهالي إلى مكان الغارات ليجدوا أمامهم جثثاً ممزقة ومتفحمة وجرحى يستنجدون ودماء مسفوكة وحقوق مهدورة، في مشهد إجرامي، أثار الرعب في نفوس المارين وإعاقة حركة النقل والتنقل ووصول المواد الغذائية وإسعاف المرضى، وعودة المغتربين والمسافرين، وحد من حركة التنقل، ما ضعاف معاناة الأهالي وضاعف من تفاقم الأوضاع المعيشية.
أسر الشهداء والجرحى حين وصلها خبر الجريمة خيم عليها الحزن والقهر والحرمان، هنا أطفال يبكون والدهم وأم تبكي فلذة كبدها وزوجة تبكي زوجها، وأخ يبكي أخاه وكل يبكي قريبه وصديقه، وتشيع الجثامين، وتلقى نظرات الوداع الأخيرة، والدموع تنهمر والحناجر تملء بغصة البكاء، والرجال يستشيطون غضباً ويتوعدون بالتوجه إلى الجبهات للأخذ بالثأر.
أهالي المتسوقين بدلاً من استقبال الاحتياجات والمصاريف استقبلوا خبراً مريباً، يهدد أقاربهم ويفزع قلوبهم، فهذا استقبل قريبة شهيداً، وذاك استقبل قريبة جريحاً، وآخر يبحث ويتواصل ليطمئن عن أحد أفراد أسرته لم يعد للبيت أو تأخر في العمل.
السيارة التي كانت تقل الأرزاق والأهالي وعطفهم وكدهم ولقمة عيش أسرهم حولتها الغارات إلى أحلام مبعثرة، وآمال متبخرة، فكانت مجرد تابوت وجزء من نعش يقدم الأرواح إلى أهداف أمام طيران حربي لا يرحم.
يقول أحد المسعفين وهو يحف بين الدمار عن أشلاء من شهيد، وينتشل الجرحى إلى سيارته: “سيارة مدنيين أيش ذنبهم نجمعهم أشلاء مقطعة، أين العالم من هذه الوحشية وجرائم الإبادة المتعمدة؟ هل بقي للإنسان كرامة يا عالم، 3 غارات على حمالين القات أكثر من عشرين واحد وسيارة أتت على الطريق المجاورة، هؤلاء عمال يعيلون أسر ما ذنبهم؟”.
هذه الجريمة البشعة زادت من معاناة الشعب اليمني، وكشفت عن وحشية العدو السعوديّ الأمريكي، الذين لا يتورعون عن استهداف المدنيين الأبرياء، وحرمت هذه الجريمة أسر الشهداء من عزيز عليهم، وأثقلت كاهل الجرحى، وزادت من معاناة النازحين.
9 ديسمبر 2017.. شهيد وعدد من الجرحى بغارات العدوان على سوق خلقة بنهم صنعاء:
وفي اليوم ذاته من العام 2017م، ارتكب طيران العدوان السعوديّ الأمريكي، جريمة حرب أخرى، مستهدفاً بغاراته المباشرة، سوق خلقة بمديرية نهم، محافظة صنعاء، ما أسفر عن شهيد وعدد من الجرحى وأضرار في الممتلكات وترويع للأهالي.
قبل الغارات كان من المفترض أن يكون هذا اليوم يوم عمل عادي، لكن العدوان حول سوق الخلقة إلى مسرح لجريمة حرب جديدة، وساحة حرب من طرف غاراته التي أهلكت الأرواح وسفكت الدماء ودمرت الممتلكات، وروعت أهالي المناطق المجاورة، وقيدت حركة التسوق والتنقل والخروج للبحث عن الأرزاق، وخسائر مالية في البضائع.
السوق الذي كان ينبض بالحياة، وحركة المتسوقين، وعملية التفاوض حول القيمة السعرية لهذه السلعة وتلك تحول إلى ساحة حرب من طرف العدوان.
استقبل الأهالي جثمان الشهيد وخيم الحزن على المنطقة، وفقدت أسرة بكاملها معيلها، وتعمق القهر والحزن في نفوس الأطفال والنساء، كما هو حال الجرحى وأسرهم، وتحركت قوافل الرجال صوب الجبهات ومعسكرات التدريب للرد المناسب على العدو.
يصف أحد الناجين: “العدوان يبحث عن التجمعات ليرتكب أبشع المجازر، الأسواق ليست جبهات، كلّ من فيها مدنيين أبرياء، يلاحق المواطنين، لعنة الله على سلمان، هذا الشهيد من خلقة من بيت الجرادي، وأخي كان فوق الموتر جرح جت الغارة وسط الموتر، ونفخه الهواء إلى خارج، إذا كان للعدوان من أن يقصف اليمن فبيننا وبينه الجبهات”.
هذه الجريمة حرمت الشهيد من حقه في الحياة، وغدرت به، وأثقلت كاهل الجرحى، وزادت من معاناة النازحين، وأحاطت الحياة بمخاطر الموت المحدق من كل اتجاه وفي كل لحظة ومكان، في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية المجرمة استهداف المدنيين.
9 ديسمبر 2018.. جرح طفل باستهداف العدوان لمنزل المواطن النهاري في الحديدة:
وفي اليوم ذاته من العام 2018م، استهدف طيران العدوان منزل المواطن أحمد النهاري بمنطقة المغرس مديرية التحيتا محافظة الحديدة، بغارة وحشية، أسفرت عن جرح طفل، في جريمة حرب جديدة بحق الطفولة والإنسانية، يندى لها الجبين.
استهداف الطفولة
في لحظة كان من المفترض أن يكون فيها الطفل يلعب ويمرح مع أقرانه، تحولت حياته إلى جحيم؛ ففي غارة جوية غادرة، استهدفت منزل عائلة النهاري، مما تسبب في إصابة الطفل بجروح خطيرة، لم يكتفِ العدوان بتدمير المنزل، بل سرق من الطفل طفولته البريئة، وحرمه من عيش حياة طبيعية.
بعد القصف يهرع الأهالي إلى المكان الأم والأب يحتضنون جسد طفلهم النازف ودموعهم على خدودهم مسكوبة، وأجسادهم وقلوبهم مرتعشة خشية من فقدان حياته، يسرعون نحو أحد المستشفيات، حاملين الأمل والألم والقهر في حضن دافئ كان محل الحنان والأمل والطموح.
إخوة الطفل الجريح ورفاقه صدموا بمشهده المضرج بالدماء، كما هو حال مدرسته وأقاربه وقريباته الذين وصلهم الخبر ولحقوه إلى المستشفى لزيارته والاطمئنان عليه.
ذهبت الأيام والتأمت الجراح ولكن أثرها محفور على الجسد وفي قلوب كلّ أبناء التحيتا ومعهم قلوب الشعب اليمني وقيادته المستمرين في الصمود ورفد الجبهات للرد على العدوان والأخذ بالقصاص.
يقول والد الطفل: “ابني كل حلمي وأملي وهمي، ما ذنبه يستهدفوه، لم يعد يستطيع الكلام فقد الوعي بين الحياة والموت، هذه الدماء تنزف من عينه وأنفه، الشظايا دخلت إلى رأسه، الطيران ضرب البيت وكان في غرفة لوحده وإخوانه البقية لطف الله كانوا في الغرفة الثانية، عمره 8 سنوات، حسبي الله ونعم الوكيل”.
هذه الجريمة البشعة زادت من معاناة الشعب اليمني، وكشفت عن وحشية النظام السعودي وعملائه، الذين لا يتورعون عن استهداف المدنيين الأبرياء، وخاصة الأطفال، لقد حرمت هذه الجريمة أسرة النهاري من طمأنينة العيش، وأثقلت كاهلهم بعبء المسؤولية عن علاج الطفل المصاب.
9 ديسمبر 2021.. عدد من الجرحى وأضرار في المنازل والممتلكات والبنى التحتية بغارات العدوان على صنعاء:
في استمرار لجرائمه البشعة، ارتكب العدوان السعوديّ الأمريكي جريمتين جديدتين بحق الشعب اليمني في التاسع من ديسمبر عام 2021م، مستهدفاً بغاراته الآثمة مخزناً تابعاً لمؤسسة مياه الريف بمديرية الثورة، وشبكة الاتصالات بمنطقة المحجر بمديرية همدان في العاصمة صنعاء.
استهداف المنازل ومخزن مياه الريف:
في جريمة تضاف إلى سجل جرائم العدوان ضد المدنيين والبنية التحتية، استهدف طيران العدوان منازل وممتلكات المواطنين مخزناً تابعاً لمؤسسة مياه الريف بمديرية الثورة، مما أسفر عن وقوع عدد من الجرحى وأضرار بالغة في المنازل والممتلكات المجاورة، هذا العمل الإجرامي يعكس استهداف العدوان المتعمد للمدنيين والبنية التحتية الحيوية، بهدف تفاقم معاناة الشعب اليمني وحرمانه من أبسط حقوقه في الحياة الكريمة.
يقول أحد المتضررين: “أحنا راقدين في بيوتنا آمنين ضربوا هنجر تبع مؤسسة مياه الريف، ووصلت الشظايا إلى منازلنا وفزعوا أطفالنا والنسوان، وخرج الناس نازحين من البيوت والسيارات تكسرين، ضربة أثرت في حارة الدفعي بشارع مازدا بكامله، ما ذنب أطفالنا والمواطنين خوفونا وأرعبونا، ابنتي جريحة داخل، شردونا في وقت الليل من منازلنا”.
أنابيب نقل مياه الريف حولتها غارات العدوان إلى أكوام دمار ووزعتها وبعثرت بها في كل اتجاه، وفقد أهالي الريف مصدر تمويلهم ودعمهم وإيصال مياه الشرب إلى قراهم، ليستمر العطش وتستمر المعاناة والحرمان.
تقول أم جرح طفلها: “أين حقوق الأنسان والطفولة هل هذا عمل يرضي الله، كنت راقدة أنا وأطفالي وصلت الشظية إلى جوارنا وابني جريح ما قدرت أوفر قيمة العلاج، بيتي مدمر، وبقية عيالي مصابين بالخوف والذعر ويتبولون لا إرادياً في ملابسهم”.
استهداف شبكة الاتصالات:
وفي نفس اليوم، شن طيران العدوان غارات متكررة على شبكة الاتصالات بمنطقة المحجر بمديرية همدان، وذلك في محاولة يائسة لقطع الاتصالات وحرمان المواطنين من التواصل مع العالم الخارجي، يأتي هذا الاستهداف ضمن سلسلة من الهجمات التي تستهدف البنية التحتية للاتصالات في اليمن، بهدف عزل الشعب اليمني ومعاقبته على تمسكه بحقوقه المشروعة.
أدت هذه الجرائم إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في العاصمة صنعاء، ونقص حاد في إمدادات المياه، مما أثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، وخلق حالة من الخوف والرعب في نفوس المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، الذين يعيشون في ظل تهديد دائم من قصف العدوان، ودمار واسع في البنية التحتية، مما أثر سلباً على حياة المواطنين اليومية وأعاق جهود الإغاثة والإنقاذ.
يقول أحد الأهالي: “العدوان قصف شبكة اتصالات تقدم الخدمة لكل المواطنين، وهذا ضرب للمضروب، محطة يمن موبايل قصفوها للمرة الثالثة، نحن نعاني من عدم توفر التغطية منذ شهور وإذا نشتي نتصل نخرج من المنطقة ونبحث عن قمة جبل نتصل من فوقه، بأي حق يستهدفون الخدمات العامة؟”.
إن استهداف المدنيين والبنية التحتية يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، ويعتبر جريمة حرب، تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف العدوان على اليمن، ومحاسبة مرتكبيه، وتقديم الدعم للمتضررين للتغلب على الأزمة الإنسانية الكارثية.