جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-11@08:43:25 GMT

الجنون الأمريكي و"الجحيم الموعود"!

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

الجنون الأمريكي و'الجحيم الموعود'!

 

التآمر على المنطقة بلغ مستويات لم يشهدها التاريخ

تهديدات ترامب تعكس الجنون الذي يقود إلى الهاوية

تأجيج الصراعات حول العالم يدعم مصانع الأسلحة الأمريكية

حاتم الطائي

تطورات مُتسارعة تشهدها منطقتنا التي لا يُراد لها أن تنعم بأيِّ استقرار، والهدف في ذلك واضح لكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ألا وهو ضمان أمن الكيان الصهيوني، الذي اغتصب الأرض، ودمَّر الحرث والنسل، ويُواصل منذ أكثر من عام تنفيذ أبشع جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، ويُحاول تدمير لبنان، والآن زعزعة استقرار سوريا، التي تُعاني منذ 13 عامًا من تكالب القوى الإقليمية والدولية عليها، والتي استفادت من بعض الأخطاء التي وقعت هناك، لتعود هذه القوى مُجددًا مُستغلةً حالة السيولة والعسكرة التي تشهدها المنطقة، كل ذلك نتيجةً للدعم الأمريكي اللامحدود للإجرام الإسرائيلي في المنطقة.

ومن المُؤسف أن نُشاهد بصمتٍ ما تبقى من منظومة الدولة الوطنية في منطقتنا ينهار بدعم خارجي وتواطؤ داخلي، فما يجري في سوريا- آخر قلاع المقاومة- من أحداث تغير كل دقيقة تقريبًا، يؤكد أنَّ ثمَّة تخطيط مُحكم يدفع المنطقة نحو مُستقبل أكثر غموضًا، ولا يُمكن إغفال الأصابع الأمريكية التي تُحرك "الدُمى" هنا وهناك، ولا الإشارات التي تصدر عن بعض الفاعلين من قوى إقليمية، عربية وغير عربية. ويزيد من ذلك التَّحدي، أننا نسير نحو عد عكسي ليوم العشرين من يناير، عندما يتولى دونالد ترامب الرئيس الأمريكي المنتخب مقاليد السلطة للمرة الثانية، ويبدأ تنفيذ أجندته- بطريقته الخاصة- من البيت الأبيض؛ حيث تصدُر القرارات التي تُغيِّر مُجريات الأحداث في العالم!

ورغم أنَّ ترامب لم يُصبح رسميًا رئيسًا للولايات المُتحدة، إلّا أنَّه قرر- كعادته- أن يُمارِس أسوأ السياسات، مُعتمِدًا على نهج التهديد والوعيد الذي يبرع فيه، وابتزاز الخصوم، ومساومتهم بين أمرين، أحلاهما مُر! هكذا هي "السياسات الترامبية"- إن جاز التعبير. والغريب أنه عندما يتحدث ترامب، ترتبك الأسواق العالمية، ويتفاعل المحللون شرقًا وغربًا، فمن اعتزامه شن حربٍ تجارية على الصين وكندا والمكسيك، إلى رغبته في ترحيل الملايين من المهاجرين، وصولًا إلى تهديده بتحويل الشرق الأوسط إلى "جحيم" في حال عدم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة. هكذا نجد ترامب بكل سهولة، يُطلق التهديد والوعيد علنًا، وكأنَّ العالم يعيش في غابة لا قانون دوليًا فيها، ولا مواثيق وعهود واتفاقيات تُنظِّم كل شيء، حتى الحروب!

هذا الجنون الهائل الذي يقود السياسات العالمية حاليًا لا يُبشر أبدًا بأي انفراجة في الأفق؛ بل يُهدد باشتعال العالم، ليس على طريق "جحيم ترامب"؛ بل في صورة غضب عارم في أنحاء العالم، اعتراضًا على الظلم والإجرام والتبجُّح في السياسات العالمية. لقد شاهدنا كيف خرجت الملايين في أنحاء العالم رفضًا للمذابح التي يتعرَّض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتنديدًا بالدعم الأمريكي والغربي اللامحدود لدولة الكيان الصهيوني. ولا أعتقد أنَّه بات خافيًا على أحد حجم الظلم الذي يتجرعه كل إنسان في غزة، وإذا كان ترامب يتوعد بـ"جحيم" فماذا نسمي المجاعة التي يُعاني منها 2.2 مليون إنسان في القطاع، منهم 800 ألف في شمال غزة مُهددون بالموت في أي لحظة، مع انعدام الطعام أو الشراب أو الدواء، بالتوازي مع عمليات عسكرية تستهدف في الأساس النساء والأطفال، وكل ما هو مدني.

الجنون الأمريكي سيقود العالم والمنطقة إلى تخوم هوة سحيقة من العنف المتواصل، والدماء المتناثرة في كل مكان. ومن العجيب أن نجد أنَّ كل تدخُّل للولايات المتحدة في أي بقعة في العالم، لا يزيدها سوى التهابًا وتوترًا؛ فالتدخلات الأمريكية في الشأن الصيني تُنذر بتطورات عسكرية خطيرة في أي لحظة، كما إنَّ استفزاز روسيا وعسكرة الدول المحيطة بها، قاد لاندلاع الحرب في أوكرانيا، ولم تتوقف واشنطن عند هذا الحد؛ بل واصلت تسليح أوكرانيا لتأجيج الصراع، ومارست أبشع قرصنة دولية ضد الأصول الروسية، واستحوذت عليها، وفصلت روسيا عن النظام المالي العالمي، في تطور خطير تسبب في أزمات عنيفة للاقتصاد العالمي.

الولايات المُتحدة لا تُريد سوى أن تظل القوة العظمى المُهيمِنة على العالم، مهما تسبب ذلك في سفك دماء الأبرياء، في العراق أو سوريا أو فلسطين أو أوكرانيا أو أي بقعة على هذه المعمورة. تُمارس الولايات المتحدة سياسات تخدم مصالحها الذاتية وحسب، حتى لو اضطرت لشن حروب تجارية ضد أكبر الاقتصادات في العالم، فضلًا عن شن حروب عسكرية لتدمير الدول، وما حدث في أفغانستان والعراق وقبلهما فيتنام، ليس ببعيد عن هذه السياسات التدميرية، علاوة على غض الطرف أو تأجيج صراعات مُسلَّحة داخل الدول، كما هو الحال في السودان أو سوريا أو ليبيا واليمن. سياسات تتسبب في سفك دماء الأبرياء، لكنها في المُقابل تدُر عائدات مليارية على الخزينة الأمريكية، بفضل مبيعات السلاح، خاصة للدول ذات الفوائض المالية، والتي تفتح شهية الراعي الأمريكي لمزيد من العربدة في المنطقة، وإشعال النيران فيها.

ويبقى القول.. إنَّ ما يجري من أحداث حولنا، وتحديدًا في فلسطين وسوريا ولبنان، ليس سوى مُقدمة لما تسعى إليه أمريكا من تفكيك للمنطقة ووأد أي مشروع للتحرر الوطني، مُستخدمةً في ذلك أبشع الأدوات من قتل وتدمير وتسليح للجماعات الإرهابية، والتهديد والوعيد للدول، لكن في المُقابل، فإنَّ الفرصة سانحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لكي تتحد الدول والحكومات وأن تتجاوز "عُقد" النفوذ والهيمنة والاستحواذ، حتى لا يأتي علينا اليوم الذي نقول فيه "أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض"!!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن لترامب فتح أبواب الجحيم على حماس؟.. محلل إسرائيلي ينصح الرئيس القادم

اقترح المحلل السياسي الإسرائيلي اليميني المتطرف، نداف شرغاي، في صحيفة "إسرائيل اليوم"٬ على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب٬ الألية التي سيفتح بها "أبواب الجحيم" على من يحتجزون الأسرى الإسرائيليين إذا لم يتم الإفراج عنهم قبل موعد دخوله إلى البيت الأبيض بعد 11 يوما.

وأشار شرغاي إلى أنه "إلى جانب تعزيز الضغط العسكري، يجب أن يكون لإسرائيل دور حاسم في تشكيل الصيغة وحزمة الإجراءات التي يعدها ترامب الآن حتى يتم تنفيذ التهديد وليس أن يظل مجرد ورقة على الطاولة".

وبحسب شرغاي فإن "العائق الرئيسي لإضعاف حماس وتقدم صفقة الرهائن كان ولا يزال هو تعليمات إدارة بايدن لإسرائيل بتمرير مساعدات إنسانية ضخمة إلى غزة. هذه المساعدات التي تذهب للعدو في وقت الحرب – مثل الوقود والطعام وغيرها – لا تزال تصل إلى حماس، التي تتاجر بها وتربح منها ملايين الدولارات وتدفع من خلالها رواتب لعناصرها، وتجنّد آلاف آخرين للقتال، والأهم من ذلك - تحافظ على حكمها المدني على السكان في غزة الذين يعتمدون عليها". وفق زعمه.

وتابع المحلل المتطرف أن "كل ما يجب على ترامب فعله فيما يتعلق بهذه المساعدات الضارة، التي في الواقع أطالت الحرب وعذبت الرهائن وعائلاتهم، هو السماح لإسرائيل بفعل ما تراه مناسبًا. في بداية الحرب على الأقل، كان "فهمها" أن الحصار الكامل على غزة ضروري لأننا "نحارب حيوانات بشرية"، وأنه لا يجب تقديم "كهرباء أو طعام أو وقود، وكل شيء يجب أن يكون مغلقًا".


وأضاف أن "إدارة بايدن، بتهديدات حظر السلاح وإزالة مظلة الدفاع السياسية عن إسرائيل٬ غصبها على ان تضخ المساعدات الى غزة، وكنتيجة لذلك مواصلة اعاشة حماس المدنية. ترامب سيكون مطالبا بأن يحرر لنا حبلا طويلا في هذا الشأن، هو حرج لإخضاع حماس ولإعادة المخطوفين".

الضغط على مصر وقطر وتركيا
وتابع شرغاي أن "الوسيلة المركزية الثانية في إطار ما يسميه ترامب فتح أبواب الجحيم هي الضغط المدروس على ثلاث دول – تركيا، قطر، ومصر – التي من جهة تعتمد على الولايات المتحدة وتحصل على مساعدات اقتصادية وعسكرية سخية منها، ومن جهة أخرى لها علاقات وأدوات ضغط مهمة على حماس. يجب على ترامب أن يربط بين الجانبين بشكل واضح وصريح: إذا أردتم مساعدات؟ اختنقوا من أجلنا حماس".

وزعم أنه " يمكن للولايات المتحدة أن تضغط على قطر التي تستضيف على أراضيها 2 مليون أجنبي واقتصادها يعتمد عليهم، من خلال منع وتقييد إقامة الأجانب في قطر، مما سيضر، بل وربما يدمر اقتصاد الإمارة. وسيلة أخرى٬ قاعدة سنتكوم الأمريكية الموجودة في قطر هي التي تضمن فعليًا وجودها. يكفي أن تهدد الولايات المتحدة علنًا بسحبها من هناك حتى يتزعزع وضع قطر ويصبح وجودها مهددًا".


أما في مصر، فقال إن "لها حدود مشتركة مع قطاع غزة، وتحصل من الولايات المتحدة على حزمة كبيرة من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، ومؤخرا تم الموافقة على مساعدات عسكرية بقيمة 5 مليارات دولار تشمل دبابات وطائرات ذخيرة".

وحول تركيا، قال المحلل الإسرائيلي إنها "تستضيف على أراضيها مقرات حماس وقادتها، تستورد سلعا من الولايات المتحدة التي يمكن زيادة الرسوم الجمركية عليها أو حتى منع استيرادها. يمكن فرض المزيد من العقوبات على تركيا، وإذا رغبت الولايات المتحدة في ذلك، يمكن حتى إبعادها عن الناتو".

وأضاف "حتى إيران، الوصي الرئيسي على حماس في السنوات الأخيرة، هي بالطبع هدف للعمل على اقتصادها وحقول نفطها، ولكن في حالتها، لا يحتاج الأمريكيون إلى دفع إضافي – فهم بالفعل يعملون وسيفعلون المزيد".


والخطوة الأخرى التي ينبغي أن تكون على جدول الأعمال "هي إعلان أمريكي إسرائيلي مشترك عن الضم الإسرائيلي التدريجي، شيئًا فشيئًا، للأراضي من قطاع غزة إلى إسرائيل – ضم دائم لعدد من الدونمات عن كل يوم يمر دون المختطفين في المنزل"، على حد قوله.

مقالات مشابهة

  • "الجحيم سوف يندلع في الشرق الأوسط".. ماذا حدث بعد تصريح ترامب؟
  • المصور الذي فقد عائلته ووثق الإبادة الإسرائيلية
  • شهود العيان على حريق زرايب منشأة ناصر: شوفنا الجحيم .. والنار خدت أجهزة عرايس
  • كيف يمكن لترامب فتح أبواب الجحيم على حماس؟.. محلل إسرائيلي ينصح الرئيس القادم
  • ترامب وفتح أبواب الجحيم
  • البرغوثي ردّا على ترامب .. الجحيم يعيشه اهل غزة منذ (15) شهرا
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. ترامب يُكرر تهديداته: الجحيم ينتظر الشرق الأوسط إذا لم يُطلق سراح الرهائن الإسرائيليين
  • استنفار قبلي في الحديدة لمواجهة العدو الأمريكي الصهيوني
  • ترامب يُكرر تهديداته: الجحيم ينتظر الشرق الأوسط إذا لم يُطلق سراح الرهائن الإسرائيليين
  • ترامب يهدد بفتح أبواب الجحيم في هذه الحالة