لن تختفي.. مفتي الجمهورية: الفلسفة ستستمر في التأثير على الفكر الإنساني
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
أعرب الدكتور نظير عيَّاد -مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- عن خالص شُكره لفرصة إلقاء محاضرة رئيسية أمام جمعٍ رفيع من المفكرين، مؤكدًا على الصعوبة الكبيرة التي يواجهها الفيلسوف عند الحديث أمام هذه النخبة الفلسفية الواسعة.
وأضاف المفتي خلال محاضرته الرئيسية التي ألقاها ضمن مؤتمر الجمعية الفلسفية المصرية، والذي استضافته دار الإفتاء المصرية، أنَّ أهمية الفلسفة الإسلامية تكمن في فهم الذات الإنسانية في هذا العصر الذي يعاني من تنامي الخلافات والنزاعات التي تهدد بتقويض التاريخ والحضارة الإسلامية.
وأشار الدكتور نظير عياد إلى أن الفلسفة الإسلامية القديمة قدَّمت رؤى عقلية حرة، كما تطور هذا الفكر خلال العصور الإسلامية من خلال فلاسفة مثل الكندي والفارابي، مرورًا بالغزالي وابن رشد، الذين اهتموا بتوفيق الفلسفة مع الدين دون التناقض بينهما. وأضاف أن الفلسفة الإسلامية قد تطورت على مر العصور، وظلت تراعي التوازن بين العقل والإيمان.
وفي السياق ذاته ناقش المفتي، إشكالية عدم رواج الأفكار الفلسفية الإسلامية في أوروبا، معبرًا عن أهمية إعادة النظر في هذه القضية والنظر إلى الفلسفة الإسلامية باعتبارها جزءًا من التراث الفكري الذي لا يقل أهمية عن الفلسفة اليونانية.
كما أشار إلى أن الفلسفة الإسلامية لم تتوقف عن التطور، بل مرت بتحديات وانتقادات من مفكرين مختلفين، سواء في العصور الوسطى أو في العصر الحديث، حيث تطورت الفلسفة لتشمل مجالات مثل الفلسفة السياسية والفلسفة العلمية.
وأكد الدكتور نظير عياد في ختام محاضرته أن الفلسفة لن تختفي بل ستستمر في التأثير على الفكر الإنساني من خلال فروعها المتنوعة، مثل الفلسفة التطبيقية والعلمية، التي تتكامل مع العلوم الحديثة. كما أشار إلى أن هناك تيارات فلسفية إسلامية حديثة، مثل الاتجاهات الفلسفية التنويرية والتصوفية، التي تسعى إلى العودة إلى الجذور الإسلامية والبحث عن الإصلاح السياسي والفكري.
واختتم فضيلة المفتي المحاضرة بتوصيات تدعو إلى مزيد من البحث والتعاون بين الفلاسفة والمفكرين في مختلف المجالات لتعزيز فهم الفلسفة الإسلامية وتطويرها بما يتماشى مع متطلبات العصر الحديث، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الهُويَّة الإسلامية التي تمثِّل جوهر الفكر الفلسفي الإسلامي وتضمن استمراريته كمنهج فكري وحضاري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإفتاء الفلسفة مفتي الجمهورية النخبة الفكر الإنساني المزيد المزيد الفلسفة الإسلامیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: التصوف في مصر علم وعمل بعيد عن الغلو والتطرف
قال الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن التَّصوفُ في مصر هو تصوف العلْمِ والعَمَل، تصوُّفُ السالكين على نهْجِ الكتابِ والسُّنَّةِ، تصوف القلوب العامرة بالمحبة والإخلاص، البعيدة عن الغُلوّ والتطرف.
وأضاف فى بيان له، أن في مصر اجتمع الفقهُ والتزكية، فتربَّى الناسُ على معاني الرحمة والسكينة، ولم يكن التصوف فيها انغلاقًا، بل كان بابًا لفهم الدين بعمق، ونشر الخير بين العباد.
اللهم اجعل قلوبَنا معمورةً بحبك، وأرواحَنا متَّصلةً بك، وبارك في علماء الأزهر ودعاته الصادقين.
فى سياق اخر، قال إن من بين الأسئلة المحورية التي ينشغل بها الباحثون عن الحقيقة سؤال: ما هي مصادر المعرفة؟.
وأوضح فضيلته، خلال حديثه الرمضاني على قناتَي DMC والناس الفضائيتين، أن هذا السؤال يُطرح رغبةً في الكشف عن السُّبل الصحيحة التي يتوصل بها الإنسان إلى المعارف المتعلقة بدينه ودنياه، موضحًا أن مصادر المعرفة في التصور الإسلامي تقوم على ثلاثة عناصر أساسية، هي: الأخبار الصادقة المتمثلة في الوحي، والعقل السليم، والتجربة أو الحوادث الظاهرة.
وأضاف فضيلته أن بعض أهل السلوك والعرفان يشيرون إلى مصدر رابع يتمثل في الذوق، أو الكشف، أو الإلهام، أو الإشراق، أو العرفان، وهو مصدر يُستأنس به في مجال التزكية والتربية الروحية، لا في بناء الأحكام الشرعية.
وأكد فضيلته أن الأخبار الصادقة تشمل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حيث يقف المتأمل فيهما على كنوز عظيمة من المعرفة، تتصل بالخالق والمخلوق والعلاقات بينهما، واستشهد بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2]، وقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59]، وقوله سبحانه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
كما استشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، و«خذوا عني مناسككم» مبينًا أن السنة النبوية شارحة ومبينة للقرآن، ومفسرة لأحكامه.
وأوضح مفتي الجمهورية أن الوحي مصدر شامل للمعرفة، لا يقتصر على الأمور التعبدية فقط، بل يشمل تنظيم المجتمع، وضبط الأخلاق، وتأسيس القيم، ووضع التشريعات التي تنظم حياة الإنسان.
وفي حديثه عن العقل، أشار إلى أنه من أعظم النعم الإلهية، ودعا إلى التأمل في النفس والكون، مستشهدًا بقوله تعالى:
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53]، وقوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، وقوله سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا...} [الروم: 42]، كما لفت إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تفكروا في آلاء الله»، مبينًا أن التفكر لا يكون إلا بالعقل.
ونوَّه فضيلته بأهمية التفرقة بين ما يمكن للعقل إدراكه بالتوافق مع النصوص، وبين ما يتوقف عند حدود السمع والنقل، كالغيبيات التي لا سبيل لمعرفتها إلا من خلال الوحي.
أما فيما يخص التجربة، فأوضح أنها وسيلة معرفية مهمة، خصوصًا في مجالات العلوم التطبيقية، وتُعد مكملة للوحي والعقل في إدراك الواقع وفهم قوانينه.
وفي حديثه عن الكشف والذوق والإلهام، أشار مفتي الجمهورية إلى أنها من المقامات الروحية التي تخص أهل التزكية والسلوك، ولا يُبنى عليها حكم شرعي، بل يُستأنس بها ما دامت لا تُخالف النصوص الشرعية.
وختم فضيلته حديثَه بالإشارة إلى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال: «قد كان في الأمم محدثون، فإن يكُ في أمتي أحد فعمر»، مشيرًا إلى قصة "يا سارية الجبل"، على أنها من الكرامات التي يُستأنس بها، ولا يُحتج بها تشريعيًّا.