بوابة الفجر:
2025-03-16@01:13:06 GMT

إيمان سمير تكتب: حكايات القوادم.. صهيل الماضى

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

تيار من الهواء البارد لا ينقطع... يتلاطم فى جميع أنحاء هذه الغرفة... يزعج أنفى ووجهى... هذه الغرفة التى أشاركها مع جدتى لأمى ومع أخى حين نأتى لزيارتها فى العطلات الرسمية البعيدة... ونضطر للبقاء يومين أو ثلاثة.

عندما يختفى الليل ولا يتبقَ منه سوى شعيرات من ظلام ذهبت لتفكك تداخلها مع نور الصباح الذى أعلن عن نفسه وعن الأمر ببدء الحركة للعمل الدءوب.

.. تنزعج جدتى لتأخر أحدنا فى نومه العميق فتفتح علينا الباب الذى يحدث صريرًا ًاهائلًا يكفى لإيقاظ العاجزين.

نستيقظ دائمًا على وقع أقدامها وهى ساقطة من أعلى الدرج الداخلى تنظر فى ذهابها وإيابها إلى كل ما يخص جدى.. صورته المعلقة على الحائط... عصاه التى كان يتكئ عليها... مسبحته الكهرمان المعلقة فى حديد سريره المرفوع كثيرًا فوق الأرض... تستشهد دومًا بكلماته، تتلو علينا حكاياته... فهو عندها المبتدأ وإليه منتهاها.

تنادى على أسمائنا جميعًا فى جملة واحدة.. أنا وأخى وأخوالى وزوجاتهم... ثم تجلس على هذه الأريكة وتتحسس بيديها ركبتيها فى وهن ثم تلعن هذا الألم لقدميها العجوزتين.

تبدأ فى فك أوصال شعرها الأبيض وتمشطه حتى تضمه فى ضفيرة متوسطة ثم تغطيه بهذا الغطاء الطويل الذى تطويه حول رأسها لمرات عدة.

تنظر إلىَّ حتى أذهب لأهندم ثيابى وشعرى... كانت نظرتها حادة وجادة دومًا...قد يظن الناظر إليها أنها بائسة أو فى نكبة كبيرة.. لا تلتمس السبيل للتعرف على أناس جدد،ولا يملك أحد الجرأة للتعرف عليها...لا أدعى عشقها كوالدة أبى... ولكنى كنت مولعة بتتبعها ويغمرنى الفضول لمعرفة كل ما تصنعه...متمنية أن يُقتل هامش الدهشة بداخلى... فهى لا تحكى لى الكثير عن قصص الصغار... لا تحكى عن العفاريت واللصوص وقطاع الطرق والإنس والجان.

كنت فى أمس الحاجة إلى جلاء وجهها المطموس خلف الأيام وتقلباتها خلف مجريات أحداث السنين وقسوة الوحدة... إلا أنها لا تحيا فى صمت... حواراتها دائمًا متصلة مع من يسكنون مملكتها الخاصة والتى كانت تصطحبنى معها إليها...

فسطوح البيت به أحياء يتناولون فطورهم قبلنا جميعًا...

تهتم لنقيق دجاجاتها أكثر منا... تبتهج نفسها بتجميع هذه الكتاكيت الصغيرة تحت أشعة الشمس الدافئة وهى تتدفق فى أسراب من خلف هذه الغرفة الخشبية.

كنا نسعد بهذه الصداقة كما نسعد بالغدر بها حين ذبحها...

أراها تزقق الحمام بعشق كأنها تُقَبله...

وهذه الأرانب الرقيقة السريعة التى كانت ترعبنى حين قذف الخضروات إليها...

كان هذا الجانب هو الأسعد لى فى رحلتى معها خصوصا لجمع هذا البيض فى حجر جلبابها ومن ثم فى صندوق كان فى السابق لنوع من الجبن المعتق.

ثم تفكر فى إطعام البشر داخل هذا البيت...

فتظهر زوجة خالى الكبير قادمة فى رداء زاهى الألوان... تحمل صينية عليها أكواب اللبن وبعض الكحكات تكفى لفطورنا جميعًا.

يحضر أخوالى واحدًا تلو الآخر... ثم تفتح الحوارات الشائكة والطلبات التى يلقيها الجميع عليها فى حياء وخوف شديدين.

فزوجة خالى الأوسط ترجو الرجوع لجامعتها وإكمال دراستها.

يطلب خالى طلبه ورأسه منكس للأسفل... فمن الممنوعات عندها الغرق فى بستان الحرية...

المرأة عندها للبيت فقط والخروج للعمل أو الجامعة هو خروج عن المألوف وظاهرة ترجو زوالها سريعًا... برغم عمل أمي!!

حتى الحب فى نظرها اتفاقات بين أهل الطرفين مثلما بين الأشجار والزهور والخمائل يتولد ذاتيًا.

المرح بحدود.. الوقفة... النظرة... الضحكة... حتى العثرة وقت السير، لها نطاق مرسوم ومحدود.

حتى كلامنا ولعبنا كصغار... لا مجال للأسئلة الكثيرة التى تنهمر اعتباطا... حتى القوارب الصغيرة التى تعوم فى الجداول وتذهب مع الرياح فى رحلة مجهولة تتلمس فى الظلماء سبيلًا.

ثم يبدأ خالى الأصغر فى تجديد طلب الزواج من خطيبته... فقد مر عامان على وفاة جدى.

تقف على غفلة فى غضب وتؤجل كل القرارات للمساء... فعلينا العديد من الأعمال أهم من مناقشة أى شيء فى الصباح.

تقترب من صورة جدى وتلامس زجاجها بأناملها لتنظف بعض ذرات التراب الذى ينساب ساقطا ثم تتمتم فى خفر لا يليق بغلظتها ( واحشنى يا ولد عمي) فصورته لها ملاذ وقت الضياع.

فمحاولات النسيان لها لا يرجى منها شفاء... فقد سمعتها مرارًا تقول إن النسيان خرافة كخرافات أقاصيص الصغار.

كنت أسأل نفسى دومًا.. هل هى ضحية الأيام أم هى المذنبة بأفكارها فى حق نفسها؟

ما حيلتها والحياة لا تتوارى عن وسيلة فى الدفاع عن معتقداتها... وليس عندها أقوى من التجارب كاشفًا عن مطاوى النفوس.

تحاول الانغماس فى عمل البيت كى تنسى مطالب أخوالى... ثم أرَ عينيها تغوض فى أقصى الماضى الذى يتبعها كالظل... لا تقوَ على الفرار منه... فلا مناص من مواجهته وجها لوجه... بعين قوية وقلب ثابت...

تأخذنى معها فأستشعر الأمان فى نفسها كمن ذاهب إلى أضرحة الأولياء لتهمس لهم بأعذب الأمنيات فى قلبها.

ندخل من هذا الحوش الكبير الذى فتحت أقفاله بمفتاح خاص... ثم تقوم برى الزروع الجافة حوله وتلقى القليل من الماء على هذه الرمال أمام قبر جدى...

نقف غارقتين فى صمت... ممل لى كطفلة لا تعى جلال الموقف... ولكن أدرك أن هنا يرقد العديد من البشر... جدود وأقارب لى لم ألتقهم أبدا.

أراها تخاطب مرقد جدى بكلمات كالتى تُلقى على الأحياء الذين يسمعون ويستجيبون.

تميل الشمس عن كبد السماء ولاحت خطوط المساء على قبة هذا البيت كأنها خارجة منه إلى السماء.... نعود معا كالعائدتين من طواف مرهق... يغمرنا دفء الأراضى المخضرة والطرق الممتدة.

نجتمع ليلًا تحت هذا القمر لاحتساء مشروبات دافئة تحت تكعيبة العنب وأمامنا خيوط اللبلاب... وعلى ضوء المصباح المشتعل قليلًا... توافق جدتى على كل طلبات أخوالى... مقتربة من خالى الأصغر تبارك زواجه فى محبة وقد طاب له ما سمع...

ثم تمسك بيد أخى وأنا أتسلل لأتلصص عليهم بفضول الأطفال... فأراها تحمل أخى طالبة منه جذب صورة جدى... ويفعل، تحتضنها ثم تدخل غرفتها التى نحتل جزءًا منها... تدق مسمارًا فى علو تستطيع الوصول إليه وتعلق صورة جدى...

تبتسم حين تسمع صهيل جواده المربوط فى الخارج... وتغمض عينيها لتنام كمن تنتظر عودته غدًا.... أو الذهاب إليه.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ذكريات الطفولة صورة الجد الحنين إلى الماضي التراث العائلي العمل داخل المنزل التواصل بين الأجيال المرأة القوية حياة البساطة تربية الاطفال قيمة الأسرة القيم العائلية

إقرأ أيضاً:

كشف فساد إيمان السعداوي.. أحداث الحلقة الـ 14 من مسلسل أثينا لـ ريهام حجاج

تتصاعد الأحداث بشكل مفاجئ في الحلقة الرابعة عشر من مسلسل أثينا عندما تُكشف خيوط الفساد داخل الجامعة، ويتضح أن الدكتورة إيمان، مديرة الجامعة، كانت تستغل مشاريع تخرج الطلاب لتحقيق مكاسب مالية، حيث تحصل على نسبة من الأرباح عندما ينجح الطلاب في تأسيس شركات ناجحة بناءً على مشاريع تخرجهم.

أحداث الحلقة الـ 14 من مسلسل أثينا

بدأت الحلقة الـ 14 من مسلسل أثينا بذهاب وفاة زوجة والد نادين بالفيديو الذي انتشر للطلاب وأخبرها أنه لا يعلم شيئا والذي تبين خلال الحلقة أنها تعمل دكتورة داخل مستشفى صلاح يزن، وأنها سكتت مقابل الخدمة الذي قدمها لها، لتسأله لماذا داليدا ومروان لا يتم محاسبتهم مثل أدم و مي.

مسلسل أثينا

تبرأت وفاء من مستشفى صلاح يزن، وقصة الأدوية منتهية الصلاحية، وقالت، إنها ليس لها علاقة بالمستشفى ولا الفساد بداخله: «أنا مليش دعوة بيك يا صلاح ولا بقصة الأدوية المنتهية، وفي فيديو منتشر على السوشيال ميديا لمي ومروان شوف هتتصرف إزاي»

مسلسل أثينا

وتقرر إيمان السعداوي منع نادين من دخول الجامعة نهائيا، وتقوم الدكتورة وفاء بإخبار نادين أن الجامعة تجعل مروان يسافر لإسبانيا كمنحة، والتي حدثت مشادة بين نادين وإيمان التي فضحتها أمام الجميع.

مسلسل أثينا

ويكشف أدهم لنادين أسماء الشركات التي قامت والدته سوسن بدر بالمشاركة عليهم من خلال مشاريع التخرج للطلاب، وتواجه كل من، إيمان السعداوي ونادين

وتخبرها نادين أنهم علموا بكل شيء، وأنه سيتم القبض عليها قريبا بتهمة الاستغلال، وسرقة حقوق الآخرين.

مسلسل أثينا

ويقوم مروان بمواجهة والدة أنه قام بحبسه والدته وأبعدها عنه، ولكن والده يخبره أن والدته كانت تريد تركهم من أجل رجل آخر.

مسلسل أثينا

ويكتشف الطلاب أن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الدكتورة بسرقة مشاريع تخرج، إذ يتبين أنها استحوذت على خمسة مشاريع سابقة، وحققت من خلالها أرباحًا هائلة دون علم أصحابها.

يغضب الطلاب ويقررون اتخاذ موقف حاسم، حيث ينظمون مظاهرة ضخمة داخل حرم الجامعة للمطالبة باستقالة الدكتورة إيمان وكشف فسادها أمام الجميع.

مسلسل أثينا أبطال مسلسل أثينا

يشارك في بطولة مسلسل أثينا، بجانب ريهام حجاج، كل من: محمود قابيل، سلوى محمد على، أحمد مجدي، نبيل عيسى، علي السبع، والعمل من تأليف محمد ناير، وإخراج يحيى إسماعيل.

مسلسل أثينا أحداث مسلسل أثينا

تدور أحداث مسلسل أثينا، في إطار من التشويق والإثارة حيث يناقش قضية مهمة وهي تأثير السوشيال ميديا على حياتنا اليومية، وهي من القضايا الحيوية التي تلامس واقعنا الحالي بشكل كبير، كما يتناول قضايا شائكة في المجتمع من بينها الدارك ويب، وتجسد ريهام حجاج شخصية صحفية تنغمس في عالم السوشيال ميديا، وتفتح النقاش حول السلبيات التي يمكن أن تترتب على هذه الوسائل الحديثة.

اقرأ أيضاًموعد عرض الحلقة الـ 14 من مسلسل أثينا لـ ريهام حجاج

من هي أثينا؟.. موعد عرض الحلقة الـ 12 من مسلسل أثينا بطولة ريهام حجاج

«الصاحب مراية صاحبه».. مسلسل أثينا الحلقة السابعة| فيديو

مقالات مشابهة

  • «هل سيتم القبض على إيمان السعداوي؟».. موعد عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل أثينا
  • إيمان الحسيني ترد على جدل ارتباطها بـ كاكولي.. فيديو
  • كشف فساد إيمان السعداوي.. أحداث الحلقة الـ 14 من مسلسل أثينا لـ ريهام حجاج
  • حكايات شهرزاد|| ويسألونك عن الزُهد (2)
  • رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| «عائلة الحاج متولي».. حينما أصبح تعدد الزوجات قضية الموسم
  • مونيكا ويليم تكتب: الهدنة الروسية الأوكرانية: هل تُمهد لتسوية شاملة أم تعيد ترتيب الأوراق؟
  • رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| الضوء الشارد.. صراع الحب والسلطة في عالم الصعيد
  • هند عصام تكتب: ملكات غير حاكمة
  • حكايات المندسين والفلول في سوريا
  • إيمان العاصي: عيني مرتاحة وأنا بتفرج على مسلسل ولاد الشمس